التعليمـــات |
التقويم |
![]() |
|
![]() |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
|
#1
|
|||
|
|||
![]() الجزء الثالث أخفاف الناقة و الفصيل: بعد فراغنا من صخرة المعاهدات توجهنا إلى موضع غير بعيد ليريني الاخوة رفقاء الرحلة أثر أخفاف ناقة مطبوعاً في الصخر, يظهر تارة ويختفي أخرى, وعدد المرات التي ظهر فيها في تلك الأرض الصلبة محدود, وبعد خطوة أو خطوتين ظهر إلى جوار أثر الناقة أثر فصيل, يسير بجوارها, يخيل لمن يعاينه أن جسمه أحياناً يحتك بجسدها, فعل الفصلان مع أمهاتها, وأثر الناقة يسير مبتعداً عن أكمة مجوفة كأنها قوس منصوب, لم يهتم الفريق المرافق بتلك الأكمة, ولا بوجود الأثر وكأنه يخرج منها متجهاً جنوباً إلى شعب صغير, لأنهم لم يسمعوا أن الناقة خرجت من أكمة, فقد كانت الأمية والعزلة غالبة على سكان جبل القهر إلى عهد قريب, وقد توارثوا أن ذلك الأثر لناقة نبي الله صالح, وأن تلك الكفوف المرسومة لعاقريها يغمسون أيديهم في دمها ويطبعونها في تلك الصخرة ويتضاحكون, هذا حدود علمهم بخبر ثمود والناقة, لقد كانت الكتاتيب تنتشر في قرى جيزان عموماً إلاّ القهر فلم يعرف الكتاتيب فيما أعلم, ولم يعرف المدارس إلاّ في أواخر عهد الملك سعود رحمه الله, حيث افتتحت أول مدرسة ابتدائية, وأقول هذا لأبين للقارئ أن ادعاءهم عن ناقة نبي الله صالح وعاقريها ليس عن قراءة في كتاب, بل هي أساطير متوارثة حول تلك الآثار, وعلى العارفين عبء إثبات صحة ذلك الإدعاء من عدمه, والذي أثر فيّ وأشدهني حال رؤيتي الأثر ثلاث ملاحظات, أولاها تلك الأكمة المجوفة, فمهما غالطت عقلك وحاولت أن تنسب ذلك التجويف للزلازل أو للرياح أو الأمطار فلن تستطيع ولن يقبل ذلك عقلك, فذلك التجويف نتج عن جسم خرج منه لا ريب, ولا يزال الكثير من القلع على جانبي التجويف, والتجويف يتسع في الأسفل ويضيق في الأعلى, وثانية الملاحظات أن أخفاف الناقة تبدأ في الظهور, ثم تختفي ثلاثة أمتار على وجه التقدير, ثم يعود الأثر وبجانبه أثر فصيل صغير, وهذا يوافق رواية أن الناقة خرجت عشراء ثم تمخضت وولدت فصيلها, واثر الناقة يبدو مغادراً الأكمة وليس متجهاً إليها, فكأنما خرجت منها, أما الملاحظة الثالثة فإنه تلي الأكمة منطقة تنفرج عنها الجبال فسيحة, ورواية ابن الأثير أن الناقة خرجت من الصخرة وقد اجتمعوا في يوم عيدهم(1) فذلك المكان صالح لأن تجتمع فيه القبيلة وتعيد فيه والمناطق الفسيحة في الجبال نادرة, والذي أرجوه من القارئ أن لا يتخيل أثر الناقة و فصيلها يمتد عشرات الأمتار, فالأرض صخرية صلدة, وعدد الأخفاف محدود ولكنه يُقنع كل عاقل, وهو دليل يضاف إلى أدلة, وما يدريك أن الله أبقاه آية للناس. ![]() صورة من الأمام للصخرة التي تمخضت عن الناقة. صورة رقم (8) ![]() صورة من الخلف للصخرة التي تمخضت عن الناقة. صورة رقم (9) ![]() أثر خف في عرصة الصخرة التي تمخضت عن الناقة. صورة رقم (10) ![]() أحد أخفاف الناقة واضح فيه أثر زمعيه الخلفيين. صورة رقم (11) ![]() أثر أخفاف الناقة. صورة رقم (12) يتبع
|
#2
|
|||
|
|||
![]()
الجزء الرابع منحر الناقة بعد أن فرغت من تصوير أثر الناقة والفصيل طلب مني أحد الأدلاء وهو أعرفهم أن أتقدم إليه, وكان يقف مني على بعد خطوات, وهو ينظر إلى ربوة شرقينا تنحدر صوب شعب صغير شرقي الأكمة, وحين وقفت بجانبه ونظرت إلى تلك الربوة رأيت عجباً, إن جزأها الغربي بني يضرب إلى حمرة يسيرة, وأعلاها وطرفاها الجنوبي والشمالي ما بين رملي أبيض وصخور فاتحة اللون, فأشار لي صاحبي إلى الجانب المحمر من الربوة وقال: هنا نحرت الناقة فيما يقال والله أعلم وهذا أثر دمها, وقبائل الريث حريصون في الرواية لا يقطعون للزائر في هذه الآثار برأي رغم قناعتهم أنها ثمودية, بعد أن صورت منحر الناقة تحرك صاحبي وطلب مني أن أتبعه وهو يقول: تعال أريك لبن الناقة, فـقـلـت لــه لا أريد شاهداً بعد لون المنحر فألح علي ولكني لم أطعه, لأني كنت مجهداً, وإذا صحت ظنونهم في لبن الناقة فإنها كانت تحلب في فم ذلك الشعب الصغير, ولم أندم ندمي على عدم رؤية ما يزعم أنه لبن الناقة, والسبب أن الصور التي التقطتها لمنحر الناقة, عند طبعها لم توافق ما رأته عيني من لون الربوة, لأن أشعة الشمس كانت متوهجة عند التصوير وآلة التصوير لدي ليست بتلك, ولا هي مزودة بمكثف ضوئي يمتص جزءاً من أشعة الشمس عند توقد الحجارة. لا يمكن لمثلي أن يفتي في حمرة تلك الصخور, والأمر بحاجة إلى تحـليل مخبري أما أنا فأظن الأمر لا يعدوا أن تكون تلك الحجارة تحمل قدراً من أكسيد الحديد, لأن الأرض لا تمتص الدم حسب علمي, ولو فرضنا أن ذلك اللون كان دماً فهل كان ذلك الموضع منسكاً وثنياً, أم هو دم الناقة أبقاه الله آية, فكم من منسك وثني كان بجزيرة العرب لم يبق له أثر. ![]() مـنـحــــر الــنـــاقـــــة. صورة رقم (13) نادينا الحوار فحن كما تحن الإبل ترددت كثيراً في رواية ما حدث بيننا وبين الحوار من نداء وإجابة, و أحسبني تأثرت بقبائل الريث, لقد وجدت حتى صغارهم لا يروون لك الخبر الصادق إذا خافوا أن ترتاب فيه, ولكن لم لا أذكر ما حدث مادمت صادقاً فوالله لم أكذب, مع أول مدرسة ابتدائية افتتحت في رخية وأظن ذلك في الثمانينات, التحق بالتدريس فيها بعض أبناء قريتنا فبدأنا نسمع عن جبل مشقوق داخل جبل القهر, يسمع منه صوت بعير أو حوار ورخية هي قرية قبائل الريث, تقع في السفح الغربي لجبل القهر وتصلهم بقرى السهل, ولكن في عسر ومشقة, حتى منّ الله عليها مؤخراً بطريق مزفتة, وأحسب أن كل وعر في منطقة جيزان سوف يذلل بعد الآن بهمة صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن ناصر مع توفيق الله دون شك. حين كنت أسمع في الثمانينات عن ذلك الجبل المشقوق وصوت البعير الذي يسمع منه, تمنيت أن أراه حتى أخرج برأي في ذلك الصوت, وكانت الأخبار عنه تصلنا مغلوطة, من أناس لم يقفوا على حقيقة الأمر وجليته, فقد قيل لي إنك إذا وضعت أذنك على الشق سمعت صوت البعير, وقيل إذا سال الوادي ظهر الزبد من الشق من أعلى الجبل, وقيل إن بعثة من وزارة الزراعة توجهت إلى ذلك الجبل لدراسة تلك الظاهرة وخرجت بنتيجة أن تحت الجبل بحيرة فإذا سال الوادي تسرب إليها الماء فكان لها خرير يشبه صوت البعير, ومنهم من قال: بل توصلوا إلى رأي مفاده أن الصوت متولد عن تسرب الريح إلى ذلك الشق في موضع ما من الوادي وبسبب تلك الروايات تخيلت الجبل المشقوق طوداً عظيماً شامخاً, و الوادي عند سفحه البعيد وصادف أ ن تعرفت على شاب من أبناء الريث قبل عامين, سألته عن الجبل المشقوق الذي تضع أذنك على الشق الذي فيه فتسمع صوت بعير, فقال لي: تسمعه دون أن تضع أذنك على الشق, وتسمعه من الوادي لا من الجبل, وفي أيام الربيع وخاصة بعد المطر تسمعه كل مرة من ناحية مختلفة, كأنه يتتبع المرعى, ثم سألني هل سمعت عن الكف الأحمر المرسوم في الصخرة, فأجبته بلا, وبسبب هذا الحديث قررت زيارة جبل القهر, ولازلت ألتمس الرفيق حتى وجدته, وكانت رحلات لا رحلة, وكان هذا المقال الذي بين يديك. لقد كانت وجهتنا بعد منحر الناقة إلى الجبل المشقوق نزوره ونسمع صوت الحوار فانكفأنا غرباً وكأننا عائدون أدراجنا, وفي الطريق ونحن لا نزال على مقربة من منحر الناقة, شاهدت في ذروة جبل رسماً يشبه السهم يشير إلى ناحية من الوادي مرسوم بنفس اللون الزهري الذي رسمت به معظم اللوحات الثمودية, وأخبرني أحد المرافقين عن وجود أسهم تتتابع حتى تشير إلى ناحية الجبل المشقوق, وقد غلب على ظن كثير منهم أن تلك الرسومات والأسهم تشير إلى كنز أو كنوز, وهم محقون في ذلك, فجبل القهر كنز سياحي كبير, ولما وصلنا إلى الجبل المشقوق وجدته صخرة مكورة كأنها الربوة, ثلثها الشمالي مشقوق من أول الجبل إلى آخره, وقيل لي إن الشق أو ذلك الصدع الضيق يمتد في القف الذي يليه إلى الوادي, وفي الجانب الغربي لتلك القارة أو الجبل حجران أملسان كأنهما ليسا منه بل غرسا فيه, ولما صعدت إليهما وجدتهما كأنما حرقا بالنار حتى صارا أملسين, وهما كعينين للجبل ينظر بهما إلى الغرب وأحسب ذلك من عادة ثمود في التطير, وإن لتلك القارة عندهم شأناً وصعدنا الجبل نبحث عن أي أثر للحوار, فوجدنا ما يشبه أثر حوار مضطرب, يتجه هنا وهناك وإن كان في غير وضوح لا يستطيع المرء أن يجزم انه أثر حوار ولا أن ينسبه لحيوان بعينه, ولقد صورته حتى يراه القارئ ويحكم عليه بنفسه, ثم انحدرنا إلى أسفل الشق من الناحية الغربية, والشق في عمومه ضيق لا يمكن إدخال كف الإنسان العادي فيه, إلاّ عند ملامسته للأرض من الناحية الغربية فإن بجانبه كسر في الصخرة وليس في الصدع نفسه, ومن عجيب صنع الله أنه يخرج من الصدع من باطن الأرض تيار هوائي لا ينقطع, ويروون كــابـراً عــن كـابـر أنه أزلي لا يتوقف لحظة, وبرغم أنه من باطن الأرض, لا يـــختلف فــــي حــرارتـه عـن الـهـواء الـمــحـيـط إلاّ بنصف درجة أو درجة هـــو أدفـأ, وإذا عــرضـت له كوباً من الزجاج مقلوباً, تلاحظ تكون قطرات خفيفة من الماء على جدران الكوب, أظنه بسبب اختلاف درجة الحرارة, وهذا التيار الهوائي كأنما تنفثه مروحة كهربائية سواء كانت الريح راكدة أو مـــتحركة, وسواء كــانت فـي اتجاهه أو مـعاكـسـة له, فإذا كان متولداً عن الهواء الخارجي فلماذا لا يتوقف إذا ركدت الريح؟!. بعدما تلمست بيدي ذلك التيار الهوائي تنحيت جانباً وقلت في نفسي: إذا كان حوار ناقة صالح في باطن هذه الصخرة, قد ضرب الله على أذنيه كما ضرب على آذان أهل الكهف, فهذا الهواء يحفظ حياته في رقدته بإذن الله, واستغرب أصحابي أن الحوار لم يحنَّ, وهو الذي ما أن يقترب أحد من الجبل إلا ويحن كفصيل يطلب أمه وبسبب ذلك الصمت منه, أخذ أحد المرافقين يناديه من أسفل الشق قرب التيار الهوائي بنداء الرعاة للإبل, فسمعنا بعد ثوانٍ صوت حاشي يحن من الوادي, والوادي منا على بعد ما يقارب الكيلومتر, فقال صاحبي هل سمعت؟ ثم استدرك: لا أدري إن كان في الوادي إبل أم لا, حال سماعي الصوت استشعرت أنه مشابه كثيراً لصوت الإبل, وصـمـت صاحبي وصـمـت البعير, فــقـلت له ادعه أخرى, فناداه بنداء الرعاة إبلهم, فعاود الحنين هذه المرة فيما يشبه صوت الناقة, ولا أدري كيف استرجع عقلي في أجزاء من الثانية حنين النوق الذي كنت أسمعه وأنا في الخامسة من عمري تنادي صغارها, ولا أدري كيف تيقنت أن الصوت تقليد وليس حقيقياً, فاستشعر قلبي أنه شيطان يضلل الناس, فأخذت أردد آية الكرسي في سري وطلبت من صاحبي أن يناديه فناداه فلم يجب,وأعدنا النداء المرة تلو الأخرى, ولم يجب في أي مرة, بل لم يحن بعد ذلك في أي زيارة من زياراتي اللاحقة, لا أدري إن كانت قراءتي صادفت انقطاع المسبب الطبيعي المولد لذلك الصوت, أم أنه شيطان, وقلبي إلى أنه شيطان أميل,وما يقال عن أنه ناتج عن الرياح أو السيل مما كنت سمعته عنه قبل هذه الزيارة لا يمكن الاقتناع به, فهو يكون مع وجود المطر ومع صحو السماء وحال الريح وحال ركود الهواء وليس هو صدى مناداتنا, فقد نادينا ولم يرتد إلينا صدى, فكل تعليل سمعته عنه لا أجده مقنعاً. ![]() الجــبــل الـمـشـقـــوق. صورة رقم (14) ![]() ربما يكون الفصيل دخل من هذا الموضع والأثر أثر أخفافه. صورة رقم (15) يتبع
|
#3
|
|||
|
|||
![]()
الجزء السادس الرحلات اللاحقة: انفض عني ذلك الفريق الطيب, ولم يبق غير يحيى علي معيض, ولو لم يكن معي لتعذر علي إكمال هذا الجهد, ولكنه سامحه الله كان يهمه ما يعتقد لا ما أراه أنا ذلك أن أحد الأصدقاء قال لنا: إنكم إن وجدتم أثراً مكتوباً حل لكم لغز تلك الحضارة إن كانت لثمود أو لأمة أخرى, فجشمنا يحيى كل صعب, وسلك بنا كل وعر, نمر بالآثار التي تنطق بأفصح لسان أنها ثمودية دون أن يتوقف, ولا يمر بأحد إلاّ وسأله إن كان يعلم عن نقوش أو كتابات, فيجد جواباً واحداً في كل مرة " هناك صور حيوانات" وخرجنا من ذلك البحث المرهق بزيارة ثلاث لوحات, لوحة لصور غزلان في الجبل الشرقي, وأخرى في الشرقي كذلك, للصوص سرقوا بعض المواشي ولحق بهم الطلب من شخصين بسيفيهما, واستنقذا المواشي من الأبقار والأغنام, أما اللوحة الثالثة فإنها تؤرخ لمعركة ذات أهمية في ذلك الزمن, فقد أبدع الفنان رسمها رغم بدائية الرسم, وهي مرسومة في صخرة مقطوعة بنفس ميول لوحات الرسم الأخرى, وتحت الصخرة قبران فيهما جمجمتان لرجلين, وفي الرسمة صورة كفين, إحداهما لظاهر كف والأخرى لباطن كف أخرى, وأظنهما للتدليل على أن صاحبي القبرين تعاهدا على الموت, أو أنهما أبليا بلاءً حسناً, وفي اللوحة صورة ثلاث سلاسل جبلية تدل على مكان المعركة, وفيها رسم للبيوت, مما يدل على أنها وقعت في الحمى, وفيها صورة أحسبها لامرأة سبيت واستنقذت, أو أنها سبية, وفيها صور حيوانات غنمت أو اســتـنـقـذت, وأحــســب أن الحـمار كــان له قيمة عند ثمود فوعورة الجبل ومنحدراته ومزالقه, لا تصلح للخيل ولا للمطايا, وافضل مركوب فيها الحمير, ولم نجد في أي لوحة صورة للإبل أو للخيل, وفي اللوحة صورة جوارح الطير تتبعهم, وطالما فخر الشعراء أنهم إذا ساروا تبعتهم الطيور الجارحة كما أن صور المحاربين توحي بخطة الحرب, من تقديم حملة الرماح والسيوف وتأخير الرماة, وترى المحاربين يتجالدون في صورة ناطقة, إنها لوحة معبرة رغم بدائية الرسم, وحـيـن وقـفـت أمـامـهـا أنا وصاحبي قلت له: أتدري ماذا تقول هذه الصورة؟ فالتفت إليّ, فقلت: إن أمة تؤرخ لأيامها بالرسم أمة أمية لا تعرف القراءة والكتابة فلا تشغلنا بالبحث عن كتابات وحروف. ![]() فارس الجبل الشرقي الذي استنقذ المواشي. صورة رقم (16) ![]() قطعت ذراع اللص "الجبل الشرقي". صورة رقم (17) ![]() معركة الشاميّة- الرجل قرب الكف أطلق سهماً "لوحة الشامية". صورة رقم (18) ![]() المحاربون يتجالدون " لوحة الشامية ". صورة رقم (19) ![]() حملة السيوف يتجالدون. صورة رقم (20) ![]() حملة السيوف يتجالدون. صورة رقم (21) ![]() شخص يهم بركوب حماره للهرب "لوحة الشامية". صورة رقم (22) ![]() واحدة من الغنائم (تيس) "لوحة الشامية". صورة رقم (23) ![]() ثلاث سلاسل جبلية تدل على موقع المعركة "الشامية". صورة رقم (24) ![]() بيوت الحي (الشامية). صورة رقم (25)
|
#4
|
|||
|
|||
![]()
![]() صورة كواسر الطير وهي تتبع المحاربين كما تغنى بها شعراء العرب (الشامية). صورة رقم (26) ![]() الأطفال يقذفون اللوحات بضفع البقر, لطالما طالبت الجهة المختصة بحماية هذه الآثار أو زيارتها على الأقل وكانت صرخة في واد. صورة رقم (27) صورة رقم (28) يتبع
|
#5
|
|||
|
|||
![]()
يسرني أن أكمل لكم ما تبقى من بحثي "الذين جابوا الصخر بالواد " كتاب ثمود الخالد قلت فيما سلف إن الواديين كتاب مفتوح تقرأ فيه خبر ثمود, إلاّ أن يحيى لم يمكننا من الوقوف فيها وقوف الدارس المتأمل, ولكنه لما اقتنع أنه ليس من السهل أن نجد كتابات تفصح عن أصحاب تلك الحضارة, كان يمهلنا أن نشاهد ونصور بعض الوقت, فبرغم اقتناعه أن الصخور المقطوعة, والجبال المنجورة, بفعل فاعل وليست بفعل الطبيعة, إلاّ أن هاجس وجود لوحات مكتوبة كان غالباً عليه, وكان يريد منا زيارة غيران سمع عنها من غير ثقة, لعلنا نجد كتابات ما, ولكني من الواديين استطعت أن أعرف الغايات التي كانت تقطع لأجلها ثمود الصخور وتنحت الجبال والقرآن الكريم اخبرنا عن إحدى غاياتهم وهو بناء البيوت, قـال جـل جـلاله: ((وَتَنْحِتُونَ الْجِبَالَ بُيُوتاً فَاذْكُرُواْ آلاء اللّهِ وَلاَ تَعْثَوْا فِي الأَرْضِ مُفْسِدِينَ )) الأعــراف وأضمر الغايات الأخرى في قوله عزّ من قائل فـــي ســورة الفـجـر: ((وَثَمُودَ الَّذِينَ جَابُوا الصَّخْرَ بِالْوَادِ )), وظن أكثر الناس أن نحتهم الجبال بيوتاً هو المعني بالآية الأخيرة, والقرآن أدق وأبلغ من ظننا وفهمنا المحدود, ولو لم أتتبع هذه الآثار, لما دار بخلدي أن ثمود كانوا يقطعون الصخور لغايات غير السكنى, أما الآن فبإمكاني أن أسمي بعض الأغراض التي تنحت ثمود لأجلها الجبال, ولست بحاجة إلى شرح أسلوب القطع لكل غرض وسأكتفي بتقديم الصور, فالصورة تكفي لبيان الغرض من القطع وتوضيح الاختلاف الهندسي المتخذ المناسب للغرض, فمن تلك الأغراض اتخاذ البيوت من الجبال ويقول المؤرخون إن ذلك بسبب طول أعمارهم, فبيوتهم تتهدم وهم لا يزالون أحياء وأحسب أن دفئ البيوت المتخذة من الجبال شتاءً واعتدالها صيفاً, وعدم وجود الجص بأرضهم, وعدم وجود الطين إلاّ في مزارعهم وهو فيها قشرة رقيقة, وهم به ضنينون لا محالة, وما ألهمهم الله ومكنهم فيه من قطع الصخور ونحت الجبال كل تلك الأمور جعلت نحت الجبال أيسر وأقــل كـلـفـة مـن بناء البيوت, وهم يعمدون إلى الجبل أو إلى نتوء فيه, ثم ينحتونه نجراً على ما أظن, أو لعلهم يقطعونه ابتداءً ثم يكون النجر بعد ذلك, حتى يكون كالكهف, والكهف غير الغار, وحفر الجبال في حجر وادي القرى على هيئة أغوار صغيرة, لذلك قلت عن قبور النبطيين فيه حفراً لا قطعاً وبين نحت ثمود للبيوت وللوحات التي تحمل الرسومات تشابه, ولكن درجة الميول تختلف, ولجعل الكهف المنحوت بيتاً يعمدون إلى سد واجهته بجدار, وعمل باب فيه والجدار حجارة مرصوصة فوق بعضها من دون مادة لاصقة تمسك بعضها إلى بعض, ولا تزال معظم هذه البيوت الثمودية مسكونة إلى يومنا هذا وليست كقبور الحجر التي لم تسكن قط, وغير صالحة للسكنى البتة, وحاشى الله أن يقول عنها بيوتاً وهي غير ذلك, إن علينا أن نقتنع أنها ليست بيوت ثمود المذكورة في كتاب الله, لقد بينت بعض أغراض قطع ثمود للصخور وبقي ما سأذكره, والقرآن يذكر أن ثمود اتخذوا من السهول قصوراً, ولكنها لم تخلد خلود هذه البيوت المنحوته. ![]() بيت طور الإعداد في موضع بيت ثمودي صورة رقم (29) ![]() بيت ثمودي حديث مسكون. صورة رقم (30) تحصين المواقع يظهر هذا التحصين حول المزارع, مما يؤكد أن هذه المزارع باقية من عهد ثمود وهي مزارع مطرية, تزرع فيها الحبوب بماء المطر المتحدر عليها من الجبال المحيطة بها, والملاحظ أن كل منحدر يمكن الهبوط منه إلى المزارع, عمد الثموديون إلى قطعه, حتى صار كالجدار لا يمكن تسلقه, ومن حاول الانحدار منه لقي حتفه, ثم هم لا يبقون غير طريق واحدة تكون معروفة لديهم, ولا تزال هذه المواضع على هذه الحال إلى وقتنا الحاضر, ومن هذه الصخور المقطوعة ما يكون بارتفاع عشرات الأمتار, وهذا تلاحظه أنّى وجدت المزارع داخل جبل القهر, وقد يحسبه الزائر أول وهلة من فعل العوامل الجوية, أو أنها طبيعة تضاريس ذلك الجبل وإذا كان ذا بصر سيعرف أنها لا هذا ولا ذاك, وأنها هندسة ثمود الفائقة, ولا يمكن للعوامل الجوية أن تعمد إلى كل موقع فيه مزارع فتوعر كل ما حوله ثم لا تبقي غير طريق واحدة, هكذا في كل مرة, أقول هذا لمن يحب الجدل لذات الجدل, وإلاّ فإن آثار القطع والنحت بادية للعيان. ![]() الصخر في الأسفل مقطوع للتحصين صورة رقم (31) ![]() صخر مقطوع للتحصين صورة رقم (32) ![]() هذه الصخرة كانت في القمة قبل القطع. صورة رقم (33) يتبع
|
#6
|
|||
|
|||
![]() عقود الغلال هذه العقود هي ما بهرني في هذه الحضارة, فهي الشيء الأهم الذي يدل على أن ثمود كان لهم علم ما, ولعل الأيام تكشف لنا عن علم محير في هذه العقود, ليست هي أكثر من نحت لصفحات الجبال على شكل عقود, مفتوحة على الوادي, والجبل من خلفها, وأمام كل عقد من هذه العقود صخرة بعيدة بعض الشيء عن قاعدته وعلى قاعدة العقد فرشت أعواد يوضع عليها الذرة أو الدخن عند حصاده مباشرة والقصب يحمل السنابل, ويترك إلى أن يجف الحب تماماً, ثم يستخرج الحب بالطرق المعروفة ويوضع في الأكياس, إلى هنا يبدوا الأمر طبيعياً, لا والله ليس طبيعياً فأمطار جبال الغور تأتي فجأة ودون انتظام, وقد تكون خفيفة ولكن الحبوب تتضرر بالمطر, لذلك نحتت ثمود تلك العقود المعجزة. إن تلك العقود التي ترى مكشوفة لا يصيب المطر من جلس تحتها من أي جهة جاء ولو كان مصحوباً بريح عاصف, ونصفها مكشوف تماماً, ونصفها يحميه الجبل, فهو له كالجدار, والغريب أن الصخرة الموضوعة أمام العقد ترى في العراء والذي يجلس عليها لا يصيبه المطر, فإذا كان الريح عاصفاً بالغ الشدة قد يشعر الجالس فوق الصخرة برذاذ خفيف, على أي حساب عملت تلك العقود؟, هل عرفوا بأي زاوية تنحرف الرياح إذا اصطدمت بالجبل؟, فحفروا في موضع بعينه وبمقدار معين فصار الجزء المنجور في المنطقة الصفر التي لا تمر بها الريح في انحرافها من أي ناحية كان عصفها وهبوبها, وحفر هذه العقود غير غائر ولا عميق, فحافته كحافة العقد في الجدار, والموضع في العين مكشوف, والذي أثار دهشتي أن باطن العقد الضخم الذي في الواديين ليس صخرة واحدة وهو متماسك كالصخرة, فهل كانت ثمود ترش الصخور التي تقطعها بمادة تمنع تهيل تربتها, فيصير التراب والحصى والصخور متماسكة كصخرة واحدة, ليت شركات الطرق تتعلم منها فتمنع تهيل الجبال, وفي الواديين عقد آخر على يمين العقد الكبير يعلوه كثيراً وهو كذلك يمنع وصول المطر إلى قاعدته, وفي قمته الآن ثلمة, وقد سألت عنه فقيل إن الذي يجلس الآن تحته أثناء المطر إذا كان فيه ريح عاصف فإنه يصيبه رذاذ يسير ولم يكن كذلك إلى عهد قريب, فنبهتهم إلى الثلمة, فقالوا: صدقت لم تكن فيه. ![]() عقد الغلال المثلوم "الواديين". صورة رقم (34) ![]() أكبر عقد غلال, إنه عمل عظيم "الواديين". صورة رقم (35) ![]() عقدا غلال في بقعة بن فيصل. صورة رقم (36) النحت للزينة والجمال في الطريق إلى الشامية وفي تفرع الوادي, توجد ثلاثة جبال منخفضة متشابهة, شكلاً وصخوراً, لذلك عمد أصحاب تلك الحضارة إلى أوسطها فنحتوه في أشكال تُطيف به في معظم محيطه, كل نحت منها كالحزام, وهم إن لم يكن نـحـتهم له كمعلم يعرف به المتجه إلى الشامية والصادر عنها طريقه, فإنهم نحتوه للجمال ليس إلا, كما نفعل في حضارتنا الحالية من مجسمات وخلافه, ونحت هذا الجبل عمل عظيم وجهد كبير ولا أظنه مجرد عبث, وسوف يشاهد القـارئ فـي الـصـورة الـمـنـشـورة له حجراً في صفحة الجزء المنحوت, ليس من جنس تربته, كأنما طعم به, كتطعيم الحلوى بفاكهة الكرز, لا يمكن الوصول إليه بالتسلق, و أتمنى أن لا يستخدم أحد وسيلة ما للوصول إليه فيعبث به, والنحت في هذا الجبل كأنما تم البارحة, لا أثر فيه للمطر ولا للرياح ولا تهيلت تربته, أليس ذلك محيراً ![]() جانب من الجبل المنحوت جمالياً (في الطريق إلى الشامية). صورة رقم (37) ![]() هل طُعِّم الجبل بهذا الحجر أم هو متخلف عن النحت؟ (في الطريق إلى الشامية). صورة رقم (38) يتبع
|
#7
|
|||
|
|||
![]() جنات وعيون ثمود قــال تـعـالى مـخـاطـبـاً ثـمود على لسان نبي الله صالح عليه السلام في سورة الشـعراء: ((أَتُتْرَكُونَ فِي مَا هَاهُنَا آمِنِينَ {146} فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ {147} وَزُرُوعٍ وَنَخْلٍ طَلْعُهَا هَضِيمٌ )), لقد ذكرت سابقاً أن مزارع القهر تسقى بماء المطر, وتزرع فيها الذرة والدخن, وهي خصبة غزيرة الإنتاج, ولم أشاهد أي مزارع في مدرجات في القهر شأن المناطق الجبلية الأخرى, وإذا ذكـر الـزرع أو الـزروع فـالمراد الحبوب " البر والشعير والذرة والدخن وغير ذلك ", وليس في جبل القهر نخل ولكن فيه الشٌَطب بضم الشين وفتحها, وهو من فصيلة النخل وثمره كالبسر, وهذا دليل على صلاحية جبل القهر لزراعة النخيل, وما دامت زراعته ممكنة وبيئة القـهـر له مناسبة فنفي أنه كان مزروعاً في زمن ما من الأزمان الغابرة ضرب من اللجج, أما العيون فلا عيون في مزارعهم في الوقت الحاضر الذي شحت فيه الأمطار, ولكن في السفح الغربي للجبل في وادي يَخْرَف, بفتح الياء وسكون الخاء المعجمة وفتح الراء ثم فاء موحدة, وربما في أودية لم أزرها يسيل الغيل بغزارة ودون انقطاع, وليس بمستبعد أن يوجد الغيل أو العيون داخل الجبل إذا توفرت الأمطار, وما دمت مقتنعاً من واقع الشواهد التي لا تحصى أن ثمود كانوا بجبل القهر, فأنا مقتنع أنه كان في القهر جنات وعيون, وهذا الاقتناع واجب عليّ شرعاً, ولقد وجدت ما زادني طمأنينة. ![]() مــزارع الـــواديين. صورة رقم (39) ![]() مزارع جبل القهر في الأودية. صورة رقم (40) عنب في صراع للبقاء وموز تنعم به القرود لم أسمع عن فاكهة في جزيرة العرب لا تزال تنمو في البراري مع أشجار العضاه دون تدخل الإنسان, حتى وجدت ذلك في جبل القهر, ولا أدري إن كان غيري سمع عن أشجار فاكهة في بريّة, تسقى بماء السماء وتنعم بها القرود, ليست هذه الفاكهة في موضع واحد في جبل القهر, بل في موضعين متباعدين, الموضع الأول في وادي أتران حيث توجد غابة صغيرة من الموز, والموضع الثاني في بقعة بن فيصل, حيث توجد في شعبين متباعدين شجرتا عنب معمرتان قد غطتا على ما حولهما من الأشجار, حتى أن الرائي ليحسبهما غابتين صغيرتين من العنب, ولو سألت أسن من في القرية لقال لك عن أبيه عن جده عن جد أبيه عن جد جده أنه لا يعرف الزمن الذي لم تكونا فيه, وأنه ما عرف نفسه إلاّ وهما كذلك, ووعورة موقعهما وعدم وجود ما يدل أنه كان في زمن من الأزمان مزرعة, بل وعدم صلاحيته لذلك, أكبر دليل على أنهما من شجر القفر, أتمنى إذا كان لدى وزارة الزراعة وسيلة يقدر بها عمر أشجار العنب أن يعرف عمرهما, كما يوجد شجر موز في شعبين لا يستطيع الوصول إليه إلاّ شخص أو شخصين من أبناء القرية وبمشقة بالغة, وإذا قلنا قد تكون الطيور جلبت بذور العنب من مكان بعيد, فـمن جلب الموز؟, وليس للموز بذور وإذا كان وجود الموز غريباً فوجود العنب لا يخلو من غرابة, فهذا النوع نادر ولا أظنه موجوداً في أي موقع آخر من جزيرة العرب, كما أن العنب لا يزرع في تهامة لا في سهلها ولا في جبالها, لأنه لا يجود فيها لحاجته إلى الجو البارد, فأكثر مزارع العنب في السراة من صنعاء إلى الطائف, أما هذا العنب فينمو دون عناية, في جو أدفأ من السراة وبدون سقيا إلاّ ما تجود به السماء على فترات, وبرغم ذلك ينمو ويثمر وتستمتع به القرود, كل ذلك على ماء المطر والأكثر غرابة أنه ينبت في موسم إنباته في مزارعهم المخصصة للحبوب فيخلعونه وقد ينجح بعضه فلا يرونه إلاّ وقــد تــسـلـق على أقرب شجرة, فيعمدون إلى قطعه بالـفــؤوس, إنـه فـي صــــراع للــبـقـاء وهــذا يــدل عــلـى أنـه ابن البـيئة, أو أن الـبـيـئـة مـنـاســــبة له غاية المناسبة ولو أن الهيئة الملكية لتطوير فيفا, أو وزارة الزراعة, أو أي جهة حكومية تأخذ من بذره أو عُـقـَلاً من سوقه, وتزرعه في مشتل في بيئته, أو في بيئة مماثلة, ثم تقنع به الزرّاع في جبال الغور, فإنه لا شك سيتكاثر وسوف تصبح تهامة مصدرة للعنب لأول مرة, كيف لا ينمو ويجود وهو الآن ينمو بشكل جيد, دون عناية أو ريّ ويبقى السؤال: هل هذا العنب وهذا الموز منذ كانت جزيرة العرب عيون وانهار وجنات, أم هو من بقايا ثمود, فالمؤكد أنه لم تزرعه يد إنسان, لا أحد من السخف بحيث يزرع الموز في شعاب غائرة لا يصل إليها إنسان والزارع يحتاج أن يغادي زرعه ويماسيه, ويقال إن هذا العنب حلو, ولكني جئته وهو لا يزال حصرماً ولم يكن أحد من أهل الجبل يقرب ذلك العنب أو الموز, بل تستمتع به القرود, ويقال إن البعض ممن اتصل بالمدن, بدا يتجشم مشقة الوصول إليه, ويأتي بالقطف والقطفين, لقد حفظته وعورة شعابه, ولعل الله جلّ جلاله أبقاه لأمر. ![]() عـنـب لا يـزال بـريــاً. صورة رقم (41) ![]() هذا العنب نادر لا يوجد منه في جزيرة العرب. صورة رقم (42) يتبغ
|
![]() |
|
|