تصريح وزارة الثقافة والإعلام رقم م ن / 154 / 1432


العودة   شبكة البراري > منتديـات البراري الرئيسيــة > منتدى الأحوال الجوية والفلكية

موضوع مغلق
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 2008-10-22, 11:31 AM
الصورة الرمزية أحمد الحربي
أحمد الحربي أحمد الحربي غير متواجد حالياً
[ القلب الأبيض سابقا ً ] عضـــو متميــــز
 
تاريخ التسجيل: Apr 2008
الدولة: جدة
المشاركات: 13,435
جنس العضو: ذكر
أحمد الحربي is on a distinguished road
ويح البشر من نذير حبس المطر

بسم الله الرحمان الرحيم
الحمد لله وحده و الصلاة و السلام على من لا نبيّ بعده

وَيْحَ البَشَرِ مِنْ نَذيرِ حَبْسِ المَطَرِ
كتبه: زكي بن محمد مصمودي التلمساني.




تأخَّر الغيث هذا العام و استبطأ، و امتزج الصيف بالخريف و لحِقَ بهما الشتاء، و النّاس في كل هذا في غفلة ساهون، فما وَعَظَتهم الأيام و لا السّنون، و لا زجرتهم النكبات و المنون، فالشرّ في زيادة و الخير في نقصان، و فسدت أحوال الناس و عقائدهم و أخلاقهم، و تنغَّصت حياتهم تبعا، و هذه سُنَّة الله التي سَنَّها، و لن تجد لسُنَة الله تبديلا، و لن تجد لسُنَّة تحويلا.
و إنّ ما نُعايِنُه اليوم من الجفاف و قلَّة الأمطار، و غَوْرِ الماء و الأنهار، و نقص من الزرع و الأثمار، و ظهور الفساد في البر و الأبحار، و فشوِّ الفقر و الجوع في شتّى الأقطار، إنَّما هو جَنْيٌ لِما كسبته أيدينا، و لا علينا أن نُساقَ وراء تأويلات ماديَّة، و رَدِّها إلى الطبيعة، و القعقعة بأسباب كالإنخفاضات الظغطية، أو التقلبات الجوية، و هذا لنأمن مكر الله، و لأنَّ الحقَّ سبحانه يفنّده قائلا في مُحكم كتابه:"ٍظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ[الروم:41] و قال:" وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ" [الشورى:30]،
و إنَّ أشدَّ ما كسَبَته أيدي الناس تفريطهم في دِينهم الذي هُوَ عِصمةُ أمرهم، بَدْءا من العقيدة التي أضْحَت تُنالُ و تُسامُ بأمْضَى السهام، و آخرون يَنظُرونَ و لا يُحرِّكُون، و طَغَتْ رَواسِبُ الشِّرْك و رُفِعَت شعائر البدع، فَسَرَى الإلحاد و الكفر بإسم الحداثة، و انتشر الفجور بإطلاق الحريات بإسم الديموقراطية، و إنّ أي انحراف على هذا النحو هو مُوجِبٌ لسخط الرحمان، و مُوذِنٌ لزوال النعمة و مَحْق البركة، يقول المولى جلّ جلاله:" وَ لَوَ أنّ أَهلَ القُرَى آمنوا و اتَقَوا لَفَتَحْنَا عَليهِم بَرَكَات مِنَ السَّمَاء و الأَرضِ وَ لَكن كَذَّبُوا فأخَذْنَاهُم بِمَا كَانوا يَكسِبُون" و لا يفتأ سبحانه في تذكيرنا بضرب الأمثال:" وَ ضَرَبَ اللهُ مَثَلًا قَريةً كَانت آمِنَةً مُطمئنَّة يَأتيها رِزقُهَا رَغَدًا مِن كُلِّ مَكَان فَكَفرَت بِأََنْعُمِ الله فَأَذاقَهَا اللهُ لِباسِ الجُوعِ وَ الخَوْفِ بِمَا كَانُوا يَصنَعُون"و تأمَّل في الآيتين كيْفَ جاء التعليل بالباء السببيَّة، وَ ذلك في قوله:" بما كانوا يكسبون" و في الثانية بقوله:" بما كانوا يصنعون"، فالتحليل العقدي فيهما جلي كالشمس في رابعة النهار، و مردّ العقاب إنما هو جزاء لخلل في العقيدة، " لكن كذََبوا" أي كفر التكذيب، و في الأخرى كفر النعمة بقوله:" فكفرت بأنعم الله".[i]

و يأتي إبليس ليُلبِّس على بَعض ضِعافي الإيمان و هَشِيشِي العقيدة، فيقولُ بلسانهم: فما بالُ بلاد الكفر فيها من أصناف الكفر و الفجور ما لا يخفى، و عاثت في الأرض فسادا، و رَدَّت الحق إعراضا و عِنادا، وَ هُم في عَيش هنيئ و رخاء مَريء، و تتدفقُّ عليهم الخيرات من كل حدب و صوب !!
فيقال: أنَّ لِلَّهِ في ذلك الحكمةُ البالغة التي لا تدركها عقولنا القاصرة، و ليمتحننا أنثبت أم ننقلب على أوجهنا، نخسر الدنيا و الآخرة، فهي فتنة لنا، و استدراج لهم و إملاء، كما قال سبحانه في عالي سماه:" سَنَسْتَدرِجُهم مِنْ حيثُ لا يعلمون، و أُمْلِي لهم إنَّ كَيْدي متين" {القلم: 44-45} و يشهدُ له ما رواه عقبة بن عامر رضي الله عنها مرفوعا:" إذا رأيتَ الله يُعطِي للعبدِ من الدّنيا على معاصيه ما يحبّ فإنما هو استدراج، ثم تلا:" فلما نَسُوا ما ذُكِّروا به فتحنا عليهِم أبوابَ كُلِّ شيء حتَّى إذا فرحوا بما أُوتوا أخذناهم بغتة فإذا هم مُبلسُون" رواه أحمد. و المؤمنون الراسخون لا يتعدّون ما قاله سبحانه تَوَعُدا ": و لا تحسبنَّ الله غافلا عمَّا يعملُ الظالمون، إنَّما يُؤخرهم ليوم تَشْخَصُ فيهِ الأبصارُ مُهْطِعِينَ مُقنعي رؤوسهم لا يرتدُّ إليهم طرفهم و أفئدتهم هواء" فلا ينبغي لمؤمن آمن بالله ربا و بالإسلام دينا و بمحمد صلى الله عليه و سلّم نبيا و رسولا أن يغترّ بهذه الأمم الحاضرة، و ليتَّعظ بالأمم الغابرة، و إنَّ له فيها أبلغَ مُدَّكَر.

و مِن أسبابِ القحط و الجَدْبِ استفحالُ الذنوب و المعاصي استفحالَ النَّار فيِ الهَشِيم، و صارت المجاهرة و التبجح بِها مُروءة، و حَظْوَة لصاحبها بمنزلة مرموقة، و رُكِبَ الفسوق و الفجور من السِّحْرِ و عقوق الوالدين و أكل الربا و مال اليتيم و شرب الخمر و استحلال المعازف و تعرِّي النساء بالتبرج و كذا المجاهرة بالزنا... إلى غيرها مما يُعْيِينا عدّها، قال بن كثير في قوله تعالى:" ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ" ( أي بان النقص في الزروع و الثمار بسبب المعاصي. و قال أبو العالية: من عصى الله في الأرض فقد أفسد في الأرض، لأن صلاح الأرض و السماء بالطاعة).

و جاءت أسبابٌ أخرى خاصة بالقحط و الجدب، كمنع الزكاة التي هي فريضة من الله على عباده، و تزْكية و نماء لأموالهم، فقد منعها اليوم الكثير من الناس استخفافا بحقِّها أو تهاونا، و تحجَّجوا بأوهام بالية كارتفاع الضرائب و غلبة الديون، و مِن أسبابه كذلك التطفيفُ في المكيال و الميزان، و كلُّ هذا جاء مبيَّنا في حديث عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أنه قال: أقبل رسول الله صلى الله عليه و سلّم فقال:" يا معشر المهاجرين ! خمس إذا ابتليتم بهن و أعوذ بالله أن تدركوهن: لم تظهر الفاحشة في قوم قطّ، حتى يعلنوا بها إلا فشا فيهم الطاعون و الأوجاع التي لم تكن في أسلافهم الذين مضوا، و لم ينقصوا المكيال و الميزان إلا أخذوا بالسِّنين و شدّة المؤنة و جور السلطان عليهم، و لم يمنعوا زكاة أموالهم إلا منعوا القطر من السماء، و لولا البهائم لم يمطروا، و لم ينقضوا عهد الله و عهد رسوله إلا سلّط الله عليهم عدوا من غيرهم فأخذوا بعض ما في أيديهم، و ما لم تحكم أئمتهم بما أنزل الله إلا جعل بأسهم بينهم" [رواه بن ماجه و صحّحه الألباني]، و كذا ما رفعه بريدة :" ما منع قوم الزكاة إلا ابتلاهم الله بالسِّنين" [ رواه الطبراني في الأوسط و حسّنه الألباني].

وَ يالهذا الخبر العجيب فيمن يُخرج زكاة ماله، فقد روى مسلم في صحيحه من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه و سلم قال:" بينا رجل بفلاة من الأرض، فسمع صوتا في سحابة: اسق حديقة فلان فتنحّى ذلك السحاب فأفرغ ماءه في حرّة، فإذا شرْجة من تلك الشِّراج قد استوعبت ذلك الماء كلّه، فتتبّع الماء، فإذا رجل قائم في حديقته يحوّل الماء بمسحاته، فقال له: يا عبد الله ! ما اسمك ؟ قال: فلان – للإسم الذي سمع في السحابة- فقال له: يا عبد الله ! لِمَ تسألني عن اسمي؟ فقال: إني سمعت صوتا في السحاب الذي هذا ماؤه يقول: اسق حديقة فلان، لاسمك، فما تصنع فيها ؟ قال: أما إذا قلت هذا، فإني أنظر إلى ما يخرج منها فأتصدّق بثلثه و آكل أنا و عيالي ثلثا، و أرد فيها ثلثه".

ويْح البشر من نذير حبسِ المطر، فلا يزال الله يُرسل لنا الآيات تخويفا و تهديدا، و يأتينا بالدلائلِ و الحُجَج إفحاما وَ وَعِيدا، فقد أهلكَ أقواما بالأعاصير، و آخرين بالزلازل و البراكين، و قد نكون نحن بالقحط و الجدب، أفلا يحيق بنا أن نتوب و ننأى عن التفسيرات و التحليلات الباطلة، جَرْيًا على سنَّة قوم عاد :" فلما رأوه عارضا مستقبلَ أوديتهم قالوا هذا عارض مُمطرنا بل هو ما استعجلتم بِه ريحٌ فيها عذابٌ أليم" {الأحقاف:24}.

ويْح البشر مِن نذير حَبْسِ المطر، إنَّ الله لعلى هلاكهم لقدير، حتَّى و لو كان فيهم الصالحون، فعن أم المؤمنين زينب بنت جحش رضي الله عنها أنها قالت:" يا رسول الله، أنهلك و فينا الصالحون؟ ! قال: نعم، إذا كثر الخبث" متفق عليه.

ويْح البشر من نذير حبس المطر، و ويْحهم إن لم يعودوا إلى دينهم، بتصحيح عقيدتهم، (و للأسف هناك من استسقى هذه الأيام بالجأر إلى الأضرحة و المزارات، و عَقْدِ الأولمة فيها و الزردات، و نادوهم بأسمائهم و دَعَوْهُم – وليْعذرونا إن لم نذكر آلهتهم بأسمائها للتمثيل لكثرتها- فهؤلاء استبطؤوا القطر من السماء، و نحن نستبطِئ الحجارة من السماء)، و علينا بلزوم التقوى التي هي من موجبات الرحمات :" واتقوا الله لعلكم ترحمون" و هي منجاة من المآزق و الأزمات :" و من يتق الله يجعل له مخرجا و يرزقه من حيث لا يحتسب" ، و لنلزم شريعة ربنا، و لنأخذ على أنفسنا عهدا بنصرة دينه و جنده، عسى أن يبدّل ذلنا عزا، و خوفنا أمنا، و فقرنا غنى..

و آخر دعوانا أن الحمد لله ربّ العالمين.

التوقيع:
موضوع مغلق


المتواجدين الآن بالموضوع : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

 


الساعة الآن 03:53 PM


Powered by vBulletin .
جميع الحقوق محفوظة © لشبكة ومنتديات البراري 2010