اختلاف المطالع التي يتذرع به بعض العلماء وغيرهم، فهي من باب تحقيق مناط الحكم الذي بحثه الفقهاء السابقون للواقع الذي كان موجوداً زمنهم، حيث كان المسلمون لا يتمكنون من إبلاغ رؤية الهلال، إلى جميع سكان دولة الخلافة المترامية الأطراف، لأن وسائل الإعلام التي كانت متاحة يومئذ، كانت قاصرة عن ذلك.
وأما اليوم فوسائل الإعلام الموجودة، قادرة على نقل خبر رؤية الهلال إلى أي مكان في ثوان معدودة، فيلزم المسلمين الصوم أو الإفطار لمجرد سماعهم خبر رؤية الهلال، ولو لم يروه هم في بلدهم، ما دام الذي رآه مسلم، سواء أكان في مراكش أو في مكة أو في بخارى، وسواء رآه بالعين المجردة أو بواسطة آلة مكبرة أو مقربة، مادامت الرؤية بالعين قد تحققت، غير أن الاقتصار على الحسابات الفلكية فقط لمعرفة تولد الهلال دون رؤيته بالعين البشرية، لا يعد رؤية، ولا قيمة شرعية له، لأن السبب الشرعي للصوم أو للإفطار، هو رؤية الهلال بالعين، لقوله صلى الله عليه وسلم: (إذا رأيتموه فصوموا، وإذا رأيتموه فافطروا، فإن غم عليكم فاقدروا له) فاللفظ عام يشمل جميع المسلمين أينما كانوا، ولقوله صلى الله عليه وسلم: (صوموا لرؤيته وافطروا لرؤيته...) فرؤيته تتحقق من رؤية أي مسلم، وقد روي عن جماعة من الأنصار: (قالوا: غم علينا هلال شوال، فأصبحنا صياماً، فجاء ركب من آخر النهار فشهدوا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم أنهم رأوا الهلال بالأمس، فأمر الناس أن يفطروا يومهم، وأن يخرجوا لعيدهم الغد) رواه الخمسة إلا الترمذي، فالرسول صلى الله عليه وسلم أمرهم أن يفطروا في يوم حسبوه من رمضان بسبب رؤية غيرهم هلال شوال، رغم أن الركب رأوا الهلال في غير المدينة، فقد رأوه في سفرهم قبل وصولهم المدينة . ايعقل ان يكون المسلم يكذب في رؤية الهلال ويكذب على نفسه لا يحق للزعاق ولا غيره .