لماذا يصدّق الناس الإشاعات عن نهاية العالم؟ - القبس الكويتية - حسن عز الدين
> حسن عز الدين
مرّ يوم امس الجمعة 2012/12/21 ولم ينته العالم، وها هو مستمر، مكذباً نبوءات المنجمين وفق آخر المعتقدات عن «نهاية العالم».
كان من المفترض ان تقوم القيامة مع حلول ليلة الجمعة.. هذا على الاقل ما توقعته بعض النظريات التي انتشرت عبر وسائل الاعلام في الآونة الاخيرة. فخلال العقد الماضي فقط، كان مفترضا أن ينتهي العالم حوالي خمسين مرة، اما وان العالم مستمر، وحسب العلماء الروس ل 450 مليار سنة أخرى فيبقى السؤال المهم: لماذا يحب الناس الاستماع لتوقعات كهذه لم تصدق أبدا؟
في البداية كان العلماء يتعاملون مع الأخبار التي تتحدث عن نهاية العالم بلامبالاة واضحة، أو يصفون من يؤمن بها بأنه ساذج.. لكن نسبة كبيرة من هؤلاء العلماء باتت تتعامل مع النقاش الدائر حول هذه القضية بشكل جدي، لا سيما خلال الأشهر القليلة الماضية. وهذه حال أعضاء المراكز العلمية حول العالم، الذين انهالت عليهم كميات من الرسائل الإلكترونية التي يعبر فيها أصحابها عن ذعرهم من التوقعات، أضف إلى ذلك مئات المواقع على شبكة الانترنت التي يزورها عشرات ملايين القرّاء لأنها تزعم بأن لديها «معلومات علمية مؤكدة» حول فناء الأرض. كل ذلك أجبر العلماء، وخصوصا علماء الفلك، لكي يتعاملوا مع الأمر بشكل جدي وإيلائه اهتماما أكبر.
بدأ هؤلاء ينظمون المؤتمرات والمحاضرات المختلفة. آخرها جرى يوم الخميس في مرصد شتيفانيك في براغ. «إذا اتصلتم بي غدا فسأقول لكم حتما بأن الشمس ستحرقنا بلهيبها.. لكن بعد مليارات الأعوام»، كما قال مدير المرصد المذكور ياكوب روزهنال.
«ما يجري هو أمر مرعب. لقد جُنّت بعض المواقع الإلكترونية في ما يخص مسألة فناء الأرض، ولا أتوقف بسبب ذلك عن الرد على رسائل الأهالي، وتحديدا الأمهات المذعورات» كما كشف عالم الفلك التشيكي ييرجي غريغار. الأهالي يسألونه مثلا على الشكل التالي: «كيف يجب علينا أن نحضر أنفسنا مع أطفالنا؟ وهل ستحل الكارثة فعلا في 21 ديسمبر بسبب الاصطدام بنيزك، أو بكوكب ضخم غير معروف أو بانفجار بركاني في الشمس؟!».
وبذلك، فإن أسئلة مثل تلك يجب أن توجه، كما يقول آخرون، ليس لعلماء الفلك بل لأطباء النفس وعلماء الاجتماع. في هذا السياق يفيد روزهنال: «الناس يفقدون القدرة على الحُكم بسبب فائض المعلومات السطحية المنتشرة، كما يفقدون القدرة على التحليل الناقد الذي يعتبر أمرا مهما للتقييم. ما يصعقني بشكل كامل في هذا السياق هو إشارة البعض إلى فيديو كليب غبي أنتجه التلفزيون الروسي، يشير إلى اقتراب نيزك ضخم من الأرض. ويجب علينا أن نصدق ذلك الهراء».
الغباء حول الكوارث المضمونة
أما عالم الاجتماع ياروسلاف سيكورا فيتحدث عن الأمر بصراحة أكبر ولا يوفر الانتقادات لكل من يؤمن بنهاية العالم القريبة.
يقول في هذا السياق إن الناس هم كتلة شعبية سهل التحكم بها.
تؤثر فيهم، بالإضافة لأشياء كثيرة، حتى درجة ذكائهم. «قد أكون صارما في ذلك الوصف، لكنها الحقيقة. فالفرد الذي كان يحمل الرمح بيده، ومن ثم بات يحمل السيف حول خصره، لا يختلف كثيرا عن ذلك الفرد المعاصر الذي يرتدي البزة الرسمية مع ربطة العنق»، كما يقول سيكورا.
ويفسر سبب تصديق المثقفين لهذه الأفكار الغبية بارتباط ذلك بحالة الشك المسيطرة على المجتمع، بالإضافة لفقدان القيم، بما فيها الاجتماعية والاقتصادية. أضف إلى ذلك أن المثقفين أو نسبة كبيرة منهم، استسلموا مؤخرا لمصيرهم وتوقفوا عن السعي لإجراء تعديل فيه. «ولذلك فإن الهراء المتمثل بأفكار شبيهة بمسألة فناء العالم يجد أرضا خصبة وصالحة للانتشار». أما أكبر خرافة في هذا السياق فتتمثل، حسب رأيه، بنظرية غير الحالة المغناطيسية للأرض بعد اصطدامها بكوكب نيبيرا. وتعتقد الطبيبة النفسية ييتكا ييكلوفا بأنه من غير المسموح به أبدا أن ينقل كثير من الأهالي مخاوفهم عن نهاية العالم إلى أطفالهم. «يجب على الأم، وفي جميع الظروف، أن تشكّل الضمانة والأمان بالنسبة للطفل. لكن إذا نقلت إليه الخوف من الكارثة الشاملة المحتملة، فإنها تزيد بذلك من نسبة توتره وخوفه، بدلا من أن تعمل على تهدئته».
لقد ظهر حوالي 50 توقعا حول نهاية للعالم بين العامين 2001 و 2012. التوقع الأخير يعتمد على التقويم الذي كانت تعمل به حضارة المايا، والذي يشير إلى أن نهاية العالم ستتم بتاريخ 21/12/2012. إلا أن علماء الفلك، وحتى أحفاد المايا أنفسهم، يرون الأمور بشكل مختلف: إنه في الواقع بداية دورة تقويمية جديدة.
المصدر:
https://cutt.us/kzIs