عرض مشاركة واحدة
  #3  
قديم 2006-03-09, 06:13 PM
الصورة الرمزية منصور المناع
منصور المناع منصور المناع غير متواجد حالياً

 

مؤسس الموقع

 
تاريخ التسجيل: Jan 2006
الدولة: تمـير
المشاركات: 3,921
جنس العضو: ذكر
منصور المناع is on a distinguished road
افتراضي

10 ـ (وأنْزَلنـا مِنْ المُعْصِراتِ ماءً ثجَّاجاً ـ لِنُخْرِجَ بِهِ حَبّاً وَنَبـاتَاً وجَنّات ألْفـافاً)
وتمّت الاشارة في هذة الآية الى نكتة جديدة اخرى، فيقول: (وأَنْزَلْنا مِنَ المُعْصِراتِ مـاءً ثُجّاجاً).و (مُعْصِرات)جمعُ «مُعْصُر» من مادة «عَصْر» وتعني الضغط، والمُعصرات تعني الضاغطات، وهنا ما هو المقصود بهذا التعبير؟ لقد ذكروا تفاسير متعددة: فالبغض اتخذها صفةً للغيوم، إذ اعتبرها اشارة الى نظام خاص يتحكم بها عندما تتراكم على بعضها، فكأنما تعصُر نفسها كي تجري الامطار منها، واعتبر هذا التعبير من المعاجز العلمية للقرآن الكريم .إلاّ انَّ البعض الآخر اتخذها صفةً للرياح، واعتبرها اشارة الى العواصف والزوابع الترابية، حيث لها تأثيرٌ عميق في تكوين الامطار والرعد والبرق (علماً ان «الاعصار» يعني الزوابع الترابية).
فيقول هؤلاء.. اثناء هبوب الزوابع الترابية الشديدة على سطح البحار والمحيطات فانها تحمل معها البخار من على سطح المحيط، وحينما تصل به الى نقاط الجو العليا الباردة جداً، وحيث تكون قدرة اشباع البخار هناك ضعيفة، يحصل الرعد والبرق الشديد، وبما انَّ «ثجّاج» صيغة للمبالغة، وهي من مادة «ثجّ» (على وزن حج) وتعني سكب الماء تتابعاً وبكثرة فهي تتناسب كثيراً مع مثل هذا الرعدوالبرق .
واعتبرها البعض اشارة الى الغيوم التي تتزامن مع الزوابع الرملية والعواصف ، فهذه العواصف تسوق الغيوم نحو الاعلى .

11 ـ (وِهُوَ الَّذي أرْسَلَ الرِّيـاحَ بُشْراً بَيْنَ يَدَي رَحْمَتِهِ وأنْزَلْنـا مِنْ السَّمـاء مـاءً طَهُوراً)
وفي هذة الآية ، وبعد بيان ما جاء في الآيات السابقة (وَهُوَ الذي يُرسلُ الرِّيـاح بُشراً بَيْنَ يَدَي رَحْمَتِه)، يَرِدُ ما يلي (وأنْزَلنـا مِنَ السَّماءِ مـاءً طَهُوْراً).وهذا موضوع جديد حيث يستند اليه في هذه الآية.و (الطّهور) صيغة مبالغة من «الطهارة» والنقاوة حيث تفيد طهارةَ الماء وكذلك كونه مطهّراً، ولو لم تكن للماء صفة التطهير لتلوثت كلُّ مقومات حياتنا واجسامنا وارواحنا خلال يوم واحد، ويمكن ان نلمسَ حقيقة هذا الكلام اذا ما ابتُلينا تارة بفقدان ماء للتنظيف، حينها يصعبُ توفير الغذاء، وسنفقد نظافة الجسم والنشاط والطراوة والصحة والسلامة. صحيحٌ انَّ الماء لا يقتل الجراثيم ولكن لكونه (مُحَلَّلا) جيداً فهو يقوم بتحليل انواع الجراثيم ويزيلها، ولهذا فهو عاملٌ مؤثرٌ .

12 ـ (أوَلَمْ يَرَوْا أنّا نَسُوقُ المـاءَ إلى الأرْضِ الْجُرُزِ فَنُخْرِجُ بِهِ زَرْعاً تَأكُلُ مِنْهُ أنْعـامُهُمْ وأنْفُسُهُمْ أفَلا يُبْصِرُوْن)
ثم نواجه في هذة الآية والاخيرة مسألةً جديدةً وهي انَّ الله تعالى يسوق المياه الى الارض «الجُرُز» أي الجافة اليابسة الخالية من الكلأ، فيقول: (أوَلَمْ يَرَوْا اَنّا نَسُوْقُ المـاءَ الى الأرضِ الجُرُز)؟! (فَنُخرِجُ بِه زَرَعاً تَأكُلُ مِنْهُ أنْعـامُهُمْ وأَنْفُسُهُمْ)، فيَأكلون الحبوب وتأكل بهائمهُمَ السوق والاوراد والجذور.ويستفاد من كلام ارباب اللغة ان (الجُرُز) ماخوذة في الاصل من مادة (جَرَز) (على وزن مَرَضْ) وتعني (الانقطاع) أي انقطاع الماء، والنبات، والاعمار والطراوة، ولذا يقال للناقة التي تأكل وتقطع كل شيء بـ «ناقة جروز»، ولمن يأكل كل ما موجود على خوان الطعام ويفرغها تماماً بـ «رجل جروز» .
ويقول في نهاية الآية داعياً الى التفحص في هذه النِعَم الالهية العظيمة وآيات التوحيد: (أَفَلا يُبْصِرُوْن).ولكن لماذا تقدمت (الانعام) على الانسان في الآية اعلاه؟ يقول بعض المفسِّرين: لأنَّ الزرعَ اول ما ينبت يصلح للدواب ولا يصلح للانسان بالاضافة الى انَّ الزرعَ غذاء الدَّواب وهو لابدَّ منه، في حين ان للانسان اغذية اخرى .

توجد في القرآن الكريم آياتٌ كثيرةٌ في هذا المجال ، وما ورد اعلاه مقتطفات من هذه الآيات

ويستفادُ جيداً من الآيات الآنفة وبالانتباه الى المسائل الدقيقة والظريفة التي انعكست فيها، انَّ هناك نظاماً دقيقاً جداً ومضبوطاً يسود وجود الرياح والغيوم والامطار، حيث كلّما أطالَ الانسانُ التمعُن فيها تزداد معرفته بالظرافة والمنافع



مقتبس للفائدة المرجوة منه