أحبك الله الذي أحببتني من أجله
الحمدالله الإنسان الصالح تغمره سعادة كبيرة و راحة عظيمة بعكس الإنسان الذي يرتكب المعاصي فتجده غافلا لاهيا يلهث وراء الملذات و الشهوات و لا يجد لذة و طعم للحياة فالمسكين يبحث عن طعم للحياة في غير طريقه الحمدالله اللذة و طعم الحياة في طاعة ملك الملوك و علام الغيوب إقروا إن شئتم هذه الآيات
قال الله تعالى :{من يعمل من الصالحات من ذَكَرٍ أو أنثى و هو مؤمنٌ فلنحيينَّه حياةً طيبة }
هذه الآية الكريمة دليل على أنه يُشْتَرطُ لقبول الأعمال الصالحة عند الله الإيمان ،
فلا يَقْبَلُ الله عمل كافر حتى و لو كان ذلك العمل لمصلحة المسلمين ، فقد جاء رجلٌ مشرك
إلى الرسول صلى الله عليه و سلم فقال: يا رسول الله أقاتل أو أُسلم ؟ قال : أسلم ثم قاتل ،
وذلك لأنه لو قاتل قبل أن يُسلم لم ينفعه شيئًا مخاطرته بنفسه ، الجهاد الذي فيه
أعظم مخاطرة بالنفس لم يكن له فيه ثواب لو لم يقدم إسلامه ، فلذلك كلُّ الأعمال
لا تُقْبل إلا بعد معرفة الله و رسوله ، بعد الإيمان بالله و رسوله ، لأن الإيمان
بالله و رسوله اعظم عند الله من كل عمل يعمله الإنسان ، مهما أكثر من الحسنات
مع الناس إن لم يعتقد الإيمان ليس له ثواب و لو أحسن إلى أهله و أقاربه
ووصل رحمَه ووزّع العطايا و عمل الخير مع الغرباء أيضًا و صار له ذكر كبير
عند الناس بالكرم و العطاء الزائد و قضاء حاجة الناس ، فإن كل ذلك لا ينفعه إذا
لم يكن يؤمن بالله و رسول و اليوم الآخر .
فمعرفة الله و معرفة رسوله هي أساس الدين ، لأن من عرف الله و رسوله
ومات على ذلك متجنبًا الكفر لا بد أن يدخل الجنة إما بعد عذاب على ذنوبه
و إما من دون أن يعذب .
معرفة الله عبارة عن اعتقاد أن الله موجود لا يشبه الموجودات ،
لا يُشَبّه بشىء لا بالإنسان و لا بالملائكة و لا بالنور و لا بغير ذلك لأنه خالق كل شىء ،
و يعتقد أنه ليس له مكان لأنه موجود بلا مكان ، و كذلك لا يعتقد التطور و التغير لله تعالى ،
هو يغير العالم من حال إلى حال بعلمه و مشيئته و قدرته ، و أنّه تعالى
أزلي أبدي موصوف بكل صفات الكمال التي تليق به منزه عن كل صفات
النقصان ، قال الله تعالى : { ولله المثل الأعلى } ، أي الوصف الذي لا
يشبه وصف غيره .
و أما معرفة رسول الله صلى الله عليه و سلم فهو أن يعتقد الإنسان أن سيدنا
محمداً صلى الله عليه و سلم أرسله الله تعالى ليُبَشّرَ من آمن به بالجنة في
الآخرة و يُنْذر من كذّبه بعذاب الآخرة ، و أنه صادق أمين يجب اتباعه بما
أمر ، فقد وصفه الله تبارك و تعالى بقوله :
{ و ما ينطق عن الهوى إن هو إلاّ وحي يوحى }