عرض مشاركة واحدة
  #2  
قديم 2007-03-16, 03:16 PM
الصورة الرمزية ولد حريملاء
ولد حريملاء ولد حريملاء غير متواجد حالياً
خبير ومحلل في الطقس
 
تاريخ التسجيل: May 2006
الدولة: الرياض
المشاركات: 9,779
جنس العضو: ذكر
ولد حريملاء is on a distinguished road
افتراضي

الطرح القرآني لعملية تكون السحاب الركامى:

المعاني اللغوية والتفسيرية: فيما سبق تم إيضاح نشأة وتطور السحاب الركامى وكذا الظواهر الجوية المصاحبة لذلك. والآن نرجع إلى النص القرآني في وصف السحاب الركامى ومن المهم قبل ذلك أن نتعرف على معاني الألفاظ القرآنية لفهم النص كما جاء في معاجم اللغة وكتب التفاسير:

1-ألم تر أن الله يزجى سحاباً إسلامي: جاء في معجم مقاييس اللغة مادة (زجى) والريح تزجى السحاب: تسوقه سوقاً رفيقاً وبمثله قال ابن منظور في لسان العرب وقال الجوهري (زجيت الشيء تزجية إذا دفعته برفق) وهذا ما فهمه المفسرون من الآية. فقد قال ابن كثير: يذكر تعالى أنه يسوق السحب بقدرته أول ما ينشئها وهي ضعيفة وهو الإزجاء:وقال أبو السعود: ( غلإز جاء: سوق الشيئ برفق وسهولة )، وقال أبو حيان: (ومعنى يزجى يسوق قليلاً ويستعمل في سوق الثقيل برفق ) وقال الشوكانى:(الإزجاء: السوق قليلاً المعنى انه يسوق السحاب سوقاً رفيقاً) وهذا الذي ذكره المفسرون هو نفسه الذي قرره علماء الأرصاد في الخطوة الأولى من تكوين السحاب الركامى كما بينا سابقاً تحت عنوان: كيف يبدأ كون السحاب الركامى.

2- (ثم يؤلف بينه): يبين علماء اللغة أن التأليف: هو الجمع مع الترتيب والملائمة قال الاصفهانى في غريب القرآن: (والإلف اجتماع مع التئام... والمؤلف ما جمع من أجزاء مختلفة ورتب ترتيباً قدم فيه ما حقه أن يقدم وأخر فيه ما حقه أن يؤخر) وقال ابن فارس في المقاييس:(الهمزة واللام والفاء أصل واحد يدل على انضمام الشيء إلى الشيء والأشياء الكثيرة أيضاً ) ومن المفسرين قال القرطبى:(أى يجمعه عند انتشائه ليقوى ويتصل ويكثف) وقال الزمخشرى:(ومعنى تأليف الواحد أنه يكون قزعاً فيضم بعضه إلى بعض وجاز "بينه" وهو واحد لأن المعنى بين أجزائه ) وقال ابن الجوزى:(أى يضم بعضه إلى بعض فيجعل القطع المتفرقة قطعة واحدة والسحاب لفظه لفظ الواحد ومعناه الجمع). وقال الطبرى:(وتأليف الله السحاب: جمعه بين متفرقها) وهذا اللفظ الذي استعمل في كتاب الله للدلالة على المرحلة الثانية في نظام تكوين السحاب الركامى يندرج تحته هذا المعنى العلمي الذي شاهده علماء الأرصاد. ففي هذه المرحلة تتألف السحب المتعددة لتكون سحاباً واحداً وبلغ التأليف بين السحب أن أصبحت كياناً واحداً. ويحدث كذلك تأليف بين أجزاء السحاب الواحد. كما أشار إلى ذلك الزمخشرى أخذاً من معنى اللفظ القرآني. ولكي تتم هذه الخطوة: وهي الانتقال من مرحلة الإزجاء لقطع السحب إلى مرحلة التأليف يحتاج الأمر إلى وقت ولذلك نرى أن الحرف الذي استعمل في القرآن للدلالة على هذه العملية هو حرف العطف "ثم" الذي يدل على الترتيب مع التراخى في الزمن (ثم يؤلف بينه).

3- ثم يجعله ركاماً) الركم في اللغة: (يأتى بمعنى إلقاء الشيء بعضه فوق بعض كما قال ابن فارس وقال ابن منظور الركم: جمعك شيئا فوق شئ حتى تجعله ركاماً مركوماً كركام الرمل والسحاب ونحو ذلك من الشيء المرتكم بعضه على بعض) وقال الأصفهاني: (والركام ما يلقى بعضه على بعض ) وقال الجوهرى: ( ركم الشيء يركمه إذا جمعه وألقى بعضه على بعض) ومن المفسرين قال الطبرى: ( يعنى متراكماً بعضه على بعض) وقال بن كثير: (أي يركب بعضه بعضاً) وبمثلهما قال القرطبى، والزمخشرى وأبو السعود وابن الجوزى والشوكانى والبيضاوى والخازن والنسفي. وهذه المرحلة الثالثة من مراحل تكوين السحاب الركامى المذكور في الآية الكريمة تقابل ما ذكرناه آنفاً تحت عنوان: ركم السحاب. وبيناً فيه أن عامل ركم السحاب الذي يكون بالنمو الرأسي لنفس السحابة، هو العامل الرئيسي في هذه المرحلة، وأن الانتقال إليه من المرحلة السابقة يحتاج كذلك إلى زمن لذلك كان استعمال حرف العطف الدال على الترتيب مع التراخي في الزمن. وهو حرف العطف (ثم).

4- (فترى الودق يخرج من خلاله) الودق: هو المطر عند جمهور المفسرين كما قال الشوكانى والقرطبى. خلاله: في هذا اللفظ قراءة أخرى، قال ابن جوزى:(وقرأ ابن مسعود وابن عباس وأبو العالية ومجاهد والضحاك من خلله). وبين المفسرون معنى "من خلاله" فقالوا: من فتوقه ومخارجه وقال بهذا التفسير الزمخشرى وأبو حيان والشوكانى والبيضاوى وأبو السعود والنسفي. وقال القرطبى:(وخلال جمع خلل مثل: جبال وجبل وهي فرجه ومخارج القطر منه) وقال ابن كثير:( يخرج من خلاله: أي من خلله كما هي القراءة الثانية. وهذا الذي أشارت إليه الآية الكريمة هو ما قرره علماء الأرصاد من مراحل لنزول المطر في السحاب الركامى. فهذه المرحلة تعقب المرحلة السابقة وهي مرحلة الركم وبعد أن يضعف الرفع في السحاب أو ينعدم وهو الذي كان يسبب الركم ينزل على الفور المطر وبضعف عملية الرفع إلى اعلى أو انعدامها تتكون مناطق ضعيفة في السحاب لا تقوى على حمل قطرات المطر إلى اعلى بسبب ثقلها فتخرج من مناطق الخلل أو الضعف في جسم السحابة.

5- (وينزل من السماء من جبال فيها من برد): قال أبو السعود: (وينزل من السماء) من الغمام فإن كل ما علاك سماء (من جبال فيها) أي: من قطع عظام تشبه الجبال في العظم، كائنة فيها (من برد) مفعول ينزل على أن (من) تبعيضية والأوليان لابتداء الغاية على أن الثانية بدل اشتمال من الأولى بإعادة الجار أي ينزل مبتدئاً من السماء من جبال فيها بعض برد وقال من السماء من جبال فيها بعض برد، وقال الشوكانى بمثل ما قال أبو السعود وقال البيضاوى بمثل ما قال أبو السعود أيضاً، إلا انه اعتبر (من) الثالثة بيانية فقال: (من برد بيان للجبال والمفعول محذوف أي ينزل مبتدئاً من السماء من جبال فيها من برد برداً ) وقال ابن الجوزى:(وينزل من السماء) مفعول الإنزال محذوف تقديره: وينزل من السماء من جبال فيها من برد برداً، فاستغنى عن ذكر المفعول للدلالة عليه و"من" الأولى لابتداء الغاية لأن ابتداء الانزال من السماء والثانية للتبعيض لأن الذي ينزله الله بعض تلك الجبال والثالثة لتبيين الجنس لأن جنس تلك الجبال جنس البرد). وهذا الذي فهمه هؤلاء المفسرون الذين نقلنا أقوالهم في بيان تفسير الآية هو ما كشف عنه العلم فلابد أن يكون السحاب في شكل جبلى يسمح بتكوين الثلج في المناطق العليا منه ويسمح بتكوين الماء الشديد البرودة الذي سيتحول إلى مزرعة للبرد عندما يشاء الله في المنطقة الوسطى من السحابة وإن البرد يتكون عندما تمكث نواة ثلجية لفترة زمنية كافية وتحتوى على ماء شديد البرودة (ماء درجة حرارته تحت الصفر حتى درجة -40ْم) وتحت هذه الظروف المواتية فإن البرد ينمو بتعدد اصطدامه مع قطرات الماء الشديد البرودة والتي تتجمد بمجرد ملامسته فلابد ان يكون في تلك السحابة شئ من برد (فيها من برد) ويكون المعنى والله اعلم وينزل من السماء برداً من جبال فيها شئ من برد والجبال هي: السحب الركامية التي تشبه الجبال وفيها شئ من برد وهي: تلك البذور الأولى للبرد.

6- (فيصيب به من يشاء ويصرفه عن ما يشاء): هذه الفقرة من الآية الكريمة تقرر أن نزول البرد مكاناً وزماناً مرهون بمشيئة الله سبحانه وتعالى ومع معرفتنا بأن الأمر متعلق بمشيئة الله التي لا نعلمها إلا إن الله قد جعل لكل شئ قدراً، فوقت نزول المطر بيده ونزول البرد بيده سبحانه ولكن ذلك كله يجرى وفق سنن محكمة.

7- (يكاد سناً برقه يذهب بالأبصار): يبين الله تعالى أن للبرد برقاً شديد اللمعان فالضمير في برقه يرجع إلى أقرب مذكور وهو البرد وسنا البرق: شدة بريقه وضوئه يذهب بالأبصار أي خطفه إياها من شدة الإضاءة فنسب البرق إلى البرد في كتاب الله. وقد بينا فيما سبق أن البرد يقوم بتوزيع الشحنات الكهربائية في جسم السحابة أثناء صعوده وهبوطه ثم يقوم بالتوصيل بين الشحنات الكهربائية المختلفة فيحدث تفريغاً هائلاً.

وهكذا فإنك إذا تأملت في الآية ستراها ترتب مراحل تكوين السحاب الركامي خطوة خطوة مشيرة إلى التدرج الزمني. وتتجلى أوجه الإعجاز المتعددة في هذه الآية الكريمة إذا طرحنا بين أيدينا هذه التساؤلات: - من أخبر محمداً بأن أول خطوة في تكوين السحاب الركامي تكون بدفع الهواء للسحاب قليلا قليلاً؟ {يزجى سحابا}!! وهذا أمر لم يعرفه العلماء إلا بعد دراسة حركة الهواء عند كل طور من أطوار نمو السحاب - ومن بين له أن الخطوة الثانية هي التأليف بين قطع السحب {ثم يؤلف بينه} ومن أخبره بهذا الترتيب؟ - ومن بين له أن ذلك يستغرق فترة زمنية حتى يعبر عنه بلفظ {ثم}. - ومن أخبره محمداً أن عامل الركم للسحاب الواحد هو العامل المؤثر بعد عملية التأليف؟ - ومن أخبره أن هذا الركم يكون لنفس السحاب، وأن ذلك الانتقال من حالة التأليف يستغرق بعض الوقت {ثم يجعله ركاماً}؟ هذه المسائل لا يعرفها إلا من درس أجزاء السحاب ورصد حركة تيارات الهواء بداخله فهل كان يملك الرسول الأجهزة والبالونات والطائرات!

وكذلك من الذي أخبر محمدا بأن عملية الركم (الناتجة عن عملية الرفع) إذا توقفت أعقبها نزول المطر مباشرة ؟ وهو أمر لا يعرف إلا بدراسة ما يجرى داخل السحاب من تيارات وقطرات مائية وهذا لا يقدر عليه إلا من امتلك الأجهزة والقياسات التي يحقق بها ذلك، فهل كان لمحمد مثل هذه القدرة وتلك الأجهزة؟ – ومن الذي أخبر محمداً أن في السحاب مناطق خلل وهي التي ينزل منها المطر؟ وهذا أمر لا يعرفه إلا من أحاط علما بدقائق تركيب السحاب المسخر بين السماء والأرض، ويحركه الهواء داخل السحاب. - ومن أخبر محمداً بأن الشكل الجبلي وصف للسحاب الذي ينزل منه البرد؟ فهل أحصى الرسول كل أنواع السحاب حتى تبين له هذا الوصف الذي لابد منه لتكوين البرد؟ - ومن أنباه عن نويات البرد التي لابد منها في السحاب الركامى لكي يتكون البرد {وينزل من السماء من جبال فيها من برد}إن هذا السر لا يعرفه إلا من تمكن من مراقبة مراحل تكوين البرد داخل السحاب - ومن الذي أنباه بأن للبرد برقاً وأن البرد هو السبب في حصوله ؟ وأنه يكون أشد أنواع البرق ضوءا ؟ إن ذلك لا يعرفه إلا من درس الشحنات الكهربائية داخل السحاب واختلاف توزيعها ودور البرد في ذلك. ولشدة خفاء هذا الأمر فقد نسب المفسرون البرق إلى السحاب - وإن كان السحاب يشتمل على البرد في كلام المفسرين - ولم نجد من نسب هذا البرق إلى البرد، مع أنه المعنى الظاهر لقوله تعالى {وينزل من السماء من جبال فيها من برد فيصيب به من يشاء ويصرفه عمن يشاء يكاد سنا برقه يذهب بالأبصار}. من أخبر محمداً بكل هذه الأسرار منذ أربعة عشر قرنا ؟ وهو النبي الأمي في الأمة الأمية التي لم يكن يتوفر لديها شئ من الوسائل العلمية الحديثة. لا أحد إلا الله الذي نزل القرآن على عبده ليكون للعالمين نذيراً.

إنتهى

اتمنى أن تعم الفائده للجميع على هذا النقل من علماء افاضل

استغفر الله واتوب اليه