قبل ان نبين التوافق بين العدم الحسابي الفلكي والعلم الحسابي العددي
لابد ان نوضح امور وهي
كيف جاءت شبه الاستسقاء بالنجوم أو الاتهام بالتنجيم لعوام المسلمين
أن منبع الشبه الجهل بالشرع أولاً
ثم الجهل باللغة العربية (التسميات واضافة الشيء الى العلامة الزمنية وسوف يتم بيانة ان شاء الله)
ثم الجهل بسنن الله الكونية
أما من حيث الشرع
فقد جاء الشرع بتقسيم الاستسقاء إلى اربعة أقسام
ثلاثة برء منها المسلمون
والرابع هم الذين عليه
فكيف يلصق بهم ما برأت ذمتهم منه
ونجردهم مما يتحقق به برأت ذمتهم
هذا لا يوافق الشرع ففي الزنا طلب الشرع أربع شهود لان الاصل البرائة
فكيف في التوحيد والشرك عياذاً بالله
فهل أعراض المسلمين أولى من عقائدهم
بل وأن احتمل القول احتمالين فأنه يحمل إلى الاحتمال الحسن الموافق لأصل البراءة لدى المسلم
وهذا من المسلمات في الدين
واليك اقسام الاستسقاء بالنجوم التي بينها العلماء
أقسام الاستسقاء بالنجوم وحكم كل قسم
الأول: أن يدعو الأنواء بقوله مثلاً:يا نوء كذا اسقنا.وهذا شرك أكبر في الإلوهية لأنه صرف شيئًا من العبادة وهي الدعاء لغير الله تعالى.
الثاني: أن ينسب حصول المطر للأنواء على أنها هي الفاعلة دون الله تعالى ولو لم يدعها. وهذا شرك أكبر في الربوبية.
الثالث: أن يجعل هذه الأنواء سبباً مع اعتقاده أن الله تعالى هو الخالق الفاعل, وهذا شرك أصغر؛ لأن من جعل سبباً لم يجعله الله تعالى سبباً لا بوحيه ولا بقدره, فهو مشرك شركاً أصغر.
الرابع: أن يريد بقوله "مطرنا بنوء كذا" أي في وقت كذا، فتكون الباء ظرفية أي جاءنا المطر في وقت هذا النوء. وهذا جائز. انظر القول المفيد لشيخ العلامة ابن عثيمين – رحمه الله تعالى- (3/18 و 2/31) .
ومما تقدم يتضح أن الخطأ هو اعتقاد الأثر للنجوم والكواكب وهذا بينا ان المسلومن ابعد الناس عنه لانه غير وارد عقلا.
وأما الحساب بالنجوم وما يحصل عليه من موافقات زراعية، وهجرات الطيور، والأسماك، وتقلبات جوية قدرها الخالق، وجعل لها أسبابها فهذا باقي على الأصل. وهو من نعم الله على عباده. فلو قال مطرنا في مطلع النجم الفلاني، وهو يقصد توقيت الزمن فقط, ولا يعتقد الأثر صح ذلك. ويخرج عن ذلك إثبات الأثر العلمي, مثل أثر الشمس بالحرارة، والإضاءة على الأرض, وانتقالها بين خطوط العرض مشكّله الفصول الأربعة, فهذا سبب كوني علمي ثابت, وكذلك أثر القمر بالجاذبية مشكل ظاهرة المد والجزر, وكذلك يشمل أي ظاهره مستجدة يثبت أثرها بقواعد علمية تؤثر في العناصر الأساسية للمناخ, مثال مرور مذنب بالأرض أو غير ذلك, مما قد يكون له أثر سببي علمي مفسر, بشرط إثبات هذا الأثر السببي, ولا يكون قائم على التخمين والاعتقاد المبني على الجهل, مع الاعتقاد الجازم أن مقدر هذا السبب هو الله, وأنه يعمل بأمر الله. فالماء سبب للحياة, وتغير درجات الحرارة سبب في وجود البرد والحر, والشمس سبب في وجود الطاقة الحرارية, واختلاف قيم الضغط الحراري سبب بإذن الله في جريان الرياح, والرياح سبب في وجود السحب وتلقيحها وهكذا. فالأسباب جعلها الله سنه كونية ورتب عليها النتائج, فتثبت في جميع المجالات. ويشترط أن تكون ثابتة علمياً، مع الاعتقاد أنها بأمر مسبب الأسباب سبحانه وتعالى. ويبقى على الأصل أن النجوم تستخدم لمعرفة الحساب, ومنها معرفة الفصول المناخية. بل وأنماط تلك الفصول، وتغيرات الجو فيها. فالواقع يثبت ذلك, وكذلك لا يوجد مانع شرعي.
وإليك فتاوى أهل العلم في توقعات الطقس أذكرها لزيادة الفائدة
ولكي يطمئن القارئ:
السؤال:
مراصد الأحوال الجوية يقولون: إن الطقس المتوقع خلال الأربع وعشرين ساعة القادمة صحو عام، أو يكون سحاب على معظم البلاد، ومصحوباً بعواصف رعدية، وقد تهطل أمطار هنا أو هناك، وتكون الرياح شمالية أو جنوبية أو بالعكس..... الخ.
الجواب:
معرفة الطقس أو توقع هبوب رياح أو عواصف أو توقع نشوء سحاب أو نزول مطر في جهة مبني على معرفة سنن الله الكونية، فقد يحصل ظن لا علم لمن كان لديه خبرة بهذه السنن عن طريق نظريات علمية، أو تجارب عادية عامة، فيتوقع ذلك ويخبر به عن ظن لا علم. وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء:
عضو/ عبد الله بن قعود.
عضو/ عبد الله بن غديان.
نائب رئيس اللجنة / عبد الرزاق عفيفي.
الرئيس/ عبد العزيز بن عبد الله بن باز.
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : وليس من الكهانة في شيء من يخبر عن أمور تدرك بالحساب؛ فإن الأمور التي تدرك بالحساب ليست من الكهانة في شيء، كما لو أخبر عن كسوف الشمس أو خسوف القمر؛ فهذا ليس من الكهانة لأنه يدرك بالحساب. وكما لو أخبر أن الشمس تغرب في (20) من برج الميزان مثلاً في الساعة كذا و كذا؛ فهذا ليس من علم الغيب، لأنه من الأمور التي تدرك بالحساب؛ فكل شيء يدرك بالحساب، فإن الإخبار عنه ولو كان مستقبلاً لا يعتبر من علم الغيب، ولا من الكهانة. وهل من الكهانة ما يخبر به الآن من أحوال الطقس في خلال أربع وعشرين ساعة أو ما أشبه ذلك الجواب: لا؛ لأنه أيضاً يستند إلى أمور حسية، وهي تكيف الجو؛ لأن الجو يتكيف على صفة معينة تعرف بالموازين الدقيقة عندهم؛ فيكون صالحاً لأن يمطر، أو لا يمطر، ونظير ذلك في العلم البدائي إذا رأينا تجمع الغيوم والرعد والبرق وثقل السحاب نقول: يوشك أن ينزل المطر انتهى كلامه رحمه الله. فالمهم أن ما استند إلى شيء محسوس؛ فليس من علم الغيب، وإن كان بعض العامة يظنون أن هذه الأمور من علم الغيب، ويقولون: إن التصديق بها تصديق بالكهانة" انتهى كلامه رحمه الله.
فعلى ذلك يحرم إنكار التوقعات في علم الطقس حيث أن التوقع أمر فطري في نفسية الإنسان, وكلما كان هذا الأمر هام كان التوقع أكثر ضرورة, والطقس أكثر ضرورة لتعلقه بحياة الإنسان، وصحته، واقتصاده. بل جميع شؤون حياته. ولكن يبقى الأمر المهم هو أن يبتعد عن الجزم القطعي, ويكتفي بالتوقع النسبي إذا كان التوقع مبني على الأسباب الظاهرة, وعلى قدر توفر العناصر المسببة تختلف هذه النسب, من حيث القوه والضعف في التوقع فإن النتيجة مترتبة عليه, وهذا يعتبر من قدر الله أيضاً, ولكن لا يكون إلا في أمور نسبية, كما يقرر جواز الحساب بالنجوم لتتعرف على المواسم. ويمكن الاستفادة بعلم الفلك الحديث, ويحرم الجزم المطلق في التوقع, ويكون التحرز عن ذلك بذكر إن ذلك توقع ويعلقه بمشيئة الله وحدة. وليعلم الجميع أن قول حرام في دين الله مثل قول حلال فكليهما قول على الله فلابد أن يكون بعلم وبينة وبرهان.
المصدر كتاب علم المناخ بين الاحكام الشرعية والضرورة الحتمية والدراسة التطبيقية
للمؤلف سامي الحربي (محب الغيث)
يتبع بيان شبهة التسميات