الموضوع: البرق والرعـد
عرض مشاركة واحدة
  #2  
قديم 2006-03-21, 05:57 AM
الصورة الرمزية منصور المناع
منصور المناع منصور المناع غير متواجد حالياً

 

مؤسس الموقع

 
تاريخ التسجيل: Jan 2006
الدولة: تمـير
المشاركات: 3,921
جنس العضو: ذكر
منصور المناع is on a distinguished road
افتراضي

أسرار خلق الرعد والبرق:
تعتبرُ الآية الاولى (ومِنْ آياتِهِ يُريْكُمُ الْبَرْقَ خَوْفاً وَطَمَعاً وَيُنَزِّلُ مِنَ السَّمـاءِ ماءً فَيُحْيي بِهِ الأرْضَ بَعْدَ مَوْتِهـا اِنَّ في ذلِكَ لآيات لِقُوم يَعْقَلُون) . أنّ برقَ السماء من آيات الله الدالة على قدرته ووحدانيته أنه يريكم البرق خوفاً من الصواعق ، وطمعاً في الغيث والمطر ، فهو ينزل المطر من السماء فينبت به الأرض بعد أن كانت هامدة جامدة لا نبات فيها ولا زرع

وورد هذا المعنى في الآية الثانية (هُوَ الَّذي يُريْكُمُ الْبَرْقَ خَوْفاً وَطَمَعاً وَيُنْشِىءُ السَّحابَ الثِّقـال) بتعبير آخر تعريفاً بالذات الالهية المقدّسة عن طريق آثاره .
فيقول تعالى: (هُوَ الَّذي يُرِيَكُمْ البَرْقَ خَوْفاً وطَمَعاً).الخوفُ من الصواعق والتفاؤل بنزول المطر، أو خوف المسافرين، وتفاؤل المقيمين في المدن والارياف .
واللطيف انه يقول بعد ذلك مباشرة: (ويُنْشِىءُ السَّحـابَ الثِّقـال).
وقيل في بيان هذه الجملة (تتزامن مع العواصف القويّة زوابع من الغيوم ، فتغطي اعالي الجو القرب من الارض ،فيصبح الجو مظلماً ، وتتولدالكهرباء نتيجة تلاطم الرياح ، وتهتز الارض والجو بسبب صوت الرعد المتتابع .
واخيراً فانَّ الغيوم المتراكمة في طبقات الجو السفلى سميكة ومحملة بكثير من قطرات المياه الكبيرة لذلك تكون ثقيلة للغاية على الرياح المحركة .



ويشير في الآية الثالثة (وَيُسَبِّحُ الرَّعْدُ بِحَمْدِهِ والْمَلائِكَةُ مِنْ خَيْفَتِهِ وَيُرْسِلُ الصَّواعِقَ فَيُصِيْبُ بِهـا مَنْ يَشـاء) الى ظاهرة «الرعد»
فيقول: (ويُسَبِّحُ الرَعْدُ بِحَمْدِهِ) . ويُبَيِّنُ هذا التعبير انَّ هذه الظاهرة السماوية ليست مسألة عاديةً ، بل تُنبىءُ عن علم وقدرة الله تعالى .
لأنَّ (التسبيح) يَعني التنزيه عن كل عيب ونقص ، و (الحمد) تعني شكره مقابل الكمالات ، وعليه فانَّ صوت الرعد يتحدث عن الاوصاف الجمالية والجلالية لله تعالى .
يقول الفخر الرازي في تفسيره:«فلا يبعد من الله تعالى ان يخلق الحياة والعلم والقدرة والنطق في اجزاء السحاب فيكون هذا الصوت المسموع فعلا له.فاذا لم يبعد تسبيح الجبال في زمن داود((عليه السلام)) ولا تسبيح الحصى في زمان محمد((صلى الله عليه وآله وسلم))» .
فليكن أي الاحتمالين، فليس هنالك اختلافٌ في بحثنا، وعلى كل حال انَّ هناك اسراراً خفيّةً في هذه الظاهرة السماوية حيث تكشفُ عن عظمةَ الخالقِ وآيةً من آياته.
والمعروف انَّ الماء والبخار، والغيوم موجوداتٌ لا تتوافق مع النار، ولكن بقدرة الخالق تنطلقُ منها نارٌ هائلة اكثر احراقاً من انواع النيران على الارض كافة، وكذلك البخار ، الجسم اللطيف جدا ، ولكن ينطلقُ منه صوتٌ لا ينطلقُ من سقوط



الرعد والبرق في نظر العلم المعاصر:
يعتقد العلماء المعاصرون أنَّ بريق السماء يحدث من خلال تقارب قطعتين من الغيوم المحملة بالشحنات الكهربائية المختلفة واحدة موجبة والاخرى سالبة ، فتُحدِثان بريقاً كما يحصل من اقتراب قُطبَيْ الموصل الكهربائي تماماً.
وحيث تتحمَّل قطع الغيوم بالشحنات الكهربائية العظيمة يكون بريقها عظيماً ايضاً ، ونحن نعلمُ انَّ لكلِّ بريق صوتاً ، وكلّما اشتد البرقُ كلما تعاظم صوته .
ولهذا قد يكون الصوت المهيب لهذا البرق من الشدّةِ بحيث يهزُّ جميع المباني ويُحدثُ صوتاً كالقنابل الضخمة.
ولكن البرق لا يظهر بين قطعتي الغيوم دائماً لتكون بعيدة عن متناول الانسان ولا تُسبب أيَّ خطر، بل قد تقترب الغيوم الحاوية على الشحنات الموجبة من الارض .
وبما انَّ الارض تحتوي على الشحنات السالبة لذلك يحدث البرق بين «الارض» و «الغيوم»، وهذا البرق العظيم الذي يسمى بالصاعقة خطيرٌ للغاية ، فهو يُحدثُ هزَّةً شديدةَ في المنطقة التي يقع فيها ، وكذلك يولد حرارة عالية جداً بحيث إذا أصابت أيَّ شيء تجعلُهُ رماداً .
مع انَّ مدة الصاعقة لا تتجاوز عُشرَ الثانية وقد تكون 100-1 من الثانية، ولكن الحرارة التي تنتج تصل الى 15000ْ سانتيغراد بامكانها التسبب في حدوث أخطار بالغة الشدّة (حرارة سطح الشمس 8000ْ فقط )
ونظراً لتجمع الشحنات على الاجزاء المدببة للاجسام ففي الصحاري التي تحدث فيها الصواعق، يظهر البرق في النقاط المرتفعة كرؤوس الاشجار، وحتى رأس الانسان المار عبرها .
لذلك يعتبر التوقف في الصحاري أثناء الجو العاصف المليء بالرعد والبرق خطيراً للغاية ، وفي مثل هذه الحالات يمكن أن يزيل اللجوء إلى الوديان أو الاقتراب من الأشجار وأسفل الجبال والتلال الخطر إلى حد ما (ان الإتكاء على الأشجار والشبابيك الحديدية لا يخلو من خطورة ايضاً).



فوائدالرعد والبرق :
بالرغم من أخطار الرعد والبرق التي اُشير اليها سابقاً فانَ لها فوائد جمّةً ايضاً، حيث سنشير الى بعضها هنا:
أ ـ الري : من المعروف أن البرق يولِّدُ حرارة عاليةً جداً ، قد تبلغ15 ألف درجة سانتيغراد، وهذه الحرارة كافية لاحراق مقدار كبير من الهواء المحيط مما يؤدي الى هبوط الضغط الجوي مباشرة
ونحن نعلمُ انَّ الغيومَ تُمطرُ أثناء هبوط الضغط ، ولهذا فغالباً ما تبدأ الزوابع عقبَ حدوث البرق وتنزل قطرات الامطار الكبيرة ، وفي الواقع يعتبر الري من هذا الجانب أحد فوائد البرق .

ب ـ رش السموم : عندما يظهر البرق بتلك الحرارة، تتألف قطرات المطر بكميات إضافية من الاوكسجين، فيحصل الماء الثقيل أي الماء المؤكسد (52,h)
ونحن نعلم أن من آثار هذا الماء هو القضاء على الجراثيم ، ولهذا يستعمل طبياً في تنظيف الجروح ، فهذه القطرات تقضي على بيوض الآفات المسببة لامراض النباتات عندما تنزل الى الارض ، وتقوم برش السموم على احسن وجه
لذلك فقد قالوا: في كل سنة يقل فيها الرعد والبرق تزداد الآفات النباتية.

ج: التغذية والتسميد : إن قطرات المطر وأثر حدوث البرق وحصول الحرارة الشديدة الناتجة عنه وتركيبها الخاص ، تحصل على حالة من حامض الكاربونيك ،فتقوم بتكوين سماد نباتي مؤثر أثناء تناثرها على الارض وتخللها فيها ،فتتغذى النباتات عن هذا الطريق .
ويقول بعض العلماء: إنَّ كمية السماد الحاصل من حالات البرق في السماء خلال سنة واحدة يبلغ عشرات الملايين من الاطنان ، وهذا رقم مرتفعٌ للغاية .
بناء على ذلك نرى انَّ هذه الظاهرة الطبيعية العادية وغير المهمة الى أي حد مفيدة ومليئة بالبركة؟ فهي تسقي ، وترش السموم ايضاً ، وتقوم بالتغذية .



وهذا نموذج صغير من الأسرار العجيبة لعالَم الوجود حيث يصلح أنْ يكون دليلا في الطريق لمعرفة الله.كل هذا من بركات الله على علينا.
ولكن الحرائق التي تنتج عن نوع منه وهي الصواعق من جانب آخر قد تحرق الانسان أو البشر والمزارع والاشجار، بالرغم من أنَ هذا الأمر قليلٌ ونادر الوقوع ويُمكن اجتنابه ، إلا أنه بامكانه أن يصبح عامل خوف وهلع .



وعليه فانَّ ما قرأناه في الآية السالفة بانَّ البرق أساس للخوف وأساس للأمل ايضاً قد يكون إشارة الى مجمل هذه الاُمور.
ومن الممكن أن تكون عبارة ( وَيُنْشِىءُ السَّحـابَ الثِّقال) الواردة في نهاية الآية أعلاه لها ارتباط بميزة البرق هذه التي تؤدي الى تحمُّلِ الغيوم بقطرات الامطار.