التعليمـــات |
التقويم |
![]() |
|
![]() |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
|
#1
|
|||
|
|||
![]() الحمد لله الذي جعل الشمس ضياءً والقمر نورًا قدَّره منازل، وقسّم عباده إلى قسمين فمنهم مؤمن ومنهم كافر، وعلى الله قصد السبيل ومنكم جائر، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، الملكُ العظيمُ القاهر، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله أتْقى مأمورٍ وأهدى آمر، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه أولي الألباب والبصائر، وعلى التابعين لهم بإحسان ما آمنَ بالحق مُوقنٌ وشكَّ فيه حائر، وسلَّم تسليمًا . أما بعد: أيها الناس، اتقوا الله تعالى واشكروا نعمته عليكم بما سخَّر لكم من مخلوقاته، فقد سخَّر +لَكُمْ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ جَمِيعًا مِنْهُ" [الجاثية: 23]، +وَسَخَّرَ لَكُمُ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ دَائِبَيْنِ وَسَخَّرَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ (33) وَآَتَاكُمْ مِنْ كُلِّ مَا سَأَلْتُمُوهُ وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لا تُحْصُوهَا إِنَّ الإِنْسَانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ" [إبراهيم: 33-34]، سخَّر لكم الشمس والقمر لِقِيام مصالحكم الدينيَّة، والدنيويَّة، والفرديَّة والجماعيَّة، فكم من مصلحة في تنقّل الشمس في بروجها وتعاقب الفصول ! وكم من مصلحة في تردُّدها في شروقها وغروبها في بزوغها والأفول ! وكم من مصلحة في تنقّل القمر في منازله ومعرفة السنين والحساب في إبداره وإهلاله ! فقد جعل الله الشمس والقمر آيتين من آياته الدالة على كمال علمه وعزَّته وتمام قدرته وحكمته، تسيران بأمر الله سيرهما المعتاد، الشمس ضياءٌ وسراجٌ وهَّاج، والقمر نورٌ منيرٌ يُضيء الليل للعباد، فإذا أراد الله تخويف عباده من عقوبات تنزل بهم لكثرة معاصيهم، إذا أراد الله ذلك كسفهما بأمره: فانطمس نورهما كله أو بعضه بما قدَّره الله تعالى من أسباب تقتضي ذلك، يقدر الله ذلك تخويفًا للعباد ليتوبوا إليه ويستغفروه ويعبدوه ويعظِّموه. عباد الله، إن الكسوف في الشمس أو القمر تخويف من ربكم العظيم لكم، يخوفكم من عقوبات قد تنزل بكم انعقدت أسبابها، ومن شرورٍ مهلكةٍ انفتحت أبوابها . إن الكسوف نفسه ليس عقوبة ولكنه كما قال نبيُّنا محمد صلى الله عليه وسلم: «يخوّف الله به عباده»(1)، فهو تخويف من عقوبات وشرور قد تنزل بالناس لمخالفة أمر الله وعصيانه، ولقد ضَلَّ قوم غفلوا عن هذه الحكمة فلم يروا في الكسوف بأسًا، ولم يرفعوا به رأسًا، ولم يرجعوا إلى ربهم بهذا الإنذار، ولم يقفوا بين يديه بالذل والانكسار، وقالوا: هذا الكسوف أمرٌ طبيعي يُعلم بالحساب، فوَ اللهِ ما مَثل هؤلاء إلا مَثل مَن قال الله عنهم من الكفار المعاندين: +وَإِنْ يَرَوْا كِسْفاً مِنَ السَّمَاءِ سَاقِطاً يَقُولُوا سَحَابٌ مَرْكُومٌ" [الطور: 44]، ولَمَّا رأت عاد قوم هود ما أنذرهم من العقوبة، لَمَّا +رَأَوْهُ عَارِضًا مُسْتَقْبِلَ أَوْدِيَتِهِمْ قَالُوا هَذَا عَارِضٌ مُمْطِرُنَا"- قال الله عزَّ وجل - +بَلْ هُوَ مَا اسْتَعْجَلْتُمْ بِهِ رِيحٌ فِيهَا عَذَابٌ أَلِيمٌ (24) تُدَمِّرُ كُلَّ شَيْءٍ بِأَمْرِ رَبِّهَا فَأَصْبَحُوا لا يُرَى إِلا مَسَاكِنُهُمْ كَذَلِكَ نَجْزِي الْقَوْمَ الْمُجْرِمِينَ" [الأحقاف: 24-25] . إنني ما أدري عن هؤلاء الذين لا يرون في الكسوف تخويفًا ولا إنذارًا لعقوبة ! ما أدري عن هؤلاء أَهُمْ في شكٍّ مما جاء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ ! فلْيرجعوا إلى سنّته، فقد ثبت ذلك عنه ثبوتًا لا شكَّ فيه في صحيحي البخاري ومسلم وغيرهما من كُتب الإسلام، وإذًا: فهل قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حين قال: «يخوّف الله بهما عباده»(2)، هل قال ذلك على الله من تِلقاء نفسه ؟ أو قال ذلك جاهلاً بما يقول ؟ كلا، واللهِ ما تقوّل رسول الله على الله ولا قال ذلك جاهلاً بمعناه، ونحن نُشهد الله - عزَّ وجل - ونُشهد كلّ مَن يسمعنا من خلقه أنّ ما قاله رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فهو حقٌّ، وأنه صلى الله عليه وسلم ما كذَب ولا كُذِب، وأنه صلى الله عليه وسلم أعلم الخلق بالله تعالى وبحكمته، وأنه صلى الله عليه وسلم أنصح الخلق لعباد الله، وأنه صلى الله عليه وسلم أصدقهم قولاً وأفصحهم بيانًا، وأنه صلى الله عليه وسلم أهداهم سنَّةً وطريقةً، فصلوات الله وسلامه عليه . فيا سبحان الله ! كيف يليق بِمَن يؤمن بالله ورسوله وهو يعلم أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال عن الكسوف: «إن الله يخوّف به عباده»(3) ثم يقول هو: كيف يكون التخويف بالكسوف وهو أمر يُعرف بالحساب ؟ إن هذا التساؤل لا يَرِدُ أبدًا على أمرٍ صحَّ عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، لا يقع أبدًا استبعادًا لِما صحَّ عن الرسول صلى الله عليه وسلم؛ إن على المؤمن أن يسلّم بما قاله النبي - صلى الله عليه وسلم - تسليمًا كاملاً، وعلى المؤمن أن يعْلَم علْمًا يقينًا أنَّ ما صحَّ عن الرسول - صلى الله عليه وسلم - لا يمكن في واقعه أن يخالف الواقع، وإنما يظن المخالفة مَن قَلَّ نصيبه من العلم والإيمان أو ضعُف فهمه فلم يقدر على التوفيق بين نصوص الشريعة والواقع . ونحن نقول تنزّلاً مع هذا التساؤل: إن كون الكسوف أمر يُعرف بالحساب لا ينافي أبدًا أن يكون حدوثه من أجل التخويف، فلله تعالى في تقدير الكسوف حكمتان: حكمة قدريَّة يحصل الكسوف بوجودها وهذه معروفةٌ عند علماء الفلَك وأهل الحساب ولم يُبيِّنها رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ لأن الجهل بها لا يضُر والعلم بها لا ينفع . أما الحكمة الثانية فهي: حكمة شرعيَّة وهي تخويف العباد وهذه لا يعلمها إلا الله - عزَّ وجل - أو مَن أطلعه الله عليها من رسله، فهل باستطاعة أحد أن يعلم لماذا قدَّر الله الكسوف إلا أن يكون عنده وحي من الله تعالى بأنه قدَّره لكذا وكذا، وهذا هو ما بَيَّنَهُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لأمته؛ حيث قال: «يخوّف الله به عباده»(4)، وهذا يُبطل ظَنَّ مَنْ ظَنَّ مِنَ الجهّال أن الكسوف أمر طبيعي؛ إذ لو كان الكسوف أمرًا طبيعيًّا لكان مُنتظمًا دوريًّا: كل ثلاثة شهور، أو ستة شهور، أو سنة أو سنتين مثلاً، ونحن نشاهد أن الكسوفات يتفاوت ما بينها: فتارة يكون الكسوف في السنة مرَّة، وتارة يكون في السنة مرَّتين، وتارة يكون في السنتين مرَّة أو أكثر من ذلك أو أقل، وتارة يكون على أرض، وتارة يكون على أرض أخرى، وتارة يكون جزئيًّا، وتارة يكون كلِّيًّا، وتارة تطول مدته، وتارة تقصر، ولو كان أمرًا طبيعيًّا لم يكن مُختلفًا هذا الاختلاف كما لا تختلف الشمس في منازلها في البروج ولا يختلف القمر في منازله عند الإهلال والإبدار . أيها الناس، أيها المؤمنون بالله ورسوله، إن الكسوف حدثٌ خطيرٌ وتنبيهٌ من الله لعباده وتحذير، «فلقد كسفت الشمس في عهد النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو في المدينة مرَّة واحدة فقط ففزع لذلك فزعًا عظيمًا وقام إلى المسجد وبعث مناديًا ينادي: الصلاة جامعة»(5) فاجتمع الناس وصلى بهم صلى الله عليه وسلم صلاة غريبة لا نظير لها في الصلوات المعتادة، كما أن الكسوف لا نظير له في جريان الشمس والقمر المعتاد، فهي آية شرعيَّة لآية كونيَّة صلاها النبي - صلى الله عليه وسلم - ركعتين في الضحى: في كل ركعة ركوعان وقراءتان يجهر فيهما، صلاها بدون إقامة، فكبَّر وقرأ الفاتحة، ثم قرأ سورة طويلة نحو سورة البقرة، ثم ركع ركوعًا طويلاً جدًّا، ثم رفع رأسه وقال: سمع الله لمن حمده، ربنا ولك الحمد، ثم قرأ قراءةً طويلة دون الأولى، ثم ركع ركوعًا طويلاً دون الركوع الأول، ثم قال: سمع الله لمن حمده، ربّنا ولك الحمد، وقام قيامًا طويلاً نحو ركوعه، ثم سجد سجودًا طويلاً نحو ركوعه، ثم جلس بين السجدتين جلوسًا طويلاً نحو سجوده، ثم سجد سجودًا طويلاً نحو سجوده الأول، ثم قام للركعة الثانية فصلاها كما صلى الركعة الأولى إلا أنها دونها في القراءة والركوع والسجود والقيام والقعود، ثم تشهَّد وسلّم، ثم خطب خطبةً عظيمة بليغة، فحمد الله وأثنى عليه وأخبر «أن الشمس والقمر آيتان من آيات الله لا ينخسفان لموت أحد ولا لحياته، ولكنّ الله يخوّف بهما عباده، فإذا رأيتموهما - يعني: خاسفين - فافزعوا إلى الصلاة»(6)، وفي رواية: «فافزعوا إلى المساجد»(7)، وفي أخرى: «فافزعوا إلى ذكر الله ودعائه واستغفاره»(8)، وفي رواية: «فادعوا وكبِّروا وصلّوا وتصدَّقوا»(9)«حتى ينجلي»(10)، وقال صلى الله عليه وسلم: «يا أمة محمد، واللهِِ لو تعلمون ما أعلم لضحكتم قليلاً ولَبَكيتم كثيرًا»(11)«وما من شيء توعدونه إلا أُرِيته في مقامي هذا - أو قال: صلاتي هذه - ولقد أوحي إليَّ أنكم تُفتنون في قبوركم قريبًا أو مثل فتنة الدجال»(12) ثم أمرهم أنْ «يتعوَّذوا من عذاب القبر»(13) وقال: «لقد جيء بالنار يحطم بعضها بعضًا»(14)«وذلك حين رأيتموني تأخّرت مخافة أن يُصيبني من لفحها حتى رأيت فيها عمر بن لحي يجرُّ قصبه في النار - يعني: أمعاءه - ثم جيء بالجنة وذلك حين رأيتموني تقدّمت حتى قمت في مقامي ولقد مدَدْت يدي أُريد أن أتناول من ثمرها لتنظروا إليه ثم بدا لي أنْ لا أفعل»(15). أيها المسلمون، هكذا فعل النبي صلى الله عليه وسلم، وهكذا فزع وأمر بالفزع، وهكذا عُرض عليه في مقامه ما عُرض من أمور الآخرة، وهكذا خطب أمته تلك الخطبة العظيمة البالغة، فمتى رأيتم كسوف الشمس في أيَّةِ ساعة من ساعات النهار: في أول النهار، أو أوسطه، أو آخره ولو قُبيل الغروب فافزعوا إلى ما أُمرتم بالفزع إليه من الدعاء، والذكر، والتكبير، والاستغفار، والصدقة والصلاة، ونادوا لها: «الصلاة جامعة» بدون تكبير، وكرِّروه مرّتين أو ثلاثًا بقدر ما ينتبِهُ الناس ويسمعون، ومتى رأيتم خسوف القمر في وقت فافزعوا إلى ذلك أيضًا، فإنْ انقضت الصلاة والكسوف باقٍ فاشتغلوا بالدعاء والاستغفار والقراءة حتى ينجلي . وفَّقني الله وإياكم للعمل بما يرضيه، وجنَّبنا أسباب سخطه ومعاصيه، وجعلنا مِمَّن يتَّعظون بآياته وينتفعون، وجنَّبنا أسباب الذين +قَالُوا سَمِعْنَا وَهُمْ لا يَسْمَعُونَ (21) إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِنْدَ اللَّهِ الصُّمُّ الْبُكْمُ الَّذِينَ لا يَعْقِلُونَ (22) وَلَوْ عَلِمَ اللَّهُ فِيهِمْ خَيْرًا لأَسْمَعَهُمْ وَلَوْ أَسْمَعَهُمْ لَتَوَلَّوْا وَهُمْ مُعْرِضُونَ" [الأنفال: 21-23] . أقول قولي هذا، وأستغفر الله لي ولكم ولكافة المسلمين من كل ذنب، فاستغفروه؛ إنه هو الغفور الرحيم
|
#2
|
|||
|
|||
![]() اخي عبدالله تعقيباً على موضوعك أنه لاعلاقة بين الكسوف و المعاصي والذنوب ,
|
#3
|
||||
|
||||
![]()
اقتباس:
واقول للدكتور المسند ماهكذا تورد الأبل لا يخفى على أحد الانفتاح الذي يعيشه العالم اليوم ، توسع الناس وتخالطوا وتداخلت الحضارات والأمم ، وركض الناس وانكبوا على الدنيا حتى انقلبت الموازين عند الكثير، وأصبح الأصل هو الحياة الدنيا ، ونسوا أوتناسوا أن الموت قريب ، والأصل هو الخلود في الآخرة. وتغيرت النظرة عند الكثير ، وأصبح الفقر هو هاجس الأغلب ، فبحثوا عن المال من أي طريق كان دون البحث والتحري عن طيب المطعم والمشرب ، مع أن نبينا عليه الصلاة والسلام نبهنا أنه ما الفقر يخشى علينا ولكنه يخشى علينا الانغماس في هذه الدنيا ، فتهلكنا وتفتننا كما أهلكت من كان قبلنا ، يقول الشافعي –رحمه الله- ما فزعت من فقر قط) لأنه كان يعلم أن الرزق بيد الله ، وأن من ترك شيئاً لوجه الله عوضه الله خيراً منه. فقد كان التوكل والسعي للأسباب المباحة راسخ في قلوب الكثير ، كانوا قبل أن يفعلوا الفعل يسألوا عن حكمه في دين الإسلام هل هو يرضي الله عز وجل أو لا؟ لأنهم كانوا يعلمون أن المعاصي تفسد الأرض وتهلك الحرث والنسل ، قال تعالى:{ظهر الفساد في البر والبحر بما كسبت أيدي الناس} ، وقال تعالى:{ولا تفسدوا في الأرض بعد إصلاحها}. فالآيات الكونية قد تتغير بسبب المعاصي تخويفاً للعباد ، ومن ذلك كسوف الشمس وخسوف القمر. لما كسفت الشمس على عهد رسول الله عليه الصلاة والسلام صلى بهم رسول الله عليه الصلاة والسلام ثم انصرف وقد تجلت الشمس ، فخطب الناس فحمد الله وأثنى عليه ، ثم قال:"إن الشمس والقمر من آيات الله ، وإنهما لا ينخسفان لموت أحد ولا لحياته ، فإذا رأيتموهما فكبروا وادعوا الله وصلوا وتصدقوا ، ياأمة محمد ما من أحد أغير من الله أن يزني عبده أو تزني أمته ، ياأمة محمد والله لوتعلمون ما أعلم لبكيتم كثيراً ولضحكتم قليلاً ألا هل بلغت" وفي رواية:"فصلوا حتى يفرج الله عنكم".رواه البخاري ومسلم. وفي رواية:"ولكنهما من آيات الله يخوف الله بهما عباده ، فإذا رأيتم كسوفاً فاذكروا الله حتى ينجليا". لو تأملنا هذا الحديث لخرجنا بفوائد عظيمة ، ففي قوله عليه الصلاة والسلام:"لا ينخسفان لموت أحد ولا لحياته" يقول ابن حجر-رحمه الله فيه دليل على إبطال تأثير الكواكب في الأرض بخلاف ما عليه حال الكثير اليوم من اعتقاد بالكواكب والله المستعان . ويقول في الحديث ردعهم عن المعاصي التي هي من أسباب جلب البلاء) ، وخص منها الزنا لأنه أعظمها في ذلك. ويقول شيخ الإسلام ابن تيمية-رحمه الله-: (وهذا بيان منه عليه الصلاة والسلام أنهما سبب لنزول عذاب الناس فإن الله إنما يخوف عباده بما يخافونه إذا عصوه ، وعصوا رسله ، وإنما يخاف الناس مما يضرهم ، فلولا إمكان حصول الضرر بالناس عند الخسوف ما كان ذلك تخويفاً ، قال تعالى:{وآتينا ثمود الناقة مبصرة فظلموا بها وما نرسل بالآيات إلا تخويفاً} وأمر النبي عليه الصلاة والسلام بما يزيل الخوف ، أمر بالصلاة والدعاء والاستغفار والصدقة والعتق حتى يكشف ما بالناس). ويقول النووي -رحمه الله- في شرح قوله عليه الصلاة والسلام: "يا أمة محمد والله لو تعلمون ما أعلم لبكيتم كثيراً ولضحكتم قليلاً "أي لو تعلمون من عظم انتقام الله من أهل الجرائم ، وشدة عقابه ، وأهوال القيامة وما بعدها كما علمت ، وترون النار كما رأيت لبكيتم كثيراً). وقال أيضاً-رحمه الله- عند أمر النبي عليه الصلاة والسلام بالصلاةأي بادروا بالصلاة وأسرعوا إليها حتى يزول عنكم هذا العارض الذي يخاف كونه مقدمة عذاب). وروى البخاري ومسلم: خسفت الشمس في زمن النبي عليه الصلاة والسلام فقام فزعاً يخشى أن تكون الساعة حتى أتى المسجد فقام يصلي بأطول قيام وركوع وسجود مارأيته يفعله في صلاة قط ، ثم قال:"إن هذه الآيات التي يرسل الله لاتكون لموت أحد ولالحياته ، ولكن الله يرسلها يخوف بها عباده ، فإذا رأيتم منها شيئاً فافزعوا إلى ذكره ودعائه واستغفاره ".ففي قوله: "يخوف" يقول ابن حجر-رحمه اللهفيه رد على من يزعم أن الكسوف أمر عادي لايتأخر ولايتقدم ، إذ لو كان كما يقولون لم يكن في ذلك تخويف ، ويصير بمنزلة الجزر والمد في البحر). وهذا ما نلحظه من حال غالب الناس اليوم حيث يهونون من شأن الكسوف والخسوف ، ويقولون أنهما ظاهرة طبيعية ، وقد ذكر الشيخ ابن عثيمين-رحمه الله- أن هناك سبب شرعي لا يعلم إلا عن طريق الوحي، ويجهله أكثر الفلكيين ومن سار على منهاجهم. والسبب الشرعي هو تخويف الله لعباده، كما ثبت ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله لا ينكسفان لموت أحد ولا لحياته، وإنما يخوف الله بهما عباده" ولهذا أمرنا بالصلاة والدعاء والذكر وغير ذلك كما سيأتي إن شاء الله. فهذا السبب الشرعي هو الذي يفيد العباد؛ ليرجعوا إلى الله، أما السبب الحسي فليس ذا فائدة كبيرة، ولهذا لم يبينه النبي صلى الله عليه وسلم، ولو كان فيه فائدة كبيرة للناس لبيّنه عن طريق الوحي؛ لأن الله يعلم سبب الكسوف الحسي، ولكن لا حاجة لنا به، ومثل هذه الأمور الحسية يكل الله أمر معرفتها إلى الناس، وإلى تجاربهم حتى يدركوا ما أودع الله في هذا الكون من الآيات الباهرة بأنفسهم. أما الأسباب الشرعية، أو الأمور الشرعية التي لا يمكن أن تدركها العقول ولا الحواس، فهي التي يبيّنها الله للعباد. وصلى بهم النبي عليه الصلاة والسلام صلاة لا نظير لها؛ لأنها لآية لا نظير لها. آية شرعية لآية كونية، أطال فيها إطالة عظيمة، حتى إن بعض الصحابة - مع نشاطهم وقوتهم ورغبتهم في الخير - تعبوا تعباً شديداً من طول قيامه عليه الصلاة والسلام، وركع ركوعاً طويلاً، وكذلك السجود، فصلى صلاة عظيمة، والناس يبكون يفزعون إلى الله، وعرضت على النبي عليه الصلاة والسلام الجنة والنار في هذا المقام، يقول: "فلم أرَ يوماً قط أفظع من هذا اليوم" ؛ حيث عرضت النار عليه حتى صارت قريبة فتنحى عنها، أي: رجع القهقهرى خوفاً من لفحها ، سبحان الله! فالأمر عظيم! أمر الكسوف ليس بالأمر الهين، كما يتصوره الناس اليوم، وكما يصوره أعداء المسلمين حتى تبقى قلوب المسلمين كالحجارة، أو أشد قسوة والعياذ بالله. يكسف القمر أو الشمس والناس في دنياهم، فالأغاني تسمع، وكل شيء على ما هو عليه لا تجد إلا الشباب المقبل على دين الله أو بعض الشيوخ والعجائز، وإلا فالناس سادرون لاهون، ولهذا لا يتعظ الناس بهذا الكسوف لا بالشمس ولا بالقمر مع أنه أمر هام، ويجب الاهتمام به .(الشرح الممتع) ولو كان الكسوف ظاهرة طبيعية وأمر عادي لم فزع عليه الصلاة والسلام منه! كما جاء في بعض الروايات: "فقام فزعاً يخشى أن تكون الساعة" . قال ابن حجر-رحمه الله-فلو كان الكسوف بالحساب لم يقع الفزع). حتى أنه عليه الصلاة والسلام كما جاء في بعض الروايات: أخطأ بدرع حتى أدرك بردائه. ومعناه كما يقول النووي-رحمه الله -أنه لشدة سرعته واهتمامه بذلك أراد أن يأخذ رداءه فأخذ درع بعض أهل البيت سهواً ، ولم يعلم ذلك لاشتغال قلبه بأمر الكسوف ، فلما علم أهل البيت أنه ترك رداءه لحقه به). وقد وردت أحاديث عظيمة كلها عندما كسفت الشمس ، فأحاديث فتنة القبر ذكرها النبي عليه الصلاة والسلام عندما كسفت الشمس ، فبعد أن انتهى عليه الصلاة والسلام قال ماشاء الله أن يقول ، ثم أمرهم أن يتعوذوا من عذاب القبر.رواه البخاري كما أنه عليه الصلاة والسلام رأى الجنة والنار في صلاته ، يقول عليه الصلاة والسلام: "ورأيت النار فلم أرَ كاليوم منظراً قط ، ورأيت أكثر أهلها النساء" قالوا:بم يا رسول الله؟ قال:"بكفرهن" قيل:أيكفرن بالله؟ قال: "يكفرن العشير، ويكفرن الإحسان ، لو أحسنت إلى إحداهن الدهر ثم رأت منك شيئاً قالت: ما رأيت منك خيراً قط".رواه البخاري ومسلم ورأى عليه الصلاة والسلام المرأة التي عُذبت في هرة. وذكر فتنة المسيح الدجال.رواه أبوداود وحث على التوبة فقال عليه الصلاة والسلام: "أما بعد فإن رجالاً يزعمون أن كسوف هذه الشمس ، وكسوف هذا القمر ، وزوال هذه النجوم عن مطالعها ، لموت رجال عظماء من أهل الأرض ؛ وإنهم قد كذبوا ولكنها آيات من آيات الله تبارك وتعالى يعتبر بها عباده ، فينظر من يحدث منهم توبة". والمتأمل في الأحاديث الواردة في الكسوف وبيان عظم شأنه وخطره ؛ لأنه يخشى أن يكون سبب من أسباب العذاب ، يجد أن النبي عليه الصلاة والسلام أرشدنا إلى ماينفعنا ، وما علينا فعله إذا كسفت الشمس ، فحثنا على: (1) الصلاة .. (2) الصدقة .. أمرنا عليه الصلاة والسلام بالصدقة ، قال صاحب عون المعبود: ("وتصدقوا" فيه إشارة إلى أن الأغنياء هم المقصود بالتخويف). (3) الدعاء .. عن الْمُغِيرَةَ بْنَ شُعْبَةَ قال: انْكَسَفَتْ الشَّمْسُ يَوْمَ مَاتَ إِبْرَاهِيمُ فَقَالَ النَّاس انْكَسَفَتْ لِمَوْتِ إِبْرَاهِيمَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : "إِنَّ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ آيَتَانِ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ لَا يَنْكَسِفَانِ لِمَوْتِ أَحَدٍ وَلَا لِحَيَاتِهِ ، فَإِذَا رَأَيْتُمُوهُمَا فَادْعُوا اللَّهَ وَصَلُّوا حَتَّى يَنْجَلِيَ" . رواه البخاري ومسلم يقول صاحب عون المعبودأمر بالدعاء لأن النفوس عند مشاهدة ماهو خارق للعادة تكون معرضة عن الدنيا فتكون أقرب للإجابة). (4) ذكر الله والاستغفار قال الحافظ ابن حجر-رحمه الله- : (وفيه الندب إلى الاستغفار عند الكسوف وغيره لأنه مما يدفع به البلاء). (5) العتق .. وإذا لم يكن في هذا الزمان رقابٌ تُعتق ، فيُعمل بالأولى وهو عتق النَّفس مِن الإثم ، ومِن النار ، والإنسان عبدٌ لربِّه فليسارع ليحرِّر نفسَه مِن عبوديَّة الهوى والشيطان ، ولعل هذه المناسبة أن تعيد العقول إلى أصحابها فيتخلوْن عن قتل الأبرياء ، وظلم الأتقياء ، وتلويث عرض الأنقياء ، وهضم حقوق الأخفياء. عَنْ أَسْمَاءَ قَالَتْفتلك الحالة غنيمة للمؤمن يطير بها إلى رضا ربه بجناحي الخوف و الرجاء (وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى) (النازعات 40-41 ) لكن لا يزال بعض العمى يمرون على الآيات الكونية و كأنها ظاهرة عرضية أو طبيعية ، تطبعت لها طبائعهم حتى طبع الله عليها ، نعوذ بالله من الخذلان . ( َنُخَوِّفُهُمْ فَمَا يَزِيدُهُمْ إِلاَّ طُغْيَاناً كَبِيراً) (الإسراء : 60 ) فسبحان الله ( مالكم لا ترجون لله وقارا ) ثم كيف لا يخافون و قد سمعوا بالمثلات و العقوبات و الآيات في حق غيرهم ، وهذا مجرد سماع ، فكيف بمن رآها في غيره ، وكيف بمن وجدها في نفسه ؟؟ (سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنفُسِهِمْ ) (فصلت : 53 ) : "لَقَدْ أَمَرَ النَّبيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْعَتَاقَةِ فِي كُسُوفِ الشَّمْسِ" . رواه البخاري الله يحفطك يادكتور عبدالله من كل مكروة
|
#4
|
|||
|
|||
![]() جزاك الله خير اخوي على هذه الموضوع
|
#5
|
|||
|
|||
![]() مضوع ونقاش ووجهات نظر مميمزة وراقية
|
#6
|
|||
|
|||
![]() جزى الله الدكتور عبد الله كل خير ...وله كتابات رائعه وبحوث علميه نفع الله بها
|
#7
|
||||
|
||||
![]() من كلام الشيخ ابن عثيمين رحمه الله
|
#8
|
|||
|
|||
![]() اخي الكريم محمد بن حمد رأيي كرأيك ففرق بين التخويف والعقوبة وإن انعدم الخوف فلا تأمن العقوبة.
|
#9
|
||||
|
||||
![]() بارك الله في الدكتور عبد الله وجزاه الله كل خير على مايقوم به
|
#10
|
|||
|
|||
![]() بارك الله فيك وجزاك الله خير
|
![]() |
|
|