ينزل المطر عندما يكتمل تكوين القطع من السحب المتجاورات بعضها بجوار بعض ، وبعضها فوق بعض عند ذلك ينزل المطر والوصف القرآن هو الآتي: ﴿ اللَّهُ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّيَاحَ فَتُثِيرُ سَحَاباً فَيَبْسُطُهُ فِي السَّمَاء كَيْفَ يَشَاءُ ﴾[الروم:48 ] أي قطعاً متجاورة وقطع بعضها فوق بعض﴿ وَيَجْعَلُهُ كِسَفاً فَتَرَى الْوَدْقَ يَخْرُجُ مِنْ خِلَالِهِ فَإِذَا أَصَابَ بِهِ مَن يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ إِذَا هُمْ يَسْتَبْشِرُونَ ﴾[الروم:48 ] ترى الودق أي قطرات المطر تخرج من خلال هذا السقف .
إذن لا ينزل المطر إلا بعد تكون القطع المتراكبة حتى تكون البيئة من حول هذا السحاب مشبعة بالماء تسمح بتكوين القطر في الثقيلة فينزل المطر .
وهذا النوع من المطر لا يصاحبه رعد ولا برق ، ولا صاعقة ولا برد ، ولا شيء من الأَشياء المؤذِية ، وإنما ينهمر باستمرار ، ولذلك عندما ينزل هذا المطر على منطقة فإن النَّاس يفرحون به ويشعرون أنَّ الله ساق لهم أمطاراً لم تزعجهم ولم تخفهم ، فيفرحون بما نزل عليهم من ذلك ، فالأثر هو الفرح والسرور والله سبحانه يصف المطر فيقول: ﴿ اللَّهُ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّيَاحَ فَتُثِيرُ سَحَاباً فَيَبْسُطُهُ فِي السَّمَاء كَيْفَ يَشَاءُ وَيَجْعَلُهُ كِسَفاً فَتَرَى الْوَدْقَ يَخْرُجُ مِنْ خِلَالِهِ فَإِذَا أَصَابَ بِهِ مَن يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ إِذَا هُمْ يَسْتَبْشِرُونَ ﴾[الروم:48] بينما يصف النوع الآخر من السحاب وهو السحاب الرُّكامي الذي يركم بعضه فوق بعض (صورة) وتعليق.
يبدأ هذا السحاب أول ما يبدأ في صورة قزع، وهذا القزع الصغير يتجمع في خط يسمونه خط تجمع السحاب .
فإذن لدينا عمليات تتم بعد عملية التجمع هذه، فتأتي عملية الركم للسحاب فيركم بعضه فوق بعض إلى أن يصبح كالجبل. ويصفه الله جل وعلا: ﴿ أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يُزْجِي سَحَاباً ثُمَّ يُؤَلِّفُ بَيْنَهُ ثُمَّ يَجْعَلُهُ رُكَاماً فَتَرَى الْوَدْقَ يَخْرُجُ مِنْ خِلَالِهِ وَيُنَزِّلُ مِنَ السَّمَاءِ مِن جِبَالٍ فِيهَا مِن بَرَدٍ فَيُصِيبُ بِهِ مَن يَشَاءُ وَيَصْرِفُهُ عَن مَّن يَشَاءُ يَكَادُ سَنَا بَرْقِهِ يَذْهَبُ بِالْأَبْصَارِ ﴾[النور:43]"(2) ﴿ أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يُزْجِي سَحَاباً ﴾ يزجي بمعنى يسوق برفق ﴿ أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يُزْجِي سَحَاباً ثُمَّ يُؤَلِّفُ بَيْنَهُ ﴾ يجمع بينه في خط تجمع السحاب، فهاتان عمليتان:
أ= سوق برفق .
ب= تأليف بينه وتجميع .
﴿ ثُمَّ يَجْعَلُهُ رُكَاماً ﴾ وهذه مرحلة ثالثة الركم ، وهو رفع بخار الماء والسحاب الذي تكون من البخار إلى أن يصبح ركاماً ، وهناك تيارات داخلية وقوي تنشأ في جسم السحابة ترفعها وتحملها إلى أَعلى ، فإذا عجزت قوة الحمل ، وتكونت القطرات الثقيلة التي تعجز تلك القوى عن حملها نزل المطر .
ونلاحظ في الآية استعمال حرفي عطف متغايرين (ثم‘ وفاء) ، ثم الذي يدل على الترتيب مع التراخي‘ والفاء الذي يدل على الترتيب مع التعقيب ، أنت تقول مثلاً: دخلت المكان ثم خرجت أي كان الخروج بعد وقت من الدخول ، بينما تقول: دخلت المكان فجلست أي كان الجلوس عقب الدخول مباشرة. فانظروا إلى استعمال حروف العطف في الآية الكريمة: ﴿ أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يُزْجِي سَحَاباً ثُمَّ يُؤَلِّفُ بَيْنَهُ ثُمَّ يَجْعَلُهُ رُكَاماً ﴾[النور:43 ] "بين كل عملية وأخرى فترة زمنية ولذلك يعقبها بحرف العطف "ثمَّ" ولكن بعد أن يتم الركم وتعجز القوى عن الحمل قال : ﴿ فَتَرَى الْوَدْقَ يَخْرُجُ مِنْ خِلَالِهِ ﴾ غيَّر حرف العطف إلى "الفاء"﴿ فَتَرَى الْوَدْقَ يَخْرُجُ مِنْ خِلَالِهِ وَيُنَزِّلُ مِنَ السَّمَاءِ مِن جِبَالٍ ﴾ فلا بد أن يكون السحاب في شكل جبل ﴿ فِيهَا مِن بَرَدٍ ﴾ أي يكون في ذلك الشكل الجبلي شيء من البرد " ﴿ وَيُنَزِّلُ مِنَ السَّمَاءِ مِن جِبَالٍ فِيهَا مِن بَرَدٍ فَيُصِيبُ بِهِ مَن يَشَاءُ وَيَصْرِفُهُ عَن مَّن يَشَاءُ ﴾[النور:43 ] دَرس العلماء هذه الظاهرة كيف يتكون البرد فوجدوا أنَّ السحاب الرُّكامي تختلف درجة الحرارة في قمته عن قاعدته فالقمة تكون باردة والقاعدة تكون أقل برودة فيتكون شيء من البرد في قمة السَّحاب ثم ينزل هذا البرد إلى وسط السحابة حيث الماء …..ص4 تحت درجة الصفر ، ولكنه سائل ، وكان من المفترض أن يتجمد لكنه بقي سائلاً صورة سائل، ولكن بمجرد نزول تلك النواة من البرد الذي في قمة السحابة إلى المنطقة الوسطى تتحول المنطقة إلى كمية هائلة من حبات البرد.
المتوقع ماذا ؟
التوقع أن ينزل_ البرد شيء ثقيل ولابد أن تعجز السحابة عن حمله .
ماذا وجد علماء الأرصاد ؟
بعد تكون حبة البرد تنزل وقد تصيب النَّاس ولكن في كثير من الأحيان تنزل حبة البرد ثم تعود مرة ثانية وتحدث دورة في جسم السحابة وتنزل بعد أن تصبح ثقيلة وقد أضيف إليها كتلة جديدة من البرد فتنزل ، ويقول علماء الأرصاد : الآن ستنفجر السحابة بالبرد وينزل هذا الكم الهائل من حبات البرد وقبل أن يصل إلى قاعدة السحابة وينزل يجد تياراً آخر صاعداً يرفعه ويعيده إلى وسط السحابة وهكذا تبقى حبة البرد تدور في جسم السحابة حتى يأذن الله لها فتنزل ، فقد صرفت وحين أذن لها نزلت وهذا هو الوصف القرآني : ﴿ أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يُزْجِي سَحَاباً ثُمَّ يُؤَلِّفُ بَيْنَهُ ثُمَّ يَجْعَلُهُ رُكَاماً فَتَرَى الْوَدْقَ يَخْرُجُ مِنْ خِلَالِهِ وَيُنَزِّلُ مِنَ السَّمَاءِ مِن جِبَالٍ فِيهَا مِن بَرَدٍ فَيُصِيبُ بِهِ مَن يَشَاءُ وَيَصْرِفُهُ عَن مَّن يَشَاءُ ﴾ [النور:43 ].
لقد قامت ثلاث دول هي أمريكا واليابان وأظن الثالثة هي استراليا بدراسة لمدة عشر سنوات لمعرفة ما هو سبب تكون البرق، ويعد الدراسة قرروا ما هو سبب تكوين البرق، فوجدوا أنَّ سبب تكوين البرق هو تكوين مواد صلبة يعني برَد في جسم السحابة في درجة حرارة معينة .
وفي عام 1985م قُرر بصفةٍ أكيدة أنَّ البرد هو سبب تكوين البرق، لماذا؟ لأنه عندما يتحول الماء إلى مادة صلبة تتكون معه شحنات كهربائية تبقى في ﴿ أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يُزْجِي سَحَاباً ثُمَّ يُؤَلِّفُ بَيْنَهُ ثُمَّ يَجْعَلُهُ رُكَاماً فَتَرَى الْوَدْقَ يَخْرُجُ مِنْ خِلَالِهِ وَيُنَزِّلُ مِنَ السَّمَاءِ مِن جِبَالٍ فِيهَا مِن بَرَدٍ فَيُصِيبُ بِهِ مَن يَشَاءُ وَيَصْرِفُهُ عَن مَّن يَشَاءُ يَكَادُ سَنَا بَرْقِهِ يَذْهَبُ بِالْأَبْصَارِ ﴾[ النور:43] جسم السحابة وبحركة البرد تتكون أقطاب كهربائية موجبة في أَعلى وسالبة في أَسفل ومع كثرة واستمرار شحن(3) هذه الأقطاب بالكهرباء يصبح البرَد نفسه في حركته موصل بين تلك الأقطاب فيكون البرق .
تعالوا لنرى الوصف القرآني: ﴿ وَيُنَزِّلُ مِنَ السَّمَاءِ مِن جِبَالٍ فِيهَا مِن بَرَدٍ فَيُصِيبُ بِهِ مَن يَشَاءُ وَيَصْرِفُهُ عَن مَّن يَشَاءُ يَكَادُ سَنَا بَرْقِهِ ﴾ – أي البرد – ﴿ يَذْهَبُ بِالْأَبْصَارِ﴾[النور:43].
فهذه طريقة أخرى في تكوين السحاب ووصف يختلف عن طريقة تكوين السحاب الطبقي .
فهناك لم يذكر البرق ولا البرَد ولا الرعد ولا شيء من ذلك بل عقَّب عليه وقال : ﴿ فَإِذَا أَصَابَ بِهِ مَن يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ إِذَا هُمْ يَسْتَبْشِرُونَ ﴾[الروم :48 ]
لكن هنا وصفه وصفاً آخر مطابقاً لحقيقة السحاب الرُّكامي .
بتصرف: الدكتور /الزنداني