من اروع الحكم

سيل الشعيب · 2010-12-11, 01:13 PM

[glow="33FF33"]

بسم الله الرحمن الرحيم

[/glow]

لم أرَ بركة وجمالاً في الأقوال مع اختصارها كما رأيت في أقوال سلفنا الصالح رحمهم الله تعالى، ويسعدني أن أطلعكم على أحدها مع الوقوف معها، سائلاً الله أن ينفع بها.

قال أبو جعفر لسُفْيان: ( عِظْني، قال: وما عَمِلتَفيما عَلِمْتَ فأعِظَك فيما جهلتَ )

مشاركتنا في هذه المقولة في النقاط التالية :

- هذا حال السلف فمع اجتهادهم وإخلاصهم يسعون لمن ينصحهم ويرشدهم ليزدادوا قرباً لله، والدافع في ذلك لأنهم يشاهدون القدوات الصالحة التي تَوجه الناس، ويُوجه الناس لهم وبالإقتداء بهم، واليوم ممن نطلب النصائح ؟ وفي ماذا نطلبها؟ ومن هم القدوة في زماننا ؟ أليس ممن تتسابق عليهم وسائل الإعلام وتتناقل أخبارهم من مطربين ولاعبي الكرة والممثلين؟ ومن المؤسف في زماننا أن يتطاول الأوغاد على العلماء ويُمكن لهم في الصحافة ووسائل الإعلام.

- إجابة سفيان رحمه الله موفقة، لأن البعض يطلب المزيد من العلوم دون العمل بها، حالهم حال أقراص التخزين (CD) تزداد المعلومات فيها دون أن يزداد وزنها، وقليل علم مع العمل به خيراً من كثير علم بلا عمل، ولذا نجد سلفنا كان لا يتجاوز أحدهم العشر من الآيات حتى يعلمها ويعمل بها، ومن زاد في طلب العلم دون العمل به زاد من حجج الله عليه.

- من العجيب في أمورنا، أننا نسمع بالدورات التطويرية أو المحاضرات واللقاءات، فنسعى جهدنا لحضورها، ولو سُئل أحدنا عما حضره من قبل وما طبقه منها؟ لوقف وتهرب، القضية ليس الإكثار بقدر الممارسة الجادة وتطبيق ما نعلمه.

وكأن البعض لا يتفق معي، فدونه هذا البيان والتوضيح :

نحن نعلم حرمة الكذب والغيبة والنميمة، وتجد الكثير لا يحسن النطق والكتابة إلا بها، فما النفع أن يتعلم المزيد، وهو في أوجب الواجبات كذاب بليد.

نحن نعلم مكانة الأمانة وعظم أمرها، ونجد الكثير يحسن القيام بها في أقواله دون أفعاله، فما الفائدة أن يتعلم المزيد إن كان سيستغله في الغش والخداع وبنطاق أوسع.

نسعى جهدنا لأخذ دورات ( مثلاً، فنون التعامل مع الناس )، بالمقابل أين سعينا لحسن التعامل مع والدينا ؟ فنسمع حسن القول عن مكانة الوالدين والبر بهما، لكن أين تلك الأقوال عما نسمعه من العقوق والنكران؟، والكثير لو سُئل والديه -وأهله - عنه لفُضح أمره.

ومن المفارقات أن تجد أحدهم يرغم نفسه للاعتذار ولو الحق له، وتجده يرفض الصفح ولو اُعتذر له، فالأولى لمن يطلب رضاهم لمصلحة دنيا، والحالة الثانية عندما يقطع قرابته، فأي هدفاً يرجوه هؤلاء في زيادة علمهم؟ ولم يطبقوا ما أُمروا به ( فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ () أُولَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ) وأي رشاد وهدى بعد الصمم والعمى ؟

ومن الغرائب أن تعلم المسلمة حرمة التبرح والسفور، ومع هذا تسعى لترقب الأزياء والإنصات لنداءات الغرب، ولا يقف أمام ما تطلبه رادع من الشرع أو عرف من المجتمع، وسؤالنا ما الفائدة في زيادة طلبهن للعلم وهن أخذن العدة لاستعماله في الإغواء والإفساد.

ومن العجيب أيضاً أننا ننكر على إعلامنا إقصاء أهل الخير والفضل، ونجد الكثير يعمل عملهم – عن بينة وترقب – فخذ مثلاً نرى المواضيع الجادة في المنتديات لا يُتفاعل معها، لأن البعض يتعامل بالمعادلة التالية ( شاركني وامدحني + أشاركك وأمدحك = نجاح مواضيعنا ) وللعلم هذا لا يُصرح به ولكن تشاهده لأثر التفاعل الكيميائي المقيت لروائح عفنة من المديح – في المعادلة السابقة -، وزيادة طلب علِمهم لزيادة معارفهم.

مُلخص القول في ( وما عَمِلتَفيما عَلِمْتَ فأعِظَك فيما جهلتَ )، الجهل بالشيء ليس يُلحق بما لا نعلمه فقط بل فيما نعلمه ولم نعمل به.

وحتى نعلم صدق ما نقوله ونفعله نعرضه على كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، ليتساقط أمامهما كثيراً ممن يدعي الإخلاص والإصلاح، فأي صلاح للمرء في نفسه ومجتمعه وهو يعرض عن كتاب ربه وسنة رسوله عليه السلام ( قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله ) ولا تغني تزكية النفوس عن حقائق الأمور وبواطنها ( قل هل أنبئكم بالأخسرين أعمالا الذين ضل سعيهم في الحياة الدنيا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا )

لفتة : من تغافل عما أمره الله به، لن يجد حرجاً في الالتواء والخداع متى ما وجد فرصة سانحة له.
منقول