تصريح وزارة الثقافة والإعلام رقم م ن / 154 / 1432


العودة   شبكة البراري > منتديـات البراري الرئيسيــة > منتدى الرحلات والسياحة والأجهزة البرية

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 2007-01-24, 12:18 PM
ابي محمد ابي محمد غير متواجد حالياً
مشرف سابق
 
تاريخ التسجيل: Mar 2006
الدولة: الرياض
المشاركات: 1,103
جنس العضو: ذكر
ابي محمد is on a distinguished road
افتراضي رحلتي إلى مملحة القصب

قبل رحلتي إلى المملحة ؛ أحببت أن أتطرق إلى ما أورده علماء المنازل والديار عن : القصيبة ، والقصبات ، والقصب باليمامة ، والتي هي تعني مكانا واحدا .

قال ياقوت الحموي : القصبات ( بفتح القاف ، والصاد ، والباء ، بعدها ألف ، فتاء ) من قرى اليمامة لم تدخل في صلح خالد بن الوليد أيام مسيلمة .......
وقال : و (( القصيبة )) ( بضم القاف ، وفتح الصاد ، وإسكان الياء ، وفتح الباء ، بعدها هاء ) من أرض اليمامة لتيم ، وعدي ، وعكل ، وثور بن عبد مناة بن أد بن طابخة ....
ثم قال : وقصيبة الفجاج أظنها من نواحي اليمامة ، أقطعها إياه عبد الملك ........
وقال ابن حفصة – الكلام لياقوت - : القصيبة من أرض اليمامة ، لبني أمريء القيس – يقصد ابن تميم - ...
وقال الهجري : ثم من الوشم ، الحمادة وهي سهب بين الوشم والعارض .... والقصيبة من الوشم ...
وقال في بلاد العرب : وجٌل الوشم لبنيء امرئ القيس : مراة ، وثرمداء ، وأثيفة ، والقصيبة ، وذات غسل ، والشقراء ، وأشيقر .
وقال الهمداني : والقصيبتان اللتان ذكرتا في اخبار بني وائل : قصبة الرغام ، والرغام جماع منها : سفوح ، وأرطاة ، والبردان ، والطويل ، وكل ذا فيه نخل كثير .......
ورملة الرغام مشرفة على ثرمداء .
وذكرها الهمداني أيضا في الأملاح فقال : فأما الملح الذي يمتلح : فصباح ( ملح الحاجر ) ، و ( ملح الطلفية ) ، وملح ( القصيبة ) ، وملح يبرين ......
فالقصبات ، والقصيبة ، والقصب في اليمامة كلها تعني علما واحدا على الرغم من تباين الأقوال .
أما رحلتي فكانت للملحة ، للوقوف على الملح ، وكيفية إنتاجه .
لقد أودع الله في هذه الأرض نعمة الملح ، كما أودع نعما كثيرة ، فأصبح الإنسان في قلب الصحراء يجد بغيته من هذا المعدن .
ولكي نأخذ من ذلك التراب أملاحا بيضاء ناصعة ؛ هناك عملية لابد منها ؛ وهي ببساطة متناهية (غسل التربة ) مرارا ، ثم ترسيب الأملاح في مكان منخفض ، وبعد تبخر المياه العذبة يبقى الملح في مكانه .
في مختلف أنحاء الأرض يتوافر الملح غالبا في تربة جرداء يابسة ذات حجم كبير لا يتناقص إنتاجها رغم كثرة الأمطار ، ورغم قذف الأنهار بآلاف الأطنان سنويا من الملح في البحر.
وسبخة القصب تشكل منخفضا وبحيرة صرف قديمة ، مثلها مثل عدد كثير من السبخات و المنخفضات التي زادت فيها نسبة الأملاح ؛ نتيجة قذف الأودية لأملاح ضمن حمولتها المتوالية سنويا ، ونشاط عملية التبخر في ذلك الوسط الجاف .
تبعد سبخة القصب عن البلدة حوالي أربعة كيلو مترات إلى الجنوب ، وهي ذات مساحة واسعة ، فهي تقترب من النفوذ الغربي (عريق البلدان ) ، وتصل شرقا إلى الخط المزفت القادم من الرياض إلى القصب ؛ حيث تظهر بعض المعالم لها في شكل مزهرات من الأملاح ، والسبخات في مجاري الوديان الدنيا .
ويغذي هذه السبخة أودية الحمادة كلها تقريبا ؛ حيث تتجه الأودية من كل صوب لتستقر ملقية بأحمالها من الطمي والرمال والأملاح مشكلة وسطا من الأرض الفقيرة زراعيا ونباتيا
حيث لا يعيش نبات ، ولا ينمو شجر سوى شجيرات الطرفا القزمية ، وبعض الشجيرات التي أصابها شلل في نموها ؛ لوجود الأملاح الشديدة التركيز التي أعاقتها كثيرا ، أما الأعشاب والحشائش فإنها لا توجد.
والأرض مستوية تماما في أرض السبخة ، وهذا الاستواء نتيجة طبيعية ، فالرواسب شكلت السطح والمياه جعلته مستويا .
وتحاط هذه الأراضي السبخة بأراض أقل أملاحا. ونظرا لجودة تربتها فقد أصبحت مزارع جادت بمحاصيلها من القمح خاصة وقت غزارة الأمطار ، وبعضها يزرع بعليا على الأمطار فقط ، مثل : الحجيرة ، وأعيوج ، وإذا انقطعت الأمطار فترة ولو قصيرة صارت تلك الأراضي ذات تربة تزداد فيها نسبة الملوحة .
تبدو عملية إنتاج الملح في ظاهرها لغير العارفين من أبسط أنواع الإنتاج ؛ لأنها لا توجد فيها عملية تحويل ، أو تعديل ، أو زيادة ، أو نقص ؛ بقدر ما تكون عملية حصول على مادة موجودة كما هي بعد كشف الأتربة عنها .
ولكن حقيقة الأمر غير هذا ، فإنتاج الملح يتطلب جهدا ووقتا ومتابعة مستمرة ، وهذا يوضح لنا سبب قلة العاملين في هذا النوع من الإنتاج .
لا يمكن التصديق بأن ذلك الملح الأبيض النقي خرج من وحل وطين بلون داكن وطين أسود ، ولكنها الحقيقة .
إن الشخص يقوم باختيار مكان داخل أرض ((سبخة القصب)) ، ويحدده بواسطة وضع حبوس تمنع السيول التي تداهم أرضه ، ثم يبدأ في حفر جفر الملح ، وتكون أطواله 30x30مترا ، وقد يكون لديه القدرة فيزيد المساحة أكثر من ذلك بكثير .
وإذا حفر بعمق حوالي ثلاثة أمتار وانكشف الماء الجوفي ؛ صار معرضا للشمس ؛ فتتبخر المياه منه وتترسب الأملاح ، وهذه الطريقة هي المتبعة في الماضي ، أما الآن فيقوم صاحب المشروع بتعميق أكثر لجزء من الأرض المحفورة ؛ ليصبح بالإمكان تركيب مضخة لسحب المياه ، وهذا الجزء يسمى ((عين الجفر )) ، وهو أساس الإنتاج .وماؤه إن كان صالحا لأن يٌنتج منه الملح صار صاحب المشروع ناجحا ، وخسارته معوضة مستقبلا ، وأحيانا يكون الماء غير مناسب إما لقلة الملوحة ، أو لشدة الملوحة أيضا وبقصر الإنتاج في الماضي على هذه الخطوة ، ويؤخذ الملح من الجزء المعرض للشمس في هذا المكان المحفور ، وكان يكلف صاحبه حوالي عشرة ألاف ريال ، فتبدلت الطريقة ، وزادت التكلفة ، فأصبحت حوالي خمسين ألف ريال وذلك لعجز الآلة الحديثة عن إنهاء العمل ، حيث يحتاج صاحب المشروع لليد العاملة التي تعمل في أرض مليئة بالوحل بأجور عالية ومدة طويلة .
أما الخطوة التي تلي هذه فهي تجهيز خزان ضخم بجوار عين الجفر ؛ من أجل وجود رصيد من المياه التي سوف يحتاج إليها باستمرار ، وهذا الخزان من الطين ، و على وجه الأرض لا يرتفع كثيرا ؛ إلا بالقدر الذي يسمح بانسياب المياه منه إلى البرك . ولقد أستبدل الخزان بتمديد أنابيب من المضخة إلى الجفر لملئها باستمرار .
ثم يوضع عدد من البرك حسب قدرة كل شخص ، وبأعداد ومساحات مختلفة أيضا ، وهذه البرك هي أساس إنتاج الملح ، وفيها يتم تبخير الماء ، وترسيب الأملاح ، ولم تكن طريقة البرك موجودة حتى فكر أحد المنتجين ( عبدالعزيز بن محمد بن قعيد في عام 1387هـ) بوضع أكبر قدر من المسطحات المائية ، وبأكبر مساحة يمكن أن تتعرض لحرارة الشمس في وقت كانت تقتصر عملية الإنتاج على حفر حفرة واحدة تترك حتى تتبخر مياهها .
وهذا التحول الذي قلب عملية الإنتاج تماما من طرق قديمة بطيئة إلى طرق أكثر فائدة واختصارا للوقت ، أدى إلى رحيل كامل من منطقة الإنتاج القديمة المسماة ((الجفارة الدنيا )) إلى مساحة أكبر وارحب تسمى (( الجفارة القصوى )) ، انطلق فيها المنتجون وملؤها بالبرك التي تبدو للناظر من الجو كصفحات كتاب تناثرت أوراقه في سبخة القصب .
إن هذه البرك تحتاج إلى ملئها بالماء ، ثم زيادتها يوما بعد آخر ؛ حتى بأتي اليوم الذي تكون البركة المستطيلة الشكل مملوءة بالملح الأبيض الصلب الملمس ، مستغرقة فترة من الزمن تتراوح بين شهرين أو ثلاثة .
ويمكن للبركة الواحة أن تنتج مائة ألف كيس ؛ إذا ما أحسن إنشاؤها والعناية بها .
لا يبقى الملح في البركة حتى تصديره ، بل لابد من تجفيفه خارج البركة بنقله منها إلى أرض مستوية بجانبها ، وتسمى عملية استخراجه منها ( غثاية الملح ) ، وتكون أكوام الملح بعد جفافها جاهزة للتصدير ؛ إما على حالها أو معبأة في أكياس هي في الغالب من البلاستيك .
وتتواصل عملية المراقبة والمتابعة لتكون جزءا لا يتجزأ من كل ما سبق ، ولابد من استمرار عملية التنظيف ، والحماية من آثار السيول ، وما تخلفه وراءها من جرف للتربة وترسيبه في أماكن الحفر ؛ مما يكلف صاحب المشروع الشئ الكثير .
ولا بد لكل مشروع مصاعب ومشاكل تواجهه فمن المشاكل :
التكاليف العالية التي قد تصل إلى 200 ألف ريال .
واحتياج المشروع إلى اليد العاملة المقيمة بجواره دائما ، وعدم بوافر المياه العذبة ، وما يلزم .
والملح يكون جيدا إذا كثرت الأمطار وهذا في وسطها ، أما إذا قلت الأمطار فإن الجوانب تكون أفضل من الوسط .
المراجع
معجم البلدان لياقوت الحموي
صفة جزيرة العرب للهمداني
معجم اليمامة لعبدالله بن خميس
القصب لناصر بن عبدالله الحميضي
خريطة تبين موقع المملحة

رسم كروركي للجفارة

عين الجفر وهي جافة

عين الجفر ويلاحظ المضخة فيها

وقد يستخدمون بئرا بدلا من عين الجفر

بركة ملح قبل أو بعد إستخدامها

الماء وهو يصب في جفر الملح

=========

برك الملح

=========


يتبع >>>>>>

 


المتواجدين الآن بالموضوع : 2 ( الأعضاء 0 والزوار 2)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

 


الساعة الآن 10:19 PM


Powered by vBulletin .
جميع الحقوق محفوظة © لشبكة ومنتديات البراري 2010