من لنا بمثلهم
قال ابن المبارك : قدمت المدينة في عام شديد القحط فخرج الناس يستسقون فخرجت معهم :
إذ أقبل غلام أسود عليه قطعتا خيش قد ائتزر بإحداهما وألقى الأخرى على عاتقه فجلس إلى جنبي فسمعته يقول :
إلهي أخْلَقَت الوجوهَ عندك كثرةُ الذنوب ومساوي الأعمال وقد حبست عنَّا غيث السماء لتؤدب عبادك بذلك فأسألك يا حليماً ذا أناة يا من لايعرف عباده منه إلا الجميل أن تسقيهم الساعة الساعة فلم يزل يقول الساعة الساعة حتى اكتست السماء بالغمام وأقبل المطر من كل جانب
ويروى أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه استسقى بالعباس فلما فرغ عمر من دعاءه قال العباس :
اللهمَّ إنه لم ينزل بلاء من السماء إلا بذنب ولم يكشف إلا بتوبة وقد توجَّه بالقوم إليك لمكاني من نبيك وهذه أيدينا إليك بالذنوب ونواصينا بالتوبة وأنت الراعي لا تهمل الضالة ولا تدع الكسير بدار مضيعة فقد ضرع الصغير ورقَّ الكبير وارتفعت الأصوات بالشكوى وأنت تعلم السر وأخفى اللهم فأغثهم بغياثك قبل أن يقنطوا فيهلكوا فأنه لا ييأس من روح الله إلا القوم الكافرون فما تَّم كلامه حتى ارتفعت السماء مثل الجبال .