وصلنا لموقع الحدث....
بحيرة تشكّلت بفعل الأمطار تجمعت فيها كمية كبيرة من مياه السيل...
والحدث هو....
اكتشاف جثتان...
احداهما لفتاة في الرابعة عشر من عمرها....
وصلنا متأخرين فلم نوثق الحدث....
قد يكون خيرا....
حقيقةً لست متأكدة ان كنت سأتحمل المشهد :\
رأينا مجموعة آليّآت الدفاع المدني ورجاله مجتمعين في موقع البحيرة لمباشرة سحب المياه وانتشال الجثث.!
"الدفاع المدني حضر بناءا على بلاغ من أحد المواطنين باكتشافهم الجثة..."
أخبرونا بقصتهم والأسى بادٍ على وجوههم....
.
على اليمين خالد السلمي شقيق المفقود...
وبجانبه أبن المفقود....خالد خضر السلمي....
شحذت ذاكرتي سريعا وسألتهم إن كان من يبحثون عنه هو الموجود على صفحات الفيس بوك؟؟؟!!!
أخبروني أن نعم...وأروني صورة له....
سبحان الله مفارقة غريبة....
سألتهم هل وجدوه؟
لم احتاج إلى اجابة....
فقد كانت مرسومة بوضوح على وجوههم....
استيقظ خضر السلمي صباحا للذهاب إلى دوامه...
عندما رأى المطر الشديد اعتذر من مديره
ولمّا خف المطر قليلا
أخبر أهله أنه سيتوجه إلى حي الحرازات ليتفقد مسجد والده الذي هو قيد الانشاء....
وعدهم ... (إذا رجعت العصر راح أمشيكم)
وكان هذا آخر ما كان بينهم....
وقت العصر وعلى الوعد انتظروه يعود إليهم....
لكنه هذه المرة فقط لم يوفي بوعده....
اتصلوا به كثيرا...جواله مغلق....
من وقتها خرجوا يبحثوا عنه....
في كل مكان بحثوا عنه...ولم يجدوه...
في المستشفيات...
في مراكز الشرطة...
في الدفاع المدني...
حتى في قائمة الوفيات بالمستشفيات
قدموا بلاغ لخفر السواحل.... بدون فائدة...
بعد أيام من البحث وجدوا سيارته سليمة
قريبة من سجن الاستخبارات في حي الصواعد...
هذه قصته التي قرأتها عنه....
والتي وافقت ما فالوا...
لكنهم أضافوا تفاصيل أخرى أزعجتني كثيراً....
عندما توجهوا للدفاع المدني ليبحث لهم أو معهم عن والدهم
لم يتلقوا أي ردة فعل ايجابية تشفي غليلهم وتطفي حرقتهم....
وأمام هذا الموقف الّلا مهني...
اضطّر ذووه التوجه لأماكن تجمع الجثث بأنفسهم...
واستئجار آليات البحث على حسابهم
والتي تُكلّف مبلغ طائل لليوم الواحد...
انتشل أهل السلمي وأهالي المنطقة ثلاثة عشر جثة....
سلموها للدفاع المدني...
وجثتا اليوم تختم العدد.... بلغوهم عنها فأتوا لانتشالها
بعد أن اخبروهم سابقاً أنه تم تمشيط المنطقة وخلوها من الجثث!!!!!!
خالد الابن.....
حقيقةً....
لم استطع تفسير ماهية تلك النظرة تحديداً....
فلا شيء في قاموسي يفسرّها...
فتركتها كما هي احتراما لابنٍ بار أبى أن يرضى بغير الكرامة لأبيه...
حياً كان أو ميتاً.
..
وليد.... الشقيق.... حزنٌ يشوبه اصرار...
لن نقبل كلمة عزاء قبل أن نعثر على جثمانه....
فيوارى مكرمّا مرفوعاً على أكتاف لم تكل ولم تمل
فإما أن تقيم صيواناً بعرس ولادته من جديد....أو لتتقبل فيه عزائه..
بارك الله بكم أهل سندٍ وكرامة....
_____________________________________
في مقدمتهم....جلس هناك.......
ينتظر من يبحث عنه....ويتمنى ألاّ يجده....
يريد العثور عليه....
ولكن ليس هنا...
ليس في تلك البحيرة....
ليس تحت ماء ولا طين...
ليس بدون أنفاس تتناوب وليس بدون قلبٍ ينبض....
جلس هناك في مقدمتهم
يتمنى ولا يتمنى...
زورق فارغ....
يطفو بخجل على قبر أمّة من البشر....
من أرواح أهالي مدينة كانت يوماً عروس....
الآن هي تحتضر إن لم تنقذها يدُ العدالة.....
________________
في وسط اللاشيء....
رأيت ......حذاءاً أضاع صاحبه....
ربما كان صاحبه جثة هامدة ترقد تحت ركام من طين...
شاهدا على قبره.... حذاء
تركنا صاحبه وحمّلنا أمانة....
للبحث عن الأمانة....
في زمن انعدم الأمانة....
فهلّا شمّرنا عن سواعدنا وبدأنا عملية البحث...........
عن "الأمانة"؟
منقول