المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : هل الغبار ظاهرة كونية أم آية ربانية؟


مراويح نجد
2009-03-18, 02:01 AM
http://www.albrari.com/vb/uploaded/22275_01237338001.gif

هل الغبار ظاهرة كونية أم آية ربانية؟


(مقال رائع د.إبراهيم الفوزان)




الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد،،،



في الماضي القريب كانت الحوادث الكونية كالرياح والأعاصير التي يقدرها الله عز وجل مجهولة حتى تقع فيشاهدها الناس؛ وفي هذا العصر – عصر ازدهار العلوم – تغير الأمر تماما فأصبح من الممكن معرفة زمان ومكان حصول هذه الظواهر قبل وقوعها بسنوات. ومما لا شك فيه أن العلم نعمة أنعم الله بها على عباده وقد حث الإسلام على العلم والتعلم وعمارة الأرض ((أَمْ مَنْ هُوَ قَانِتٌ آنَاءَ اللَّيْلِ سَاجِدًا وَقَائِمًا يَحْذَرُ الْآخِرَةَ وَيَرْجُو رَحْمَةَ رَبِّهِ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الْأَلْبَابِ)) (الزمر: 9) وكتاب الله تعالى أنزل ليتدبره الخلق والتدبر لا يكون إلا بالفهم والعلم بالسنة وأقوال العلماء والعلم بدلالات الألفاظ ومعانيها والعلم بالكون وأحواله. ومما يجدر التنبيه له أن الله امتدح في بداية الآية القانتين الذين يقومون الليل حذراً من الآخرة ورجاءاً لرحمته تعالى، وهذا العمل الذي هو القنوت والعمل للآخرة رجاء رحمة الله هو المقصود من العلم أما العلم الذي لا يورث عملاً فلا قيمة له.



لا شك أن الكفار قد سبقونا في هذا العصر في العلوم الطبيعية والإنسانية وعلوم الفلك وغير ذلك، لكنهم مع ذلك لم يستفيدوا من هذه العلوم في التعرف على الخالق الحكيم الذي أوجدهم من العدم وأوجد المواد والعناصر التي استفادوا منها وعرفوا كثيراً من أسرارها وسخروها في اشباع رغباتهم وشهواتهم الدنيوية، ومع ذلك لم يؤدِ بهم ذلك إلى الإستعداد للإخرة ((يَعْلَمُونَ ظَاهِرًا مِنَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ عَنِ الْآخِرَةِ هُمْ غَافِلُونَ)) (الروم: 7).



العلم الذي لا يزيد في الإيمان والتقوى لا فائدة منه لأن العمارة الحقيقية للدنيا تكون بتطويع ما فيها من إمكانات مادية وعلمية لعبادة الله وحده لا شريك له. ما الفائدة من معرفة حدوث الأعاصير والرياح الترابية للبشر؟ هل الفائدة تكمن في عدم الخروج والتعرض للغبار والأتربة وتقليل الخسائر المادية فقط؟ بلا شك أن هذا مطلوب لكن هل هو كل شئ في الموضوع؟ أم أن هنالك أمر آخر يجب على المسلم التنبه له؟ نجد أن الكفار يربطون هذه الحوادث بالظاهرة الطبيعية والإختلافات الجوية والتغيرات المناخية دون استشعارٍ لمسبب هذه الظواهر وهو الله – سبحانه وتعالى –، ولهم ذلك فهم كما ذكر الله عنهم في الآية السابقة غافلون عن المعاد والحساب فالحياة الدنيا بالنسبة لهم كل شئ وليس بعدها حياة ولا نشور. ومما يؤسف له أن المسلمين أقتربوا كثيراً في تعاملهم مع هذه الآيات الإلهية من تعامل الكفار معها!


نحن نختلف عن الكفار في نظرتنا للحياة وما فيها من سماء وهواء وجبال وبحار وأن الله – جل وعلا – هو الذي خلقها وهو المصرف لها المدبر لشؤنها، لا يقع شئ في الكون إلا بإذنه لا راد لقضاءه وحكمه ((إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهَارَ يَطْلُبُهُ حَثِيثًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومَ مُسَخَّرَاتٍ بِأَمْرِهِ أَلَا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ تَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ)) (الأعراف: 54) فالله وحده القادر على تحريك الهواء والأتربة وإرسال الأعاصير. وربط ذلك بالظاهرة الكونية والسنن الربانية لا يعني أنها تحدث بنفسها، بل إن الله هو الذي قدرها وأرسلها في الزمان والمكان والشدة والكثافة التي شاء سبحانه وتعالى. ولا أحد غير الله يستطيع أن يرسل الأعاصير والعواصف الترابية والرياح وإنما غاية ما يستطيعه الإنسان بتعليم الله له أن يعرف متى يحصل ذلك. وهذا دليل على وحدانية الله – جل وعلا – وقدرته.



لو افترضنا أن مجموعة من الباحثين أو من غيرهم أرادوا إرسال ريح من مكان إلى مكان في وقت لم يقدره الله – جل وعلا – فأنَّى لهم ذلك لعجز البشر المخلوقين وقدرة الخالق – جل وعلا – وحده. وفي موضوع مشابه لهذا ومتعلق به امتن الله على عباده في كتابه بتعاقب الليل والنهار الذَين لا قوام للناس بدونهما وبين أنه لا أحد غيره سبحانه يستطيع أن يأتي بأحدمنهما ((قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ جَعَلَ اللَّهُ عَلَيْكُمُ اللَّيْلَ سَرْمَدًا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَنْ إِلَهٌ غَيْرُ اللَّهِ يَأْتِيكُمْ بِضِيَاءٍ أَفَلَا تَسْمَعُونَ ¤ قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ جَعَلَ اللَّهُ عَلَيْكُمُ النَّهَارَ سَرْمَدًا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَنْ إِلَهٌ غَيْرُ اللَّهِ يَأْتِيكُمْ بِلَيْلٍ تَسْكُنُونَ فِيهِ أَفَلَا تُبْصِرُونَ)) (القصص: 71-72).



إن الرياح الترابية والعواصف والأعاصير آيات من آيات الله تعالى يخوف الله بهما عباده، فعن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها ‏ ‏قالت: ‏ ((‏ ‏ما رأيت رسول الله ‏ ‏صلى الله عليه وسلم ‏ ‏ضاحكا حتى أرى منه ‏ ‏لهواته ‏ ‏إنما كان يتبسم قالت وكان إذا رأى غيما أو ريحا عرف في وجهه قالت يا رسول الله إن الناس إذا رأوا الغيم فرحوا رجاء أن يكون فيه المطر وأراك إذا رأيته عرف في وجهك الكراهية فقال: ‏يا ‏‏عائشة ‏‏ما يؤمني أن يكون فيه عذاب عذب قوم بالريح وقد رأى قوم العذاب فقالوا(( هَذَا عَارِضٌ مُمْطِرُنَا )). رواه البخاري. (1)



فالمسلم دائم الخوف من ربه لا يأمن من مكر الله ولا يقنط من رحمته وكما قال غير واحد من السلف: الخوف والرجاء بالنسبة للمؤمن كجناحي طائر إذا اختل أحدهما سقط الطائر وإن اعتدلا طار وارتفع.



فالواجب على المسلم أن يقتدي بنبيه صلى الله عليه وسلم وأن يخاف ويوجل عند حلول هذه الظواهر الكونية كالأعاصير والرياح الترابية وغيرها، فنبينا صلى الله عليه وسلم جر رداءه فزعاً عندما كسفت الشمس وهرع إلى الصلاة والتضرع لله ودعاءه، وكان إذا رأى الريح أو الغيم أقبل وأدبر خشية أن يكون عذاباً كما ذلك روى مسلم عن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها‏. ( 2)



كثير من المسلمين في عصر التقدم العلمي وتأخر الإنسان لا يقيمون رأساً لهذه الآيات التي يخوف الله بها عباده لينيبوا إليه ويتذكروا، بل وصل الحال بكثير من المسلمين أن يواقعوا المعاصي أثناء حدوث هذه الحوادث العظيمة وقليلٌ هم الذين يتأسون برسولهم صلى الله عليه وسلم ويهرعون للصلاة والذكر والدعاء.



رحم الله الحسن البصري إذ قال: المؤمن يعمل بالطاعات، وهو مشفق وجل خائف، والفاجر يعمل بالمعاصي وهو آمن. وأصدق منه قول الباري عز وجل: ((أَفَأَمِنَ أَهْلُ الْقُرَى أَنْ يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنَا بَيَاتًا وَهُمْ نَائِمُونَ ¤ أَوَأَمِنَ أَهْلُ الْقُرَى أَنْ يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنَا ضُحًى وَهُمْ يَلْعَبُونَ ¤ أَفَأَمِنُوا مَكْرَ اللَّهِ فَلَا يَأْمَنُ مَكْرَ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْخَاسِرُونَ)) (الأعراف: 97-99).



أ.هــ


د. إبراهيم الفوزان



----


(1) صحيح البخاري، كتاب تفسير القرآن، قوله فلما رأوه عارضاً مستقبل أوديتهم قالوا هذا عارض ممطرنا.


(2) صحيح مسلم، صلاة الإستسقاء، التعوذ عند رؤية الريح والغيم والفرح بالمطر



....
..
.

وسم 1418
2009-03-18, 02:16 AM
جزاك الله خير

فهد التميمي
2009-03-18, 02:37 AM
جزاك الله خيرا
وبيض الله وجهك
الله يعطيك العافية على الموضوع الرائع

أعالي السحاب
2009-03-18, 03:42 AM
بارك الله فيك أخي

جزاك اله خير

الدرعاوي
2009-03-18, 04:05 AM
جزاك الله خير

عاشق الغيمة
2009-03-18, 04:35 AM
جزاك الله خيرا
وبيض الله وجهك
الله يعطيك العافية على الموضوع الرائع

رعد المدينة
2009-03-18, 04:50 AM
مشكوور وبيض الله وجهكـ
اخوي ابو فيصل

الله يجزاكـ خير يالغالي

لاتحرمنا من هالطلات الرائعة

عقـــــــــاب
2009-03-18, 08:12 AM
مقال جدا جميل

ولدي ملاحظه على العنوان ( الغبار ظاهرة كونيه ) (أم آية ربانيه ).

فالغبار والزلازل والبراكين والعواصف ظواهر كونيه وآية من آيات الله كالخسوف

والكسوف يخوف الله بها عباده .

فلو كان العنوان الغبار ظاهرة كونيه وآية ربانيه أصبح ظاهرة طبيعيه عاديه .

مكثور الخير
2009-03-18, 09:58 AM
مشكور على الموضوع
وباختصار
مايحدث فى هذا الكون من رياح وامطار وعواصف وزلازل وغيرها كثير
هى بامر الله تعالى
وبذلك تصبح جميع هذه الظواهر ايات ربانيه على الكون
هذا مالدى وشكرا مره اخري لك اخوى (مراويح نجد )

عبدالهادي المفرج التميمي
2009-03-18, 10:03 AM
جزااااااااااااك الله خير على النقل
وجزى الله الدكتور على هالموضوع
وليت الدكتور يشرفنا في الشبكة لنستنير من علمه
من يعرفه او له قرابه فيه فليتواصل معه
مشكووووووورين



سلام

زوابع رعدية
2009-03-18, 10:30 AM
جزاك الله كل خير

مراويح نجد
2009-03-19, 04:47 PM
أشكر الجميع على مرورهم الكريم
وسأل الله أن يرحمنا برحمته