بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
هذا كتاب رائع جدا يتكلم عن الموضوع
إسم الكتاب
: كتاب بطلان العمل بالحساب الفلكي في الصوم والإفطار من ثلاثين وجها
تأليف وائِلُ بن عَليٍّ الدِّسُوقيّ
وكذلك كتاب
نقاش علمي مع الشيخ ابن منيع في مسألة الأهلة
بقلم بقلم هيثم بن جواد الحداد
وحتى يعلم القاريء لماذا النقاش العلمي مع ابن منيع وماذا قال إبن منيع
هنـــا في جريدة الرياض
وهـــنا في أحد المواقع
وأنا لست متابعا ولا أعلم هل لازال الشيخ متمسكا برأيه أم غيره
والكتابان
هنــــــــــا
وأورد لكم هذا القرار وهو ضمن الكتاب الأول
: قرار هيئة كبار العلماء حول الحساب الفلكي وفيه الرد على شبهات العاملين بالحساب الفلكي وتفنيدها :
قرار رقم (34) وتاريخ 14/2/1395هـ
الحمد لله ، والصلاة والسلام على رسوله ، وآله وصحبه ، وبعد :
وبعد دراسة المجلس للقرارات والتوصيات والفتاوى والآراء المتعلقة بهذا الموضوع ومداولة الرأي في ذلك كله قرر ما يلي :
أولا :
أن المراد بالحساب والتنجيم هنا معرفة البروج والمنازل ، وتقدير سير كل من الشمس والقمر وتحديد الأوقات بذلك ؛ كوقت طلوع الشمس ودلوكها وغروبها، واجتماع الشمس والقمر وافتراقهما ، وكسوف كل منهما، وهذا هو ما يعرف بـ ( حساب التسيير ) ، وليس المراد بالتنجيم هنا الاستدلال بالأحوال الفلكية على وقوع الحوادث الأرضية ؛ من ولادة عظيم أو موته ، ومن شدة وبلاء ، أو سعادة ورخاء ، وأمثال ذلك مما فيه ربط الأحداث بأحوال الأفلاك علما بميقاتها ، أو تأثيرا في وقوعها من الغيبيات التي لا يعلمها إلا الله ، وبهذا يتحرر موضوع البحث .
ثانيا :
أنه لا عبرة شرعا بمجرد ولادة القمر في إثبات الشهر القمري بَدءًا وانتهاء بإجماع ، ما لم تثبت رؤيته شرعا ، وهذا بالنسبة لتوقيت العبادات ، ومن خالف في ذلك من المعاصرين فمسبوق بإجماع من قبله .
ثالثا :
أن رؤية الهلال هي المعتبرة وحدها في حالة الصحو ليلة الثلاثين في إثبات بدء الشهور القمرية وانتهائها بالنسبة للعبادات فإن لم يُرَ أكملت العدة ثلاثين بإجماع .
أما إذا كان بالسماء غيم ليلة الثلاثين : فجمهور الفقهاء يرون إكمال العدة ثلاثين ؛ عملا بحديث : ( فإن غم عليكم فأكملوا العدة ثلاثين ) ، وبهذا تفسر الرواية الأخرى الواردة بلفظ : ( فاقدروا له ) . وذهب الإمام أحمد في رواية أخرى عنه، وبعض أهل العلم إلى اعتبار شعبان في حالة الغيم تسعة وعشرين يوما احتياطا لرمضان، وفسروا رواية: ( فاقدروا له ) بضيقوا ، أخذًا من قوله تعالى : ( وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنْفِقْ مِمَّا آتَاهُ اللَّهُ ) "سورة الطلاق الآية 7 " أي : ضُيِّق عليه رزقه .
وهذا التفسير مردود بما صرحت به رواية الحديث الأخرى الواردة بلفظ : (فاقدروا له ثلاثين ) ، وفي رواية أخرى : ( فأكملوا عدة شعبان ثلاثين ) .
وحكى النووي في شرحه على صحيح مسلم لحديث : ( فإن غم عليكم فاقدروا له ) عن ابن سُرَيْجٍ وجماعة ، ومنهم مُطَرِّف بن عبد الله - أي : ابن الشخير - وابن قتيبة وآخرون ؛ اعتبار قول علماء النجوم في إثبات الشهر القمري ابتداء وانتهاء ، أي : إذا كان في السماء غيم .
وقال ابن عبد البر : ( روي عن مطرف بن الشخير، وليس بصحيح عنه ، ولو صح ما وجب اتباعه ؛ لشذوذه فيه ، ولمخالفة الحجة له ، ثم حكى عن ابن قتيبة مثله ، وقال : ليس هذا من شأن ابن قتيبة ، ولا هو ممن يعرج عليه في مثل هذا الباب . ثم حكى عن ابن خويز منداد أنه حكاه عن الشافعي ، ثم قال ابن عبد البر : والصحيح عنه في كتبه وعند أصحابه وجمهور العلماء خلافه ) . انتهى .
وبهذا يتضح : أن محل الخلاف بين الفقهاء إنما هو في حال الغيم وما في معناه . وهذا كله بالنسبة للعبادات ، أما بالنسبة للمعاملات فللناس أن يصطلحوا على ما شاءوا من التوقيت .
رابعا :
أن المعتبر شرعا في إثبات الشهر القمري هو رؤية الهلال فقط دون حساب سير الشمس والقمر لما يأتي :
أ - أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بالصوم لرؤية الهلال والإفطار لها في قوله : ( صوموا لرؤيته ، وأفطروا لرؤيته ) ، وحصر ذلك فيها بقوله : ( لا تصوموا حتى تروه ، ولا تفطروا حتى تروه ) ، وأمر المسلمين إذا كان غيم ليلة الثلاثين أن يكملوا العدة ، ولم يأمر بالرجوع إلى علماء النجوم ، ولو كان قولهم أصلا _ وحده أو أصلا آخر في إثبات الشهر _ لأمر بالرجوع إليهم ، فدل ذلك على أنه لا اعتبار شرعا لما سوى الرؤية ، أو إكمال العدة ثلاثين في إثبات الشهر، وأن هذا شرع مستمر إلى يوم القيامة ، (وَمَا كَانَ رَبُّكَ نَسِيًّا ) "سورة مريم الآية 64 " .
*** ودعوى أن الرؤية في الحديث يراد بها العلم أو غلبة الظن _ بوجود الهلال أو إمكان رؤيته لا التعبد بنفس الرؤية _ مردودة ؛ لأن الرؤية في الحديث متعدية إلى مفعول واحد ، فكانت بصرية لا علمية ، ولأن الصحابة فهموا أنها رؤية بالعين ، وهم أعلم باللغة ومقاصد الشريعة ، وجرى العمل في عهد النبي صلى الله عليه وسلم وعهدهم على ذلك ، ولم يرجعوا إلى علماء النجوم في التوقيت .
*** ولا يصح أيضا أن يقال : إن النبي صلى الله عليه وسلم حين قال : ( فإن غم عليكم فاقدروا له ) أراد أمرنا بتقدير منازل القمر لنعلم بالحساب بدء الشهر ونهايته ؛ لأن هذه الرواية فسرتها رواية : ( فاقدروا له ثلاثين ) وما في معناه، ومع ذلك فالذين يدعون إلى توحيد أوائل الشهور يقولون بالاعتماد على حساب المنازل في الصحو والغيم ، والحديث قيد القدر له بحالة الغيم .
ب - أن تعليق إثبات الشهر القمري بالرؤية يتفق مع مقاصد الشريعة السمحة ؛ لأن رؤية الهلال أمرها عام يتيسر لأكثر الناس ، بخلاف ما لو علق الحكم بالحساب فإنه يحصل به الحرج ويتنافى مع مقاصد الشريعة ، ودعوى زوال وصف الأمية في علم النجوم عن الأمة لو سلمت لا يغير حكم الشرع في ذلك .
ج - أن علماء الأمة في صدر الإسلام قد أجمعوا على اعتبار الرؤية في إثبات الشهور القمرية دون الحساب ، فلم يعرف أن أحدا منهم رجع إليه في ذلك عند الغيم ونحوه ، أما عند الصحو فلم يعرف عن أحد من أهل العلم أنه عول على الحساب في إثبات الأهلة أو علق الحكم العام به .
خامسا :
تقدير المدة التي يمكن معها رؤية الهلال بعد غروب الشمس لولا المانع من الأمور الاعتبارية الاجتهادية التي تختلف فيها أنظار أهل الحساب ، وكذا تقدير المانع ، فالاعتماد على ذلك في توقيت العبادات لا يحقق الوحدة المنشودة ؛ ولهذا جاء الشرع باعتبار الرؤية فقط دون الحساب .
سادسا :
لا يصح تعيين مطلع دولة أو بلد - كمكة مثلا - لتعتبر رؤية الهلال منه وحده ، فإنه يلزم من ذلك أن لا يجب الصوم على من ثبتت رؤية الهلال عندهم من سكان جهة أخرى ، إذ لم ير الهلال في المطلع المعين .
سابعا :
ضعف أدلة من اعتبر قول علماء النجوم في إثبات الشهر القمري . ويتبين ذلك بذكر أدلتهم ومناقشتها :
أ- قالوا : إن الله أخبر بأنه أجرى الشمس والقمر بحساب لا يضطرب ، وجعلهما آيتين وقدرهما منازل ؛ لنعتبر ، ولنعلم عدد السنين والحساب ، فإذا علم جماعة بالحساب وجود الهلال يقينا وإن لم تمكن رؤيته بعد غروب شمس التاسع والعشرين أو وجوده مع إمكان الرؤية لولا المانع ، وأخبرنا بذلك عدد منهم يبلغ مبلغ التواتر وجب قبول خبرهم ؛ لبنائه على يقين ، واستحالة الكذب على المخبرين ؛ لبلوغهم حد التواتر ، وعلى تقدير أنهم لم يبلغوا حد التواتر وكانوا عدولا فخبرهم يفيد غلبة الظن ، وهي كافية في بناء أحكام العبادات عليها .
*** والجواب : أن يقال : إن كونها آيات للاعتبار بها والتفكير في أحوالها للاستدلال على خالقها ومجريها بنظام دقيق لا خلل فيه ولا اضطراب ، وإثبات ما لله من صفات الجلال والكمال - أمر لا ريب فيه .
أما الاستدلال بحساب سير الشمس والقمر على تقدير أوقات العبادات فغير مسلم ؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم - وهو أعلم الخلق بتفسير كتاب الله - لم يعلق دخول الشهر وخروجه بعلم الحساب ، وإنما علق ذلك برؤية الهلال أو إكمال العدة في حال الغيم ، فوجب الاقتصار على ذلك، وهذا هو الذي يتفق وسماحة الشريعة وسهولتها مع ما فيه من الدقة والضبط ، بخلاف تقدير سير الكواكب فإن أمره خفي عقلي لا يدركه إلا النزر اليسير من الناس ، ومثل هذا لا تبنى عليه أحكام العبادات .
ب - وقالوا : إن الفقهاء يرجعون في كثير من شؤونهم إلى أهل الخبرة فيرجعون إلى الأطباء في فطر المريض في رمضان ، وتقدير مدة التأجيل في العنين والمعترض ، وإلى أهل اللغة في تفسير نصوص الكتاب والسنة ، إلى غير ذلك من الشئون ، فليرجعوا في معرفة بدء الشهور القمرية ونهايتها إلى علماء النجوم .
*** والجواب : أن يقال : هذا قياس مع الفارق ؛ لأن الشرع إنما جاء بالرجوع إلى أهل الخبرة في اختصاصهم في المسائل التي لا نص فيها . أما إثبات الأهلة فقد ورد فيه النص باعتبار الرؤية فقط ، أو إكمال العدة دون الرجوع فيه إلى غير ذلك .
ج- وقالوا : إن توقيت بدء الشهر القمري ونهايته لا يختلف عن توقيت الصلوات الخمس وبدء صوم كل يوم ونهايته، وقد اعتبر الناس حساب المنازل علميا في الصلوات والصيام اليومي فليعتبروه في بدء الشهر ونهايته .
*** وأجيب : بأن الشرع أناط الحكم في الأوقات بوجودها ، قال تعالى :( أَقِمِ الصَّلَاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلَى غَسَقِ اللَّيْلِ وَقُرْآنَ الْفَجْرِ) " سورة الإسراء الآية 78 " وقال : ( وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ ) " سورة البقرة الآية 187 " وفصلت السنة ذلك ، وأناطت وجوب صوم رمضان برؤية الهلال ولم تعلق الحكم في شيء من ذلك على حساب المنازل ، وإنما العبرة بدليل الحكم .
د- وقالوا : إن الله تعالى قال: ( فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ ) "سورة البقرة الآية 185 " إذ المعنى: فمن علم منكم الشهر فليصمه ، سواء كان علم ذلك عن طريق رؤية الهلال مطلقا أو عن طريق علم حساب المنازل .
*** والجواب : أن يقال : إن معنى الآية : فمن حضر منكم الشهر فليصمه، بدليل قوله تعالى بعده : ( وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ ) "سورة البقرة الآية 185 " وعلى تقدير تفسير الشهود بالعلم ، فالمراد : العلم عن طريق رؤية الهلال ، بدليل حديث : ( لا تصوموا حتى تروه ، ولا تفطروا حتى تروه ) .
هـ- وقالوا : إن علم الحساب مبني على مقدمات يقينية ، فكان الاعتماد عليه في إثبات الشهور القمرية أقرب إلى الصواب وتحقيق الوحدة بين المسلمين في نسكهم وأعيادهم .
*** وأجيب : بأن ذلك غير مسلم ؛ لأن الحس واليقين في مشاهدة الكواكب لا في حساب سيرها ، فإنه أمر عقلي خفي لا يعرفه إلا النزر اليسير من الناس ، كما تقدم ؛ لحاجته إلى دراسة وعناية ، ولوقوع الغلط والاختلاف فيه ، كما هو الواقع في اختلاف التقاويم التي تصدر في كثير من البلاد الإسلامية ، فلا يعتمد عليه ولا تتحقق به الوحدة بين المسلمين في مواقيت عباداتهم .
و- وقالوا : إن تعليق الحكم بثبوت الشهر على الأهلة معلل بوصف الأمة بأنها أمية، وقد زال عنها هذا الوصف ، فقد كثر علماء النجوم ، وبذلك يزول تعليق الحكم بالرؤية أو بخصوص الرؤية ، ويعتبر الحساب وحده أصلا ، أو يعتبر أصلا آخر إلى جانب الرؤية .
*** والجواب : أن يقال: إن وصف الأمة بأنها أمية لا يزال قائما بالنسبة لعلم سير الشمس والقمر وسائر الكواكب ، فالعلماء به نزر يسير ، والذي كثر إنما هو آلات الرصد وأجهزته ، وهي مما يساعد على رؤية الهلال في وقته ، ولا مانع من الاستعانة بها على الرؤية وإثبات الشهر بها ، كما يستعان بالآلات على سماع الأصوات ، وعلى رؤية المبصرات ، ولو فرض زوال وصف الأمية عن الأمة في علم الحساب لم يجز الاعتماد عليه في إثبات الأهلة ؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم علق الحكم بالرؤية ، أو إكمال العدة ، ولم يأمر بالرجوع إلى الحساب واستمر عمل المسلمين على ذلك بعده .
وصلى الله على نبينا محمد، وآله وصحبه وسلم .
حرر في 14/2/1395هـ .
هيئة كبار العلماء
عبد العزيز بن باز ... عبد الله بن حميد ... عبد الرزاق عفيفي
محمد بن جبير ... عبد المجيد حسن ... عبد الله بن منيع
له وجهة نظر مرفقة ... لي وجهة نظر مكتوبة ... له وجهة نظر مرفقة
صالح بن غصون ... إبراهيم بن محمد آل الشيخ ... عبد العزيز بن صالح ...محمد الحركان ... عبد الله بن غديان ... سليمان بن عبيد
صالح بن لحيدان ... عبد الله خياط ... راشد بن خنين ) ا.هـ
هذا ، والله أعلم ، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم .