(..على ما فعلتم نادمين)
مقال د. سعود المصيبيح
*
قال تعالى: (يأيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا أن تصيبوا قوماً بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين) سورة الحجرات آية "6".
هذه آية قرآنية عميقة المعنى، صادقة الدلالة، تضع الأسس لمنهج إسلامي قويم في التعامل الإنساني؛ إذ يحذِّر الله سبحانه وتعالى الذين آمنوا من الفساق الذين ينقلون الأخبار، ويسيئون للناس، ويظهرون بمظهر الناصح المتمسكن الطيب؛ فيضع الخبر أو المقولة أو الكلام الذي ينقله في إطار الناصح المحب، ولكن في داخله سوء نية، وخبث طوية، ورغبة في الإساءة، وتكون المعلومة كذباً وزوراً وبهتاناً، أو في جوانبها بعض الصحة، ولكن صياغتها تأتي في إطار إبراز العيوب والأخطاء والمثالب على حساب الإيجابيات. ومن المؤسف أن بعض هؤلاء ينخدع بهم الطيبون، أو الذين لا يلتزمون بالتوجيه الإلهي؛ فيتخذ موقفاً معيناً، ويصيب القوم أو الشخص المنقول فيهم الكلام بجهالة وظلم وإساءة، ثم بعد فترة من الزمن يتبيَّن لهم الأمر، ويتضح لهم أنهم تسرعوا، وأن الحقيقة غير ما نُقلت لهم؛ فيصبحون على ما فعلوا نادمين، ولكن بعد فوات الأوان..
وتنتشر الشائعات والإساءات في المواقع التي تقل فيها فرص الحوار والنقاش والمواجهة، ويتهرب فيها البعض من أسلوب الجلوس على طاولة تبادل الرأي؛ لأن الأطراف المخادعة ستنكشف، وتتضح الحقيقة، كما أن الوضوح سيصفي القلوب، ويعم السلام والصفاء محل الخديعة والنميمة ونقل الكلام والأقاويل، ومن صالح أي فرد أن يسارع في تصفية الأنفس، وهي طبيعة تعاليم الإسلام الخالدة؛ للتغلب على صراعات البشر وأهوائهم ونوازعهم الذاتية، التي لا تخلو منها أي بيئة، سواء كانت بيئة أسرة أو قرابة أو مجتمع أو جيرة أو بيئة عمل..
وهنا أدعو نفسي ومن يقرأ هذا المقال إلى التثبت من أي معلومة، وعدم افتراض الناس على أنهم ملائكة؛ فالكل به عيوب، ولا يوجد كامل إلا الله؛ لذا فالحذر والتبيُّن والتأكد من الأنباء قبل أخذ أقوال الفساق والاعتماد عليها، واتخاذ مواقف حيال هؤلاء الأشخاص، ويكون الواقع خلاف ذلك. **
*
* * *