ابن حميد: اختلاف الفصول وتعاقبها وقفات اعتبار وتذاكر

واس- مكة المكرمة، المدينة المنورة: قال فضيلة إمام وخطيب المسجد الحرام بمكة المكرمة الشيخ الدكتور صالح بن حميد، في خطبة الجمعة التي ألقاها اليوم: "لقد كان من تعاليم ديننا وحكمه ومن ما حفظ من نهج أهل السلف الصالح الربط بين أحوال الدنيا وتقلباتها وتصرف أيامها وبين أحوال الآخرة وعواقب الأعمال تذكرة وعبرة واستعداداً"، موضحاً أن من ميادين التفكر ومواطن الاعتبار اختلاف الفصول وتعاقبها من صيف وشتاء وربيع وخريف وحر وقر وغيث ودهر.
وبيّن أن هذه وقفات اعتبار وتذاكر مع فصل الشتاء في ليله ونهاره وبرده وأمطاره فقد كان للسلف معه تأملات واستفادات .
وأكد فضيلته أنه "شتان بين من يتلذذون بالتلاوة والذكر والدعاء والمناجاة والصيام والقيام وبين من يبيت غافلاً لاهياً ساهراً ناسياً كأنه قد نسي يوم الحساب, وشتان شتان بين أقوام يبيتون لربهم سجداً وقياماً قليلًا من الليل ما يهجعون وبالأسحار هم يستغفرون ويتذكر بالشتاء زمهرير جهنم شتان بينهم وبين أقوام آخرين غافلين وفي السهر القاتل غارقين يقطعون الليل الطويل في سمر مهلك مشتغلين بما لا يحل من مسموع ومقروء".
وأشار الشيخ ابن حميد إلى أنه لا مانع من الوضوء بالماء الدافئ وتسخين الماء وتنشيف الأعضاء بعد الفراق من الوضوء بل ويباح التيمم إذا خاف على نفسه من شدة البرد فضلاً من الله ورحمة وتيسيراً ونعمة .
وقال: إن مما تقتضيه المناسبة التنبيه إلى أن بعض الناس يوقد النار للتدفئة مثل بعض أجهزة التدفئة, وهذا من فضل الله وتيسيره وتسخيره, ولكن قد أرشد نبيكم محمد صلى الله عليه وسلم على إطفائها قبل النوم .
واستطرد إمام وخطيب المسجد الحرام قائلاً: إن شدة برد الدنيا يذكر بزمهرير جهنم مما يوجب الخوف والحذر والاستعداد, فقد جعل الله من دنياكم عبراً ومن تقلبات دهركم عظات وفكراً فلا يكاد يمر بالعبد آية أو يقابله موقف إلا وفيه مناسبة لمحاسبة النفس وفرصة ومبادرة للطاعة واستعداداً ليوم الحساب, والليل في الشتاء طويل فلا تقصره بمنامك فأبواب الخير واسعة فخفف من آثامك .
وبيّن ما أنعم الله به على أهل هذا الزمان من ألوان النعيم وصنوف المسخرات من المخترعات والمكتشفات من وثير اللباس واللحاف ووسائل التدفئة في المساكن والمراكب والأسواق وأصناف المآكل والمشارب ومظاهر نعم الله وفضله وتيسيره وتسخيره التي لم تكن موجودة سابقاً .
وقال الشيخ ابن حميد: "إن من التفكر والتذكر ومواطن الاعتبار والمسابقة إلى الخيرات ما تستذكرونه من اشتداد المؤونة على إخوان لكم قريبين وبعيدين, تزداد عليهم الكلفة بسبب الحاجة أكلاً وشرباً ولباساً ومسكناً وتدفئة, إذا جلستم جلسات أسرية ومسامرات أخوية بمطاعمكم ودفئتكم وحسن مجالسكم أدام الله عليكم نعمه وأمنه فتذكروا أسراً ترتعد فرائضهم, مزق البرد أوصالهم وأسالت الرياح دموعهم وجمد الصقيع جلودهم وشيوخاً وأطفالاً ونساء ذاقوا الحزن الأليم فقدوا الأهل والوطن وعدم المأوى والكساء رحماك رحماك يا أولي المستضعفين ويا ناصر المكروبين, وإن المسلمين جسد واحد في تكافلهم وسد حاجاتهم فأمدوهم بما أفاء الله عليكم وأفاض من فضول أموالكم ومتاعكم وأثاثكم، تفقدوا الأرامل والمساكن والمحاويج من حولكم فمن كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته ومن فرج عن مسلم كربة فرج الله عنه كربة من كرب يوم القيامة".