بين الضب على النثيلة والمهندس على الأريكة

[مهل1]

الضب هو حيوان اليف يضرب به المثل فيقال اتيه من ضب واضل من ضب ومع هذا فقد فاق كثير من عتاولة الهندسه في البناء والتعمير فلننظر..

وان استهزأ به البعض من البشر الا انه اعقل بكثير منهم فهو لا يحفر بيته الا وقد عس الارض وخبر اغوارها وانجادها, وسهولها وبطاحها, وعامرها وغامرها, ورطبها ويابسها , فكما لايحفر بيته في الصخر، فهو من النباهة بمكان فلا يحفر بيته في مجاري السيول ولا في مستقرها وإن كان الحفر فيها سهل لهشاشتها فهو يتخذ من مفاوز الارض نفقا يؤويه في الحر والقر ويأمن على نفسه خطر السيل

ويحفر بيته وحيدا منفردا ليس له معين من بني جنسه آلته في ذلك كلتا يديه ورجليه يضرب بمخالبه الارض فينحت التراب الصلب ثم يتململ بجسمه الرشيق ليدفع التراب خلفه مستعينا بعكرته الخشنة لاحرمنا الله اياها

وحين يزيح التراب عن بيته لايخفى على شريف علمه ان المطر قد يأتي بغتة وفي الليالي المظلمة فهو لايبعد التراب عن مسكنه ولا يركمه في جهة واحده بل يجعله يحيط بمسكنه من جميع الجهات فلا يأذن ابدا بتدحرج قطرة واحدة الى مسكنه من الاراضي المجاورة وهو ما يعرف عند العرب بالنثيله -والتي اختص بها الضب وحده دون سواه-

اضطجع الضب على نثيلة منزله العامر بعد ان اكتملت اعمال الحفر خالي البال لايفكر في شيئ من امر دنياه ريان شبعان يقلب عينيه في جو السماء متوكلا على الله في جميع شؤونه فما راعه الا صوت طائرة استمطار مرقت فوقه كلمح البصر لم تمهله ولو ليحني رأسه حتى كان بينه وبينها بعد المشرقين فكأني به بعد ماسكن جأشه اطرق وارخى لفكره العنان وسبح في افق الخيال وحدث نفسه قائلا كم في هؤلاء البشر من الحماقة كيف صدقت عقولهم ان مزنا هاميا ضخما صب مائه كافواه القرب فملاء الفياض والرياض والانفاق واخضب به النادي والبادي كا ن بسبب طائرة تبدو في السماء كالغراب يحمل في منقاره بضع نترات من الفضه ينثرها على سحاب تبلغ سماكته في بعض الاحيان خمسة عشر كيلو متر افلا تركوا السماء لخالقها ومدبرها ثم قال ساخرا ماظن هؤلاء البشر بي لو قلت لهم اني ساصنع من اجل الاستمطار قدر عظيم .القدر بعيد القعر تكون اثافيه جبال طويق والعرمه وطعوس الدهناء ثم املئه بماء البحر واوقد تحته بما انبت الله من شجرحتى يعلوا بخاره في السماء ويتراكم بعضه على بعض ثم ينهمر مطره فاذا جف القدر يكون السمك قد نضج فاكل واشرب وانعم بالجو الماطر نظريا يصح ذلك لكنه يستحيل

ذاك الضب على النثيلة ذو السريرة النقية وتلك هي سيرته العطره لاغل ولاحسد ولاظلم لأحد اذا جنه الليل نام ملئ جفونه قريرالعين هادئ البال..
فما شأن المهندس الذي كرمه الله وفضله على كثير ممن خلق ووهبه عقلا مفكرا ولسانا ناطقا واستخلفه في الارض ليعمرها وانزل من اجله الحديد فيه باس شديد

المهندس بين يديه اعتى آلات الحفر والردم والهدم ولديه المئات من البشر يعملون رهن اشارته

لديه المال الوفيربما انعم الله على بلدته من ثروة عز نظيرها

المهندس في منزله متكئ على اريكته تتوالى عليه الأتصالات تقول إن مدينتك تغرق مشاريعك التي وقعت عليها يدك الكريمة محيت معالمها الانفاق غصت بالماء وغرقت فيها سيارات وناقلات ذهبت فيها اموال وانفس الشوارع والاحياء صارت بحيرات المدينة كلها تعيش فوضى وازدحامات والناس فيها بين هرج ومرج كل ذلك حدث في مطر ثلث ساعة وليس ثلاثة ايام متوالية

ترى من اين جائت كل هذه المياه ومن هيئ لها اسباب الدخول لهذا النفق بكل سهولة

لوعملت مضخات هذا النفق بالليل والنهار ماكان لها ان تسحب هذا البحر الظخم فكيف غاب عن مهندسنا مالم يغب عن الضب فأحاط بيته المحفور بالنثيلة من كل جانب.

اطل المهندس من شرفة منزله العالي ليستطلع الامر فعلم انها الحقيقة التي لاتغتفر فارغى وازبد وثاروحار في امره لكنه عاد الى اريكته مهموما كما يعود القائد المنكسر من ساحة الحرب لايملك الا دمعة لايستطيع ارسالها وزفرة لايستطيع تصعيدها ومن يسد طريق العارض الهطل وبد للجميع ان الضب كسب الرهان وتغلب على ذوي العقول بفطرته السليمة..

ملاحظه : جميع الصور تجميع من الانترنت