تصريح وزارة الثقافة والإعلام رقم م ن / 154 / 1432


العودة   شبكة البراري > منتديــات البراري العامـــة > منتدى الموضوعات العامة

موضوع مغلق
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 2006-12-26, 06:41 AM
aboanas aboanas غير متواجد حالياً
عضو ذهبــي
 
تاريخ التسجيل: Nov 2006
المشاركات: 1,683

aboanas is on a distinguished road
Arrow نداء إلى حجاج بيت الله الحرام \\للشيخ عبدالعزيز ابن باز رحمه الله

من عبدالعزيز بن عبدالله بن باز إلى من يطلع عليه من حجاج بيت الله الحرام، وفقني الله وإياهم لصالح الأقوال والأعمال، وأعاذنا جميعاًً من مضلات الفتن ونزغات الشيطان آمين.. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:

فإن الله سبحانه وتعالى أوجب على عباده المؤمنين التعاون على البر والتقوى، وحرم عليهم التعاون على الإثم والعدوان، فقال عز وجل في كتابه الكريم: وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُواْ اللّهَ إِنَّ اللّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ [المائدة:2]. ومن التعاون على البر والتقوى: التناصح والتواصي بالحق والصبر عليه، كما قال عز وجل: وَالْعَصْرِ (1) إِنَّ الْإِنسَانَ لَفِي خُسْرٍ (2) إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ [العصر]. أوضح - سبحانه - في هذه السورة العظيمة أن جنس الإنسان في خسران، وأقسم على ذلك وهو الحق - سبحانه - وإن لم يقسم، تأكيداً للمقام وتحريضاً على التخلق بهذه الصفات الأربعة التي هي أسباب السعادة في الدنيا والآخرة، وثبت عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم، قال: { الدين النصيحة، الدين النصيحة } قالوا: لمن يا رسول الله؟ قال: { لله، ولكتابه، ولرسوله، ولأئمة المسلمين وعامتهم }. وفي الصحيحين عن جرير بن عبدالله البجلي قال: بايعنا النبي صلى الله عليه وآله وسلم، على إقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، والنصح لكل مسلم.

وفي الصحيحين أيضاً عن أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: { لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه }، ففي هذه الآيات الكريمات والآحاديث الشريفة عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، الدلالة على أن الواجب على جميع المسلمين من الحجاج وغيرهم أن يتقوا الله وأن يتناصحوا بينهم، وأن يتعاونوا على البر والتقوى أينما كانوا، وأن يحب كل واحد لأخيه الخير، ويكره له الشر، وأن يأمره بالمعروف، وينهاه عن المنكر، بالحكمه والموعظه الحسنه، والجدال بالتي هي أحسن عند الحاجه إليه، ولاشك أن هذا من أعظم مقاصد الحج ومنافعه التي أشار إليها المولي سبحانه بقوله: لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ [الحج:28] وقال سبحانه: ادْعُ إِلِى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ [النحل:125].

وأنتم معاشر حجاج بيت الله الحرام قدمتم إلى هذا البلد الأمين لغرض نبيل، وعمل صالح، وهو أداء مناسك الحج والعمرة، فالواجب عليكم أن تتأدبوا بالآداب الشرعية، وأن تتخلقوا بالآخلاق التي يرتضيها الله لكم، وأوصاكم بها في الآيات السابقات وعلى لسان نبيه صلى الله عليه وآله وسلم في الآحاديث المذكورة وفي قوله عزوجل: الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَّعْلُومَاتٌ فَمَن فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلاَ رَفَثَ وَلاَ فُسُوقَ وَلاَ جِدَالَ فِي الْحَجِّ وَمَا تَفْعَلُواْ مِنْ خَيْرٍ يَعْلَمْهُ اللّهُ وَتَزَوَّدُواْ فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى وَاتَّقُونِ يَا أُوْلِي الأَلْبَابِ [البقرة:197]. وقال النبي : { العمرة إلى العمرة كفارة لما بينهما، والحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة } [متفق على صحته].

والحج المبرور هو الذي لارفث فيه ولافسوق كما قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: { من حج ولم يرفث ولم يفسق رجع كيوم ولدته أمه }. والرفث هو الجماع قبل التحلل من الإحرام، ويلحق بذلك كل كلام مستفحش مما يتعلق بالنساء، أماالفسوق فهو العصيان، ويدخل في ذلك جميع المعاصي من الظلم، والسب، وإيذاء المسلمين بغير حق، والسخريه، والكذب، والغيبة، والنميمة، وعقوق الوالدين، وقطيعة الرحم، وأكل الربا، والظلم للناس في دمائهم وأعراضهم وأموالهم، وسائر ما نهى الله عنه ورسوله، ويدخل في الفسوق أيضاً: إيذاء المسلمين بالقول أو بالعمل في المشاعر والطرقات، وفي الطواف والسعي وحين رمي الجمار، وفي غيرذلك من الأماكن. كما يدخل في ذلك أيضاً التظاهرات، والهتافات بالدعاء لقوم، والدعاء على آخرين، فيصبح موسم الحج موضع فوضى وإختلافات وتظاهرات، ويخرج بذلك عما شرع الله فيه من إقامة ذكره والدعوة إلى سبيله والتناصح بين المسلمين وتعاونهم على البر والتقوى، وأداء المناسك في غاية الإخلاص والهدوء والطمأنينة، والرغبة فيما عندالله، والحذرمن عقابه، وقد قال الله سبحانه في كتابه العظيم: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَسْخَرْ قَومٌ مِّن قَوْمٍ عَسَى أَن يَكُونُوا خَيْراً مِّنْهُمْ وَلَا نِسَاء مِّن نِّسَاء عَسَى أَن يَكُنَّ خَيْراً مِّنْهُنَّ وَلَا تَلْمِزُوا أَنفُسَكُمْ وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ بِئْسَ الاِسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمَانِ وَمَن لَّمْ يَتُبْ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ [الحجرات:11].

نهى سبحانه وتعالى المؤمنين والمؤمنات في هذه الآية الكريمة عن أمور ثلاثة، السخرية: وهي الإستهزاء، واللمز: وهوعيب بعضهم بعض، والتنابز بالألقاب: يعني الألقاب التي يكرهونها ولايرضون أن يدعوا بها، مثل: يا فاجر، يا خبيث، يا عدوالله، وما ذاك إلا لأن إستعمال هذه الأمور فيما بين المسلمين مما يسبب الشحناء والعداوة وإثارة الفتن بينهم، وذلك مالا تحمد عقباه. ثم ختم الآية سبحانه بالحكم على وجوب التوبة من سائرالمعاصي، وأن الإصرار عليها ظلم لاتحمد عاقبته وقال عزوجل: وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَاناً وَإِثْماً مُّبِيناً [الأحزاب:58]. وقال النبي : { المسلم أخو المسلم، لا يظلمه، ولايكذبه، ولايحقره، ولايخذله، التقوى هاهنا وأشار إلى صدره ثلاث مرات، بحسب إمرىء من الشرأن يحقر أخاه المسلم، كل المسلم على المسلم حرام دمه وماله وعرضه }، وثبت عنه صلى الله عليه وآله وسلم، أنه خطب الناس يوم عرفة فقال في خطبته يوم النحر في حجة الوداع: { إن دماءكم وأموالكم وأعراضكم عليكم حرام كحرمة يومكم هذا، في بلدكم هذا، في شهركم هذا، ألا هل بلغت }، وروي عنه صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: { من ضار مسلماً ضاره الله، ومن شقَّ على مسلم شقَّ الله عليه }.

والآيات والأحاديث في حث الحجاج وغيرهم على التمسك بدينهم والإستقامة عليه والإعتصام بالقرآن الكريم وتحكيمه والتحاكم إليه مع سنة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، والتراحم والتعاطف بينهم، والإحسان من بعضهم إلى بعض كثيرة جداً.

فيا معشر حجاج بيت الله الحرام، إتقوا الله وأطيعوه وعظموا أمره ولا تعصوه، وإعتصوا بحبل الله جميعاً ولا تفرقوا واجتهدوا في أداء المناسك كما شرعها الله، وسابقوا إلى الطاعات والأعمال الصالحات، وأكثروا من الصلوات في المسجد الحرام، ومن الطواف حيث تيسر ذلك، ومن قراءة القرآن، ومن التسبيح والتهليل والتحميد والتكبير، ومن الدعاء والإستغفار، ومن الصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وتفقهوا في دينكم، وإستفيدوا من الحلقات العلمية في المسجد الحرام والمسجد النبوي، واسألوا أهل العلم عما أشكل عليكم، فقد صح عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أنه قا ل: { من يرد الله به خيراً يفقهه في الدين }. وقال صلى الله عليه وآله وسلم: { من سلك طريقاُ يلتمس فيه علماُ سلك الله به طريقاُ إلى الجنة، وما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله يتلون كتاب الله ويتدارسونه بينهم إلا نزلت عليهم السكينة، وغشيتهم الرحمة، وحفتهم الملائكة، وذكرهم الله فيمن عنده }. وقال صلى الله عليه وآله وسلم: { إقرأوا القرآن فإنه يأتي شفيعاً لأصحابه يوم القيامة }. يعني بذلك الذين عملوا به واستقاموا على تعاليمه.

وعلى كل واحد منكم أن يُرشد أخاه بما لديه من العلم، ويوجهه إلى الخير، ويعينه عليه عملاً بالآيات والأحاديث السابقات، وأبشروا بالأجر الجزيل، والثواب العظيم، كما قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: { من دل على خير فله مثل أجرفاعـله }. وثبت عنه صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال لأمير المؤمنين علي لما بعثه إلى اليهود في خيبر: { ادعهم إلى الإسلام، وأخبرهم بما يجب عليهم من الحق فيه، فوالله لأن يهدي الله بك رجلاً واحداً خير لك من حُمُر النَّعَم }. وقال عليه الصلاة والسلام: { والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه }.

والله المسؤول أن يوفقنا وإياكم لما يرضيه، وأن يسلك بنا وبكم صراطه المستقيم، وأن يعينكم على أداء المناسك على الوجه الذي يرضيه، وأن يتقبل منا ومنكم جميعاً، وأن يردّكم إلى بلادكم سالمين غانمين إنه سبحانه جواد كريم.

وصلى الله وسلم على عبده ورسوله نبينا محمد، وعلى آله وأصحابه وأتباعهم بإحسان.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته



\\\دار ابن خزيمة\\\

  #2  
قديم 2006-12-26, 06:47 AM
aboanas aboanas غير متواجد حالياً
عضو ذهبــي
 
تاريخ التسجيل: Nov 2006
المشاركات: 1,683

aboanas is on a distinguished road
Arrow حال السلف في الحج

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على خاتم الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.. أما بعد:

فإن الحديث عن أحوال السلف في الحج حديث عن علم قد درس مناره، ومُحِيت آثاره، فلم يبق منه إلا بقايا من الرسوم والألفاظ، وأطلال من الجمل والعبارات، والتي ما فتئ الناصحون يرددونها حثاً للناس على التمسك بما كان عليه السلف، وترغيباً لهم في سلوك سبيلهم واقتفاء آثارهم. وإلا فأين نحن من القوم؟ كم بين اليقظة والنوم؟!

لقد كان للحج تأثير عظيم في تزكية النفوس وإصلاح القلوب، لما فيه من معاني العبودية، ومظاهر الربانية التي تجلت في كل أعماله ومناسكه، فأثمرت في واقع السلف قلوباً تقية، وأفئدةً زكية، وأبداناً طاهرةً نقية. فكانوا مع إحسانهم العمل يخشون الردّ وعدم القبول، أما نحن - إلا من رحم الله - فلا إحسان ولا خشية، ومع ذلك ينام أحدنا ملء جفونه، وكأنه حاز النعيم، وضمن من الجنة فردوسها الأعلى!!

ولئن ورد عن بعض السلف أنه قال: ( الركب كثير والحاجّ قليل، فما عسانا أن نقول؟! نسأل الله ألا يمقتنا ).

فما أحرانا - نحن المسلمين - أن نعود إلى ما كان عليه السلف الصالح؛ عقيدةً ومنهاجاً، عبادة وسلوكاً، حتى نفوز بما فازوا به من سعادة الدارين؛ العز في الدنيا والنعيم في الآخرة.


من أخلاق السلف في السفر والحج

كان السلف - رحمهم الله - يعلمون حق رفيق السفر، فيحسنون صحبته، ويواسونه بما تيسّر لديهم من طعام وشراب، وكان كل واحد منهم يريد أن يخدم أخاه ويقوم بأعماله، لا يمنعه من ذلك نسبٌ ولا شرفٌ ولا مكانة عالية.

قال مجاهد رحمه الله: ( صحبت ابن عمر في السفر لأخدمه، فكان يخدمُني!! ).

وكانوا رحمهم الله يبذلون أموالهم للرفقة، ويصبرون على الأذى، ويطيعون الله تعالى فيمن يعصيه فيهم.

يروى أن يُهَيْماً العجلي ترافق مع رجل تاجر موسر في الحج، فلما كان يوم خروجهم للسفر، بكى بُهَيْم حتى قطرت دموعه على صدره، وقال: ذكرت بهذه الرحلةِ الرحلةَ إلى الله، ثم علا صوته بالنحيب.

فكره رفيقه التاجر منه ذلك، وخشي أن يتنغّص عليه سفره معه بكثرة بكائه، فلما قدما من الحج، جاء الرجل الذي رافق بينهما إليهما ليسلِّم عليهما، فبدأ بالتاجر فسلّم عليه، وسأله عن حاله مع بُهَيْم.

فقال له: والله ما ظننت أن في هذا الخق مثله؛ كان والله يتفضّل عليّ في النفقة، وهو معسّر وأنا موسر!! ويتفضل عليّ في الخدمة، وهو شيخ ضعيف وأنا شاب!! ويطبخ لي وهو صائم وأنا مفطر!!

ثم خرج من عنده فدخل على بُهَيم، فسلّم عليه، وقال له: كيف رأيت صاحبك؟ قال: خير صاحب، كثير الذكر لله، طويل التلاوة للقرآن، سريع الدمعة، متحمّل لهفوات الرفيق، فجزاك الله عني خيراً.

وكان كثير من السلف يشترط على أصحابه في السفر أن يخدمهم اغتناماً لأجر ذلك، منهم عامر بن عبد قيس، وعمر بن عتبة بن فرقد، مع اجتهادهما في العبادة.

وكان ابن المبارك يطعم أصحابه في الأسفار أطيب الطعام وهو صائم، وكان إذا أراد الحج من بلده ( مرو ) جمع أصحابه وقال: من يريد منكم الحج؟ فيأخذ منهم نفقاتهم، فيضعها في صندوق ويغلقه، ثم يحملهم، وينفق عليهم أوسع النفقة، ويطعمهم أطيب الطعام، ثم يشتري لهم من مكة ما يريدون من هدايا، ثم يرجع بهم إلى بلده، فإذا وصلوا صنع لهم طعاماً، ثم جمعهم عليه، ودعا بالصندوق الذي فيه نفقاتهم فردّ إلى كل واحد نفقته!!


إلهي !!


إليك قصدي ربّ البيت والأثر *** وفيك تطوافي بأركان كذا حجر


صفا دمعي إلى حين أعبره *** وزمزمي دمعة تجري من البصر


وفيك سَعْيي وتعميري ومزدلفي*** والهدي جسمي الذي يغني عن الجُزر


عرفانه عرفاتي إذ منى منتي *** وموقفي وقفة في الخوف والحذر


وجَمْرُ قلبي جمار نبذة شرر *** والحرم تحريمي الدنيا عن الفكر


ومسجد الخيف خوفي من تباعدكم *** ومشعري ومقامي دونكم خطري


زادي رجائي له والشوق راحلتي *** والماء من عبراتي والهوى سفري


حال السلف عند الاحرام والتلبية

أخي الحبيب كان السلف يستشعرون معنى الإحرام، فهو يعني عندهم الإنخلاع من جميع الشهوات الأرضية، والتوجه بالروح والبدن إلى خالق السماوات والأرض. لذلك فقد كانوا يضطربون عند الإحرام، فتتغير ألوانهم، وترتعد فرائصهم خوفاً من عدم القبول.

فكان أنس بن مالك إذا أحرم لم يتكلم في شيء من أمر الدنيا حتى يتحلل من إحرامه.

وهذا عليُّ بن الحسين لما أحرم واستوت به راحلته اصفرّ لونه وارتعد، ولم يستطع أن يلبي، فقيل له: ما لك؟ فقال: أخشى أن يقول لي: لا لبيك ولا سعديك!

ولما حجّ جعفر الصادق، فأراد أن يلبي، تغيّر وجهه، فقيل له: ما لك يا ابن رسول الله ؟ فقال: ( أريد أن ألبي وأخاف أن أسمع غير الجواب!! ).

وكان شريح رحمه الله إذا أحرم كأنه حيّة صماء من كثرة الصمت والتأمل والإطراق لله عز وجل.

ولئن كان كثير من حجاج هذا الزمان لا يلبون، وأغلب الذين يلبون لا يجهرون بالتلبية، ولا يرفعون بها أصواتهم، فقد كان السلف على خلاف ذلك.

قال أبو حازم: ( كان أصحاب النبي إذا أحرموا لم يبلغوا الرّوْجاء حتى تُبَحُّ أصواتهم ). لأنهم يعلمون أن ذلك مما يحبه الله عز وجل، لقوله : { أتاني جبريل فأمرني أن آمر أصحابي أن يرفعوا أصواتهم بالتلبية } [رواه أصحاب السنن وصححه الألباني]. وقوله : { أفضل الحج والعجّ والثجّ } [رواه الترمذي وحسنه الألباني]. والعجّ: رفع الصوت بالتلبية. والثجّ: سيلان دماء الهدي والأضاحي.


عبادة السلف في الحج

ذكر الإمام ابن رجب رحمه الله أن من أعظم خصال البرّ في الحج: إقام الصلاة، فمن حج من غير إقام الصلاة - لا سيما إن كان حجه تطوعاً - كان بمنزلة من سعى في ربح درهم، وضيّع رأس ماله وهو ألوفٌ كثيرة. وقد كان السلف يواظبون في الحج على نوافل الصلاة، وكان النبي يواظب على صلاة النافلة على راحلته في أسفاره كلّها ويوتر عليها.

فعن عامر بن ربيعة أنه رأى رسول الله يُصَلي السُّبحة بالليل في السفر على ظهر راحلته حيث توجهت [متفق عليه] والسبحة: النافلة.

وقال ابن عمر رضي الله عنهما: ( كان رسول الله يُسَبّحُ على الراحلة قِبَل أيّ وجه توجّه، ويوتر عليها، غير أنه لا يصلي عليها المكتوبة ) [متفق عليه].

وكان محمد بن واسع يصلي في طريق مكة ليله أجمع في محمله، يومئ إيماء، ويأمر حاديه أن يرفع صوته خلفه حتى يُشغل عنه الناس بسماع صوت الحادي، فلا يُتَفَطّن له.

وحجّ مسروق فما نام إلا ساجداً.

وكان المغيرة بن حكيم الصنعاني يحجّ من اليمن ماشياً، وكان له ورد بالليل يقرأ فيه كل ليلةٍ ثلث القرآن، فيقف فيصلي حتى يفرغ من ورده، ثم يلحق بالركب متى لَحِقَ، فربما لم يلحقهم إلا في آخر النهار!!

قال ابن رجب بعد أن ساق هذه الأخبار: ( فنحن ما نأمر إلا بالمحافظة على الصلاة في أوقاتها، ولو بالجمع بين الصلاتين المجموعتين في وقت إحداهما بالأرض، فإنه لا يرخّص لأحد أن يصلي صلاة الليل في النهار، ولا صلاة النهار في الليل، ولا أن يصلي على ظهر راحلته المكتوبة ).


حذر السلف من الرياء والمباهاة

ومما يجب على الحاج اجتنابه، وبه يتمُّ برُّ حجِّه أن لا يقصد بحجه رياءً ولا سمعة ولا مباهاة ولا فخراً ولا خيلاء، ولا يقصد به إلا وجه الله سبحانه وتعالى ورضوانه، ويتواضع في حجه ويستكين ويخشع لربه.

وقد كان السلف رحمهم الله شديدي الحذر من أن يدخل في عملهم شيء من الرياء أو حظوظ النفس؛ لأنهم يعلمون أن الله عز وجل لا يقبل من العمل إلا ما كان خالصاً لوجهه صواباً على سنة نبيه . كما قال سبحانه في الحديث القدسي: { من عمل عملاً أشرك فيه معي غيري تركته وشركه } [رواه مسلم]، ولذلك لما قال رجل لابن عمر رضي الله عنهما: ( ما أكثر الحاج! ) قال له ابن عمر: ( ما أقلّهم! ) وقال شريح القاضي: ( الحاجّ قليل، والركبان كثير، ما أكثر من يعمل الخير، ولكن ما أقلّ الذين يريدون وجهه ).


خليلي قطاع الفيافي الى الحمى *** كثيرٌ وأما الواصلون قليلُ


وجوه عليها للقبول علامةٌ *** وليس على كل الوجوه قبولُ

قال عمر بن الخطاب يوماً وهو بطريق مكة: ( تشعثون وتغيرون، وتتلون، وتضحون، لا تريدون بذلك شيئا من عرض الدنيا، ما نعلم سفراً خيراً من هذا )، يعني الحجّ!!

إخواني: سبحان من جعل بيته الحرام مثابة للناس وأمناً، يترددون إليه ولا يرون أنهم قَضَوْا منه وطراً.

لمّا أضاف الله عز وجل ذلك البيت الى نفسه، ونسبه إليه بقوله عز وجل لخليله وطهّر بيتي للطائفين [الحج:26]، تعلقت قلوب المحبين ببيت محبوبهم، فكلما ذُكر لهم ذلك البيت الحرام حنّوا، وكلما تذكروا بُعدهم عنه أنّوا.

رأى بعض الصالحين الحاجّ في وقت خروجهم، فوقف يبكي ويقول: واضعفاه! ثم تنفس وقال: هذه حسرة من انقطع من الوصول إلى البيت، فكيف تكون حسرة من انقطع عن الوصول إلى رب البيت؟!

يحق لمن رأى الواصلين وهو منقطع أن يقلق، ولمن شاهد السائرين إلى ديار الأحبة وهو قاعد أن يحزن.


ألا قل لزوّار دارِ الحبيب *** هنيئاً لكم في الجنان الخلود


أفيضوا علينا من الماء فيضاً *** فنحن عطاش وأنتم ورودُ


حال السلف في عرفات

أخي الحبيب: كانت أحوال السلف في عرفات تتنوع، فمنهم من كان يغلب عليه الخوف والحياء، ومنهم من كان يتعلق بأذيال الرجاء، ومنهم من كان يغلب عليه الشوق والقلق، ولكنهم كانوا يتساوون جميعاً في الذكر والدعاء والإقبال على الله ومناجاته والانطراح بين يديه.

وقف مطرّف وبكر ابنا عبدالله بن الشخير رضي الله عنهما في الموقف، فقال مطرّف: ( اللهم لا ترد أهل الموقف من أجلي!! ) وقال بكر: ( ما أشرفه من مقام وأرجاه لأهله، لولا أني فيهم!! ).

وقال الفضيل لشعيب بن حرب بالموسم: ( إن كنت تظن أنه شهد الموقف أحد شرّ مني ومنك فبئس ما ظننت! ).

وكان أبو عبيدة الخواص يقول في الموقف: ( واشوقاه إلى من يراني ولا أراه )، وكان بعدما كبر يأخذ بلحيته ويقول: يا رب، قد كَبرتُ فأعتقني، وكان ينشد وهو واقف بعرفة:


سبحان من لو سجدنا بالعيون له *** على شبا الشوك والمحمى من الإبر


لم نبلغ العشر من معشار نعمته *** ولا العشير ولا عشراً من العشر


هو الرفيع فلا الأبصار تدركه *** سبحانه من مليك نافذ القدر

وكان سفيان الثوري ممن يقدم الرجاء في هذا اليوم، فقد قال ابن المبارك: جئت إلى سفيان الثوري عشية عرفة، وهو جاث على ركبتيه، وعيناه تهملان، فالتفت إليّ فقلت له: من أسوأ هذا الجمع حالاً؟ قال: ( الذي يظن أن الله لا يفغر لهم! ).

وروي عن الفضيل أنه نظر إلى نشيج الناس وبكائهم عشية عرفة، فقال: ( أرأيتم لو أن هؤلاء صاروا إلى رجل فسألوه دانقاً - يعني سدس درهم - أكان يردهم؟ قالوا: لا. قال: والله للمغفرة عند الله، أهون من إجابة رجل لهم بدانق!! ).


وإني لأدعو الله أسأل عفوه *** وأعلم أن الله يعفو ويغفر


حال السلف في الطواف

قال عبدالمجيد بن أبي روّاد: ( كانوا يطوفون بالبيت خاشعين ذاكرين، كأن على رؤوسهم الطير وقع، يستبين لمن رآهم أنهم في نسك وعبادة ).

وكان طاوس رحمه الله ممن يُرى فيه ذلك النعت.

ومن العبادات التي تُطلب في حال الطواف: غضّ البصر لوجود النساء مع الرجال أثناء الطواف. قال ابن الجوزي: ( اعلم أن غضّ البصر عن الحرام واجب، ولكم جلب إطلاقه من آفة، وخصوصاً في زمن الإحرام وكشف النساء وجوههن، فينبغي لمن يتقي الله عز وجل أن يزجر هواه في مثل ذلك المقام، تعظيماً للمقصود، وقد فسد خلق كثير بإطلاق أبصارهم هنالك ).

وينبغي على النساء ألا يكشفن وجوههن أثناء الطواف وإن كنّ محرمات، فقد قالت عائشة رضي الله عنها: ( كان الركبان يمرّون بنا ونحن مع رسول الله محرمات، فإذا حاذونا سدلت إحدانا جلبابها من رأسها على وجهها، فإذا جاوزنا كشفناه ).

وينبغي على النساء كذلك ترك مزاحمة الرجال في الطواف، واختيار الأوقات التي يخفّ فيها الزحام، كما كانت أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها تفعل، فقد كانت تطوف في ناحية منفردة من البيت بعيدة عن الرجال، وكانت لا تقبل الحجر الأسود ولا تستلمه ولا تستلم الركن اليماني إن كان ثمة زحام.

ولما قالت لها مولاتها: يا أم المؤمنين! طفت بالبيت سبعاً، واستلمت الركن مرتين أو ثلاثاً. قالت عائشة: ( لا آجركِ الله.. لا آجرك الله.. تدافعين الرجال؟! ألا كبّرت ومررتِ! ).

قال ابن المحب الطبري: ( ومن المنكر الفاحش ما تفعله الآن نسوان مكة وغيرهن في تلك البقعة ليالي الجُمع وغيرها من الاختلاط بالرجال، ومزاحمتهن لهنّ في تلك الحال، مع تزيّنهن لذلك بأنواع الزينة، واشتغالهن عند إتيانه بما يوجب الروائح العطرة، فيشوّشن بذلك على متورّعي الطائفين، ويجتلبن بسببه استدعاء نظر الناظرين، وربما طافت إحداهن بل أكثرهن بغير جوربين، ويشقّ على الناس الاحتراز من ملامستهنّ في بعض الأحايين، وهذه مفسدة عظيمة عمّت بها البلوى، وتواطأ الناس على عدم إنكارها ).

فينبغي للعبد أن ينزّه طوافه عن كل ما يوجب شيئاً من ذلك، ولا يأمن عقوبة سوء الأدب وفحش المخالفة هنالك.

قيل إن إسافاً ونائلة، الصنمين المعروفين كانا رجلاً وامراة من جُرهم، دخلا الكعبة، فقبّل أحدهما الآخر فمُسخا حجرين مكانهما.


مشهدُ الحجيج

قال ابن القيم رحمه الله:


أما والذي حج المحبون بيته *** ولبّوا له عند المهل وأحرموا


وقد كشفوا تلك الرؤس تواضعاً *** لعزة من تعنوا الوجوه وتُسلمُ


يُهلّون بالبيداء لبيك ربنا *** لك الملك والحمد الذي أنت تعلمُ


دعاهم فلبوه رضاً ومحبة *** فلما دعوه كان أقرب منهم


تراهم على الأنضاء شُعثاً رءوسهم *** وغُبراً وهم فيها أسر وأنعم


وقد فارقوا الأوطان والأهل رغبة *** ولم تُثْنهم لذاتهم والتنعّم


يسيرون كم أقطارها وفجاجها *** رجالاً وركباناً ولله أسلموا


ولما رأت أبصارهم بيته الذي *** قلوب الورى شوقاً إليه تضرّمُ


كأنهم لم يَنْصبوا قطّ قبله *** لأن شقاهم قد ترحّل عنهمُ


فلله كم من عَبرةٍ مهراقةٍ *** وأخرى على آثارها لا تَقدمُ


وقد شرقت عين المحب بدمعها *** فينظر من بين الدموع ويُسجمُ


وراحوا إلى التعريف يرجون رحمة *** ومغفعرة ممن يجود ويكرم


فلله ذاك الموقفُ الأعظم الذي *** كموقف يوم العرض بل ذاك أعظمُ


ويدنو به الجبّار جلّ جلاله *** يُباهي بهم أملاكه فهو أكرم


يقول عبادي قد أتوني محبةً *** وإني بهم برّ أجودُ وأكرم


فأُشهدكم أني غفرت ذنوبهم *** وأعطيتُهم ما أمّلوه وأنعمُ


فبشراكمُ يا أهل ذا الموقف الذي *** به يغفرُ الله الذنوب ويرحم


فكم من عتيقٍ فيه كُمل عتقه *** وآخر يَسْتسعي وربُك أكرمُ


وما رُئي الشيطان أغيظ في الورى *** وأحقر منه عندها وهو ألأمُ


وذاك لأمر قد رآه فغاظة *** فأقبل يحثو التُرب غيظاً ويلطمُ


لما عاينت عيناه من رحمة أتت *** ومغفرة من عند ذي العرش تُقْسَمُ


بنى ما بنى حتى إذا ظن أنه *** تمكن من بنيانه فهو مُحْكمُ


أتى الله بُنياناً له من أساسه *** فخرّ عليه ساقطاً يتهدمُ


وكم قدر ما يعلو البناء وينتهي *** إذا كان يبنيه وذو العرش يهدمُ

وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.




\\\ دار الوطن \\\

  #3  
قديم 2006-12-26, 06:53 AM
aboanas aboanas غير متواجد حالياً
عضو ذهبــي
 
تاريخ التسجيل: Nov 2006
المشاركات: 1,683

aboanas is on a distinguished road
Arrow رسالة إلى أهل عرفة ومزدلفة ومنى \عبدالملك القاسم

الحمد لله الذي أعان على العبادة ويسّر، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه، وبعد:

فإن نعم الله عز وجل كثيرة لا تعد ولا تحصى: وَإِن تَعُدُّواْ نِعْمَتَ اللّهِ لاَ تُحْصُوهَا وأعظم النعم وأجلها نعمة الإسلام التي أكرمنا الله بها فله الحمد والشكر على منّه وفضله يَمُنُّونَ عَلَيْكَ أَنْ أَسْلَمُوا قُل لَّا تَمُنُّوا عَلَيَّ إِسْلَامَكُم بَلِ اللَّهُ يَمُنُّ عَلَيْكُمْ أَنْ هَدَاكُمْ لِلْإِيمَانِ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ فكم على وجه الأرض من كافر حرم نعمة الإسلام؟ وكم من حسيب ووجيه؟ وكم من تاجر ورئيس أغلق دونه الباب؟ فلك الحمد ربنا كما ينبغي لجلال وجهك وعظيم سلطانك.

ثم من نعمة الله عليك أيها الحاج أن أظلك برحمته ويسّر لك سبل الحج، فلم يمنعك مرض، أو قلة مال، أو خوف طريق أو غيرها من التأخير عن أداء الركن الخامس من أركان الإسلام الذي بشر النبي من أداه بقوله: { من حج هذا البيت فلم يرفث ولم يفسق، رجع كيوم ولدته أمه } [متفق عليه].

وقال : { والحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة } [رواه مسلم]. فالحج ركن من أركان الإسلام، والحج أعظم الأعمال بعد الإيمان والجهاد، وهو من أفضل القربات ويهدم ما قبله.

وأبشر بيوم تقال فيه العثرة، وتغفر فيه الزلة، فقد قال : { ما من يوم أكثر من أن يعتق الله فيه عبداً من النار من يوم عرفة } [رواه مسلم].

فهنيئاً لك هذا الخير العظيم، وهذه النفحات الإيمانية التي تغسل أدران المعاصي والذنوب. وأوصيك بتقوى الله والإخلاص في العمل، والبعد عن الرياء والعجب، وعليك بالإنابة والإخبات والذل لربك عز وجل، واحمده على نعمة أداء هذا الركن العظيم.


وإليك وقفات يسيرة لا تغيب عن بالك:

أولأ: تذكر أنك في أيام عظيمة وهي أيام عشرة ذي الحجة، قال : { ما العمل في أيام أفضل من هذه العشر } قالوا: ولا الجهاد؟ قال: { ولا الجهاد، إلا رجل خرج يخاطر بنفسه وماله فلم يرجع بشيء } [رواه البخاري].

وسئل ابن تيمية رحمه الله عن عشر ذي الحجة، والعشر الأواخر من رمضان أيهما أفضل؟

فأجاب: ( أيام عشر ي الحجة أفضل من أيام العشر من رمضان، والليالي العشر الأواخر من رمضان أفضل من ليالي عشر ذي الحجة ).

قال ابن حجر رحمه الله في الفتح: ( والذي يظهر أن السبب في امتياز عشر ذي الحجة: لمكان اجتماع أمهات العبادة فيه، وهي الصلاة والصيام والصدقة والحج، ولا يأتي ذلك في غيره ).

ثانياً: أنت في بلد الله الحرام مكة. وهو بلد تضاعف فيه الحسنات وكذلك السيئات يعظم إثمها، وقد توعّد الله عز وجل من يرد فيه الفساد بعذاب أليم، وقال تعالى: وَمَن يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ نُذِقْهُ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ قال ابن كثير رحمه الله: ( أي يهم بأمر فظيع من المعاصي الكبار ). وعن ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله قال: { أبغض الناس إلى الله ثلاثة } وذكر منهم: { ملحد في الحرم } [رواه البخاري]. قال في فتح الباري: ( وظاهر سياق الحديث أن فعل الصغيرة في الحرم أشد من فعل الكبيرة في غيره ).

وعن ابن مسعود مرفوعاً: ( لو أن رجلاً همّ فيه بإلحاد وهو بعدن أبين، لأذاقه الله عذاباً أليماً )، هذا فيمن همّ فكيف بمن عمل!

واحرص أيها المسلم على تعظيم شعائر الله فإنه جل وعلا يقول: ذَلِكَ وَمَن يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِن تَقْوَى الْقُلُوبِ .

ثالثاً: في هذا الموسم والمكان فرصة للتوبة إلى الله عز وجل، ومحاسبة النفس على تقصيرها، وخطمها بخطام العودة والإكثار من دموع الندم والتوبة، ويكفي ما امتلأت به الصحائف من الذنوب والآثام، ويكفي ما مضى من العمر، وفيه ما فيه من تفريط وغفلة.. قال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنظُرْ نَفْسٌ مَّا قَدَّمَتْ لِغَدٍ قال ابن كثير في تفسير هذه الآية: ( أي حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا، وانظروا ماذا ادخرتم لأنفسكم من الأعمال الصالحة ليوم معادكم وعرضكم على ربكم ).

قال مالك بن دينار رحمه الله: ( رحم الله عبداً قال لنفسه: ألستِ صاحبة كذا؟ ثم خطمها، ثم ألزمها كتاب الله، تعالى فكان لها قائداً ).

رابعاً: لقد تركت أهلك وديارك وأموالك وأولادك راغباً فيما عند الله عز وجل، فلا تضيع هذه الأوقات الثمينة، وفرّغ نفسك من لقاء الناس وكثرة الحديث، وتفرغ لأمر آخرتك، واستشعر هول المطلع وعظمة الجبار.

خامساً: لا بد أن يكون الصبر لك شعاراً ودثاراً فتجمّل به واحرص عليه، فأنت في عبادة عظيمة تصاحبها مشقة السفر ووعثائه، وقلة الزاد وضيق المركب، وكثرة الزحام وطول الطريق، فلا تتأفف ولا تتذمر، ولا تدافع من حولك، وعليك بالرفق والسكينة.

عن جابر بن عبدالله أن النبي سمع زجراً شديداً وضرباً وصوتاً للإبل فقال: { أيها الناس عليكم بالسكينة، فإن البر ليس بالإيضاع - يعني الإسراع } [متفق عليه]. وكان يقول: { أيها الناس السكينة السكينة } [رواه مسلم]. ومن خطبة لعمر بن عبدالعزيز رحمه الله بعرفات أنه قال: { ليس السابق من سبق بعيره وفرسه، ولكن السابق من غفر له }.

سادساً: تذكر أيها الأخ المسلم أن الله عز وجل حرّم الظلم على نفسه وجعله محرماً، وحرّم إيذاء المؤمنين والمؤمنات فاحذر أن يزل لسانك بكلمة جارحه أو يدك بدفع أحدة الحجاج، أو بالاستعلاء والتكبر عليهم وإدرائهم، وابتعد عن الرفث والفسوق في الحج. قال تعالى: الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَّعْلُومَاتٌ فَمَن فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلاَ رَفَثَ وَلاَ فُسُوقَ وَلاَ جِدَالَ فِي الْحَجِّ قال ابن سعدي رحمه الله:

( الرفث: هو الجماع ومقدماته الفعلية والقولية، خصوصاً عند النساء بحضرتهن. والفسوق: وهو جميع المعاصي ومنها محظورات الإحرام. والجدال: وهو المماراة والمنازعة والمخاصمة، لكونها تثير الشر، وتوقع العداوة، والمقصود من الحج: الذل والانكسار لله، والتقرب إليه بما أمكن من القربات، والتنزه عن مفارقة السيئات، فإنه بذلك يكون مبروراً، والمبرور ليس له جزاء إلا الجنة، وهذه الأشياء، وإن كانت ممنوعة في كل زمان ومكان، فإنه يغلظ المنع عنها في الحج ).

سابعاً: وأنت في هذه الأيام المباركة.. استشعر أن الوقت محدود سريع الانقضاء، فانزع إلى خير الصحب وأفضل المرافقين، وابحث عن أحرصهم على تكبيرة الإحرام وأداء النوافل وقراءة القرآن، واجعله لك معيناً ومساعداً، وليكن هو رفيق الرحلة الذي يعينك ويشد من إزرك على الطاعة والعبادة.

ثامناً: الدعاء.. الدعاء، قال : { الدعاء هو العبادة } [رواه أبو داود]. فاحرص أخي الكريم على الدعاء وأكثر منه بقلب حاضر ورجاء في الإجابة، فإن الله جواد كريم، وقد اجتمع لك المكان الطاهر والزمان الفاضل وأنت حاج مسافر.. فتحرّ فتح الأبواب وأكثر من الدعاء لخاصة نفسك ولوالديك وذريتك وادع الله عز وجل أن يجعلك من المقبولين، واجعل لأمة محمد نصيباً من الدعاء.. بأن يصلح أحوالهم، وأن يهديهم سواء السبيل.

تاسعاً: في هذا التجمع يكثر اختلاط الرجال بالنساء وعلى كل مسلم ومسلمة أن يحرص على البعد عن المزاحمة مع غضّ البصر. قال تعالى: قُل لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ وقال تعالى: وقل لِّلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ .

قال ابن كثير رحمه الله: ( وهذا أمر من الله تعالى لعباده المؤمنين أن يغضوا من أبصارهم لما حُرم عليهم، فلا ينظروا إلا إلى ما أباح لهم النظر إليه، وأن يغضوا أبصارهم عن المحارم، فإن اتفق أن وقع البصر على مُحرّم من غير قصد فليصرف بصره عنه سريعاً ).

والنبي يُذكّر علي ابن أبي طالب وهو من هو في الورع والتقى، فيقول : { يا علي، إن لك كنزاً في الجنة فلا تُتبع النظرة النظرة، فإن لك الأولى وليست لك الآخرة } [رواه أحمد]، وهذا ابن سيرين رحمه الله يقول: ( إني أرى المرأة في المنام فأعرف أنها لا تحل لي، فأصرف بصري عنها.. ) فاستحضر يا من أنت في بلد الله الحرام.. عظم الذنب وقرب الرحيل، وتذكر يوماً تتطاير فيه الصحف، وتشيب فيه الولدان.

هذا وقد فتح الله لك أبواباً كثيرة للخير ومنها:

1 - الحرص على أداء الصلاة في وقتها، وعوّد نفسك أن تأتي مع الآذان فأنت في إجازة تامة من أعمال الدنيا، ومتفرّغ للطاعة والعبادة، وأعظمها بعد الشهادتين أداء الصلاة. قال : { لو يعلم الناس ما في النداء والصف الأول، ثم لا يجدوا إلا أن يستهموا عليه لاستهموا عليه } [متفق عليه].

2 - للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر منزلة عظيمة في الإسلام، وعدّه بعض العلماء الركن السادس من أركان الإسلام، وقدّمه الله عز وجل على الإيمان في قوله تعالى: كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ [آل عمران:110] وقدّمه الله عز وجل في سورة التوبة على إقام الصلاة وإيتاء الزكاة، قال تعالى: وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللّهَ وَرَسُولَهُ أُوْلَـئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللّهُ إِنَّ اللّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ [التوبة:71] وفي هذا التقديم بيان لشان الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وعظم منزلته وخطر تركه. ودرجات تغيير المنكر ذكرها النبي بقوله: { من رأى منكراً فليغيّره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان } [رواه مسلم].

ومجالات الأمر بالمعروف كثيرة في موسم الحج منها: إقامة الصفوف حال الصلاة، وتنبيه الغافل، وتعليم الجاهل، وإبعاد النساء عن الرجال، والأمر بالحجاب والتحذير من السفور. والمسلمة تعلّم النساء كيفية الصلاة الصححية وأحكام الطهارة، وتحذّرهنّ من البدع والشرك، وتأمرهنّ بالحجاب، وغير ذلك.

3 - الدعوة إلى الله عز وجل باب عظيم من أبواب الخير قال : { من دعا إلى هدى، كان له من الأجر مثل أجور من تبعه، لا ينقص ذلك من أجورهم شيئاً } [رواه مسلم]. ويتم ذلك بتعليم الجاهل، والغافل، وتوزيع الكتب الشرعية والأشرطة الإسلامية، والدلالة على مكان الدروس والمحاضرات وغيرها كثير.

وأهيب بالإخوة الذين لديهم علم شرعي، أو ملكات أدبية المشاركة في أنشطة المخيمات، فكم اهتدى في هذه الرحلة من شخص، كما أن المشاركة تجعل الحجاج أكثر قرباً وترابطاً، وإبعاداً لهم عن القيل والقال.

4 - من أعمال الحج التي كانت معروفة قديماً إطعام الطعام خاصة في أوقات الزحام، وفي الإطعام أجر عظيم. قال تعالى: وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِيناً وَيَتِيماً وَأَسِيراً [الإنسان:8] وكان السلف الصالح يحرصون على إطعام الطعام سواء كان ذلك بإشباع جائع أو إطعام أخ صالح قال : { أيما مؤمن أطعم مؤمناً على جوع أطعمه الله من ثمار الجنة.. } [رواه الترمذي].

5 - استثمر الوقت في أنواع العبادة والطاعة، وأيام الحج قلائل فلا تضيّعها في القيل والقال والغمز واللمز ومراقبة الناس، وانتقاد الأكل والشرب والمخيم والمكيفات، بل اسمو بنفسك عن أمور الدنيا.

6 - بادر بإعانة المسنين ومساعدتهم: فإن في ذلك إحترام وتوقير لذي الشيبة ومن الرحمة بهم.

7 - توزيع الماء البارد: ( السقيا ) حيث كثرة الزحام والعطش قال : {.. ومن سقى مؤمناً على ظمأ سقاه الله من الرحيق المختوم } [رواه الترمذي بسند جيد].

8 - الصدقة بالمال: فإن الإنفاق من أعظم القربات وأجلّ الطاعات، والآيات والأحاديث في فضل الصدقة كثيرة جداً، ومن بين هذا الجمع المبارك الفقير وأصحاب الحاجات، ففي إعطائهم سدّ لجوعتهم وتفريج لكربتهم وإغنائهم عن السؤال، حتى وإن كانت بالقليل من المال، قال : { اتقوا النار ولو بشق تمرة }، فأقرض الله عز وجل وهو غني عنك ليضاعف لك الأجر والمثوبة مَّن ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللّهَ قَرْضاً حَسَناً فَيُضَاعِفَهُ لَهُ أَضْعَافاً كَثِيرَةً [البقرة:245].

قال ابن القيّم رحمه الله: ( فإن للصدقة تأثيراً عجيباً في دفع البلاء ولو كانت من فاجر، أو ظالم، بل من كافر، فإن الله يدفع بها أنواعاً من البلاء ).

9 - إشاعة السلام: في هذا التجمع الكبير وفي وسط الزحام المتتابع والحر الشديد، تكون الابتسامة طريق مودة ورحمة، ورفع للمعاناة وإظهار للترابط والتواد قال : { لا تدخلوا الجنة حتى تؤمنوا، ولا تؤمنوا حتى تحابوا، أو لا أدلكم على شيء إذا فعلتموه تحاببتم؟ أفشوا السلام بينكم } [رواه مسلم].

10 - البشاشة والتبسم: قال : { لا تحقرن من المعروف شيئاً ولو أن تلقى أخاك بوجه طلق } [رواه مسلم]. وقال عبدالله بن الحارث: ( ما رأيت أحداً أكثر تبسماً من رسول الله ) [رواه أحمد]. ولا تكثر الضحك والمزاح فإنها أيام عبادة وجد لا هزل وضحك.

11 - تفريج الكرب: في السفر يحصل بعض المتاعب والمصاعب وفي إعانة المسلمين وتفريج كربهم خير عظيم قال : { ومن فرج عن مسلم كربة فرج الله بها كربة من كرب يوم القيامة } [متفق عليه]. ومن صور تفريج الكرب إرشاد التائهين، وإيصال المنقطعين، وإعانة المحتاجين.

13 - التضحية والإيثار: لقد كان من سمات صحابة رسول الله التضحية والإيثار وتقديم إخوانهم المسلمين على أنفسهم في المأكل والمشرب، وتحمل الجهد والعناء عنهم.

13 - حسن الصحبة: للصحبة آداب يحسن بك معرفتها، فأنت في سفر، والسفر يسفر عن أخلاق الرجال. واحذر كثرة السؤال والتدقيق والتحدث في كل شيء، قال : { من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه } [رواه الترمذي].

14 - الإستئذان عند الدخول والخروج: عند الرغبة في الذهاب للحرم، أو رمي الجمرات أوغيرها، لا بد من إعلام المسؤول ليعرف وجهة كل فرد حتى يسهل ترتيب العمل، كما وأن ذلك أدعى لعدم التفرق والضياع.

15 - اجعل لك في هذه الأيام المباركة جدولاً لحفظ سور من كتاب الله عز وجل ولتكن: سورة البقرة، أو سورة الكهف، أو سورة النور مثلاً، واستعن بالله.. وسوف يفتح الله على قلبك.

16 - حافظ قدر المستطاع على نظافة المكان الذي تنزل فيه، والطريق الذي تسير فيه، ومن أوجه الصدقة إزالة الأذى عن الطريق.

17 - من آداب السفر الشرعية اتخاذ أمير في السفر قال : { إذا خرج ثلاثة في سفر فليؤمّروا أحدهم } [رواه أبو داود]. وهذا أدعى للاتفاق والبعد عن كثرة الآراء وتعددها.


أخي الكريم:

احذر العُجب والمباهاة بعملك، فإن الله عز وجل هو الذي وفقك وأعانك، وهو الذي هداك، فلا تعجب بعملك فإنه قليل في جنب الله عز وجل، بل استشعر عظمة خالقك وسعة مغفرته، وادعه عز وجل أن لا يكلك إلى عملك، ولا إلى نفسك طرفة عين.

احذر الرياء والسمعة عند العودة والتفاخر وإعلام الناس ليعظموك.

تجنّب أن تسوّد عملك الصالح بالمنّ والأذى، ولا تردد أقوال بعض الجهلة ( تعبنا )، ( الزحام كثير )، ( والحر شديد ) ( خسرت كذا ).. واصبر واحتسب، فالعبادة فيها مشقة وطول طريق واجتماع كبير، تحدث خلاله أمور على غير ما اعتدت عليه في بلدك.

تأمّل غربتك في مكة وهنّ أيام قلائل، ووسائل الاتصال متاحة! فكيف هي حالك في غربة القبر ووحشته؟! واعلم.. أنك تموت وحدك وتحاسب وحدك وتبعث وحدك، فاستعد لهذا اليوم وما بعده.

أكثر من الدعاء أن يتقبل الله حجك وأن يكتب أجرك وأن يثبتك على دينه حتى تلقاه.


الحال بعد العودة:

ها أنت قد حججت إلى بيت الله الحرام، وأكرمك الله عز وجل بأداء هذه الشعيرة العظيمة، وادعو الله عز وجل أن تكون قد خرجت من ذنوبك كيوم ولدتك أمك، وابشّرك بحديث الصادق الذي لا ينطق عن الهوى: { ما أهلّ ـ يعني لبّى ـ مهلّ ولا كبّر مكبّر قط إلا بشّر بالجنة } [صحيح الجامع الصغير:5445].

وقال : { ما ترفع إبل الحاج رجلاً ولا تضع يداً إلا كتب الله بها حسنة، أو محا عنه سيئة، أو رفع له درجة } [صحيح الجامع الصغير:5472].

ها قد عادت صحائفك بيضاً، فماذا الحال بعد هذا العفو والعتق؟! وهل تعيد السيرة الأولى من كثرة الذنوب والآثام؟ أم تسارع إلى ملئ الصحف بالطاعات وكثرة العبادة؟!

تقبّل الله منا ومنكم صالح الأعمال، وجعلها صواباً خالصةً لوجهه الكريم.

وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.



\\دار القاسم \\

  #4  
قديم 2006-12-27, 01:55 PM
الصلبوخي الصلبوخي غير متواجد حالياً
إداري ســـابــق
 
تاريخ التسجيل: Apr 2006
الدولة: مــلـهــم/ شمال الرياض
المشاركات: 4,471
جنس العضو: ذكر
الصلبوخي is on a distinguished road
افتراضي خدمة الخط المباشر لفتاوى الحج والعمرة

بسم الله الرجمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
يســـر موقع المســـلم أن يقدم لكم
خدمة الخط المباشر لفتاوى الحج والعمرة
يجيب على أسئلتكم أعضاء المكتب العلمي بالموقع
ابتداءً من 7 ذي الحجة إلى 12 ذي الحجة
وذلك من الساعة 6 صباحاً وحتى الساعة 12 ليلاً عبر الإتصال او رسائل الجوال
على الأرقام التالية
02 550 7771
02 550 7772
02 550 7773
0551177791
0551177792
0551177793
0551177794

0551177795
https://www.almoslim.net/Ftawahaj.cfm

موضوع مغلق


المتواجدين الآن بالموضوع : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

 


الساعة الآن 08:40 AM


Powered by vBulletin .
جميع الحقوق محفوظة © لشبكة ومنتديات البراري 2010