^^^^
لا يجوز اتباع من عمل بالحساب أو حكَّمَهُ في الرؤية :
*** قال الإمام القرطبي في تفسير ه (2/293-294) : ( روى ابن نافع عن مالك : في الامام لا يصوم لرؤية الهلال ولا يفطر لرؤيته ، وإنما يصوم ويفطر على الحساب ؛ إنه لا يُقْتَدَى به ولا يُتَّبَع ) ا.هـ
*** قال الإمام عبد العزيز بن باز - رحمه الله - : ( أما الحَسَّابون فلا يلتفت إليهم ، ولا يعول على حسابهم ، ولا ينبغي لهم أن ينشروا حسابهم ، وينبغي منعهم من نشر حساباتهم ؛ لأنهم بذلك يشوشون على الناس ) ا.هـ [ مجموع فتاوى الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله (15/135- 136) ] .
*** ( من فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء )
** الفتوى رقم (3127)
س : لقد أجريت عملية جراحية في شهر رمضان والآن أريد أن أقضي ، مع العلم أن المسلمين في مدينتي انقسموا إلى قسمين :
القسم الأول : أفطر اتباعا للسعودية وبعض البلدان الإسلامية الأخرى (أي 29 يومًا) .
والقسم الثاني أكمل الشهر (أي 30 يومًا) وهذا اتباعا للجزائر ، مع ملاحظة أن الجزائر تحدد بداية ونهاية الشهور العربية بواسطة الحساب الفلكي .
السؤال هو: كم يومًا أقضي 29 أم 30 .
ج1 : لا يعتبر الحساب الفلكي أصلًا يثبت به بدء صيام شهر رمضان ونهايته ، بل المعتبر في ذلك رؤية الهلال ، فإن لم يروا هلال رمضان ليلة ثلاثين من شعبان أكملوا شعبان ثلاثين يومًا من تاريخ رؤيته أول الشهر ، وكذا إذا لم يروا هلال شوال ليلة ثلاثين من رمضان أكملوا عدة رمضان ثلاثين يومًا . وعلى هذا يجب عليك صيام 29 يومًا قضاء لرمضان الذي عجزت عن صيامه من أجل العملية اتباعا للدول التي صامت لرؤيتة وأفطرت بها .
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
عضو // عضو // نائب رئيس اللجنة // الرئيس //
عبد الله بن قعود //عبد الله بن غديان // عبد الرزاق عفيفي // عبد العزيز بن عبد الله بن باز //
*** من مفاسد العمل بالحساب الفلكي الظاهرة :
مخالفة السنة العملية المستمرة الثابتة عن النبى صلى الله عليه وسلم وعن خلفائه الراشدين رضي الله عنهم في عدم العمل بالحساب ولا الاستئناس به ولا خلطه بالرؤية :
فقد صام النبي صلى الله عليه وسلم تسعَ رمضانات وصام من بعده أبو بكر وعمرُ وعثمانُ وعليٌّ رضي الله عنهم قريبا من ثلاثين رمضانا ، ولم يعرف عن واحد منهم الالتفات للحساب الفلكي .
عن الْعِرْبَاضِ بْنِ سَارِيَةَ رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إِنَّهُ مَنْ يَعِشْ مِنْكُمْ بَعْدِي فَسَيَرَى اخْتِلَافًا كَثِيرًا فَعَلَيْكُمْ بِسُنَّتِي وَسُنَّةِ الْخُلَفَاءِ الْمَهْدِيِّينَ الرَّاشِدِينَ تَمَسَّكُوا بِهَا وَعَضُّوا عَلَيْهَا بِالنَّوَاجِذِ وَإِيَّاكُمْ وَمُحْدَثَاتِ الْأُمُورِ فَإِنَّ كُلَّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ وَكُلَّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ " رواه أبو داود واللفظ له ، والترمذي وقال : حديث حسن صحيح ، وابن ماجه ، وصححه ابن حبان والحاكم والبزار و أبو إسماعيل الهروي وابن عبد البر والضياء المقدسي والذهبي والألباني في "السلسلة الصحيحة" ( 6 / 526 ) .
فمن عمل بالحساب الفلكي أو قدمه على الرؤية أو جمع بينهما يكون قد خالف السنة العملية المستمرة الثابتة عن النبى صلى الله عليه وسلم وعن خلفائه الراشدين المهديين رضي الله عنهم .
* يوضحه : من عمل بالحساب الفلكي أو قدَّمَهُ على الرؤية أو جمع بينهما يكون قد أحدث في الدين ما ليس منه ، ويكون عمله مردودا عليه :
عن عائشة رضي الله عنها قالت : قال النبي صلى الله عليه وسلم : " من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد " رواه البخاري ومسلم ، وفي لفظ لمسلم : " من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو ردٌّ " .
قال العلماء : هذا الحديث قاعدة عظيمة من قواعد الإسلام , و هو من جوامع كلمه صلى الله عليه وسلم ، وهو صريح فى ردِّ و إبطال جميع البدع والمحدثات ، واللفظ الأول أعم فإنه يشمل كل من عمل بالبدعة و لو كان المحدِث لها غيره .
فمن عمل بالحساب الفلكي أو قدمه على الرؤية أو جمع بينهما يكون قد أحدَثَ في الدين ما ليس منه ، ويكون عمله مردودا عليه .
*** وقد قال الله تعالى : ( فَلْيَحْذَرِ الَذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَن تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ) (النور:63) .
قال الإمام أحمد رحمه الله تعالى - في رواية الفضل بن زياد - : " نظرتُ في المصحف فوجدتُ طاعةَ الرسولِ صلى الله عليه و سلم في ثلاثة و ثلاثين موضعًا " ، ثم جعل يتلو : ( فَلْيَحْذَرِ الَذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَن تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ ) الآية ، وجعل يكرِّرُها ويقول : " أتدري ما الفتنةُ ؟ الفتنةُ الشركُ لَعَلَّهُ إذا ردَّ بعضَ قولِهِ أن يَقَعَ في قلبِهِ شيءٌ من الزيغِ فيَهْلِكَ " ، وجعل يتلو هذه الآية : ( فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا ) (النساء:65) .
قال ابن قدامة في المغني (3/9) : ( لو بنى على قول المنجمين وأهل المعرفة بالحساب فوافق الصواب , لم يصح صومه , وإن كثرت إصابتهم , لأنه ليس بدليل شرعي يجوز البناء عليه , ولا العمل به , فكان وجوده كعدمه , قال النبي صلى الله عليه وسلم : " صوموا لرؤيته , وأفطروا لرؤيته " . وفي رواية : " لا تصوموا حتى تروه , ولا تفطروا حتى تروه " ) ا . هـ
** قال الإمام عبد العزيز بن باز رحمه الله : ( ولو فرضنا أن المسلمين أخطأوا في إثبات الهلال دخولاً أو خروجاً وهم معتمدون في إثباته على ما صحت به السنة عن نبيهم صلى الله عليه وسلم لم يكن عليهم في ذلك بأس ، بل كانوا مأجورين ومشكورين من أجل اعتمادهم على ما شرعه الله لهم وصحت به الأخبار عن نبيهم صلى الله عليه وسلم ، ولو تركوا ذلك لأجل قول الحاسبين مع قيام البينة الشرعية برؤية الهلال دخولاً أو خروجاً لكانوا آثمين ، وعلى خطر عظيم من عقوبة الله عز وجل ؛ لمخالفتهم ما رسمه لهم نبيهم وإمامهم محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم التي حذر الله منها في قوله عز وجل : { فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَن تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ } (سورة النور : 63) ، وفي قوله - عز وجل - : {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ} (سورة الحشر : 7) ، وقوله سبحانه وتعالى : {وَمَن يَعْصِ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَارًا خَالِدًا فِيهَا وَلَهُ عَذَابٌ مُّهِينٌ} (سورة النساء : 14) ) ا.هـ
[ مجموع فتاوى الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله (15/ 133) ] .
بطلان شروط الفلكيين ومَن اغترَّ بهم التي لم يشترطها الشرع الشريف لصحة الرؤية :
*** عن عَائِشَةَ رضي الله عنها قالت : " قَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي النَّاسِ فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ ثُمَّ قَالَ : مَا بَالُ رِجَالٍ يَشْتَرِطُونَ شُرُوطًا لَيْسَتْ فِي كِتَابِ اللَّهِ مَا كَانَ مِنْ شَرْطٍ لَيْسَ فِي كِتَابِ اللَّهِ فَهُوَ بَاطِلٌ وَإِنْ كَانَ مِائَةَ شَرْطٍ قَضَاءُ اللَّهِ أَحَقُّ وَشَرْطُ اللَّهِ أَوْثَقُ " . رواه البخاري واللفظ له ، ومسلم في صحيحيهما .
* وقال عمر وابن عمر رضي الله عنهما : " كُلُّ شَرْطٍ خَالَفَ كِتَابَ اللَّهِ فَهُوَ بَاطِلٌ وَإِنْ اشْتَرَطَ مِائَةَ شَرْطٍ " علقه البخاري في صحيحه مجزومًا به .
* قال أبو عمر ابن عبد البر : ( قد قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : " كل شرط ليس في كتاب الله فهو باطل " ، يعني في حكم الله ، كما قال : ( كِتَابَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ ) (النساء:24) يعني حكمه وقضاءه ، فكل شرط ليس في حكم الله وحكم رسوله [ صلى الله عليه وسلم ] جوازه فهو باطل ، لأن الله قد قرن طاعة رسوله بطاعته في آيات كثيرة من كتابه ، وهذا أصح ما في هذا الباب ، والله الموفق للصواب ) اهـ .
* وقد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن من قضاء الله وشرطه : الصوم والفطر للرؤية البصرية ، ولا يعلم في نص كتاب الله ولا في دلالة صحيحة مقبولة منه أن يكون الصوم والفطر للحساب ، بل أبطله الشارع الحكيم بصرائح الدلالات .
* ومن الشروط الباطلة المخالفة لكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم ، ما اشترطه الفلكيون ومَن اغترَّ بهم لصحة الرؤية ، واتخذوه سُلَّمًا للعمل بالحساب الفلكي لكن في النفي دون الإثبات بزعمهم ، ويقصدون بذلك إبطال الرؤية الشرعية التي أبطلها الحساب ولم يشهد بصحتها ، يريدون أن يُبَدِّلُوا كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وشروطهم أولى بالبطلان :
ومنها : أن تغرب الشمس قبل غروب الهلال ، وأن يمكث بعدها كذا وكذا دقيقة ، وزاوية ارتفاع القمر عن الأفق تساوي على الأقل كذا وكذا درجة ، وزاوية انفصال القمر عن الشمس تساوي على الأقل كذا وكذا درجة ، وأن يمرَّ عليه بعد الاقتران كذا وكذا ساعة .
* وهذا يشهد الحِسُّ بخلافه ؛ فإن رؤية الهلال نهارًا تكررت ، وعَمِلَ بها النبيُّ صلى الله عليه وسلم لليوم التالي . وتقدير الفلكيين لمدة بقاء الهلال بعد الغروب وزاوية انفصاله عن الشمس وصغره وكبره يخطئ في أحيان كثيرة كما سبق في الوجه الرابع والعشرين ، وذلك لأسباب كثيرة من أهمها قوله صلى الله عليه وسلم : " إِنَّ اللَّهَ مَدَّهُ لِلرُّؤْيَةِ " رواه مسلم في صحيحه . ومعناه أن الله تعالى يطيل مدة بقاء الهلال وحجمه ليراه المسلمون فضلا منه تعالى ونعمة ، فله الحمد والشكر ، كما سبق في الوجه الثاني والثلاثين ، ولأن سرعة مسير القمر تسرع وتبطئ وتتغير ، وقد يولد وتتحقق الشروط التي ذكروها ولا يراه أحد ، حسب تقدير العزيز العليم ، مما لا يتمكنون من حسابه بيقين لا خطأ فيه ، كما مرَّ عن فضلاء الفلكيين ، وتزكيتهم لأنفسهم وعلمهم مردودة غير مقبولة ، وإجماعهم - إن وقع - غير معصوم من الخطأ ، بل يجوز عليهم الخطأ والغلط جميعًا كما سبق عن الشيخ ابن باز رحمه الله ، ولأن النبيَّ صلى الله عليه وسلم لم يراع هذه الشروط ولم يعمل بها ولم يأمر المسلمين بتعلمها ، ولو كانت لا تصح الرؤية إلا بمراعاتها لبيَّنَها الشرع الشريف - كما بيَّنَ صلى الله عليه وسلم الفروقَ بين الفَجْرَين الصادق والكاذب بيانا شافيا - لأنه ما لايتم الواجب إلا به فهو واجب . وليست هذه الشروط من باب الاحتياط للرؤية وصيانتها من الغلط ، لأنه صلى الله عليه وسلم بلَّغ البلاغ المبين واحتاط لصحة العبادة أشدَّ الاحتياط ، ولم يلتفت إلى شروطهم بل أبطلها ، فكأن الفلكيين يستدركون عليه صلى الله عليه وسلم ويتهمونه بالتقصير ، حاشاه بأبي هو وأمي صلوات الله وسلامه ورحمته وبركاته عليه وآله وصحبه وأتباعه ، وهدانا الله والفلكيين وجميع المسلمين لما اختلف فيه من الحق بإذنه ، والله تعالى أعلى وأعلم .
*** وينظر : كتابُ بُطلانِ العملِ بالحسابِ الفلكيِّ في الصومِ والإفطارِ ، وبيانِ ما فيه مِنْ مفاسدَ ، ووجوبِ العملِ بالرؤيةِ الشرعيةِ الثابتةِ عن خيرِ البريَّةِ _ صلى الله عليه وسلم _ من ثلاثة وأربعينَ وجهًا
فتاوى الإمام المجدد محمد ناصر الدين الألباني رحمه الله تعالى في الحسابات الفلكية وتعارضها مع الرؤية الشرعية للهلال :
* سلسلة الهدى والنور - من شريط 722 - لا ترد الشهادة على رؤية الهلال إذا قطع علم الفلك باستحالة رؤية الهلال ، وإذا أدخلنا الحساب الفلكي في الصوم والإفطار أصابنا ما أصاب اليهود والنصارى .
*** وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم .