د. زغلول النجار امد الله في عمره في حديث سابق مع جريدة الخليج (منقول للفائدة)
ما رأيكم فيما نشرته إحدى المجلات الأمريكية مؤخرا من أن أحد الأسباب الرئيسية للغزو الأمريكي لأفغانستان والعراق هو تقرير لوكالة ناسا يؤكد أن أمريكا مستقبلها في خطر بسبب نيازك وشهب ستصيبها وكذلك ذوبان جليد المحيط القطبي الشمالي لهذا فإن خبراء نصحوا القادة العسكريين بالاستيلاء على البلاد التي بها جبال مرتفعة لتهجير الأمريكان إليها مستقبلا؟
- رغم منطقية هذا الكلام إلا أنني لا أؤمن به لأن أمريكا فيها جبال كثيرة، أهمها جبال روكي والابلاش، ويمكن لسكانها الإقامة على قمتها للنجاة من ذوبان الجليد.
هل هناك علاقة بين غزارة الأمطار في بعض المناطق وثقب الأوزون؟
- ليس لثقب الأوزون تأثير مباشر على الجو أو المناخ لأن سببه الملوثات الكثيرة التي اختزلت جزءا من الأوزون إلى أكسجين، وقد خلق الله طبقة الأوزون وجعلها حماية للحياة على الأرض من الأشعة فوق البنفسجية القادمة إلينا مع أشعة الشمس، أما التأثير المباشر لهذا الثقب في الأوزون فهو يؤدي إلى الحرائق الأرضية في عالم الإنسان والنبات والحيوان، وكذلك ظهور العديد من الأمراض مثل سرطانات الجلد والعديد من أمراض العيون.
ما الفوائد المادية للأمطار على حياة البشر؟ وما الدروس الإيمانية التي يمكن فهمها من ذلك؟
- عندما يتبخر الماء من أسطح كل البحار والمحيطات واليابسة فإنه يرتفع بفعل قلة كثافته ويدفع التيارات الهوائية له إلى النطاق الأسفل من الغلاف الغازي للأرض وهو نطاق التغيرات المناخية وهو يتميز بالتبرد مع الارتفاع حتى تصل درجة حرارته إلى ناقص 80 درجة مئوية فوق خط الاستواء، وفي هذا النطاق البارد يتكثف بخار الماء الصاعد من الأرض ويعود إليها بإذن الله مطرا أو ثلجا أو بردا أو شبورة وندى. ودورة الماء حول الأرض دورة معجزة تشهد بعظمة الخالق، فكميتها في مجموعها ثابتة ومحسوبة بما يكفي متطلبات الحياة على الأرض، والدورة ذاتها بين البخر والمطر تعمل على تنقية مياه الأرض التي يحيا ويموت فيها بلايين الأفراد من صور الحياة المختلفة، وكذلك فهي تعمل على حفظ التوازن الحراري على سطح الأرض، والتقليل من شدة حرارة الشمس في الصيف حيث يتم تقليل الفرق بين درجتي الحرارة صيفا وشتاء وذلك لصون الحياة الأرضية بمختلف أشكالها.
تقول: إن نسبة المطر ثابتة سنويا وقد توصل العلماء لهذا في نهاية القرن العشرين، فهل أمكنكم تحديد ذلك بالأرقام أم انه مجرد تخمين؟
- أمكن تحديد ذلك بدقة، حيث يتم التوصل إلى أن مجموع ما يتبخر من ماء الأرض إلى غلافها الغازي ثابت سنويا، وكذلك مجموع ما يحمله هذا الغلاف الغازي من بخار الماء ثابت كذلك على مدار السنة، وإن تباينت كميات سقوطه من مكان لآخر فإن ذلك حسب مشيئة الله، وتؤكد الأرقام أن متوسط سقوط المطر على سطح الأرض اليوم هو 7.85 سنتيمتر مكعب في السنة، وتتراوح كمياته بين الصفر في المناطق الصحراوية الجافة والقاحلة و45.11 متر مكعب في السنة في جزر هاواي، كما أن حكمة الله اقتضت أن يكون ما ينزل على اليابسة قدرا أعلى مما يتبخر من سطحها، حيث توصل العلماء إلى أن مجموع المتبخر منها يبلغ 60 ألف كيلومتر مكعب في حين ينزل عليها 96 ألف كيلومتر مكعب، بينما ينزل على البحار والمحيطات قدر اقل مما يتبخر من أسطحها، حيث تشير الأرقام الى أن المتبخر من أسطحها يبلغ 320 ألف كيلومتر مكعب في حين يبلغ ما ينزل عليها من المطر 484 ألف كيلومتر مكعب، وللعلم فإن الفرق بين هذين الرقمين هو نفس الفارق بين كميتي المطر والبخر على اليابسة ويقدر ب36 ألف كيلو متر مكعب من الماء يفيض من اليابسة إلى البحار والمحيطات في كل عام، ولا نملك حيال ذلك سوى أن نقول (سبحان الله).
الخريطة المائية
تؤكد الأبحاث العلمية أن الماء يغطي 71% من مساحة سطح الأرض الذي قدره العلماء بحوالي 510 ملايين كيلومتر مربع، أي ان مساحة المسطحات المائية فوق الأرض تقدر بحوالي 361 مليون كيلومتر مربع، بينما تقدر مساحة اليابسة بحوالي 149 مليون كيلومتر مربع، وعلى ذلك فإن معدل البخر من أسطح البحار والمحيطات يقدر بحوالي 320 ألف كيلومتر مكعب من الماء في كل عام، بينما يقدر معدل البخر من اليابسة بحوالي 60 ألف كيلومتر مكعب، وبجمع هذين الرقمين يتضح أن دورة المياه بين الأرض وغلافها الغازي تبلغ 380 ألف كيلومتر مكعب في السنة، وأغلب هذه الكمية يتبخر من المناطق الاستوائية حيث يصل متوسط درجة الحرارة السنوي إلى 25 درجة، وللعلم فإن دولة الإمارات ومعظم منطقة الخليج العربي والجزيرة العربية تقع في هذه المناطق وهذا ما يفسر غزارة الأمطار فيها مؤخرا.
وقد توصل العلماء مؤخرا إلى حقيقة علمية تؤكد أن كمية الأمطار سنويا في العالم كله ثابتة ولكنها تزيد في مناطق وتقل في أخرى، وببحثي في كتب السنة وقفت عند حديث نبوي يقول فيه الرسول صلى الله عليه وسلم: “ما من عام بأقل مطرا من عام” وذهل علماء الغرب عندما أطلعتهم عليه.
إذا كانت الأمطار في منطقتنا العربية عامة ومنطقة الخليج وشبه الجزيرة العربية خاصة كلها خير كما ذكرتم، فكيف نستفيد منها لتحسين الأوضاع المستقبلية بدلا من أن تصبح بلا فائدة؟
- لا بد من الاستفادة من هذه الأمطار التي تصل لدرجة السيول أحيانا، وخاصة أن المنطقة تعاني نقصا كبيرا في موارد المياه ومخزونها، لهذا لابد من اتخاذ الوسائل العلمية في تخزين جزء كبير من هذه المياه، ولا نكتفي بما تخزنه الصخور فقط لأن لها وظيفة رئيسية هي تعويض الفاقد وتجديد عذوبة الماء، وأنا متفائل خيرا بأمطار الإمارات والسعودية.
الدراسات الجيولوجية والمناخية عن ماضي منطقة شبه الجزيرة العربية؟
- تؤكد الدراسات أن جزيرة العرب مرت خلال الخمس والثلاثين ألف سنة الماضية بسبع فترات مطيرة -تخللت ثماني فترات جافة- وتمر حاليا بالفترة الثامنة منها، وفي فترات المطر كسيت الجزيرة العربية بالمروج الخضراء، وتدفقت الأنهار بالمياه الجارية وتحولت المنخفضات إلى بحيرات زاخرة بالحياة وعمرت اليابسة بمختلف صور الحياة، بل إن صحراء الربع الخالي التي تعتبر اليوم واحدة من أكثر أجزاء الأرض قحولة وجفافا ثبت أن بها أعدادا من البحيرات الجافة والمجاري المائية القديمة المدونة تحت رمالها، وكانت تلك البحيرات والمجاري المائية زاخرة بالحياة ومتدفقة بالماء إلى زمن قوم “عاد” الذين أقاموا في جنوب الجزيرة العربية حضارة مادية لم يكن يدانيها في ازدهارها المادي حضارة أخرى في زمانها، بل إن تلك الحضارة كانت تصدر إلى أوروبا البدائية في ذلك الوقت الفواكه المجففة والبذور والبخور والعطور والأخشاب والذهب والفضة، فلما كذب قوم “عاد” بنبيهم سيدنا “هود” عليه السلام، أرسل الله عليهم الريح العقيم فطمرتهم مع حضارتهم برمالها، وهذا ما سجله القرآن في قوله تعالى: “فأما عاد فاستكبروا في الأرض بغير الحق وقالوا من أشد منا قوة أولم يروا أن الله الذي خلقهم هو أشد منهم قوة وكانوا بآياتنا يجحدون فأرسلنا عليهم ريحا صرصرا في أيام نحسات لنذيقهم عذاب الخزي في الحياة الدنيا ولعذاب الآخرة أخزى وهم لا ينصرون” (فصلت: 15 16).
وإذا كان ما سجله القرآن خير شاهد على ما كان، إلا أننا استندنا إلى وصف حضارة قوم عاد إلى مصدرين تاريخيين قديمين عاصرا هذه الحضارة، وهما بطليموس الإسكندري المؤرخ الذي كان أمينا لمكتبة الإسكندرية والذي رسم الأنهار المتدفقة في منطقة الربع الخالي الحالية بتفرعاتها، وكذلك البحيرات التي كانت تفيض إليها، وهو نفس ما أكده مؤرخو الحضارة الرومانية وعلى رأسهم يليني الكبير الذي وصف حضارة عاد بأنها لم يكن يدانيها في زمانها حضارة أخرى.
وتمثل فترة الأمطار الغزيرة الأخيرة في شبه الجزيرة العربية خلال الخمس والثلاثين ألف سنة الماضية نهايات العصر الجليدي الأخير الذي عم الأرض خلال المليوني سنة الأخيرة في دورات متتالية من زحف الجليد وانحساره، وترك بصماته واضحة على أشكال سطح الأرض الحالية، وأحصى العلماء من تلك الدورات عشرين دورة استغرقت كل منها حوالي مائة ألف سنة، ونحن نعيش اليوم آخر دورة من دورات الانحسار الجليدي وبداية دورة جليدية جديدة.
ولماتمثلة هذه المعلومات من اهميه للمهتمين بالطقس .. نقلناها لكم للفائدة
اخوكم ابو بدر
يظاف للمواضيع المميزه
مشرف المنتديات المتخصصه