شبكة البراري

شبكة البراري (https://www.albrari.com/vb/index.php)
-   منتدى الرحلات والسياحة والأجهزة البرية (https://www.albrari.com/vb/forumdisplay.php?f=24)
-   -   رحلتي إلى مملحة القصب (https://www.albrari.com/vb/showthread.php?t=4083)

ابي محمد 2007-01-24 12:18 PM

رحلتي إلى مملحة القصب
 
قبل رحلتي إلى المملحة ؛ أحببت أن أتطرق إلى ما أورده علماء المنازل والديار عن : القصيبة ، والقصبات ، والقصب باليمامة ، والتي هي تعني مكانا واحدا .

قال ياقوت الحموي : القصبات ( بفتح القاف ، والصاد ، والباء ، بعدها ألف ، فتاء ) من قرى اليمامة لم تدخل في صلح خالد بن الوليد أيام مسيلمة .......
وقال : و (( القصيبة )) ( بضم القاف ، وفتح الصاد ، وإسكان الياء ، وفتح الباء ، بعدها هاء ) من أرض اليمامة لتيم ، وعدي ، وعكل ، وثور بن عبد مناة بن أد بن طابخة ....
ثم قال : وقصيبة الفجاج أظنها من نواحي اليمامة ، أقطعها إياه عبد الملك ........
وقال ابن حفصة – الكلام لياقوت - : القصيبة من أرض اليمامة ، لبني أمريء القيس – يقصد ابن تميم - ...
وقال الهجري : ثم من الوشم ، الحمادة وهي سهب بين الوشم والعارض .... والقصيبة من الوشم ...
وقال في بلاد العرب : وجٌل الوشم لبنيء امرئ القيس : مراة ، وثرمداء ، وأثيفة ، والقصيبة ، وذات غسل ، والشقراء ، وأشيقر .
وقال الهمداني : والقصيبتان اللتان ذكرتا في اخبار بني وائل : قصبة الرغام ، والرغام جماع منها : سفوح ، وأرطاة ، والبردان ، والطويل ، وكل ذا فيه نخل كثير .......
ورملة الرغام مشرفة على ثرمداء .
وذكرها الهمداني أيضا في الأملاح فقال : فأما الملح الذي يمتلح : فصباح ( ملح الحاجر ) ، و ( ملح الطلفية ) ، وملح ( القصيبة ) ، وملح يبرين ......
فالقصبات ، والقصيبة ، والقصب في اليمامة كلها تعني علما واحدا على الرغم من تباين الأقوال .
أما رحلتي فكانت للملحة ، للوقوف على الملح ، وكيفية إنتاجه .
لقد أودع الله في هذه الأرض نعمة الملح ، كما أودع نعما كثيرة ، فأصبح الإنسان في قلب الصحراء يجد بغيته من هذا المعدن .
ولكي نأخذ من ذلك التراب أملاحا بيضاء ناصعة ؛ هناك عملية لابد منها ؛ وهي ببساطة متناهية (غسل التربة ) مرارا ، ثم ترسيب الأملاح في مكان منخفض ، وبعد تبخر المياه العذبة يبقى الملح في مكانه .
في مختلف أنحاء الأرض يتوافر الملح غالبا في تربة جرداء يابسة ذات حجم كبير لا يتناقص إنتاجها رغم كثرة الأمطار ، ورغم قذف الأنهار بآلاف الأطنان سنويا من الملح في البحر.
وسبخة القصب تشكل منخفضا وبحيرة صرف قديمة ، مثلها مثل عدد كثير من السبخات و المنخفضات التي زادت فيها نسبة الأملاح ؛ نتيجة قذف الأودية لأملاح ضمن حمولتها المتوالية سنويا ، ونشاط عملية التبخر في ذلك الوسط الجاف .
تبعد سبخة القصب عن البلدة حوالي أربعة كيلو مترات إلى الجنوب ، وهي ذات مساحة واسعة ، فهي تقترب من النفوذ الغربي (عريق البلدان ) ، وتصل شرقا إلى الخط المزفت القادم من الرياض إلى القصب ؛ حيث تظهر بعض المعالم لها في شكل مزهرات من الأملاح ، والسبخات في مجاري الوديان الدنيا .
ويغذي هذه السبخة أودية الحمادة كلها تقريبا ؛ حيث تتجه الأودية من كل صوب لتستقر ملقية بأحمالها من الطمي والرمال والأملاح مشكلة وسطا من الأرض الفقيرة زراعيا ونباتيا
حيث لا يعيش نبات ، ولا ينمو شجر سوى شجيرات الطرفا القزمية ، وبعض الشجيرات التي أصابها شلل في نموها ؛ لوجود الأملاح الشديدة التركيز التي أعاقتها كثيرا ، أما الأعشاب والحشائش فإنها لا توجد.
والأرض مستوية تماما في أرض السبخة ، وهذا الاستواء نتيجة طبيعية ، فالرواسب شكلت السطح والمياه جعلته مستويا .
وتحاط هذه الأراضي السبخة بأراض أقل أملاحا. ونظرا لجودة تربتها فقد أصبحت مزارع جادت بمحاصيلها من القمح خاصة وقت غزارة الأمطار ، وبعضها يزرع بعليا على الأمطار فقط ، مثل : الحجيرة ، وأعيوج ، وإذا انقطعت الأمطار فترة ولو قصيرة صارت تلك الأراضي ذات تربة تزداد فيها نسبة الملوحة .
تبدو عملية إنتاج الملح في ظاهرها لغير العارفين من أبسط أنواع الإنتاج ؛ لأنها لا توجد فيها عملية تحويل ، أو تعديل ، أو زيادة ، أو نقص ؛ بقدر ما تكون عملية حصول على مادة موجودة كما هي بعد كشف الأتربة عنها .
ولكن حقيقة الأمر غير هذا ، فإنتاج الملح يتطلب جهدا ووقتا ومتابعة مستمرة ، وهذا يوضح لنا سبب قلة العاملين في هذا النوع من الإنتاج .
لا يمكن التصديق بأن ذلك الملح الأبيض النقي خرج من وحل وطين بلون داكن وطين أسود ، ولكنها الحقيقة .
إن الشخص يقوم باختيار مكان داخل أرض ((سبخة القصب)) ، ويحدده بواسطة وضع حبوس تمنع السيول التي تداهم أرضه ، ثم يبدأ في حفر جفر الملح ، وتكون أطواله 30x30مترا ، وقد يكون لديه القدرة فيزيد المساحة أكثر من ذلك بكثير .
وإذا حفر بعمق حوالي ثلاثة أمتار وانكشف الماء الجوفي ؛ صار معرضا للشمس ؛ فتتبخر المياه منه وتترسب الأملاح ، وهذه الطريقة هي المتبعة في الماضي ، أما الآن فيقوم صاحب المشروع بتعميق أكثر لجزء من الأرض المحفورة ؛ ليصبح بالإمكان تركيب مضخة لسحب المياه ، وهذا الجزء يسمى ((عين الجفر )) ، وهو أساس الإنتاج .وماؤه إن كان صالحا لأن يٌنتج منه الملح صار صاحب المشروع ناجحا ، وخسارته معوضة مستقبلا ، وأحيانا يكون الماء غير مناسب إما لقلة الملوحة ، أو لشدة الملوحة أيضا وبقصر الإنتاج في الماضي على هذه الخطوة ، ويؤخذ الملح من الجزء المعرض للشمس في هذا المكان المحفور ، وكان يكلف صاحبه حوالي عشرة ألاف ريال ، فتبدلت الطريقة ، وزادت التكلفة ، فأصبحت حوالي خمسين ألف ريال وذلك لعجز الآلة الحديثة عن إنهاء العمل ، حيث يحتاج صاحب المشروع لليد العاملة التي تعمل في أرض مليئة بالوحل بأجور عالية ومدة طويلة .
أما الخطوة التي تلي هذه فهي تجهيز خزان ضخم بجوار عين الجفر ؛ من أجل وجود رصيد من المياه التي سوف يحتاج إليها باستمرار ، وهذا الخزان من الطين ، و على وجه الأرض لا يرتفع كثيرا ؛ إلا بالقدر الذي يسمح بانسياب المياه منه إلى البرك . ولقد أستبدل الخزان بتمديد أنابيب من المضخة إلى الجفر لملئها باستمرار .
ثم يوضع عدد من البرك حسب قدرة كل شخص ، وبأعداد ومساحات مختلفة أيضا ، وهذه البرك هي أساس إنتاج الملح ، وفيها يتم تبخير الماء ، وترسيب الأملاح ، ولم تكن طريقة البرك موجودة حتى فكر أحد المنتجين ( عبدالعزيز بن محمد بن قعيد في عام 1387هـ) بوضع أكبر قدر من المسطحات المائية ، وبأكبر مساحة يمكن أن تتعرض لحرارة الشمس في وقت كانت تقتصر عملية الإنتاج على حفر حفرة واحدة تترك حتى تتبخر مياهها .
وهذا التحول الذي قلب عملية الإنتاج تماما من طرق قديمة بطيئة إلى طرق أكثر فائدة واختصارا للوقت ، أدى إلى رحيل كامل من منطقة الإنتاج القديمة المسماة ((الجفارة الدنيا )) إلى مساحة أكبر وارحب تسمى (( الجفارة القصوى )) ، انطلق فيها المنتجون وملؤها بالبرك التي تبدو للناظر من الجو كصفحات كتاب تناثرت أوراقه في سبخة القصب .
إن هذه البرك تحتاج إلى ملئها بالماء ، ثم زيادتها يوما بعد آخر ؛ حتى بأتي اليوم الذي تكون البركة المستطيلة الشكل مملوءة بالملح الأبيض الصلب الملمس ، مستغرقة فترة من الزمن تتراوح بين شهرين أو ثلاثة .
ويمكن للبركة الواحة أن تنتج مائة ألف كيس ؛ إذا ما أحسن إنشاؤها والعناية بها .
لا يبقى الملح في البركة حتى تصديره ، بل لابد من تجفيفه خارج البركة بنقله منها إلى أرض مستوية بجانبها ، وتسمى عملية استخراجه منها ( غثاية الملح ) ، وتكون أكوام الملح بعد جفافها جاهزة للتصدير ؛ إما على حالها أو معبأة في أكياس هي في الغالب من البلاستيك .
وتتواصل عملية المراقبة والمتابعة لتكون جزءا لا يتجزأ من كل ما سبق ، ولابد من استمرار عملية التنظيف ، والحماية من آثار السيول ، وما تخلفه وراءها من جرف للتربة وترسيبه في أماكن الحفر ؛ مما يكلف صاحب المشروع الشئ الكثير .
ولا بد لكل مشروع مصاعب ومشاكل تواجهه فمن المشاكل :
التكاليف العالية التي قد تصل إلى 200 ألف ريال .
واحتياج المشروع إلى اليد العاملة المقيمة بجواره دائما ، وعدم بوافر المياه العذبة ، وما يلزم .
والملح يكون جيدا إذا كثرت الأمطار وهذا في وسطها ، أما إذا قلت الأمطار فإن الجوانب تكون أفضل من الوسط .
المراجع
معجم البلدان لياقوت الحموي
صفة جزيرة العرب للهمداني
معجم اليمامة لعبدالله بن خميس
القصب لناصر بن عبدالله الحميضي
خريطة تبين موقع المملحة
https://www.albrari.com/up/upload/ma11.JPG
رسم كروركي للجفارة
https://www.albrari.com/up/upload/ma12.JPG
عين الجفر وهي جافة
https://www.albrari.com/up/upload/qas01.JPG
عين الجفر ويلاحظ المضخة فيها
https://www.albrari.com/up/upload/qas02.JPG
وقد يستخدمون بئرا بدلا من عين الجفر
https://www.albrari.com/up/upload/qas03.JPG
بركة ملح قبل أو بعد إستخدامها
https://www.albrari.com/up/upload/qas04.JPG
الماء وهو يصب في جفر الملح
https://www.albrari.com/up/upload/qas05.JPG
=========
https://www.albrari.com/up/upload/qas06.JPG
برك الملح
https://www.albrari.com/up/upload/qas07.JPG
=========
https://www.albrari.com/up/upload/qas08.JPG

يتبع >>>>>>

ابي محمد 2007-01-24 12:29 PM

<<<<< تابع

جفر ملح في طريقها للجفاف
https://www.albrari.com/up/upload/qas09.JPG
=========
https://www.albrari.com/up/upload/qas10.JPG
جفرة ملح بعد جفاف الماء منها ( ملح ناصع البياض )
https://www.albrari.com/up/upload/qas11.JPG
من أكبر جفر الملح كما ذكر لي أحد العاملين هناك
https://www.albrari.com/up/upload/qas12.JPG
=========
https://www.albrari.com/up/upload/qas13.JPG
غثاية الملح وقد تكون بالآلة الحديثة
https://www.albrari.com/up/upload/qas14.JPG
=========
https://www.albrari.com/up/upload/qas15.JPG
=========
https://www.albrari.com/up/upload/qas16.JPG
أو بالطريقة اليدوية
https://www.albrari.com/up/upload/qas17.JPG
=========
https://www.albrari.com/up/upload/qas18.JPG

>>>>>>>>>> يتبع

ابي محمد 2007-01-24 12:36 PM

>>>>>>>>> تابع

=========
https://www.albrari.com/up/upload/qas19.JPG
=========
https://www.albrari.com/up/upload/qas20.JPG
الملح وهو مكوم حتى يجف
https://www.albrari.com/up/upload/qas21.JPG
=========
https://www.albrari.com/up/upload/qas22.JPG
=========
https://www.albrari.com/up/upload/qas23.JPG
تعبئة الملح في الأكياس
https://www.albrari.com/up/upload/qas24.JPG
==========
https://www.albrari.com/up/upload/qas25.JPG
يقوم بتعبئة الملح الداكن – غير النقي – ويستخدم لدبغ الجلود
https://www.albrari.com/up/upload/qas26.JPG
=========
https://www.albrari.com/up/upload/qas27.JPG
.
=========
إنتهى
.

التميمي 2007-01-24 02:44 PM

مشكور يا ابو محمد على الموضوع الرائع بارك الله فيك

أبو عابد 2007-01-25 07:20 AM

موضوع أكثر من رائع تشكر عليه

دمت بصحة وعافية أخوي أبو محمد

ننتظر إبداعك الجميل من آثار ورحلات


أخوك / أبو عابد

محمد القحطاني 2007-01-25 07:51 AM

بارك الله فيك اخي ابو محمد

لم اكن اعلم بالطريقة قبل قراءة تقريرك

لك كل شكر وتقدير

الصلبوخي 2007-01-25 08:15 AM

ماشاء الله تبارك الله

الله يعطيك العافية اخي الكريم ابو محمد

صور وتقرير في غاية الروعة

كل الشكر والتقدير

دمت في حفظ الله ورعايته

nahham 2007-01-25 10:40 AM

اخي الكريم : ابو محمد

موضوع ذو شجون وتقرير كامل مدعوما بالصور والشرح المعين على فهم الصور

هكذا عهدناك كبيرا في انتقاء المواضيع وكبيرا في الطرح

اتحفنا بمواضيعك الرائعه

شكرا لك

الكنقر 2007-01-25 11:18 AM

وش هالزين ماشاء الله
تسلم

رائع 2007-01-25 11:21 AM

ياهلا بالمبدع
والله موضوع كله ابداع ماشاء الله


الساعة الآن 03:19 AM

Powered by vBulletin .
جميع الحقوق محفوظة © لشبكة ومنتديات البراري 2010