
2007-11-02, 12:12 AM
|
عـضـو ذهـبـي
|
|
تاريخ التسجيل: Jan 2007
الدولة: في قلب معشوقتي
المشاركات: 1,124
|
|
يسرني أن أكمل لكم ما تبقى من بحثي "الذين جابوا الصخر بالواد
"
كتاب ثمود الخالد
قلت فيما سلف إن الواديين كتاب مفتوح تقرأ فيه خبر ثمود, إلاّ أن يحيى لم يمكننا من الوقوف فيها وقوف الدارس المتأمل, ولكنه لما اقتنع أنه ليس من السهل أن نجد كتابات تفصح عن أصحاب تلك الحضارة, كان يمهلنا أن نشاهد ونصور بعض الوقت, فبرغم اقتناعه أن الصخور المقطوعة, والجبال المنجورة, بفعل فاعل وليست بفعل الطبيعة, إلاّ أن هاجس وجود لوحات مكتوبة كان غالباً عليه, وكان يريد منا زيارة غيران سمع عنها من غير ثقة, لعلنا نجد كتابات ما, ولكني من الواديين استطعت أن أعرف الغايات التي كانت تقطع لأجلها ثمود الصخور وتنحت الجبال والقرآن الكريم اخبرنا عن إحدى غاياتهم وهو بناء البيوت, قـال جـل جـلاله: ((وَتَنْحِتُونَ الْجِبَالَ بُيُوتاً فَاذْكُرُواْ آلاء اللّهِ وَلاَ تَعْثَوْا فِي الأَرْضِ مُفْسِدِينَ )) الأعــراف وأضمر الغايات الأخرى في قوله عزّ من قائل فـــي ســورة الفـجـر: ((وَثَمُودَ الَّذِينَ جَابُوا الصَّخْرَ بِالْوَادِ )), وظن أكثر الناس أن نحتهم الجبال بيوتاً هو المعني بالآية الأخيرة, والقرآن أدق وأبلغ من ظننا وفهمنا المحدود, ولو لم أتتبع هذه الآثار, لما دار بخلدي أن ثمود كانوا يقطعون الصخور لغايات غير السكنى, أما الآن فبإمكاني أن أسمي بعض الأغراض التي تنحت ثمود لأجلها الجبال, ولست بحاجة إلى شرح أسلوب القطع لكل غرض وسأكتفي بتقديم الصور, فالصورة تكفي لبيان الغرض من القطع وتوضيح الاختلاف الهندسي المتخذ المناسب للغرض, فمن تلك الأغراض اتخاذ البيوت من الجبال ويقول المؤرخون إن ذلك بسبب طول أعمارهم, فبيوتهم تتهدم وهم لا يزالون أحياء وأحسب أن دفئ البيوت المتخذة من الجبال شتاءً واعتدالها صيفاً, وعدم وجود الجص بأرضهم, وعدم وجود الطين إلاّ في مزارعهم وهو فيها قشرة رقيقة, وهم به ضنينون لا محالة, وما ألهمهم الله ومكنهم فيه من قطع الصخور ونحت الجبال كل تلك الأمور جعلت نحت الجبال أيسر وأقــل كـلـفـة مـن بناء البيوت, وهم يعمدون إلى الجبل أو إلى نتوء فيه, ثم ينحتونه نجراً على ما أظن, أو لعلهم يقطعونه ابتداءً ثم يكون النجر بعد ذلك, حتى يكون كالكهف, والكهف غير الغار, وحفر الجبال في حجر وادي القرى على هيئة أغوار صغيرة, لذلك قلت عن قبور النبطيين فيه حفراً لا قطعاً وبين نحت ثمود للبيوت وللوحات التي تحمل الرسومات تشابه, ولكن درجة الميول تختلف, ولجعل الكهف المنحوت بيتاً يعمدون إلى سد واجهته بجدار, وعمل باب فيه والجدار حجارة مرصوصة فوق بعضها من دون مادة لاصقة تمسك بعضها إلى بعض, ولا تزال معظم هذه البيوت الثمودية مسكونة إلى يومنا هذا وليست كقبور الحجر التي لم تسكن قط, وغير صالحة للسكنى البتة, وحاشى الله أن يقول عنها بيوتاً وهي غير ذلك, إن علينا أن نقتنع أنها ليست بيوت ثمود المذكورة في كتاب الله, لقد بينت بعض أغراض قطع ثمود للصخور وبقي ما سأذكره, والقرآن يذكر أن ثمود اتخذوا من السهول قصوراً, ولكنها لم تخلد خلود هذه البيوت المنحوته.
بيت طور الإعداد في موضع بيت ثمودي
صورة رقم (29)
بيت ثمودي حديث مسكون.
صورة رقم (30)
تحصين المواقع
يظهر هذا التحصين حول المزارع, مما يؤكد أن هذه المزارع باقية من عهد ثمود وهي مزارع مطرية, تزرع فيها الحبوب بماء المطر المتحدر عليها من الجبال المحيطة بها, والملاحظ أن كل منحدر يمكن الهبوط منه إلى المزارع, عمد الثموديون إلى قطعه, حتى صار كالجدار لا يمكن تسلقه, ومن حاول الانحدار منه لقي حتفه, ثم هم لا يبقون غير طريق واحدة تكون معروفة لديهم, ولا تزال هذه المواضع على هذه الحال إلى وقتنا الحاضر, ومن هذه الصخور المقطوعة ما يكون بارتفاع عشرات الأمتار, وهذا تلاحظه أنّى وجدت المزارع داخل جبل القهر, وقد يحسبه الزائر أول وهلة من فعل العوامل الجوية, أو أنها طبيعة تضاريس ذلك الجبل وإذا كان ذا بصر سيعرف أنها لا هذا ولا ذاك, وأنها هندسة ثمود الفائقة, ولا يمكن للعوامل الجوية أن تعمد إلى كل موقع فيه مزارع فتوعر كل ما حوله ثم لا تبقي غير طريق واحدة, هكذا في كل مرة, أقول هذا لمن يحب الجدل لذات الجدل, وإلاّ فإن آثار القطع والنحت بادية للعيان.
الصخر في الأسفل مقطوع للتحصين
صورة رقم (31)
صخر مقطوع للتحصين
صورة رقم (32)
هذه الصخرة كانت في القمة قبل القطع.
صورة رقم (33)
يتبع

|