علم الفلك تحت المجهر

[خالد العمر]

الحمدلله والصلاة والسلام على أفضل خلق الله نبينا محمد وعلى اله وصحبه أجمعين

من المأخذ على العلم الفلكي
قولهم على سبيل الجزم بإسباب نشأة المذنبات والنيازك . وذكرهم لتفصيلات ما أنزل الله بها من سلطان فإن الجزم بشيئ من ذلك رجم بالغيب وقول على الله بغير علم .. فإن خالق المخلوقات كلها الله جل وعلا

(بديع السموات والأرض) (صنع الله الذي اتقن كل شيئ) (الا يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير)
وغاب عن كثير من الفلكيين أن أمره بين الكاف والنون
قال تعالى(إنما أمره إذا أراد شيئا أن يقول له كن فيكونن)(أتيا طوعا أو كرها قالتا أتينا طائعين)

وأن السموات بنيت بإيدي الجبار التي تليق بجلاله بلا تكييف ولا تشبيه فنثبتها كما نثبت لله جميع الأسماء والصفات التى وصف بها نفسها وهي صفات تدل على جمال وعظمة الخالق (والسماء بنيناها بإيدي وإنا لموسعون)
وقال تعالى (ومن أياته أن تقوم السماء والأرض بإمره)
فكل شيئ بإمر الله وهذه المسماه نيازك ومذنبات وإن كنت أختلف في مسماها هي من تدبير الله وأمره وحكمته

بل ما من كوكب في السماء إلا وخلقه الله لحكمة في قربه وبعده عن الأرض وشدة لمعانه وإخفاته
فكل ذرة في الكون لم تخلق عبثا أو باطلا كما قال تعالى (وما خلقنا السماء والأرض وما بينهما باطلا ذلك ظن الذين كفروا فويل للذين كفروا من النار)تأمل كيف اكد ان ظن الكافرين يختلف عن ظن المؤمنين وفي هذا اشارة لطيفةإلى البعد عن علوم الكافرين المبنية على الظن في خلق الله للملكوت
وانه لا ثمة هنالك إلا حق أو ظن في معرفة أسرار الكون فالحق ما بينه الخالق جل وعلا والظن مطية الكافرين ومن سار سبيلهم الية شاهدة
وقد بينت الإية التي تليها أنهم مفسدون في الأرض وأعظم الفساد هو فساد العقول بالضلالات ومن ثم الأنحراف عن الصراط المستقيم قال تعالى (أم نجعل الذين امنوا وعملوا الصالحات كالمفسدين في الأرض ام نجعل المتقين كالفجار)ليسوا والله سواء لا في الدنيا ولا في الأخرة
والنجاة بالصراط المستقيم والبعد عن كل سبيل يصد عن الدين
قال نعالى (وأن هذا صراطي مستقيما فأتبعوه ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله)
وإن الحديث عن بعض الأسرار ككيفية خلق الله للكواكب ومن أين هذا من العبث الذي يراد به صرف الناس عن دينهم وكما قلنا انه غاب عن كثير من الفلكيين قوله تعالى (إنما أمره إذا أراد شيئا أن يقول له كن فيكون)
وغاب عنهم قوله تعالى (لا يسئل عما يفعل وهم يسئلون)
وأقول للجميع نحن جهلة مظلمون في معرفة خلق الله للملكوت وان كنا نتمتع بأبصار وعقول وذلك في معرفة أسرار الكون واسباب الخلق والإيجاد
ولولا أرشاد الله لنا لضللنا ولهلكنا لن عقولنا لا تستقيم بذاتها فالحمد الله الذي جعلنا مسلمين
فمن رحمة الله بنا أن أرسل الرسل لنا الرسل ييبينوا لنا سر الخلق وأبداعه والمهمة التي خلق لها الخلق قال تعالى (وما خلقت الجن والأنس إلا ليعبدون) وبين لنا البارئ شيئ من سير الأوائل والتي يستفاد منها على سبيل العضة والأعتبار (وسكنتم في مساكن الذين ظلموا أنفسهم وتبين لكم كيف فعلنا بهم وضربنا لكم الأمثال)

وصية للجميع أن نعود إلى فطرتنا في النظر للملكوت لنسعد في الدنيا والأخرة
ولنكف عن التنطع الغير مفيد والذي لم نؤمر به ولا ندري أين يصل بنا
فإن الخائض في علم الفلك المعاصر كالخائض في بحر عميق لا يدري أين يصل به خاصة أنه لا يعرف أبعاده
لأنه طريق غير واضح لا تحده حدود .بحور من التيه تنادي بأخواتها والسلامة كل السلامة في مسلك من سبق في البعد عن هذه العلوم والتي ضررها أشد من نفعها ولا تكاد تذكر منفعتها في بحر ضررها ولو لم يكفي إلا ضرر الدين لكفى به من ضرر فهو والله قاصمة الظهر . إضافة إلى ما تحدثه أمثال هذه العلوم من الضيق ونكد العيش والخيال الذي لا ينتهي مع إعجاب للكفار وإنسياق وراء علومهم كليا
اللهم سلم القلوب وأجعلها لك تفكرا وتعظيما وإخباتا قال تعالى (مالكم لا ترجون لله وقارا وقد خلقكم أطوارا*الم تروا كيف خلق الله سبع سموات طباقا وجعل القمر فيهن نورا وجعل الشمس سراجا )
إخي أنظر في الملكوت وتمتع به كما تشاء وإن كنت أظن لنفسي ولا أحجر واسعا أن النظر بالعين المجردة أنفع للمؤمن في قلبه وأيمانه وعقله وكذا بصره . لأن العين المجردة هي التي نظر بها الأنبياء ونظر بها رسول الله صلى الله عليه وسلم
فلو كان خيرا للمرء أن ينظر زيادة على مساحة عينه المجردة
لقوى الخالق بصر الأنسان وجعله ينظر لزحل والمشتري بعينه المجردة ولكن الخير كل الخير في ما أختاره الله للعبد وفي محيط بصره فهو النافع له حتى في أموره الروحيه والنفسيه
*وتأمل في رحمة الله لنا لم يعطي أبصارنا خاصية لتنظر في داخل بطوننا لذلك المرء قد يشمئز من نفسه عندما يرى صور أشعته الداخليه فتأمل كيف حوى الله كل هذه الأجهزة الداخلية النتنة في هذا الغطاء وهو البطن ولم يجعله شفافا تخترقه العيون
كما قال تعالى (ولقد الأنسان في أحسن تقويم)
** ومع هذا أقول كما أن أستخدام اشعة البطن لا حرج به وللحاجة فكذلك أستخدام المناظير لرؤية الفضاء لا حرج به وإنما بقدر الحاجة
** تأمل ايهما أجمل لعينيك أن تنظر للسحب وتوسعها يمنة ويسرة من فوق الطائرة أم وأنت واقف على الأرض
أنك تشاهد من صور الأبداع في تقلب السحب وتعدد الوانها وجمالها وجمال البرق فيها وأنت واقف على جبل أو سهل ما لا يقاس وأنت فوق الطائرة
كما أنك ستنقل للناس حولك عظمة ما رأيت لمن حولك وسيتصورون المشهد في أذهانهم مع الوصف ما لا يمكن ذلك لو حدثتهم من خلال ما رأيته عبر الطائرة
لأنه ليس في محيط أبصارهم ** وصور السحب من فوق متقاربة
بخلاف من ينظر من أسفل في الأرض فإنه سيدرك أشياء يصعب أدراكها في الطائرة وعلى هذا قس تأمل الأيات من قوله تعالى التالية
(الم ترى أن الله يزجي سحابا ثم يؤلف بينه) (والسحاب المسخر بين السماء والأرض) (أفرأيتم الماء الذي تشربون أأنتم أنزلتموه من المزن أم نحن المنزلون*لو نشاء جعلناه أجاجا فلولا تشكرون)(وأنزلنا من المعصرات ماء ثجاجا)

فأعط بصرك المجرد للنظر في الملكوت أكبر المساحات ففي هذا البهجه والسرور
· إذا نظرات في المنظار أبتعد عن التفسيرات الخاطئة أو الأمور لم يرد الدليل عليها
· وليكتفي المرء بقول الله أعلم فيما لا يعلم
ومن المأخذ في علم الفلك تحديدهم للمسافات بين كوكب وأخر بكذا سنة ضوئية وأخذ هذه المسافات على سبيل الجزم وهذا مما لا يدرك خاصة أنه لم يرد دليل شرعي عليه فلما الأستخفاف بعقولنا
ومما نعلمه عموما أن الكون واسع جدا
عن جابر رضي الله عنه عن سول الله صلى الله عليه وسلم قال (أذن لي أن أحدث عن ملك من ملائكة الله تعالى حملة العرش ما بين شحمة أذنه إلى عاتقه مسيرة سبعمائة سنة)رواه أبوداوود وصححه الألباني في الجامع
وعن إبي ذر رضي الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ما الكرسي في العرش إلا كحلقة من حديد القيت بين ظهري فلاة )رواه الطبراني في الصغير(ج5/399)والحديث حسن لغيره بجمع طرقه
فسبحان من لا يحاط به علما
قال تعالى (وعنده مفاتح الغيب لا يعلمها إلا هو ويعلم ما في البر والبحر وما تسقط من ورقة إلا يعلمها ولا حبة في ظلمات الأرض ولا رطب ولا يابس إلا في كتاب مبين)
وقال جل وعلا (ولو أنما في الأرض من شجرة أقلام والبحر يمده سبعة أبحر ما نفدت كلمات الله)
وقال سبحانه(وما يعزب عن ربك من مثقال ذرة في الأرض ولا في السماء ولا أصغر من ذلك ولا أكبر إلا في كتاب مبين)
وقال تعالى (يعلم ما يلج في الأرض وما يخرج منها وما ينزل من السماء وما يعرج فيها)
فسبحان من أحاط علما في كل شيئ (الا يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير)
وقال تعالى (إن ربكم الله الذي لا إله إلا هو وسع كل شيئ علما)
أننا أخوتي عندما نتحدث عن الكون فإنما نتحدث عن الله فهذا الكون فقير إلى خالق وقد خلقه الله
فقير إلى مبدع وقد أبدعه الله . فقير إلى جمال وقد جمله الله
فقير إلى من يحفظه ويقيم نظامه وقد أحكمه الله ,
فلو قدر الله أن يستنطق الحجر لقال إنما وجدت لحكمه كذا علمني الله أياها
ولو أستنطقت النجم لنطق أن الله أوجده لحكمه في قربه وبعده ولمعانه وضوئه لا يتعداها ,, فكل الكون يسير وفق نظام مسيره الخالق جل وعلا (لا الشمس ينبغي لها أن تدرك القمرولا الليل سابق النهار وكل في فلك يسبحون)
قولوا لي بربكم من شق الضياء إنه (فالق الإصباح)
من أشع نوره وملئ به الأفاق إنه القائل(والصبح إذا تنفس)
من خلق البكور وحرك الطيور وقاد الخلق إلى الأرتزاق إنه القائل(هو الذي جعل لكم الأرض ذلولا فأمشوا في مناكبها وكلوا من رزقه)
من أوجد الضحى ووزان في الضياء والحرارة بين دقيقه وساعه وثانية إنه رب الضحى القائل (والشمس وضحاها)(والضحى)
من أوجد الغروب ومن خلق السكون واألبس الكون لباس السواد إنه القائل (وله ما سكن في الليل والنهار) (والليل إذ عسعس*والصبح إذا تنفس)
والقائل (أقم الصلاة لدلوك الشمس إلى غسق الليل وقرأن الفجر إن قرأن الفجر كان مشهودا)
وخلاصة القول أن تصور المسلم عن الكون والخلق هو تصور مرسوم لا يحيد عنه لأنه من لدن حكيم خبير ومن هذا الكتاب الذي قال الله به (لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه) بخلاف تصور الأمم الأخرى فكل فريق له تصور يختلف عن الأخر
ومن هنا نحرص أن يكون تلقينا من الثقات المأمنيين بخلاف من يسير بظلام دامس وبدون معالم وهدى يهتدي
قال تعالى (أومن كان ميتا فأحييناه وجعلنا له نورا يمشي به في الناس كمن مثله في الظلمات ) والله الموفق