~*¤®§ ][^*^] صبر وثبات على الحق [^*^][ §®¤*~
~*¤®§ ][^*^] عام الحزن [^*^][ §®¤*~
ألح المرض بأبي طالب، فلم يلبث أن وافته المنية، وكانت وفاته في رجب السنة العاشر
من النبوة ، وبعد وفاة أبي طالب بنحو شهرين أو بثلاثة أيام توفيت أم المؤمنين خديجة
رضي الله عنها ولها خمس وستون سنة ، فتتابعت على رسول الله صلى الله عليه وسلم
المصائب ونالت قريش من رسول الله صلى الله عليه وسلم من الأذى ما لم تكن تطمع به في
حياة أبي طالب .
~*¤®§ ][^*^] رحلة الطائف [^*^][ §®¤*~
خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الطائف ، يلتمس النصرة من ثقيف ، والمنعة بهم
من قومه ورجاء أن يقبلوا منه ما جاءهم به من الله عز وجل.
و لما انتهى رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الطائف ، عمد إلى نفر من ثقيف ، هم يومئذ
سادة ثقيف وأشرافهم فجلس إليهم ودعاهم إلى الله وكلمهم بما جاءهم له من نصرته على
الإسلام والقيام معه على من خالفه من قومه ، فقال له أحدهم :
لئن كنت رسولا من الله كما تقول لأنت أعظم خطرا من أن أرد عليك الكلام ولئن كنت تكذب
على الله ما ينبغي لي أن أكلمك .
فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم من عندهم وقد يئس من خير ثقيف فأغروا به سفهاءهم
وعبيدهم يسبونه ويصيحون به حتى اجتمع عليه الناس وألجئوه إلى حائط لعتبة بن ربيعة
وشيبة بن ربيعة ، فعمد إلى ظل حبلة من عنب فجلس فيه ، فلما اطمأن رسول الله صلى الله
عليه وسلم قال :
" اللهم إليك أشكو ضعف قوتي ، وقلة حيلتي ، وهواني على الناس يا أرحم الراحمين أنت
رب المستضعفين وأنت ربي ، إلى من تكلني ؟ إلى بعيد يتجهمني ؟
أم إلى عدو ملكته أمري ؟ إن لم يكن بك علي غضب فلا أبالي ، ولكن عافيتك هي
أوسع لي ، أعوذ بنور وجهك الذي أشرقت له الظلمات وصلح عليه أمر الدنيا والآخرة
من أن تنزل بي غضبك ، أو يحل علي سخطك لك العتبى حتى ترضى ، ولا حول ولا
قوة إلا بك "
فلما رآه ابنا ربيعة ، عتبة وشيبة وما لقي تحركت له رحمهما ، فدعوا غلاما لهما
نصرانيا يقال له عداس فقالا له : خذ قطفا من هذا العنب فضعه في هذا الطبق ثم اذهب
به إلى ذلك الرجل فقل له يأكل منه .
ففعل عداس ووضعه بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم قال له : كل
فلما وضع رسول الله صلى الله عليه وسلم فيه يده قال : بسم الله ، ثم أكل .
فنظر عداس في وجهه ثم قال : والله إن هذا الكلام ما يقوله أهل هذه البلاد .
فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم : ومن أهل أي البلاد أنت يا عداس وما دينك ؟
قال : نصراني ، وأنا رجل من أهل نينوى .
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : من قرية الرجل الصالح يونس بن متى ؟
فقال له عداس : وما يدريك ما يونس بن متى ؟
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ذاك أخي ، كان نبيا وأنا نبي .
فأكب عداس على رسول الله صلى الله عليه وسلم يقبل رأسه ويديه وقدميه فقال ابنا
ربيعة أحدهما لصاحبه : أما غلامك فقد أفسده عليك .
فلما جاءهما عداس قالا له : ويلك يا عداس مالك تقبل رأس هذا الرجل ويديه وقدميه ؟
قال : يا سيدي ما في الأرض شيء خير من هذا ، لقد أخبرني بأمر ما يعلمه إلا نبي .
~*¤®§ ][^*^] رحلة الاسراء والمعراج [^*^][ §®¤*~
بينما النبي صلى الله عليه وسلم يمـر بهذه المرحلة، وأخذت الدعوة تشق طريقا بين النجاح
والاضطهـاد، وبـدأت نجـوم الأمل تتلمح في فاق بعيدة، وقع حادث الإسراء والمعـراج ..
قال ابن القيم رحمه الله في وصف هذه الرحلة :
أسرى برسول الله صلى الله عليه وسلم بجسده على الصحيح من المسجد الحرام إلى بيت
المقدس، راكبا على البُراق، صحبة جبريل عليهما الصلاة والسلام، فنزل هناك، وصلى
بالأنبياء إماما، وربط البراق بحلقة باب المسجد ، ثم عرج به تلك الليلة من بيت المقدس إلى
السماء الدنيا، فاستفتح له جبريل ففتح له، فرأي هنالك آدم أبا البشر، فسلم عليه، فرحب
به ورد عليه السلام ، وأقر بنبوته، وأراه الله أرواح السعداء عن يمينه، وأرواح الأشقياء
عن يساره.
ثم عرج به إلى السماء الثانية، فاستفتح له، فرأي فيها يحيى بن زكريا وعيسى ابن مريم،
فلقيهما وسلم عليهما، فردا عليه ورحبا به، وأقرا بنبوته.
ثم عرج به إلى السماء الثالثة، فرأي فيها يوسف، فسلم عليه فرد عليه ورحب به، وأقر بنبوته.
ثم عرج به إلى السماء الرابعة فرأي فيها إدريس فسلم عليه، فرد عليه، ورحب به، وأقر بنبوته.
ثم عرج به إلى السماء الخامسة، فرأي فيها هارون بن عمران، فسلم عليه، فرد عليه ورحب به،
وأقر بنبوته.
ثم عرج به إلى السماء السادسة، فلقى فيها موسى بن عمران، فسلم عليه، فرد عليه ورحب به،
وأقر بنبوته.
فلما جاوزه بكى موسى ، فقيل له: ما يبكيك ؟
فقال: أبكى لأن غلاما بعث من بعدى يدخل الجنة من أمته أكثر مما يدخلها من أمتى.
ثم عرج به إلى السماء السابعة، فلقى فيها إبراهيم عليه السلام، فسلم عليه، فرد عليه، ورحب
به، وأقر بنبوته.
ثم رفع إلى سدرة المنتهى، فإذا نَبقها مثل قِلال هَجَر، وإذا ورقها مثل آذان الفيلة، ثم غشيها
فراش من ذهب، ونور وألوان، فتغيرت، فما أحد من خلق الله يستطيع أن يصفها من حسنها.
ثم رفع له البيت المعمور، وإذا هو يدخله كل يوم سبعون ألف ملك ثم لا يعودون.
ثم أدخل الجنة فإذا فيها حصاها اللؤلؤ، وإذا ترابها المسك ، وعرج به حتى ظهر لمستوى يسمع
فيه صَرِيف الأقلام.
ثم عرج به إلى الجبار جل جلاله، فدنا منه حتى كان قاب قوسين أو أدنى، فأوحى إلى عبده
ما أوحى، وفرض عليه خمسين صلاة، فرجع حتى مرعلى موسى فقال له: بم أمرك ربك؟
قال: بخمسين صلاة
قال: إن أمتك لا تطيق ذلك، ارجع إلى ربك فاسأله التخفيف لأمتك .
فالتفت إلى جبريل، كأنه يستشيره في ذلك، فأشار : أن نعم إن شئت .
فعلا به جبريل حتى أتى به الجبار تبارك وتعالى، وهو في مكانه فوضع عنه عشرا ، ثم أنزل
حتى مر بموسى ، فأخبره، فقال: ارجع إلى ربك فاسأله التخفيف .
فلم يزل يتردد بين موسى وبين الله عز وجل، حتى جعلها خمسا، فأمره موسى بالرجوع
وسؤال التخفيف، فقال : قد استحييت من ربي، ولكني أرضى وأسلم، فلما بعد نادى مناد:
قد أمضيت فريضتى وخففت عن عبادى.
~*¤®§ ][^*^] بدء إسلام الأنصار [^*^][ §®¤*~
لما أراد الله عز وجل إظهار دينه وإعزاز نبيه صلى الله عليه وسلم وإنجاز موعده له خرج رسول
الله صلى الله عليه وسلم في الموسم الذي لقيه فيه نفر من الأنصار ، فعرض نفسه على قبائل
العرب ، كما كان يصنع في كل موسم ، فبينما هو عند العقبة لقي رهطا من الخزرج أراد الله
بهم خيرا ، فجلسوا معه فدعاهم إلى الله عز وجل وعرض عليهم الإسلام وتلا عليهم القرآن ،
وكان مما صنع الله بهم في الإسلام أن يهود كانوا معهم في بلادهم وكانوا أهل كتاب وعلم
قد غزوهم ببلادهم فكانوا إذا كان بينهم شيء قالوا لهم :
إن نبيا مبعوث الآن قد أظل زمانه نتبعه فنقتلكم معه قتل عاد وإرم .
فلما كلم رسول الله صلى الله عليه وسلم أولئك النفر ودعاهم إلى الله قال بعضهم
لبعض يا قوم تعلموا والله إنه للنبي الذي توعدكم به يهود فلا تسبقنكم إليه .
فأجابوه فيما دعاهم إليه وقبلوا منه ما عرض عليهم من الإسلام ، ثم انصرفوا عن
رسول الله صلى الله عليه وسلم راجعين إلى بلادهم وقد آمنوا وصدقوا ، وبعث رسول
الله صلى الله عليه وسلم معهم مصعب بن عمير رضي الله عنه ، وأمره أن يقرئهم القرآن
ويعلمهم الإسلام ويفقههم في الدين .
وفي السنة الثانية خرج من خرج من الأنصار من المسلمين إلى الموسم مع حجاج قومهم
من أهل الشرك حتى قدموا مكة ، فواعدوا رسول الله صلى الله عليه وسلم العقبة ، من
أوسط أيام التشريق حين أراد الله بهم ما أراد من كرامته والنصر لنبيه وإعزاز الإسلام
وأهله وإذلال الشرك وأهله ، واجتمعوافي الشعب عند العقبة ، وكان عددهم ثلاثة
وسبعون رجلا ، وامرأتان .