تقوى الله في السر والعلن
قال الحكم بن عمرو الغفاري : أقسم بالله لو أن السماوات والأرض كانتا رتقاً على عبد فاتقى الله يجعل الله من بينهما مخرجا .
وقيل : عن حكيم بن حزام باع دار الندوة معاوية بمائة ألف ، فقال له ابن الزبير : بعت مكرمة قريش ؟ فقال : ذهبت المكارم يا ابن أخي إلا التقوى ، إني اشتريت بها داراً في الجنة أشهدكم أني قد جعلتها لله .
قال فضالة بن عبيد : لأن أعلم أن الله تقبل مني مثقال حبة أحب لإلي من الدنيا وما فيها لأنه تعالى يقول : [قَالَ إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللهُ مِنَ المُتَّقِينَ] {المائدة:27} .
إن الحسن بن علي خطب فقال : إن أكيس الكيس التقي ، وإن أحمق الحمق الفجور .
عن بكر المزني قال : لما كانت فتنة ابن الأشعث قال طلق بن حبيب : اتقوها بالتقوى قيل له : صف لنا التقوى فقال : العمل بطاعة الله على نور من الله رجاء ثواب الله ، وترك معاصي الله على نور من الله مخافة عذاب الله .
قال الذهبي : أبدع وأوجز فلا تقوى إلا بعمل ولا عمل إلا بتروٍ من العلم والإتباع ، ولا ينفع ذلك إلا بالإخلاص لله ، لا يقال فلان ترك للمعاصي بنور الفقه ، إذ المعاصي يفتقر اجتنابها إلى معرفتها ، ويكون الترك خوفاً من الله لا ليمدح بتركها فمن داوم على هذه الوصية فقد فاز .
عن ميمون بن مهران قال : لا يكون الرجل تقياً حتى يكون لنفسه أشد محاسبة من الشرك لشريكه ، وحتى يعلم من أين ملبسه ومطعمه ومشربه .
قال رجل لميمون بن مهران : يا أبا أيوب لا يزال الناس بخير ما أبقاك الله لهم . قال : اقبل على شأنك ، ما يزال الناس بخير ما اتقوا ربهم .
عن يزيد بن كميت سمع رجلاً يقول لأبي حنيفة : اتق الله ، فانتفض واصفر وأطرق وقال : جزاك الله خيراً ما أحوج الناس كل وقت إلى من يقول لهم مثل هذا .
عن ابن عيينة قال : قال رجل لمالك بن مغول : اتق الله ، فوضع خده على الأرض .
عن الفضيل : لا يكون العبد من المتقين حتى يأمنه عدوه.
قال سعيد بن الحداد : سمعت سحنون يقول : كنت إذا سألت ابن القاسم عن المسائل ، يقول لي : يا سحنون ، أنت فارغ ، إني لأحس في رأسي دوياً كدوي الرحال – يعني من قام الليل – قال : وكان قلما يعرض لنا إلا وهو يقول : اتقوا الله ، فإن قليل هذا الأمر مع تقوى الله كثير ، وكثيره مع غير تقوى الله قليل .
وقال جشم بن عيسى : سمعت عمي معروف بن الغيرازان يقول : سمعت بكر بن خنيس يقول : كيف تتقي وأنت لا تدري ما تتقي ؟ رواها أحمد الدورقي عن معروف . قال : ثم يقول معروف : إذا كنت لا تحسن تتقي ، أكلن الربا ، ولقيت المرأة فلم تغض عنها ، ووضعت سيفك على عاتقك ، إلى أن قال : ومجلسي هذا ينبغي لنا أن تتقيه ، فتنه للمتبوع ، وذلة للتابع .
وعن الشافعي قال : من لم تُعزه التقوى ، فلا عز له .
وعن الشافعي : أنفع الذخائر التقوى ، وأضره العدوان .
وعن أبي سليمان الداراني : الفتوة أن لا يراك الله حيث نهاك ، ولا يفقدك حيث أمرك .
عن أبي عبيد : دخلت البصرة لأسمع من حماد بن زيد ، فقدمت فإذا هو قد مات ، فشكوت ذلك على عبد الرحمن بن مهدي فقال : مهما سُبقت به ، فلا تُسبقن بتقوى الله .
قال يحيى بن معين :
المالُ يذهب حِله وحرامُه *** يوماً وتبقى في غدٍ آثامه
ليس التقي بمتقٍ لإلهه *** حتى يطيبَ شرابُه طعامُه
ويطيب ما يحوي وتكسب كفُه *** ويكون في حُسْنِ الحديث كلامُه
نطق النبي لنا به عن ربه *** فعلى النبي صلاتهُ وسلامُه
د. سعد الغامدي