أحمد الحربي
2010-05-03, 12:13 AM
زلزال جدة .. الاحتياطات واجبة
د. أمين ساعاتي
الزلزال الشهير الذي انفجر في البحر الأحمر في تشرين الأول (أكتوبر) 1992 وضرب مصر من أقصاها إلى أقصاها، وأحدث أضراراً كبيرة في الحجر والبشر، ونشر الذعر في المجتمع المصري، وما زالت آثار زلزال تشرين الأول (أكتوبر) باقية في نفوس كثير من المصريين حتى اليوم. كان ذلك الزلزال نقطة البداية لنشر مجموعة من الدراسات المكثفة عن النطاق الزلزالي في قشرة البحر الأحمر، وأكدت معظم الدراسات أن قشرة البحر الأحمر أضحت خفيفة وعرضة للزلازل في أي وقت، بمعنى أن المدن المطلة على البحر الأحمر ومنها مدينة جدة أصبحت عرضة للزلازل بشكل غير مسبوق، وطلب العلماء من جميع الدول المطلة على البحر الأحمر، أن تغير تشريعات المباني فيها وأن تتوخى الحذر وتتخذ أقصى درجات الحيطة.
وفي هذه الأيام تشهد الكرة الأرضية سلسلة من الزلازل في كل مكان من العالم بدءاً بسونامي إندونيسيا، وسلسلة زلازل العيص في السعودية التي ما زالت تدق ناقوس الخطر عند أبواب مدينة جدة، ثم سلسلة من الزلازل التي ضربت اليابان وفنزويلا واليونان وتركيا وإيران، ثم هاييتي والصين، وأخيراً انفجر بركان آيسلندا الذي نشر الرعب والذعر في كل مكان من العالم، وأوقف حركة الملاحة الجوية في كل مطارات العالم لنحو أسبوع.
ونعرف جميعاً أن العلماء عجزوا ــ حتى الآن ــ عن التكهن بمواعيد الزلازل والبراكين، ولذلك فإنها حينما تقع تتفاعل مع نفسها حتى تسجل قوة تفاعلاتها إلى أن يقضي الله أمراً كان مفعولاً.
وفي هذه الأيام يتوقع بعض العلماء وقوع انفجارات زلزالية في أحشاء البحر الأحمر قريباً، وقد يكون لمدينة جدة ــ لا سمح الله ــ نصيب من هذه الانفجارات الزلزالية.
وبحكم الخبرات السابقة لا نتصور أن وقوع الزلازل في البحر الأحمر سيكون مفاجأة لسكان مدن البحر الأحمر، وأخص بالذات مدينة جدة، ففي عام 1967 وقع زلزال في مدينة جدة بقوة 6.7 ريختر، وفي عام 1993 وقع زلزال آخر في مدينة جدة على بعد 70 كيلو متراً من ناحية الجنوب بقوة 6.5 ريختر.
والذين نسوا هذين الزلزالين نسوهما لأنهما من النوع الرأسي الذي لا يتجه أفقياً فوق سطح الأرض، ولكنه يومذاك أرعب المجتمع الجداوي وهز بيوتهم التي كانت كلها تقريباً من الحجر المنقبي المرجاني (الكاشور)، وكانت هذه الحجارة وما زالت معروفة بقوتها وتماسكها، ولذلك لم تتداع البيوت ولم تسقط وكانت الأضرار طفيفة للغاية.
وإذا كانت جدة قد تحملت زلزالا بقوة 6.7 ريختر في الماضي، فإنها تحملت هذه الضربة لأن رقعة جدة العمرانية كانت لا تتجاوز كيلومترين في أربعة كيلومترات، أمّا حينما تتجاوز رقعتها العمرانية الـ 30 كيلومترا في 50 كيلومترا، وتعج بمباني العشوائيات التي لم تراع اشتراطات البناء ضد الزلازل ولا حتى اشتراطات البناء المسلح، فإن جدة إذا صعقها الزلزال اليوم بقوة 6 ريختر ــ لا سمح الله ــ فإنها ستدفع الثمن غالياً، لا سيما بعد أن طرأ على جغرافية جدة تغير كبير منه أن جزءاً كبيراً من شواطئ مدينة جدة تم ردمه في عهد أمين مدينة جدة الدكتور محمد سعيد فارسي بعرض يتراوح بين الكيلو متر والثلاثة كيلومترات، كما أن منسوب المياه الجوفية بلغ في بعض الأحياء مستوى سطح الأرض، وما زاد الطين بلة تعثر مشاريع الصرف الصحي إلى نحو نصف قرن مع استخدام البيارات التقليدية التي سمحت للصرف الصحي بالتسلل إلى قواعد المباني، وكذلك انسياب مياه الصرف الصحي فوق سطح الأرض. كل هذا ألحق أضراراً بالغة بالتربة التي تحولت من تربة صلبة إلى تربة ندية هشة، ومن تربة تتماسك فوقها المباني إلى تربة تتداعى فوقها المباني، لأنها أصبحت مشبعة بمياه الصرف الصحي المدمر.
وإذا كنت أذكّر الآن بالزلازل التي ضربت مدينة جدة، فإنني أذكّر بها حتى لا تلطمنا المفاجأة، فنحن نحتاج إلى دروس في ثقافة الزلازل طالما أصبحت هذه المدينة كغيرها من المدن التي تطل على شاطئ البحر الأحمر تقع في منطقة نشطة زلزالياً.
إن ثقافة الزلازل التي أعنيها تبدأ من الدفاع المدني الذي يجب أن يباشر بوضع الخطط اللازمة لنشر ثقافة الزلازل على الناس، ما يجب أن يفعلوه حينما يقع المكروه، وما العواقب، ثم كيف يتصرف الناس إذا سمعوا صفارات الإنذار، كذلك يجب أن يتضمن برنامج التوعية قيام أمانة مدينة جدة بالتشدد في تطبيق اشتراطات البناء المقاوم للزلازل، أكثر من هذا فإن للإعلام دورا مهما في نشر ثقافة الزلازل، ويجب أن يعرف الجميع أن الزلزال هو امتحان من الله سبحانه وتعالى، ويجب أن يباشر الإعلام دوره ويبث في الناس ما يجب أن يفعلوه وما لا يجب أن يفعلوه حينما يقع الزلزال.
والخلاصة، نحن كمسلمين نعترف بأن الزلازل والبراكين وكل الكوارث الطبيعية هي امتحان من عند الله سبحانه وتعالى، وفي النهاية الله لطيف بعباده المخلصين.
صحيفة الإقتصادية الإلكترونية
د. أمين ساعاتي
الزلزال الشهير الذي انفجر في البحر الأحمر في تشرين الأول (أكتوبر) 1992 وضرب مصر من أقصاها إلى أقصاها، وأحدث أضراراً كبيرة في الحجر والبشر، ونشر الذعر في المجتمع المصري، وما زالت آثار زلزال تشرين الأول (أكتوبر) باقية في نفوس كثير من المصريين حتى اليوم. كان ذلك الزلزال نقطة البداية لنشر مجموعة من الدراسات المكثفة عن النطاق الزلزالي في قشرة البحر الأحمر، وأكدت معظم الدراسات أن قشرة البحر الأحمر أضحت خفيفة وعرضة للزلازل في أي وقت، بمعنى أن المدن المطلة على البحر الأحمر ومنها مدينة جدة أصبحت عرضة للزلازل بشكل غير مسبوق، وطلب العلماء من جميع الدول المطلة على البحر الأحمر، أن تغير تشريعات المباني فيها وأن تتوخى الحذر وتتخذ أقصى درجات الحيطة.
وفي هذه الأيام تشهد الكرة الأرضية سلسلة من الزلازل في كل مكان من العالم بدءاً بسونامي إندونيسيا، وسلسلة زلازل العيص في السعودية التي ما زالت تدق ناقوس الخطر عند أبواب مدينة جدة، ثم سلسلة من الزلازل التي ضربت اليابان وفنزويلا واليونان وتركيا وإيران، ثم هاييتي والصين، وأخيراً انفجر بركان آيسلندا الذي نشر الرعب والذعر في كل مكان من العالم، وأوقف حركة الملاحة الجوية في كل مطارات العالم لنحو أسبوع.
ونعرف جميعاً أن العلماء عجزوا ــ حتى الآن ــ عن التكهن بمواعيد الزلازل والبراكين، ولذلك فإنها حينما تقع تتفاعل مع نفسها حتى تسجل قوة تفاعلاتها إلى أن يقضي الله أمراً كان مفعولاً.
وفي هذه الأيام يتوقع بعض العلماء وقوع انفجارات زلزالية في أحشاء البحر الأحمر قريباً، وقد يكون لمدينة جدة ــ لا سمح الله ــ نصيب من هذه الانفجارات الزلزالية.
وبحكم الخبرات السابقة لا نتصور أن وقوع الزلازل في البحر الأحمر سيكون مفاجأة لسكان مدن البحر الأحمر، وأخص بالذات مدينة جدة، ففي عام 1967 وقع زلزال في مدينة جدة بقوة 6.7 ريختر، وفي عام 1993 وقع زلزال آخر في مدينة جدة على بعد 70 كيلو متراً من ناحية الجنوب بقوة 6.5 ريختر.
والذين نسوا هذين الزلزالين نسوهما لأنهما من النوع الرأسي الذي لا يتجه أفقياً فوق سطح الأرض، ولكنه يومذاك أرعب المجتمع الجداوي وهز بيوتهم التي كانت كلها تقريباً من الحجر المنقبي المرجاني (الكاشور)، وكانت هذه الحجارة وما زالت معروفة بقوتها وتماسكها، ولذلك لم تتداع البيوت ولم تسقط وكانت الأضرار طفيفة للغاية.
وإذا كانت جدة قد تحملت زلزالا بقوة 6.7 ريختر في الماضي، فإنها تحملت هذه الضربة لأن رقعة جدة العمرانية كانت لا تتجاوز كيلومترين في أربعة كيلومترات، أمّا حينما تتجاوز رقعتها العمرانية الـ 30 كيلومترا في 50 كيلومترا، وتعج بمباني العشوائيات التي لم تراع اشتراطات البناء ضد الزلازل ولا حتى اشتراطات البناء المسلح، فإن جدة إذا صعقها الزلزال اليوم بقوة 6 ريختر ــ لا سمح الله ــ فإنها ستدفع الثمن غالياً، لا سيما بعد أن طرأ على جغرافية جدة تغير كبير منه أن جزءاً كبيراً من شواطئ مدينة جدة تم ردمه في عهد أمين مدينة جدة الدكتور محمد سعيد فارسي بعرض يتراوح بين الكيلو متر والثلاثة كيلومترات، كما أن منسوب المياه الجوفية بلغ في بعض الأحياء مستوى سطح الأرض، وما زاد الطين بلة تعثر مشاريع الصرف الصحي إلى نحو نصف قرن مع استخدام البيارات التقليدية التي سمحت للصرف الصحي بالتسلل إلى قواعد المباني، وكذلك انسياب مياه الصرف الصحي فوق سطح الأرض. كل هذا ألحق أضراراً بالغة بالتربة التي تحولت من تربة صلبة إلى تربة ندية هشة، ومن تربة تتماسك فوقها المباني إلى تربة تتداعى فوقها المباني، لأنها أصبحت مشبعة بمياه الصرف الصحي المدمر.
وإذا كنت أذكّر الآن بالزلازل التي ضربت مدينة جدة، فإنني أذكّر بها حتى لا تلطمنا المفاجأة، فنحن نحتاج إلى دروس في ثقافة الزلازل طالما أصبحت هذه المدينة كغيرها من المدن التي تطل على شاطئ البحر الأحمر تقع في منطقة نشطة زلزالياً.
إن ثقافة الزلازل التي أعنيها تبدأ من الدفاع المدني الذي يجب أن يباشر بوضع الخطط اللازمة لنشر ثقافة الزلازل على الناس، ما يجب أن يفعلوه حينما يقع المكروه، وما العواقب، ثم كيف يتصرف الناس إذا سمعوا صفارات الإنذار، كذلك يجب أن يتضمن برنامج التوعية قيام أمانة مدينة جدة بالتشدد في تطبيق اشتراطات البناء المقاوم للزلازل، أكثر من هذا فإن للإعلام دورا مهما في نشر ثقافة الزلازل، ويجب أن يعرف الجميع أن الزلزال هو امتحان من الله سبحانه وتعالى، ويجب أن يباشر الإعلام دوره ويبث في الناس ما يجب أن يفعلوه وما لا يجب أن يفعلوه حينما يقع الزلزال.
والخلاصة، نحن كمسلمين نعترف بأن الزلازل والبراكين وكل الكوارث الطبيعية هي امتحان من عند الله سبحانه وتعالى، وفي النهاية الله لطيف بعباده المخلصين.
صحيفة الإقتصادية الإلكترونية