هل تطوى صحائف الأعمال آخر كل عام ؟.
المجيب : الشيخ / سامي بن عبد العزيز الماجد
التاريخ : الثلاثاء 25 ذو الحجة 1429هـ
السؤال :
انتشرت بين الناس رسالةُ جوالٍ تحث على صيام آخر يوم من السنة الهجرية ؛ لأن صحائف أعمال العام للمكلَّفين سترفع في هذا اليوم إلى الله ، فينبغي على كل مسلم أن يختم صحائف عامه بعمل صالح ، فهل لهذا أصل ؟. أفتونا مأجورين .
الجواب :
الحمد لله ، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد :
فلم يرد نصٌّ في كتاب الله ولا في السنة الصحيحة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أن صحائف الأعمال للعباد ترفع إلى الله آخر كل عام هجري ، ولا حتى ميلادي ، كيف ونحن نعلم أن التأريخ بالهجري والميلادي ، وتحديد بدايته ونهايته إنما هو حساب بشري اصطلح عليه الناس ، ولم يُتلقَ عن الشرع !!.
وإنما الذي جاء في النصوص الشرعية : أن الأعمال تعرض على الله كل اثنين وخميس ، كما جاء ذلك في صحيح مسلم ، عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال : " تعرض الأعمال في كل يوم خميس واثنين، فيغفر الله عز وجل في ذلك اليوم لكل امرئ لا يشرك بالله شيئاً ؛ إلا امرأ كانت بينه وبين أخيه شحناء ، فيقول : اتركوا هذين حتى يصطلحا " .
وفي جامع الترمذي أنه صلى الله عليه وسلم قال : " تعرض الأعمال يوم الاثنين والخميس ، فأحب أن يعرض عملي وأنا صائم " .
وقد روي حديث في صحته نظر أن الأعمال ترفع في شهر شعبان ، فعن أسامة بن زيد رضي الله عنهما ، قال : قلت يا رسول الله لم أرك تصوم من شهر من الشهور ما تصوم من شعبان ، قال : " ذلك شهر يغفل الناس عنه بين رجب ورمضان ، وهو شهر ترفع فيه الأعمال إلى ربِّ العالمين ؛ فأحب أن يرفع عملي وأنا صائم " أخرجه النسائي وأحمد، وفي سنده ضعف .
كما جاء في الكتاب العزيز أنه يقضى في ليلة القدر أمرُ السنة كلها من حياة وموت ورزق وسائر أمور السنة ، لكن لم يَرِدْ فيه أن الأعمال تعرض في ليلة القدر على الله ، قال تعالى : " إنا أنزلناه في ليلة مباركة أنا كنا منذرين ، فيها يفرق كل أمر حكيم ، امراً من عندنا انا كنا مرسلين " [الدخان:3-5].
قال عبد الله بن عباس رضي الله عنهما في قوله : " فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ " : ( يكتب من أم الكتاب في ليلة القدر ما يكون في السنة من رزق أو موت أو حياة أو مطر ) أخرجه محمد بن نصر وابن المنذر وابن أبي حاتم كما في الدر المنثور ( 7/ 399 ) .
وقال رضي الله عنه : في قوله تعالى : " فيها يفرق كل أمر حكيم " : يعني ليلة القدر ، ففي تلك الليلة يفرق أمر الدنيا إلى مثلها من قابل ، موت أو حياة أو رزق ، كل أمر الدنيا يفرق تلك الليلة إلى مثلها من قابل ) أخرجه الحاكم في المستدرك ( 2/487 ) وصحَّحه ، والبيهقي في شعب الإيمان ( 3/321 ) .
وعلى هذا فلا معنى لتخصيص آخر يوم من أيام السنة الهجرية أو الميلادية بكثرة صيام أو صلاة أو غير ذلك من الأعمال الصالحة ؛ إلا أن يوافق ذلك يوم الاثنين ، أو الخميس ، فيُصام ذلك اليوم عملاً بما ورد من استحباب صيامهما .
وعلى المسلم ألا ينشر ما يرده من هذه الرسائل التي تدعو إلى تفضيل أيامٍ أو تخصيصها بعبادة قبل أن يسأل عن ذلك أهلَ العلم .
والله تعالى أعلم، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم .