أساطير جماز وغيلان
تقول القصص الشعبية إن غيلان أخ لجماز وإنهما تنازعا السلطة فحدثت بينهما حرب طويلة لأن غيلان تحصن في مدينته وجماز تحصن في قصره فتهدمت الأحياء الواقعة بين القصرين، والقصران بينهما ألف متر، وإذا كان غيلان أخا لجماز فليس بغيلان الشاعر لأن جماز الذي سميت باسمه البلدة من بني العنبر.
آثار غيلان
لما تحوي مدينة غيلان من الآثار المهمة قامت مصلحة الآثار بوضع حراسات عليها، ولو بحث في آثار هذه المدينة لكشفت لنا حقائب زمنية وتاريخية نحن نجهلها.
ومدينة غيلان وجماز من الأحياء المهجورة قديماً ولكنهما متأخران عن حي القرناء ولعل اندثارهما مرتبط بالأحداث التي وقعت في اليمامة في أيام الدولة الأخيضرية التي قامت سنة 252هـ وسقطت سنة 450هـ، وقد اضطر سكان عدد من قرى اليمامة للنزوح إلى البصرة في أيام هذه الدولة إما بسبب الانهزام في الحرب أو بسبب الاختلاف في العقيدة.
حي مسافر
حي مسافر من الأحياء المندثرة وقد أشار الدكتور عبدالعزيز الفيصل إلى أن هذا الحي لم يهجر إلا منذ ثلاثمائة سنة أو ما يقارب ذلك، وربما كان النزوح عنه بسبب القحط والجدب الذي أصاب العودة في سنة مائة وخمس وثلاثين وألف هجرية، لأن أسس البيوت وأحواض المياه ما تزال بادية، وقد جمعت الحجارة من هذا الحي ونقلت إلى البلدان المجاورة، فمنذ عشرين سنة أقبل سكان وادي سدير على البناء بالحجارة بدل الطين وكانت الحجارة في العودة أصلح من غيرها فتوجهت لها الشاحنات لحمل الحجارة منها، وقد وجد العاملون في قطع الحجارة صالحة وسهلة الجمع فأخذوا يجمعونها من أسس البيوت ويعدلون بعضها ويبيعونها لأصحاب الشاحنات.ومن أحياء جماز القديمة العودة الحالية وهي المعمورة الآن، أما الأحياء الأخرى فكلها آثار وأطلال منها ما قد اندثر بسبب عوامل التعرية, وقد بقي منه ما يدل على وجود حياة.
العودة في الكتب القديمة
لقد ذكرت عودة سدير في كتب التراث قديماً وحديثاً وذكرت الأحداث التي مرت عليها بالتفصيل وذلك في تاريخ ابن بشر، وتاريخ الشيخ حسين بن غنام، وقد ذكرها ابن بشر في سنة 1135هـ حيث قال: إن مياهها وآبارها قد نضبت وأصبح سكان البلدة يعتمدون في سقياهم على بئرين فقط، ومن ذلك الأحداث السياسية التي مرت على العودة منذ انضمامها تحت لواء دعوة الشيخ محمد بن عبدالوهاب وصارت جزءًا من أجزاء الدولة السعودية الأولى، وما أورده ابن بشر في تاريخه ينبئ عن مؤازرة سكان العودة لدعوة الشيخ محمد بن عبدالوهاب وللدولة السعودية الأولى.
وقد كتب (لويمر) عن منطقة سدير منذ ثمانين سنة وأورد احصائيات دقيقة نستنتج منها أهمية العودة وازدهارها وتقدمها على كثير من البلدان التي سبقتها الآن عمراناً فقط ومن إحصاءاته المتعلقة بالعودة أن مجموع البيوت تصل فيها إلى 200 منزل ويقول: (ومزارع النخيل كبيرة ويوجد فيها العنب والليمون والرمان).وقد أورد الهمداني في صفة جزيرة العرب وصف موقع عودة سدير من قوله: (ثم تقفز من العتك في بطن ذي أراط ثم تستند في عارض الفقي فأول قراه جماز..).
احصائيات عن العودة في دليل الخليج
وقد وردت احصائيات عن العودة في دليل الخليج القسم الجغرافي وأورد ما نصه: (والقرويون يوصفون بأنهم قساة أقوياء البنية وبشرتهم حمراء ومنازلهم تؤسس من الحجر، ولكن الحوطات من الطين والمنطقة معرضة لغارات القبائل العربية.. وتتكون العودة من 200 منزل..).
الموقع
قال الهمداني: (وكذلك جماز سوق في قرية عظيمة أيضاً)، وجماز هي حي من أحياء العودة القديمة.. الأبنية والبيوت، منارة المسجد، الحوامي المحيطة بالعودة، البساتين، المرقب، عندما تسير في هذه البلدة القديمة متجولاً بين كل هذه الأمور متصوراً الحياة البدائية القديمة التي كانت العودة تعتمد عليها لا تحس بنفسك إلا وخيالك يصحبك إلى قرن مضى لتعيش طعم الحاضر الذي كان يحاكيه الأجداد.
تقع عودة سدير في السفوح الشرقية من طويق وفي الجانب الغربي من العتك الكبير تقع العودة حيث تشغل مساحات واسعة من وادي سدير (الفقي قديماً) وهي تبعد عن مدينة الرياض سبعين ومائة كيل من الناحية الشمالية الغربية، وموقعها في أسفل الوادي أتاح لها وجود مساحات صالحة للزراعة والرعي سواء كان ذلك في الوادي نفسه أو في الروضات القريبة منها، فالعتك الكبير الذي تطل عليه العودة من الناحية الغربية يشتمل على مراع جيدة، وفي الناحية الجنوبية يتاخمها وادي أراط الغني بمراعيه المتوافرة، هذا الموقع الذي تتميز به العودة بالنسبة لجاراتها من وادي الفقي وقراه له سلبيات لا تنكر، فخصوبة المراعي المجاورة للعودة تغري البدو بالحلول فيها في أيام الربيع، فيحدث النزاع بين سكان البلدة والبدو، وفي العصور الماضية عندما كان الأمن مفقوداً في الجزيرة العربية كانت هجمات البدو على العودة أمراً مألوفاً لأن العتك معبر معروف في جبل طويق تسلكه البادية القادمة من جنوب نجد والمتجهة إلى الدهناء والصمان أو القادمة من الصمان والدهناء والمتجهة إلى جنوبي نجد، وهذه الهجمات المستمرة هي التي جعلت سكان البلد يحصنونها بالحوامي والأسوار العظيمة التي لا تزال شامخة توحي بصد المهاجمين ورد المعتدين قبل توحيد المملكة على يد جلالة الملك الراحل عبدالعزيز - طيَّب الله ثراه -.
تحديدها في الكتب القديمة
وإذا رجعنا إلى تحديد هذه البلدة في كتب تقويم البلدان فإننا نجد لغدة الأصفهاني يقول: والفقء بالكرمة، فالكرمة عند لغدة الأصفهاني هي الجزء الشمالي الشرقي من اليمامة، ووادي الفقي الذي هو وادي سدير يقع في هذا الجزء من اليمامة والعودة في أسفل هذا الوادي، ولغدة حدد وادي الفقي ولم يذكر العودة.
أما الحسن بن أحمد الهمداني فقد حدد العودة وذكرها بما تعرف به في ذلك الوقت حيث كانت تسمى جمازاً فهو يقول: (ثم تقفز من العتك في بطن ذي أراط ثم تسند في عارض الفقي، فأول قراه جماز وهي ربابية ملكانية عدوية من رهط ذي الرمة ثم تمضي في بطن الفقي وهو وادٍ كثير النخل والآبار).
ويمضي الهمداني في وصف قرى هذا الوادي إلى أن يقول: (وكذلك جماز سوق في قرية عظيمة أيضاً).
وقد ذكرها الشاعر الشعبي إبراهيم بن جعيثن العودة وما حولها ووادي الفقي في قصيدته التي قالها في مدح أهل سدير ومنها:
ووراط يحيا به حلال مهازيل
حيث هو اللي ينطح السيل جاله
وإلى انحدر يضفي على العودة السيل
وتمير مجزل تملا اهجاله
ووادي الفقي زين البساتين ونخيل
في القيظ يسقي صافي من زلاله
كدادهم كنه على ساحل النيل
تسمن معاويده ويكثر رياله
يرجع سدير ويكثرن المحاصيل
تلقى به التاجر اينمي حلاله
غرايس يازينها طلعة سهيل
يفرح بها اللي جايعين عياله