وعندا زيارة الأثار التاريخية
وقد جاء في القرآن الكريم الأمر بالسير في الأرض في عدة مواطن :
قال تعالى : ( قُلْ سِيرُواْ فِي الأَرْضِ ثُمَّ انظُرُواْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ ) الأنعام/11 .
وقال سبحانه : ( قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُجْرِمِينَ ) النمل/69 .
قال القاسمي – رحمه الله - :
هم السائرون الذاهبون في الديار لأجل الوقوف على الآثار ،
توصلا للعظة بها والاعتبار ولغيرها من الفوائد .
" محاسن التأويل " ( 16 / 225 ) .
......
أما زيارة آثار الأمم السابقة وأماكنهم
: فإن كانت أماكن عذاب ، وقع فيها من الخسف أو المسخ أو الإهلاك لهم بسبب كفرهم بالله سبحانه
: فلا يجوز حينئذ اتخاذ هذه الأماكن للسياحة والاستجمام .
سئل علماء اللجنة الدائمة :
يوجد في مدينة ( البدع ) بمنطقة تبوك آثار قديمة ومساكن منحوتة في الجبال ،
ويذكر بعض الناس أن هذه مساكن قوم شعيب - عليه السلام - ،
والسؤال : هل ثبت أن هذه هي مساكن قوم شعيب - عليه السلام - ،
أم لم يثبت ذلك ؟
وما حكم زيارة تلك الآثار لمن كان قصده الفرجة والاطلاع ،
ولمن كان قصده الاعتبار والاتعاظ ؟ .
فأجابوا :
اشتهر عند الإخباريين أن منازل
" مَدْين "
الذين بعث فيهم نبي الله شعيب عليه الصلاة والسلام هي في الجهة الشمالية الغربية من جزيرة العرب ،
والتي تسمى الآن : ( البدع ) وما حولها ،
والله أعلم بحقيقة الحال ،
وإذا صح ذلك :
فإنه لا يجوز زيارة هذه الأماكن لقصد الفرجة الاطلاع ؛
لأن النبي صلى الله عليه وسلم لما مر بالحِجر – وهي منازل ثمود - قال :
( لاَ تَدْخلُوا مَسَاكِن الذينَ ظَلموا أَنْفسَهم أَنْ يُصيبَكُم مَا أَصَابَهم إِلاَّ أَنْ تكُونوا بَاكِينَ ) ،
ثم قنع رأسه وأسرع السير حتى أجاز الوادي -
رواه البخاري ( 3200 ) ومسلم ( 2980 ) - .
قال ابن القيم - رحمه الله - في أثناء ذكره للفوائد والأحكام المستنبطة من غزوة تبوك - :
ومنها :
أن من مرَّ بديار المغضوب عليهم والمعذبين لا ينبغي له أن يدخلها ،
ولا يقيم بها ، بل يسرع السير ،
ويتقنع بثوبه حتى يجاوزها ،
ولا يدخل عليهم إلا باكياً معتبراً ،
ومن هذا إسراع النبي صلى الله عليه وسلم السير في وادي محسر بين منى ومزدلفة ،
فإنه المكان الذي أهلك الله فيه الفيل وأصحابه .
" زاد المعاد " ( 3 / 560 ) .
سئل الشيخ عبد العزيز بن باز ـ رحمه الله ـ
السؤال :
ما حكم الإسلام في إحياء الآثار الإسلامية لأخذ العبرة مثل
( غار ثور ، وغار حراء ، وخيمتي أم معبد ) ،
وتعبيد الطرق للوصول لتلك الآثار ليعرف جهاده ـ صلى الله عليه وسلم ـ ويتأسى به ؟
الجواب :
إن العناية بالآثار على وجه الاحترام والتعظيم يؤدي إلى الشرك بالله عز وجل ؛
لأن النفوس ضعيفة ومجبولة على التعلق بما تظن أنه يفيدها .
والشرك بالله أنواعه كثيرة ـ غالب الناس لا يدركها ـ .
والذي يقف عند هذه الآثار يتضح له كيف يتمسح الجاهل بترابها ويصلي عندها ،
ويدعو من نسبت إليه ؛
ظنا منه أن ذلك قربة إلى الله ، وسبب لحصول الشفاء ،
ويعين على هذا كثير من دعاة الضلال ،
ويزينون زيارتها حتى يحصل بسبب ذلك الكسب المادي ،
وليس هناك غالبا من يخبر زوارها بأن المقصود العبرة فقط ،
بل الغالب العكس .
وروي في الترمذي وغيره بإسناد صحيح عن أبي واقد الليثي ، قال :
خرجنا مع رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ إلى حنين ،
ونحن حدثاء عهد بكفر ،
وللمشركين سدرة يعكفون عندها ،
وينوطون بها أسلحتهم ،
يقال لها "ذات أنواط" ،
فمررنا بسدرة فقلنا
( يا رسول الله ! اجعل لنا ذات أنواط كما لهم ذات أنواط ).
فقال النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ :
" سبحان الله ! هذا كما قال قوم موسى :
{ اجْعَلْ لَنَا إِلَهًا كَمَا لَهُمْ آلِهَة }
والذي نفسي بيده ؛ لتركبن سنة من كان قبلكم "
فشبه قولهم : اجعل لنا ذات أنواط كما لهم ذات أنواط بقول بني إسرائيل :
{ اجعل لنا إلها كما لهم آلهة }،
فدل ذلك على أن الاعتبار بالمعاني والمقاصد لا بمجرد الألفاظ .
ولو كان إحياء هذه الآثار أو زيارتها أمرا مشروعا
لفعله النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ
أو أمر بذلك أو فعله أصحابه أو أرشدوا إليه ،
وهم أعلم الناس بشريعة الله ، وأحبهم لرسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ .
فلم يحفظ عنه ولا عنهم أنهم زاروا غار حراء أو غار ثور .
ولم يحفظ أنهم عرجوا على موضع خيمتي أم معبد ، ولا محل شجرة البيعة .
بل لما رأى عمر ـ رضي الله عنه ـ بعض الناس يذهب إلى الشجرة التي بويع النبي ـ صلى الله عليه وسلم
ـ تحتها ؛
أمر بقطعها
خوفا على الناس من الغلو فيها ، والشرك ،
فشكر له المسلمون ذلك ، وعدوه من مناقبه ـ رضي الله عنه ـ.
فعلم بذلك أن زيارة تلك الآثار
وتمهيد الطرق إليه ؛ أمر مبتدع
لا أصل له في شرع الله ،
والواجب على علماء المسلمين وولاة أمورهم أن يسدوا الذرائع المفضية إلى الشرك حماية لجناب التوحيد .
وصلى الله على محمد وآله وصحبه وسلم .
س: ماحكم زيارةالآثارالتاريخيةوماالمشروع حال زيارتها؟
الاجابـــة
لا بأس بزيارتها إذا كان القصد الاعتبار
ولم يكون القصد التعظيم، أو التبرك،
وتكبيره، ودُعاؤه بالنجاة من العذاب الذي نزل على أولئك المُعذَّبين، وما أشبه ذلك .
عبد الله بن عبد الرحمن الجبرين
============================
سؤال
هل تجوز زيارة الآثار الفرعونية في الأقصر وأسوان؟؟
هل تجوز زيارة الآثار الفرعونية في الأقصر وأسوان وغيرهما
(من تماثيل ومعابد كانت تستخدم في عبادة غير الله) على اعتبار كونها إعجازا حضاريا؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالآثار المذكورة هي من ديار الهالكين المعذبين من الكافرين،
ولا يجوز دخولها إلا مرورا بها مع الاتصاف بالخشوع والبكاء،
حذرا أن يصاب الداخل إليها بمثل ما أصيب به أهلها،
مع التفكر والاعتبار في مصيرهم،
أما زيارتها للسياحة والمتعة واعتبار كونها تراثا حضاريا،
فهذا مخالف للحالة التي
أمر النبي صلى الله عليه وسلم أن يتصف بها المؤمن
في هذا الموقف،
فالزائرون لهذه المواقع يمكثون فيها وتنتابهم
الفرحة
وأحيانا الاعتزاز
بما يشاهدونه من آثار.
هذا إضافة إلى ما يوجد بهذه الأماكن من منكرات شنيعة مثل
-فشو
-احتساء الخمور
-والتبرج
-وربما العري
-والاختلاط الفاضح بين الجنسين
وغيرها من المعاصي والمنكرات. والله أعلم.
المفتـــي: مركز الفتوى