المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : رثاء الأندلس - أبو البقاء الرندي الأندلسي


aboanas
2007-03-03, 05:16 PM
رثاء الأندلس

أبو البقاء الرندي الأندلسي
------------------------------------------------------------------------------------------
لكل شيء إذا ما تم نقصان *** فلا يغر بطيب العيش إنسان

هي الأمور كما شاهدتها دولٌ *** من سرَّهُ زمنٌ ساءته أزمانُ

وهذه الدار لا تبقي على أحد *** ولا يدوم على حال لها شانُ

يمزق الدهر حتمًا كل سابغةٍ *** إذا نبت مشرفيات وخرصان

وينتضي كل سيف للفناء ولو *** كان ابن ذي يزن والغمد غمدان

أين الملوك ذوو التيجان من يمنٍ *** وأين منهم أكاليلٌ وتيجانُ

وأين ما شاده شدَّادُ في إرمٍ *** وأين ما ساسه في الفرس ساسانُ

وأين ما حازه قارون من ذهب *** وأين عادٌ وشدادٌ وقحطانُ

أتى على الكل أمر لا مرد له *** حتى قضوا فكأن القوم ما كانوا

وصار ما كان من مُلك ومن مَلك *** كما حكى عن خيال الطيفِ وسنانُ

دار الزمان على دارا وقاتله *** وأمَّ كسرى فما آواه إيوانُ

كأنما الصعب لم يسهل له سببُ *** يومًا ولا مَلك الدنيا سليمان

فجائع الدهر أنواع منوعة *** وللزمان مسرات وأحزانُ

وللحوادث سلوان يسهلها *** وما لما حل بالإسلام سلوانُ

دهى الجزيرة أمرٌ لا عزاء له *** هوى له أحدٌ وانهد نهلانُ

أصابها العينُ في الإسلام فارتزأتْ *** حتى خلت منه أقطارٌ وبلدانُ

فاسأل بلنسيةَ ما شأنُ مرسيةٍ *** وأين شاطبةٌ أمْ أين جيَّانُ

وأين قرطبةٌ دارُ العلوم فكم *** من عالمٍ قد سما فيها له شانُ

وأين حمصُ وما تحويه من نزهٍ *** ونهرها العذب فياض وملآنُ

قواعدٌ كنَّ أركانَ البلاد فما *** عسى البقاء إذا لم تبقى أركان

تبكي الحنيفيةَ البيضاءَ من أسفٍ *** كما بكى لفراق الإلف هيمانُ

حيث المساجدُ قد أضحتْ كنائسَ ما *** فيهنَّ إلا نواقيسٌ وصلبانُ

حتى المحاريبُ تبكي وهي جامدةٌ *** حتى المنابرُ ترثي وهي عيدانُ

يا غافلاً وله في الدهرِ موعظةٌ *** إن كنت في سِنَةٍ فالدهر يقظانُ

وماشيًا مرحًا يلهيه موطنهُ *** أبعد حمصٍ تَغرُّ المرءَ أوطانُ

تلك المصيبةُ أنْسَتْ ما تقدَّمها *** وما لها مع طولَ الدهرِ نسيانُ

يا راكبين عتاقَ الخيلِ ضامرةً *** كأنها في مجال السبقِ عقبانُ

وحاملين سيوفَ الهندِ مرهقةُ *** كأنها في ظلام النقع نيرانُ

وراتعين وراء البحر في دعةٍ *** لهم بأوطانهم عزٌّ وسلطانُ

أعندكم نبأ من أهل أندلسٍ *** فقد سرى بحديثِ القومِ ركبانُ

كم يستغيث بنا المستضعفون وهم *** قتلى وأسرى فما يهتز إنسان

لماذا التقاطع في الإسلام بينكمُ *** وأنتمْ يا عباد الله إخوانُ

ألا نفوسٌ أبيَّاتٌ لها هممٌ *** أما على الخيرِ أنصارٌ وأعوانُ

يا من لذلةِ قومٍ بعدَ عزِّهُمُ *** أحال حالهمْ جورُ وطغيانُ

بالأمس كانوا ملوكًا في منازلهم *** واليومَ هم في بلاد الضدِّ عبدانُ

فلو تراهم حيارى لا دليل لهمْ *** عليهمُ من ثيابِ الذلِ ألوانُ

ولو رأيتَ بكاهُم عندَ بيعهمُ *** لهالكَ الأمرُ واستهوتكَ أحزانُ

يا ربَّ أمٍّ وطفلٍ حيلَ بينهما *** كما تفرقَ أرواحٌ وأبدانُ

وطفلةٍ مثل حسنِ الشمسِ *** إذ طلعت كأنما ياقوتٌ ومرجانُ

يقودُها العلجُ للمكروه مكرهةً *** والعينُ باكيةُ والقلبُ حيرانُ

لمثل هذا يذوبُ القلبُ من كمدٍ *** إن كان في القلب إسلامٌ وإيمانُ

طير بر
2007-03-04, 01:27 PM
شكرا على اختيارك لهذه الابيات الممتازة جدا

aboanas
2007-03-04, 06:33 PM
شكرااااااااااااااااااا جزيلااااااااااااااااااااااا على المشاركة 000000