تصريح وزارة الثقافة والإعلام رقم م ن / 154 / 1432


العودة   شبكة البراري > منتديــات البراري العامـــة > منتدى الموضوعات العامة

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 2009-12-21, 09:57 PM
الصورة الرمزية وتشرق
وتشرق وتشرق غير متواجد حالياً
رحـال متميــز
 
تاريخ التسجيل: Dec 2009
المشاركات: 2,183
جنس العضو: ذكر
وتشرق is on a distinguished road
افتراضي البرد والربيع والكشتات قبل 40 عاما

أحبتي أعضاء وزوار وعشاق ( البراري )
بدأ محبكم ( أبو علي ) بسرد حكايات من ذاكرة الطين في منتديات أخرى ، ولقد وصلنا إلى الحكاية ( 9 ) ؛ والتي أشرف بوضعها أمام ناظريكم ، سائلا المولى أن تحوز على رضاكم بعد رضا الله سبحانه وتعالى .

البرد والربيع والكشتات قبل 40 عاما :

عندما يحل الشتاء تبدأ معاناتنا مع البرد وأعراضه الظاهرة والباطنة وفي مقدمتها ( المشق ) والذي كنا نعاني منه الأمرين ، ولربما تجرحت جلودنا منه ، ولم يكن أمامنا حلٌّ سوى ( الوازلين ) ولعله لا يجدي كثيرًا إذا كانت الحالة متقدمة ...
وكانت وسيلة التدفئة الوحيدة إشعال النار ؛ ولذا كان علينا جلب الحطب ، وغالبا يكون أغصان الأثل ويسمى شكير ( شتسير ) وخشبها مع شيء من الصنوخ والجذامير ، وعندما نخرج للبر كانت جدتي ( رقية ) رحمها الله تخفي حزمة من الغضا تحت أغراض الكشتة.
ومما ألفناه في تلك الحقب ما يسمى ( القحفية ) ، وهي غطاء للرأس تخاط من بقايا الأقمشة ، ويتدلى من جانبيها حبلان يربطان أسفل الحنك ، ومن المعتاد لبس ثوب على آخر ، ولبس الغترة أو الشماغ على طريقة يسمونها ( غلالة ) فكانوا يقولون لنا : تغللْ ونمْ ... وعندما نستيقظ فجرًا نتوضأ من ( السخـَّانة ) وهي حنفية معدنية أو قدر كبير يوضع على كولة ( تسولة ) وتظل مشتعلة طوال الليل .
ومن المناظر المألوفة رؤية الرجال فوق الأسطح للقيام بعملية ( تنعيل ) الأسطح ، ومعناها وضع طبقة طينية جديدة ... ثم بـُدأ باستعمال ( الجص ) أو الاسمنت لحماية الأسطح من تسرب المياه .
أمـَّا عندما ينزل المطر فإن أهالينا يعلنون حالة الطوارئ من الدرجة ( البرتقالية ) تحسبا لتسرب الماء من سقوف البيوت ، فقد ياتسف ( ياكف ) السقف أو ( يخر ) رغم كل الإجراءات الاحترازية ، وهنا يصبح لزاما على جميع أفراد العائلة المشاركة في عمليات عاجلة لسد الشقوق وتسهيل جريان الماء إلى ( المثعب – المرزم ) ، ويتم ذلك تحت وابل المطر المنهمر ، وتحت السقوف يتم وضع الأواني لاستقبال نقط المياه المتساقطة ، وكثيرًا ما كنا ننام تحت صوتها الرنان ( طق .. طق .. طق ) ...
ورغم كل ذلك لا ينسى الفرح أنْ يزورنا ، ولفرحنا بالمطر دواع كثيرة في مقدمتها ذلك الهم الجاثم على صدورنا ألا وهو المدرسة ... فكانت سعادتنا لا توصف عندما يُطلب منا الانصراف من المدرسة خوفا على سلامتنا ، فمدرسة الطين غير آمنة ، وبدأت أسقفها تصب من كل ناحية ، وبلـَّل ( الواكف ) طاولاتنا التي تتسع الواحدة منها لثلاثة أو أربعة ... وترك آثاره على الجدران المجصَّصة ، فننطلق إلى حيث الفرح الطفولي الموعود ، فنرمي بحقائبنا المدرسية البالية ، ثم نعتمر مظلاتنا الواقية من المطر ، وهي ليست سوى خيشة قمح أو أرز ، نثني إحدى طرفيها على شكل مثلث ، ثم نضعها على رؤوسنا ، فيُغْرق المطرُ الخيشة ؛ لتغرقَ رؤوسُنا تحتها ( وعلى بالنا متظللين ...!! ) ونتوجه إلى ( التلعة ) ويبدو لي أنه شعيب ينحدر من السلسة والقاع عبر الملاح إلى الطريق الواقع بين مقابر الطعيميات فنخوض في الماء جيئة وذهابا ، ولربما وصل الماء إلى ركبنا ، والأرض طينية موحلة ... ومع ذلك لم نكن نعاني كثيرًا من أمراض الشتاء ...
ومن مظاهر الفرح إشعال نيران التدفئة في البيوت والبرح القريبة ، حيث كنا نجمع بعض الألواح والأخشاب ، ولا يـُسمح لأحد بالاستمتاع بالتدفئة إلا إذا أحضر ( خشاره ) أي شيئا من الحطب يضعه على النار ... وفي سوق المسوكف والقاع والحيالة والمجلس اعتاد أصحاب المتاجر إشعال النار أمام متاجرهم ؛ ليتدفؤوا هم والعابرون ولكن دون أن يطالبوا بـ ( الخشار ) .
وعندما يشتد البرد نكون على موعد مع أكلات الشتاء ومنها ( الحنيني ) ، حيث امتاز بعض جيراننا بإتقانها ، ومن أبرزهم عائلة علي الفرج - رحمه الله - وعائلة صالح النفيسة ، وكانوا يعدون كميات كبيرة ويقومون بإهدائها لجيرانهم ، ومما يجعل طعم الحنيني لذيذا لايقاوم وجود ( المحزر ) أو ( المحيزرة ) وهي عبارة عن شحمة توضع في ( الكرشة ) ثم تعلق في السقف بعد إحكام غلقها ، وتترك حتى تتعفن ، وتزداد جودتها بازدياد رائحة تعفنها ، ومن أشهر معديها وبائعيها في ذلك الوقت : القريشي ، والهطلاني ، والعطية ، الهقاص - رحم الله حيهم وميتهم - ولا تزال المحيزرة متواجدة حتى الآن - وإن كان بشكل أقل - ... ومن الأكلات ( الدويفة ) وهي من ألذ الأكلات التي تبث التدفئة خاصة إذا تواجد فيها ( القفر ) و ( الجبا )
وأمَّا قمة الفرح فيكمن في ( الكشتات ) والتي ستكون محور الحكاية القادمة – إن شاء الله –

وتشرق ..... ( أبوعلي ) ، عنيزة ، الإثنين4/1/1431

 


المتواجدين الآن بالموضوع : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

 


الساعة الآن 08:36 AM


Powered by vBulletin .
جميع الحقوق محفوظة © لشبكة ومنتديات البراري 2010