المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : تكـوين الـغيوم والـرياح والامطـار


منصور المناع
2006-03-09, 06:11 PM
آيـاته فـي تكـوين الـغيوم والـرياح والامطـار

انَّ دورَ الغيوم، والرياح والامطار، في حياة الانسان وكافة الكائنات الحيّة واضحٌ بالقدر الذي لا يحتاج الى تفصيل، صحيحٌ انَّ الماء يغمُر ثلاثة ارباع الكرة الارضية ، ولكن
أولا: انَّ المياه المالحة لا تصلح للري، ولا لشرب الانسان والحيوانات،
وثانياً: لو فرضنا انَّ كلَّ مياه البحار كانت عذبةً فبأي طريقة يُمكن نقلها الى المناطق والاراضي التي قد ترتفع عن سطح البحر عدة آلاف من الامتار؟
هنا نرى بجَلاء القدرة العظيمة لمبدء الخلق، حيث القى هذا التكليف المهم على عاتق اشعة الشمس لتشرق على المحيطات وتَقوم بتبخير وتصفية مياهها، فيظهر على هيئة قطع من الغيوم، ثم تتجه به نحو المناطق الجافة بمساعدة الرياح، وتُنزله عليها بصورة قطرات مطر لطيفة وصغيرة وبهدوء، حيث تدُب الحياة في جميع ارجاء المعمورة، وتنشُرُ الازدهار والاعمار والخُضرةَ في كُل مكان، وهذا يأتي من خلال نظام دقيق جداً ومحبوك تصحُبه ظرافةٌ بالغة.

وبعد هذا التمهيد القصير نتجه نحو آيات القرآن الكريم بهذا الخصوص فنقرأ خاشعين الآيات الآتية:

1 ـ (اللهُ الَّذي يُرْسِلُ الرِّيـاحَ فَتُثِيْرُ سَحـاباً فَيَبْسُطهُ في السَّمـاءِ كَيْفَ يَشـاءُ وَيَجْعَلُهُ كِسَفاً فَتَرى الْوَدْقَ يَخْرُجُ مِنْ خِلالِهِ فإذا أصـابَ بِهِ مَنْ يَشاءُ مِنْ عِبـادِهِ إذا هُمْ يَسْتَبْشِرُوْن)
ظاهرة الريح والامطار المليئة بالاسرار:يشيرُ في هذة الآية الى مسألة هبوب الرياح وحركة الغيوم بواسطتها حيث يقول: (اللهُ الَّذي يُرْسِلُ الرِّيـاحَ فَتُثِيْرُ سَحـاباً).ثمَّ يشيرُ الى بسط الغيوم على وجه السماء، وتراكمها فوق بعضها، وفي الختام يشير الى خروج قطرات الامطار من وسطها، ويقول: (فَيَبْسُطُهُ في السَّماءِ كَيْفَ يَشاءُ و يَجْعَلُهُ كِسَفاً فَتَرى الْوَدْقَ يَخْرُجُ مِنْ خِلالِهِ).و (الكِسَفْ) تعني هنا تراكم قطعِ الغيوم حيث تستعد لنزول المطر، و «وَدْقْ» (على وزن خَلْقْ) تُطلقُ على الرذاذ الذي يشبه الماء، وفسَّرها البعض بانها قطرات المطر.وفي نهاية الآية يشير الى استبشار عباد الله أثر نزول المطر فيقول: (فَإذا أَصـابَ بِهِ مَنْ يَشاءُ مِنْ عِبـادِهِ إذا هُمْ يَستَبْشِرُوْن).وعليه فانَّ الرياح لا تُحرِّكُ الغيومَ فقط، بل تبسطها في السماء ثم تركُمَها على بعضها وتتعهد بتبريد أطراف الغيوم واعدادها لانزال المطر.فالرياح ذات تجربة غنية كالرعاة حين يقومون بجمع قطيع الماشية في وقت محدَّد من اطراف الصحراء ويسوقونها في طريق معين، ثم يحضرّونها للحلب.وليس سُمكُ الغيوم يكون الى الحد الذي يمنع خروج قطرات المطر، ولا شدة الرياح بالقدر الذي يمنع نزول هذه القطرات الى الارض.ولا تكون قطرات الامطار صغيرة بالقَدَرِ الذي يجعلها تبقى معلقةً في السماء، ولا كبيرة حيث تؤدي الى تدمير المزارع والبيوت.ولا يُعتبر نزول المطر مُبشِّراً للناس لأنَه اساس الاعمار والازدهار فقط، بل انَّه يُصَفّي ويُلطِّفُ الجو ويبعثُ على النشاط.واللطيف انّه يقول في سياق هذه الآية من سورة الروم: (فَانْظُرْ إلى آثارِ رَحْمَةِ اللهِ كَيْفَ يُحْيي الأرْضَ بَعْدَ مَوْتِها)؟!.ومن اجل ادراك مفهوم هذه الآية يكفينا مشاهدة صور من بعض الصحارى، ومزارع بعض المناطق في أفريقيا كيف خيَّم عليها شبحُ الموت أثر التصحُّر المستمر، ورَحَلَ عنها مَلَكُ الحياة.والعجيب انَّ هذه الامواج اللطيفة للرياح التي تَخترقها قطراتُ الامطار بسهولة، تقوم باقتلاع الاشجار الضخمة، وتُدمِّرُ المبـاني، وتختطفُ الانسان معها .

2 ـ (وَمِنْ آيـاتِهِ أنْ يُرسِلَ الرِيـاحَ مُبَشِّرات وَليُذِيقْكُمْ مِنْ رَحْمَتِهِ وَلِتَجْريَ الْفُلْكُ بأمْرِهِ وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ ولَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونْ)
وتتعقبُ هذة الآية الموضوع ايضاً بشيء من الاختلاف، فهي تصفُ الرياحَ بالمبشِّرات، وبالاضافة الى مسألة نزول الامطار فهي تشير الى حركة السفن بواسطة الهبوب المنظَّم للرياح ايضاً، فجاء في النهاية: (ولِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ ولَعَلَّكُمْ تَشْكُرُوْن).ومن الممكن ان تكون عبارة (وَليُذيْقَكُمْ مِنْ رَحْمَتِهِ) اشارة الى بقية فوائد الرياح، كتلقيح النبات، ودفع البخار المكثف، والتعفن المتصاعد، وتنقية الجو وغيرها .

3 ـ (وهُوَ الَّذي يُرْسِلُ الرِّيـاحَ بُشْراً بَيْنَ يَدَي رَحِمَتِهِ حَتى إذا أقَلَّتْ سَحـاباً ثِقـالا سُقْنـاهُ لِبَلَد مَيِّت فأنْزَلَنـا بِهِ الْمـاءَ فَأخْرَجْنـا بِهِ مِنْ كُلِّ الثَّمَرات)

4 ـ (واللهُ الَّذي أرْسَلَ الرِّيـاحَ فَتُثِيْرُ سُحـاباً فَسُقْنـاهُ إلى بَلَد مَيِّت فَأحِيَيْنـا بِهِ الأرْضَ بَعْدَ مَوْتِها)
وإهتَّم في هذةالآيتين بهذا الأمر ايضاً مع هذا التفاوت وهو اعتبار الرياحَ مقدمة لرحمته، ووصفَ الغيوم بـ (الثِّقال) أي (الأحمال الثقيلة، جمع ثقيل) لانَّ الغيوم الممطرة اثقل من بقية الغيوم، وتكون قَريبة من الارض، لذلك عبَّر عنها القرآن الكريم بـ(الثِّقال).و (اقلَّت) من مادة «إقْلالْ» وتعني حملُ شيء يكون خفيفاً بالنسبة لقدرة الحامل، فهو يعتبره قليلا ولا قيمة له، انَّ وجود هذا التعبير في الآية اعلاه يبرهنُ على انَّ الغيوم الثقيلة التي قد تحملُ معها ملايين الاطنان من المياه لا تُحّملُ الرياح

منصور المناع
2006-03-09, 06:12 PM
5 ـ (اِنَّ في خَلْقِ السَّمـواتِ والأرْضِ وَمـا أنْزَلَ اللهُ مِنْ السَّمـاءِ مِنْ مـاء فَأحْيـا بِهِ الأرْضِ بَعْدَ مَوْتِهـا وَبَثَّ فِيهـا مِنْ كُلِّ دابَّة وتَصْرِيْفِ الرِّياحِ والسَّحـابِ المُسَخَرَ بَيْنَ السَّمـاءِ والارْضِ لآيات لِقَوْم يَعْقِلُوْن)
واستند في هذة الآية الى خلقِ سبعةِ اشياء مختلفة كآيات لله تعالى بالنسبة للمتفكرين والعقلاء وهي: خلق السماء، والارض، واختلاف الليل والنهار، والفُلك التي تجري في البحر بما ينفع الناس، والامطار، وهبوب الرياح واختلافها، والسحب المعلقة بين الارض والسماء.واستند في هذه الآية على مسألة الحركات المختلفة للرياح (وَتَصْرِيْفِ الرِّياحِ)، وكذلك الغيوم المعلقة بين الارض والسماء (وَالسَّحـابِ الْمُسَخَّر بَيْنَ السَّمـاءِ والأرْضِ)، السحبُ التي تحتوي البحار في ذاتها، وهي في ذات الوقت معلقة بين الارض والسماء، فهي في الواقع من اعظم آيات الله، «فعندما تُحيي الارضَ بنزول المطر فهي تبّثُ انواعاً مختلفةً من الدّواب على وجه الارض» (فأَحْيـا بِهِ الأرْضَ بَعْدَ مَوْتِها وَبَثَّ فِيْهـا مِنْ كُلِّ دابَّة).وعندما نشاهد انَّ الرياح والغيوم قد طُرحت في هذه الآية بعد نزول الامطار فلعلّها من اجل تعليم هذا الامر، وهو انَّ فائدة الرياح لا تنحصر بتحريك الغيوم وانزال المطر فحسب، بل لها فوائد جمّة اخرى تمّت الاشارة اليها سابقاً، وسيشار اليها في الفذلكة ايضاً.ناهيك عن نزول الامطار، فانّ الغيوم لوحدها تعتبر مسألة عجيبة ايضاً، لأنها تحتفظ ببحار من المياه وهي معلقةً بين الارض والسماء
يجب الانتباه الى انَّ السحاب : البخار المتراكم تسميه العرب (ضباباً) ـ بالفتح ـ مالم ينفصل من الارض فاذا انفصل وعلا سمي (سحاباً وغيما وغماماً) .

6 ـ (أفَرَأيْتُمُ الْمـاءَ الَّذي تَشْرَبُوْنَ ـ أأنْتُمْ أنْزَلْتُمُوهُ مِنَ الْمُزْنِ أمْ نَحْنُ المُنْزِلُوْنَ ـ لَوْ نَشـاءُ جَعَلْنـاهُ اُجـاجاً فَلَوْ لا تَشْكُرُوْن)
وتستَند هذة الآية الى مسألة مياه شرب الانسان، وتذكر موضوعاً جديداً حيث تقول: (أفَرَأَيْتُم المـاءَ الَّذي تَشْرَبُون ـ أَأَنْتُم أنزَلتُمُوه مِنْ المُزْنِ أمْ نَحنُ المُنْزِلُون)؟ ثم يضيف تعالى: (لَوْ نَشـاءُ جَعَلْنـاهُ أُجـاجاً فَلَوْلا تَشْكُرُوْن) فلو أنَّ ماء البحر يصطحبُ اثناء تبخره الى السماء حبوب الاملاح الصغيرة، وتنزلُ المياه المالحة والمرَّة من الغيوم لتحولّت الارضُ الى مملحة، فلا ينمو نباتٌ، او شجر، واذا اراد الانسان ان يدفع الموت عنه اثر العطش لم يستطع ان يتجرع منه أبداً.هذا الامر الموجَّه الى المياه بالتّبخر، والاملاح الموجودة في مياه البحر بالبقاء في مكانها، قد اضفى طابعاً آخر على حياة الانسان، بل كل الاحياء على سطح المعمورة، فهل يستطيع شخصٌ ان يؤدي شُكرَ هذه النعمة مدى حياته؟!
وكما قلنا فان (المُزْن) تعني الغيوم الممطرة و (الأجاج) تعني الماء

7 ـ (أمَّنْ يَهْدِيَكُمْ في ظُلِمـاتِ الْبَّرِ والْبَّحْرِ وَمَنْ يُرْسِلُ الرِّيـاحَ بُشْراً بَيْنَ يَدَي رَحْمَتِهِ أَ إلهٌ مَعَ الله تَعالى اللهُ عَمَّا يُشرِكُوْنَ)
8 ـ (وأرْسَلْنـا الرِيـاحَ لَواقِحَ فَأنْزَلْنـا مِنَ السَّمـاءِ مـاءً فأسْقَيْنـاكُمُوْهُ وَمـا أنْتُمْ لَهُ بِخـازِنْين)
وفي هذة الآية يتحدث عن مسألة الرياح ونزول الامطار بتعبير جديد، فيقول: (وأرْسَلْنـا الرِّيـاحَ لَواقِحَ).فهل انَّ المقصود هو تلقيح النباتات بواسطة الرياح ونثر لقاح ذكور النباتات على الاناث، وحملُ الفواكه والحبوب الذي يحدث عن طريق الرياح؟ أو حَمْل قطع الغيوم والحاق بعضها ببعض.نظراً لقوله في تكملة الآية: (فَأنْزَلنـا مِنَ السَّماءِ مـاءً فَأسْقَيْنـاكُمُوْه)، فيظهر انَّ المعنى الثاني اكثر تناسباً، بالرغم من امكانية الاستفادة من المعنيين معاً.على أية حال، فانَّ التعبير اعلاه تعبيرٌ لطيفٌ جداً حيث شَبَّه قِطعَ الغيوم بالامهات والآباء، حيث يخلطها عن طريق الرياح ثم تحملُ، وتضعُ جنينها أي قطرات الامطار على الارض!
ويشيرُ في ختام الآية الى خزانات المياه المغطّاة تحت الارض، والتي هي من نعم الله علينا .

9 ـ (أَلَمْ تَرَ إنَّ اللهَ أنْزَلَ مِنَ السَّمـاء مـاءً فَسَلَكَهُ يَنـابِيْعَ في الأرْضِ ثُمَّ يُخْرِجُ بِهِ زَرْعاً مُخْتَلِفاً
ألْوانُهُ... إنَّ في ذلِكَ لَذِكْرى لأُوْلي الألْبـاب)
وفي هذة الآية يشير الى مسألة تكوُّنِ الينابيع، فيقول: (ألَمْ تَرَ أنَّ الله اَنْزَلَ مِنَ السَّمـاءِ مـاءً فَسَلَكهُ يَنـابِيْع).و (ينابيع) جمع «ينبوع» وتعني العَيْن، وهي في الاصل مأخوذة من مادة (نَبْعْ) وتعني انبثاق الماء من الارض، ومن الطبيعي إنَّ تكوُّنَ الينابيع في الارض الذي يجعل الانسان يستفيد من الماء الجاري بدون الحاجة الى قوة اخرى، يتبع ظروفاً خاصةً اولُها: ان تكون طبقة الارض قابلة للاختراق كي يتغلغل الماء خلالها، ثم يجب ان يكون ما تحت هذه الطبقة صلداً كي يتوقف الماء ويُخزنَ هناك، وان يكون هناك فارقٌ في المستوى بين خزانات المياه والمناطق الاخرى حتى ينسابَ الماء من هناك الى بقية النقاط، ومن المسلَّم به استحالةُ تناسق هذه الأمور لولا تخطيط مُبديء العلم والقدرة.ويضيف في سياق الآية (ثُمَّ يُخْرِجُ بِهِ زَرْعَاً مُخْتَلِفاً ألْوانُهُ).فيمكنُ أنْ يكون اختلاف الالوان هذا اشارة الى الوان النباتات المختلفة تماماً، أو إشارة الى انواع النباتات وازهار الزينة والطب والغذاء والصناعة التي لها انواع لا تحصى في الواقع.أَجَل..
انَّ الله تعالى يستخرج من هذا الماء الذي لا لون له مئات الآلاف من النباتات .

منصور المناع
2006-03-09, 06:13 PM
10 ـ (وأنْزَلنـا مِنْ المُعْصِراتِ ماءً ثجَّاجاً ـ لِنُخْرِجَ بِهِ حَبّاً وَنَبـاتَاً وجَنّات ألْفـافاً)
وتمّت الاشارة في هذة الآية الى نكتة جديدة اخرى، فيقول: (وأَنْزَلْنا مِنَ المُعْصِراتِ مـاءً ثُجّاجاً).و (مُعْصِرات)جمعُ «مُعْصُر» من مادة «عَصْر» وتعني الضغط، والمُعصرات تعني الضاغطات، وهنا ما هو المقصود بهذا التعبير؟ لقد ذكروا تفاسير متعددة: فالبغض اتخذها صفةً للغيوم، إذ اعتبرها اشارة الى نظام خاص يتحكم بها عندما تتراكم على بعضها، فكأنما تعصُر نفسها كي تجري الامطار منها، واعتبر هذا التعبير من المعاجز العلمية للقرآن الكريم .إلاّ انَّ البعض الآخر اتخذها صفةً للرياح، واعتبرها اشارة الى العواصف والزوابع الترابية، حيث لها تأثيرٌ عميق في تكوين الامطار والرعد والبرق (علماً ان «الاعصار» يعني الزوابع الترابية).
فيقول هؤلاء.. اثناء هبوب الزوابع الترابية الشديدة على سطح البحار والمحيطات فانها تحمل معها البخار من على سطح المحيط، وحينما تصل به الى نقاط الجو العليا الباردة جداً، وحيث تكون قدرة اشباع البخار هناك ضعيفة، يحصل الرعد والبرق الشديد، وبما انَّ «ثجّاج» صيغة للمبالغة، وهي من مادة «ثجّ» (على وزن حج) وتعني سكب الماء تتابعاً وبكثرة فهي تتناسب كثيراً مع مثل هذا الرعدوالبرق .
واعتبرها البعض اشارة الى الغيوم التي تتزامن مع الزوابع الرملية والعواصف ، فهذه العواصف تسوق الغيوم نحو الاعلى .

11 ـ (وِهُوَ الَّذي أرْسَلَ الرِّيـاحَ بُشْراً بَيْنَ يَدَي رَحْمَتِهِ وأنْزَلْنـا مِنْ السَّمـاء مـاءً طَهُوراً)
وفي هذة الآية ، وبعد بيان ما جاء في الآيات السابقة (وَهُوَ الذي يُرسلُ الرِّيـاح بُشراً بَيْنَ يَدَي رَحْمَتِه)، يَرِدُ ما يلي (وأنْزَلنـا مِنَ السَّماءِ مـاءً طَهُوْراً).وهذا موضوع جديد حيث يستند اليه في هذه الآية.و (الطّهور) صيغة مبالغة من «الطهارة» والنقاوة حيث تفيد طهارةَ الماء وكذلك كونه مطهّراً، ولو لم تكن للماء صفة التطهير لتلوثت كلُّ مقومات حياتنا واجسامنا وارواحنا خلال يوم واحد، ويمكن ان نلمسَ حقيقة هذا الكلام اذا ما ابتُلينا تارة بفقدان ماء للتنظيف، حينها يصعبُ توفير الغذاء، وسنفقد نظافة الجسم والنشاط والطراوة والصحة والسلامة. صحيحٌ انَّ الماء لا يقتل الجراثيم ولكن لكونه (مُحَلَّلا) جيداً فهو يقوم بتحليل انواع الجراثيم ويزيلها، ولهذا فهو عاملٌ مؤثرٌ .

12 ـ (أوَلَمْ يَرَوْا أنّا نَسُوقُ المـاءَ إلى الأرْضِ الْجُرُزِ فَنُخْرِجُ بِهِ زَرْعاً تَأكُلُ مِنْهُ أنْعـامُهُمْ وأنْفُسُهُمْ أفَلا يُبْصِرُوْن)
ثم نواجه في هذة الآية والاخيرة مسألةً جديدةً وهي انَّ الله تعالى يسوق المياه الى الارض «الجُرُز» أي الجافة اليابسة الخالية من الكلأ، فيقول: (أوَلَمْ يَرَوْا اَنّا نَسُوْقُ المـاءَ الى الأرضِ الجُرُز)؟! (فَنُخرِجُ بِه زَرَعاً تَأكُلُ مِنْهُ أنْعـامُهُمْ وأَنْفُسُهُمْ)، فيَأكلون الحبوب وتأكل بهائمهُمَ السوق والاوراد والجذور.ويستفاد من كلام ارباب اللغة ان (الجُرُز) ماخوذة في الاصل من مادة (جَرَز) (على وزن مَرَضْ) وتعني (الانقطاع) أي انقطاع الماء، والنبات، والاعمار والطراوة، ولذا يقال للناقة التي تأكل وتقطع كل شيء بـ «ناقة جروز»، ولمن يأكل كل ما موجود على خوان الطعام ويفرغها تماماً بـ «رجل جروز» .
ويقول في نهاية الآية داعياً الى التفحص في هذه النِعَم الالهية العظيمة وآيات التوحيد: (أَفَلا يُبْصِرُوْن).ولكن لماذا تقدمت (الانعام) على الانسان في الآية اعلاه؟ يقول بعض المفسِّرين: لأنَّ الزرعَ اول ما ينبت يصلح للدواب ولا يصلح للانسان بالاضافة الى انَّ الزرعَ غذاء الدَّواب وهو لابدَّ منه، في حين ان للانسان اغذية اخرى .

توجد في القرآن الكريم آياتٌ كثيرةٌ في هذا المجال ، وما ورد اعلاه مقتطفات من هذه الآيات

ويستفادُ جيداً من الآيات الآنفة وبالانتباه الى المسائل الدقيقة والظريفة التي انعكست فيها، انَّ هناك نظاماً دقيقاً جداً ومضبوطاً يسود وجود الرياح والغيوم والامطار، حيث كلّما أطالَ الانسانُ التمعُن فيها تزداد معرفته بالظرافة والمنافع



مقتبس للفائدة المرجوة منه

أبو خالد
2006-03-09, 06:15 PM
جزكــــ اللـه خـير
جعلها الله في موازين حسناتك

الحنون
2006-03-09, 06:17 PM
مشكور اخوي

تحياتي لك ،،،،


الحنون

nahham
2006-03-09, 09:20 PM
بارك الله فيك

شكرا لك على الاختيار والاضافه

جزاك الله خير

سنعوسي111
2006-03-12, 12:26 AM
جزاك الله خير
وسدد الله خطاك
وجعل هذا العمل في موازينك
وكثر الله من امثالك

ابي محمد
2006-03-12, 12:35 PM
جزاك الله خير
وسدد الله خطاك
وجعل هذا العمل في موازينك
وكثر الله من امثالك
وشكرا لك على التوثيق

فتـى نجـد
2006-03-12, 10:25 PM
مشكوررررررر

اخوي

وما قصرت

الله يثيبك على مجهودك المميز

مرافق النشاما
2006-03-16, 01:49 PM
جزاااك الله خير

اخوي اتيكااااا

وربي يسلمك ويحفظك

ريف النشااما

سويتز
2006-04-14, 06:34 PM
جزكــــ اللـه خـير
جعلها الله في موازين حسناتك

الصلبوخي
2006-04-23, 10:59 AM
سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم

الله يجزاك خير اخي الكريم اتيكا

على هذا الطرح الجميل والمفيد

الشيخ
2006-04-28, 08:36 AM
والله أخوي التيكا لو نكتب لين نقصر مارايحين نوفيك
مشكور أخوي على الكتابات الممتازة جداً
اللهم اجعل كل حرف تكتبة حسنة
بارك الله لك
وجزاك الله خير
ربي يعافيك

أخوك الشيخ

عبدالهادي المفرج التميمي
2006-04-28, 02:12 PM
اخوووووووي

سكرت علينا اي نقطه ممكن نسووووي منها مداخلة

موضووووووووع متجانس وكامل والكامل وجهه سبحااااااااانه

مشكووووووووووووووووووور






سلام

هاوي بر
2006-04-28, 02:31 PM
مشكور ...

لا عاد الموضوع هاذا متعوب عليه

لا تقولي
ما تعبت ..


على العموم ..

تشكر على الموضوع الجميل ..

والايات الجميله ..

الله يوفك في دينك ودنياك ..

العاصوف
2006-04-28, 02:45 PM
إقباس رائع وذا قيمة كبيرة
وفقك الله يابو مشعل