الشبيعان
2009-09-15, 02:23 AM
أكثر المعالم التي تشترك فيها البلدان
المرقب هو البرج المرتفع المبنى لغرض المراقبة والفحص
http://www.alriyadh.com/2006/02/03/img/031724.jpg (http://www.alriyadh.com/2006/02/03/img/031724.jpg)
المرقب ويظهر الباب الصغير
جريدة الرياض
لعل مايسمى بالمرقب - وهو البرج المرتفع المبني لغرض المراقبة وفحص المنطقة المحيطة بالبلدان - من أكثر المعالم التي تشترك فيها الكثير من البلدان في نجد وغيرها، وذلك لاشتراكها في دواعي وجوده وهو ضرورة المحافظة على الأمن.
فمعظم البلدان يستقبلك عند مقدمك مشارفها أو أحد المباني المرتفعة أشبه بالقصبة العالية الدائرية الشكل غالباً أو المربعة، تراها من بعيد كأعلى شيء في نطاقها العمراني.
وقل أن تجد بلدة خاصة في مناطق السهول المنبسطة، بدون مرقب إلا إذا كان يعوضها عنه تل مرتفع أو جبل تتخذه بديلاً طبيعياً يشرف على الأراضي الفضاء المحيطة بها، ذلك لأن الأمن والرغبة في الحماية والحاجة إلى ذلك دعت إلى إنشاء مثل هذه الأبنية ولم يكن بناؤها ورفعها عالية من باب الرفاهية أو التنافس في المباني بل إن الحاجة والضرورة أجبرت المجتمع على ذلك وتحملوا في سبيل ذلك مشقة كبيرة خاصة إذا عرفنا ضعف الإمكانات وانشغال الجميع في أعمالهم من زراعة ورعي وحرف وغيرها لكن أجبرهم على المر ماهو أمر منه.
وفي بلدة القصب بالوشم يوجد مرقب مرتفع بني على تل مرتفع أيضا حيث يوجد في شرقي البلدة بعض التلال المجاورة للحزوم الشرقية جزفت السيول ماحولها وبقيت مرتفعة الشكل فاستفاد السكان من بعضها في أغراض عدة منها تحويل التل إلى مقبرة محمية من السيول الجارفة، ومنها بناء المرقب على أحدها ليساعد في الارتفاع أكثر ويختصر على البنائين بعض الأمتار ويوفرها عليهم كما يشكل حماية للمرقب نفسه في حالة مهاجمته.
يقع المرقب على حافة المزارع الشرقية وهو داخل في حمايتها وتغلق عليه المزارع وتحيط به أسواق النخيل من كل جانب.
مبناه قوي ومتين يرتفع بطول أكثر من 20 ذراعاً أي حوالي 12 متراً تهدم أكثره اليوم ومحيطة الخارجي مكون من جدران متراصة على شكل طبقات متجاورة سميكة، قاعدته أكبر من قمته وأوسع مساحة، يعلوه سقف لايمكن الصعود إليه إلابحبل ويتسع لأكثر من عشرة أشخاص لكن المستخدم له لايتعدى شخصين على الأكثر وأغلب الأوقاف شخص واحد فقط لكن الذين بنوه جعلوه مكان حماية يمكن لعدد من الأشخاص الاحتماء به مؤقتاً.
لايوجد داخله أي شيء سوى أنه فراغ دائري يقي من الخطر كل من بداخله ويقع بابه الصغير في الجهة الغربية.
ويشرف الرقيبة (وهو الذي يقوم بمهمة المراقبة وفحص المكان من خلال النظر بالعين المجردة) من الأعلى وهو في مأمن من أي خطر، لأنه قد صعد على سطح مرتفع في قمة البرج وهو آخر متر فيه لايتصل بالأرض بسلم ولادرج بل بحبل قد سحبه معه فور صعوده.
كان الرقيبة أو مايسمونه (السبر) يتمتع بحدة البصر وقوة الملاحظة والفطنة والاهتمام فهو يراقب ويسبر المكان والمنطقة فكان يصعد مرتين في اليوم، مرة في الصباح والأخرى في المساء قبل غروب الشمس، وكان يرى في كل صعود جميع القوافل والمسافرين على الطرق المؤدية إلى القصب وعلى بعد عشرين كيلاً من النفود غرباً وحتى جبال طويق شرقاً، ولأنه قد خبر المنطقة وميز شعابها وتلالها وشجرها لذا يعرف المتغيرات في خريطتها في كل مرة ويدرك ما طرأ عليها من تغير ويعرف إن كان هناك خطر على البلدة من حملات معادية، ومن أبرز المراقبين في المائة سنة الماضية السبر (إبراهيم بن فايز بن عوجان).
واستخدم المرقب أيضاً لمراقبة رعايا البلدة وأغنامها كذلك مراقبة السلامة لأهل البلدة الذين يذهبون لجمع العشب وما كان يطلق عليه (الحشيش) فهم يحشون من الروضات المجاورة ويحتاجون إلى من يراقب وضعهم الأمني وسلامتهم، لكن ذلك لايكون إلا في حالة التأهب لخطر أما الأوقات العادية فإن الأمور تجري على طبيعتها المعتادة.
ويكلف أمير البلدة المراقب بالمتابعة، فلا تغيب شمس اليوم إلا وقد اطمأن أهلها على المسافة المحيطة بهم أنها خالية من الخطر، وبالطبع لايوجد مواصلات سريعة يمكن أن تصل في غضون دقائق فمسيرة الجمال والحمير معروفة ولاتوجد خيول كثيرة يمكن أن تشكل خطراً مفاجئاً، لذا يطمئن الجميع مع آخر ساعات النهار ثم تغلق الأبواب الرئيسة الشرقية والغربية، وفي الصباح يصعد الرقيبة مرة أخرى ليطلع على المنطقة ويرصد المتغيرات مع شعاع يوم جديد.
ولقد تجددت الأيام بالبشر والسرور والحمدلله بعد الأمن الذي من الله به علينا اليوم وزال الخطر وعلينا أن نشكر الله على نعمته لتدوم وأن نتذكر الماضي كعبرة ونسأل الله ألايعود الخوف والضيق والمشقة التي مست أجدادنا ولا المعاناة التي اضطرتهم إلى بناء مثل هذه الأبرامج فأخذت من وقتهم.
المرقب هو البرج المرتفع المبنى لغرض المراقبة والفحص
http://www.alriyadh.com/2006/02/03/img/031724.jpg (http://www.alriyadh.com/2006/02/03/img/031724.jpg)
المرقب ويظهر الباب الصغير
جريدة الرياض
لعل مايسمى بالمرقب - وهو البرج المرتفع المبني لغرض المراقبة وفحص المنطقة المحيطة بالبلدان - من أكثر المعالم التي تشترك فيها الكثير من البلدان في نجد وغيرها، وذلك لاشتراكها في دواعي وجوده وهو ضرورة المحافظة على الأمن.
فمعظم البلدان يستقبلك عند مقدمك مشارفها أو أحد المباني المرتفعة أشبه بالقصبة العالية الدائرية الشكل غالباً أو المربعة، تراها من بعيد كأعلى شيء في نطاقها العمراني.
وقل أن تجد بلدة خاصة في مناطق السهول المنبسطة، بدون مرقب إلا إذا كان يعوضها عنه تل مرتفع أو جبل تتخذه بديلاً طبيعياً يشرف على الأراضي الفضاء المحيطة بها، ذلك لأن الأمن والرغبة في الحماية والحاجة إلى ذلك دعت إلى إنشاء مثل هذه الأبنية ولم يكن بناؤها ورفعها عالية من باب الرفاهية أو التنافس في المباني بل إن الحاجة والضرورة أجبرت المجتمع على ذلك وتحملوا في سبيل ذلك مشقة كبيرة خاصة إذا عرفنا ضعف الإمكانات وانشغال الجميع في أعمالهم من زراعة ورعي وحرف وغيرها لكن أجبرهم على المر ماهو أمر منه.
وفي بلدة القصب بالوشم يوجد مرقب مرتفع بني على تل مرتفع أيضا حيث يوجد في شرقي البلدة بعض التلال المجاورة للحزوم الشرقية جزفت السيول ماحولها وبقيت مرتفعة الشكل فاستفاد السكان من بعضها في أغراض عدة منها تحويل التل إلى مقبرة محمية من السيول الجارفة، ومنها بناء المرقب على أحدها ليساعد في الارتفاع أكثر ويختصر على البنائين بعض الأمتار ويوفرها عليهم كما يشكل حماية للمرقب نفسه في حالة مهاجمته.
يقع المرقب على حافة المزارع الشرقية وهو داخل في حمايتها وتغلق عليه المزارع وتحيط به أسواق النخيل من كل جانب.
مبناه قوي ومتين يرتفع بطول أكثر من 20 ذراعاً أي حوالي 12 متراً تهدم أكثره اليوم ومحيطة الخارجي مكون من جدران متراصة على شكل طبقات متجاورة سميكة، قاعدته أكبر من قمته وأوسع مساحة، يعلوه سقف لايمكن الصعود إليه إلابحبل ويتسع لأكثر من عشرة أشخاص لكن المستخدم له لايتعدى شخصين على الأكثر وأغلب الأوقاف شخص واحد فقط لكن الذين بنوه جعلوه مكان حماية يمكن لعدد من الأشخاص الاحتماء به مؤقتاً.
لايوجد داخله أي شيء سوى أنه فراغ دائري يقي من الخطر كل من بداخله ويقع بابه الصغير في الجهة الغربية.
ويشرف الرقيبة (وهو الذي يقوم بمهمة المراقبة وفحص المكان من خلال النظر بالعين المجردة) من الأعلى وهو في مأمن من أي خطر، لأنه قد صعد على سطح مرتفع في قمة البرج وهو آخر متر فيه لايتصل بالأرض بسلم ولادرج بل بحبل قد سحبه معه فور صعوده.
كان الرقيبة أو مايسمونه (السبر) يتمتع بحدة البصر وقوة الملاحظة والفطنة والاهتمام فهو يراقب ويسبر المكان والمنطقة فكان يصعد مرتين في اليوم، مرة في الصباح والأخرى في المساء قبل غروب الشمس، وكان يرى في كل صعود جميع القوافل والمسافرين على الطرق المؤدية إلى القصب وعلى بعد عشرين كيلاً من النفود غرباً وحتى جبال طويق شرقاً، ولأنه قد خبر المنطقة وميز شعابها وتلالها وشجرها لذا يعرف المتغيرات في خريطتها في كل مرة ويدرك ما طرأ عليها من تغير ويعرف إن كان هناك خطر على البلدة من حملات معادية، ومن أبرز المراقبين في المائة سنة الماضية السبر (إبراهيم بن فايز بن عوجان).
واستخدم المرقب أيضاً لمراقبة رعايا البلدة وأغنامها كذلك مراقبة السلامة لأهل البلدة الذين يذهبون لجمع العشب وما كان يطلق عليه (الحشيش) فهم يحشون من الروضات المجاورة ويحتاجون إلى من يراقب وضعهم الأمني وسلامتهم، لكن ذلك لايكون إلا في حالة التأهب لخطر أما الأوقات العادية فإن الأمور تجري على طبيعتها المعتادة.
ويكلف أمير البلدة المراقب بالمتابعة، فلا تغيب شمس اليوم إلا وقد اطمأن أهلها على المسافة المحيطة بهم أنها خالية من الخطر، وبالطبع لايوجد مواصلات سريعة يمكن أن تصل في غضون دقائق فمسيرة الجمال والحمير معروفة ولاتوجد خيول كثيرة يمكن أن تشكل خطراً مفاجئاً، لذا يطمئن الجميع مع آخر ساعات النهار ثم تغلق الأبواب الرئيسة الشرقية والغربية، وفي الصباح يصعد الرقيبة مرة أخرى ليطلع على المنطقة ويرصد المتغيرات مع شعاع يوم جديد.
ولقد تجددت الأيام بالبشر والسرور والحمدلله بعد الأمن الذي من الله به علينا اليوم وزال الخطر وعلينا أن نشكر الله على نعمته لتدوم وأن نتذكر الماضي كعبرة ونسأل الله ألايعود الخوف والضيق والمشقة التي مست أجدادنا ولا المعاناة التي اضطرتهم إلى بناء مثل هذه الأبرامج فأخذت من وقتهم.