المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : من الجميل جدا أن تكون بليغا أو فصيحا أو سريع البديهة


أسير الصحراء
2010-06-10, 08:44 PM
توطئة :

من الجميل جدا أن تكون بليغا أو فصيحا أو سريع البديهة ، وقد يعرض عليك من يفوقك في هذه الصفات فتعجب به أو حتى تحسده على ما آتاه الله !.
ولكنك ستكون في غاية الغضب والغيظ إذا ماتعرضت لشخص سليط اللسان والبيان فيغمزك أو يلمزك في حضرة الآخرين بحق أو بدون حق ، فلا تجد وسيلة للرد عليه أو الثأر منه !. وستشعر بالسعادة لو قام أحد الحاضرين فذب عنك أو ألجم من تطاول عليك بنفس الطريقة وبذات السرعة وفي نفس المجلس !.

وفي كل الحالات ؛ فقد وجد في الناس من يعشقون أذية الآخرين وإحراجهم ، والبغي عليهم بالبيان واللسان ، ولكن الله سبحانه وتعالى أوجد من يقمع هؤلاء ، ويلجمهم بنفس طريقتهم ! .
وقد يكون الحوار بعيدا عن الأذية والخصومة ، ولكنه يعطي دروسا وفوائد ، وصور من حسن البلاغة وسحرالبيان وقوة الحجة وإفحام الخصوم ، وروعة الحوار!.
وهذه بعض المواقف التاريخية التي تحكي قصص هؤلاء وهؤلاء ...
فلا تفوت على نفسك متعة القراءة ... فإلى تلك القصص والحكايا ..



بين أبو بكر الصديق ودغفل

عن علي بن أبي طالب ـ رضي الله عنه ـ قال : لما أمر الله رسوله أن يعرض نفسه على قبائل العرب خرج رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ وأنا معه وأبو بكر إلى منى حتى دفعنا إلى مجلس من مجالس العرب فتقدم أبو بكر ـ رضي الله عنه ـ فسلم وكان أبو بكر مقدما في كل خير وكان رجلا نسابة فقال : ممن القوم ، قالوا : من ربيعة قال : أمن هاماتها أم من لهازمها ؟ ! . قالوا : بل من هاماتها العظمى .
قال أبو بكر : فمن أي هامتها العظمى ؟! .
فقالوا : ذهل الأكبر
قال لهم أبو بكر : أمنكم عوف الذي كان يقال :"لا حر بوادي عوف"!.
قالوا : لا ، قال : أفمنكم "بسطام بن قيس" أبو اللواء ، ومنتهى الأحياء ، قالوا : لا . قال : فمنكم "الحوفزان بن شريك" قاتل الملوك وسالبها أنفسها قالوا : لا . قال " فمنكم جساس بن مرة بن ذهل حامي الذمار ومانع الجار؟ قالوا : لا . قال : فمنكم "المزدلف" صاحب العمامة الفردة قالوا : لا . قال : أفأنتم أخوال الملوك من كندة ؟ . قالوا : لا . قال : أفأنتم أصهار الملوك من لخم ؟ قالوا : لا . قال لهم أبو بكر رضي الله عنه : إذن فلستم بذهل الأكبر بل أنتم ذهل الأصغر !!

قال : فوثب إليه منهم غلام يدعى دغفل بن حنظلة الذهلي حين بقل وجهه فأخذ بزمام ناقة أبي بكر وهو يقول : إن على سائلنا أن نسأله والعبء لا نعرفه أو نحمله ! .
يا هذا إنك سألتنا فأخبرناك ولم نكتمك شيئا ونحن نريد أن نسألك فمن أنت؟ . قال رجل من قريش . فقال الغلام : بخ بخ أهل السؤدد والرئاسة قادمة العرب وهاديه
قال دغفل : فمن أنت من قريش ؟ فقال له أبو بكر : رجل من بني تيم بن مرة . فقال له الغلام : أمكنت والله الرامي من سواء الثغرة ! .
ثم قال دغفل : أفمنكم قصي بن كلاب الذي قتل بمكة المتغلبين عليها وأجلى بقيتهم وجمع قومه من كل وأب حتى أوطنهم مكة ثم استولى على الدار وأنزل قريشا منازلها فسمته العرب بذلك مجمعا ؟.

وفيه يقول الشاعر :

أليس أبوكم كان يدعى مجمعا ،،، به جمع الله القبائل من فهر

فقال أبو بكر : لا قال دغفل : أفمنكم عبد مناف الذي انتهت إليه الوصايا وأبو الغطاريف السادة ؟ فقال أبو بكر : لا . قال : أفمنكم هاشم الذي هشم الثريد لقومه ولأهل مكة ؟

ففيه يقول الشاعر :

عمرو العلا هشم الثريد لقومه ..... ورجال مكة مسنتون عجاف
سنوا إليـه الرحـلتيـن كليـهـم ....... عند الشتاء ورحلة الأصياف
كـانت قريـش بيضـة فتفلـقـت ....... فـالـمـح خالـصـة لعبد منـاف
الرايشين وليس يعـرف رايـش ...... والقـائـلـيـن هـلـم للأضـيـاف
والضاربين الكبش يبرق بيضه ...... والمانعيـن البيـض بالأسياف
لله درك لـو نـزلــت بـدارهــم ....... منعوك من أزل ومن إقراف !

فقال أبو بكر : لا ؟ قال : أفمنكم عبد المطلب شيبة الحمد وصاحب عير مكة ومطعم طير السماء والوحوش والسباع في الفلا الذي كأن وجهه قمر يتلألأ في الليلة الظلماء ؟!
قال أبو بكر : لا . قال دغفل : أفمن أهل الإفاضة أنت ؟

قال لا . قال : أفمن أهل الحجابة أنت ؟ قال : لا . قال : أفمن أهل الندوة أنت قال لا قال أفمن أهل السقاية أنت قال لا قال أفمن أهل الرفادة أنت ؟ قال : لا . قال فمن المفيضين أنت ؟ قال : لا . ثم جذب أبو بكر رضي الله عنه زمام ناقته من يده فقال له الغلام :

صادف در السيل در يدفعه ،،، يهيضه حينا وحينا يرفعه !

ثم قال : أما والله يا أخا قريش لو ثبت لخبرتك أنك من زمعات قريش ولست من الذوائب ! . قال : فأقبل إلينا رسول الله صلى الله عليه وسلم يتبسم قال علي : فقلت له : يا أبا بكر لقد وقعت من الأعرابي على باقعة ! فقال : أجل يا أبا الحسن إنه ليس من طامة إلا وفوقها طامة ! والبلاء موكل بالمنطق !.