@"الرياض": متى سيبدأ الديوان تنفيذ الآليات المعلنة في النظام، وما الخطوات التي ستعملون - بعون الله - على إيجادها لذلك؟
- د. العيسى: النظام سيكون نافذاً بتاريخ نشره في الجريدة الرسمية، لكن نصت آلية العمل التنفيذية على أن تستمر لجنة الشؤون الإدارية لأعضاء ديوان المظالم في مباشرة عملها الحالي، إلى حين تشكيل مجلس القضاء الإداري إلا أنه عهد إليها باقتراح أعضاء المحكمة الإدارية العليا، كما نصت على استمرار رئيس لجنة الشؤون الإدارية في مباشرة اختصاصاته إلى حين تشكيل مجلس القضاء الإداري.
وقد بادر الديوان بتشكيل لجنة عليا؛ لتفعيل ما يخصه في الآلية التنفيذية، تعنى بالحرص على سرعة تنفيذ ما عُهد به للديوان، وإعداد ما يلزم من الاستعداد للنظام الجديد.
@"الرياض": لكن هذا سيتطلب إحداث وظائف قضائية عليا بالديوان، فهل نصت الآلية على تعميد وزارة المالية بإحداث هذه الوظائف في مشروع الميزانية القادم؟
- د. العيسى: نصت الآلية على أن تسمية القضاة الأربعة في مجلس القضاء الإداري ورئيس المحكمة الإدارية العليا وأعضائها بمثابة إحداث وظائف لهم، وفقاً للدرجات المطلوب شغلها، بموجب نظام الديوان، وإدراجها تبعاً لذلك في ميزانيته.
@"الرياض": هناك من يعتقد بتداخل بعض الاختصاصات سابقاً فيما بين الديوان ووزارة العدل والمجلس الأعلى للقضاء، فهل النظام الجديد سيساهم في الحد من ذلك؟
- د. العيسى: ليس هناك تداخل، لكن قد يحصل أحياناً تنازع أو تدافع اختصاص، فيما يتعلق بالقضاء التجاري على وجه الخصوص، وقد شكل له لجنة في مجلس القضاء الأعلى الحالي من بين أعضائها قاض من الديوان، أما وقد انتقلت ولاية القضاء التجاري والجزائي من الديوان إلى وزارة العدل فلا نتوقع وجود إمكانية لتداخل الاختصاصات، اللهم إلا في التمثيل الخارجي للمملكة، وهذا جرى فيه تنسيق معين، أثناء لقاء قريب لمعالي رئيس الديون بمعالي وزير العدل.
@ "الرياض": ما أهم المميزات في هذا النظام الجديد، وما ذا تعنى الأنظمة الجديدة فيما يتعلق بالديوان؟
- د. العيسى: أهم المميزات في هذا النظام هو إضافة درجة تقاض ثالثة، وإمكانية استئناف المرافعة في القضية مجدداً، بعد الحكم الابتدائي، ومن المميزات إضفاء مزيد من التخصص النوعي لدى محاكم وزارة العدل، والتي كانت بحاجة ماسة إلى هذه الخطوة خاصة مع اطراد وتزايد القضايا وتشعبها.
أما الشق الثاني من السؤال فإن الديوان كسب من خلال نظامه كسباً كبيراً حيث أصبح تحت مظلة محاكم على ما سبق إيضاحه.
@ "الرياض": هناك مظالم يعاني منها بعض العسكريين، فهل هناك نظام أو دائرة حقوقية لديكم تخولهم الحضور إلى الديوان لتقديم المظلمة، ولماذا لم يتضمن النظام إيجاد محاكم عسكرية؟.
- د. العيسى: نعم ينظر الديوان هذه التظلمات عن طريق الدوائر الإدارية في نطاق اختصاص الديوان، مثل غيرها من القضايا الإدارية.
أما المحاكم العسكرية للمدنيين؛ فإن المملكة وهي في منظومة الدول المتحضرة لا يمكن أن تلجأ لهذا القضاء، إذ من حق أي متظلم أن يطلب القضاء الطبيعي، أما القضاء العسكري فهو قضاء استثنائي، وقضاته عسكريون، ويعيبهم أنهم يخضعون حسب التقاليد العسكرية لأوامر وتعليمات رؤوسائهم، وليس لهم في هذا ضمانات ولا استقلال كما هو الحال في القضاء الطبيعي، أما اللجان شبه القضائية فقد دخلت جميعها في اختصاص الديوان الولائي، وهي في السابق وما يمكن أن يستثنى منها لاحقاً لاعتبارات تخصصية، تعتبر جزءاً من طبيعة القضاء العادي، ومعمول بها في عدد من الدول.
@ "الرياض": المحكمة الالكترونية هل تسعون في الديوان لتطبيقها في معاملاتكم؟
- د. العيسى: الديوان يسعى حالياً؛ لإنهاء الإجراءات الأخيرة لإعلان ميلاد المحكمة الالكترونية والتي نتوقع أن ترى النور - إن شاء الله - في بحر العام القادم، وستشكل نقلة نوعية وحضارية لقضاء الديوان يتوقع أن تكون غير مسبوقة في الشرق الأوسط حسب الاستطلاع الذي توصل إليه الديوان مؤخراً، ولدى الديوان أعضاء حصلوا على مؤهلات عليا عن أطروحات في المعاملات الالكترونية، وواصل كثير من قضاة الديوان تدريبهم في هذا المجال خارج المملكة، بل منهم من قدم أوراق عمل في هذا الخصوص؟.
@ "الرياض": مايتعلق بنشر الأحكام لديكم، هناك من يطالب الديوان بذلك، فماذا تم بشأنه؟
- د. العيسى: قام الديوان بتشكيل لجنة لجمع وتصنيف أحكامه، واستخلاص مبادئها، وسترى باكورتها الأولى النور - إن شاء الله - نهاية هذا العام، وستكون منصبة على أحكام القضاء الإداري لعام 1427ه، وقد مثلت - بحمد الله - حصيلة كبيرة من الثروة القضائية خاصة المبادئ الإدارية، وستتلوها البقية بمشيئة الله تعالى، وقد استعان الديوان في هذا بخبرة مجلس الدولة المصري، فاستضاف - لهذا الغرض - قبل بضعة أشهر نائبي مجلس الدولة المصري، الدكتور: محمد ماهر أبو العينين، والدكتور: محمد كمال منير، وهما من قامات القضاء الإداري في الوطن العربي، ولهما العديد من المؤلفات والدراسات.
@ "الرياض": كم بلغت الدعاوى التظلمية المقدمة للديوان، وكم المبالغ المراد استردادها لأصحابها نأمل تسليط الضوء على هذه الجوانب.
- د. العيسى: الدعاوى كثيرة، والإحصائية ليست بين يديَّ الآن، أما بالنسبة للشق الثاني من السؤال فلعلكم تقصدون المبالغ المطالب بها، وهذه لا يضع الديون لها في العادة إحصائية، لكنها في الجملة تمثل مبالغ كبيرة، تدخل في حيز المليارات من الريالات.
@ "الرياض": هل لدى الديوان نظام يخول الشخص تقديم مظلمته وهو في القطاع الخاص، وهل لديكم إجراءات جديدة فيما يتعلق بالمؤسسات الإعلامية ونحوها؟
- د. العيسى: الدّيوان لا يختصُ في الأصل إلا بالمنازعات الإدارية، وشمل اختصاصه وفق نظامه الحالي - وليس الجديد - الدعاوى الجزائية الموجهة ضد المُتهمين بارتِكاب جرائم التزوير، المنصوص عليها نِظاماً، والجرائم المنصوص عليها في نِظام مُباشرة الأموال العامة، وكذلك الدعاوى الجزائية الموجهة ضِد المُتهمين بارتِكاب الجرائم والمُخالفات، المنصوص عليها في النظام، متى ما صدر أمر من رئيس مجلِس الوزراء للديوان بنظرِها.
وأضيف للديوان بعد نظامه الحالي الصادر عام 1402ه عدد من الاختصاصات من أبرزها المنازعات التجارية.
أما بخصوص الشق الثاني من السؤال فإن الديوان لا ينظر فيما يتعلق بالمؤسسات الإعلامية، إلا ما يصدر عن لجنة النظر في مخالفات نظام المطبوعات والنشر بوزارة الثقافة والإعلام من قرارات مطعون فيها، لكن وفق نظامه الجديد سوف ينظر في التظلمات المتعلقة بقرارات هيئة الصحفيين المتصلة بنشاطها؛لدخولها في المادة (13/ب) من النظام، المتعلقة بنظر الديوان في القرارات التي تصدرها جمعيات النفع العام التي أشرت إليها سابقاً.
ولا يخفاك أن الديوان ينظر في كافة ما يصدر من قرارات مطعون فيها من وزارة الثقافة والإعلام باعتبارها قرارات إدارية، أما النص على نظره لقرارات لجنة المخالفات المشار إليها فهو نص كاشف، ومعنى كونه كاشفاً أن نظام المطبوعات والنشر لو لم ينص على ذلك لنظرها الديوان باعتبارها قرارات إدارية .
@ "الرياض": أكد النظام الجديد للديوان على مانص عليه نظامه الحالي من عدم نظر الديوان للقضايا المتعلقة بأعمال السيادة فما المقصود بها، ولماذا لا تنظر؟
- د. العيسى: نعم الديوان لا ينظر في الدعاوى المتعلقة بأعمال السيادة، ولا النظر في الاعتراضات على ما تصدره المحاكم - غير الخاضعة لنظامه - من أحكام تدخل في اختصاصها الولائي.
والمقصود بأعمال السيادة هي التي تصدر بقرارات سيادية من قبل القيادة، وهذا لا تأثير له على رقابة القضاء الإداري للمشروعية، ومن خلال استعراض أعمال السلطة التنفيذية يتبين أنها تصدر عن وظيفتين مختلفتين الأولى: وظيفة الحكم، وهي وظيفة ذات طابع سياسي، ولذلك لا تخضع الأعمال الناتجة عنها لرقابة القضاء، لأنها إذا خضعت له كان مدعاة لشل سلطة الحكومة، أما الوظيفة الأخرى فهي الإدارية، ولا ضير من خضوع الأعمال المتعلقة بهذه الوظيفة لرقابة القضاء.
ولا يخفى أن أعمال السيادة تستند إلى اعتبارات عليا، لايناسب أن تلوكها المخاصمات القضائية، وقد تتصل باعتبارات خفية ليس من المصلحة مناقشتها بواسطة المحاكم، وهذا مستقر عليه في القوانين القضائية النظيرة، كما في مجلس الدولة المصري والفرنسي وغيرها، وليس المملكة وحدها.
@ "الرياض": كلمة ترغبون الإشارة إليها في هذا الحوار فيما يتعلق بالخطوات التطويرية للديوان من فروع وأنظمة جديدة وغير ذلك.
- د. العيسى: الديوان كما أسلفت على موعد قريب - إن شاء الله - مع انطلاقة المحكمة الالكترونية، وبدأ في تفريغ عدد من القضاة لإكمال دراستهم العليا خاصة درجة الدكتوراه، ويسعى لإيجاد برنامج مناسب من أجل إيفاد قضاته على دفعات وحسب الرغبة لتعلم اللغة الإنجليزية، كما يعتزم قريباً إصدار مجلة علمية محكمة تختص ببحوث ودراسات القضاء الإداري، وكذلك إنشاء نادٍ للقضاة ليكون ملتقى علمياً واجتماعياً لقضاته، تقام فيه الفعاليات القضائية ومن ذلك الندوات والمحاضرات، وسيكون المعني بنشر وتوزيع المواد العلمية الصادرة عن الديوان.
والديوان يعتزم حالياً فتح فرع منطقة القصيم ومنطقة حائل، وسيكون فيهما قدر الإمكان محكمتا استئناف إداريتان، حيث لا يعيقنا في الديوان سوى وجود العدد الكافي من القضاة لشغلهما.
@ "الرياض": هل تتوقع أن يتأخر التطبيق الفعلي للنظامين اللذين يمثلان النظام العدلي للمملكة؟
- د. العيسى: ليس بعد الدعم الكبير من لدن خادم الحرمين الشريفين - يحفظه الله - لقطاع القضاء والذي بلغ سبعة آلاف مليون ريال أي عذر للقيادات القضائية في تأجيل تنفيذ النظامين.
وبهذه المناسبة أحبُّ أن أؤكد بأن نظامنا العدلي - بحمد الله - في أيد أمينة مخلصة ومؤهلة، وأن قضاء المملكة قادمٌ بقوة نحو تحديث آلته والتعاطي الإيجابي معها من خلال تدريب رجال القضاء وإعدادهم الإعداد الأمثل.
وأن المرحلة القادمة هي مرحلة البقاء للأصلح، وهي العقول المؤهَّلة التي يمثل استقطابها الاستثمار الحقيقي، ولا شك أن تحديث النظام القضائي أملته طبيعة المرحلة المتمثل في التفاعل الإيجابي والخلاق لحكومة المملكة مع منظومتها الدولية، والحرص على استمرار تحقيق مشهد الدولة المتحضرة والذي يتطور باستمرار.
ولايخفى أن أي دولة إنما تكون أطرها في عِقءد قواعد نظامية تنظم هيئاتها وأفرادها، وتحكم علاقاتهم بعضهم مع بعض، وتحدد نشاط هذه الهيئات والأفراد، وليس معنى هذا ضرورة بقاء القاعدة النظامية دوماً دون تغيير، بل إنها تتغير تبعاً للظروف السياسية والاقتصادية والاجتماعية.
000000000000000000000000000000
https://www.alriyadh.com/2007/10/11/article286027.html