تصريح وزارة الثقافة والإعلام رقم م ن / 154 / 1432


العودة   شبكة البراري > منتديـات البراري الرئيسيــة > منتدى الحياة البيئة والفطرية والصيد

موضوع مغلق
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 2008-02-11, 07:02 AM
أبو فهد 2008 أبو فهد 2008 غير متواجد حالياً
عـضـو ذهـبـي
 
تاريخ التسجيل: Jun 2007
الدولة: التصميم / الأرصاد
المشاركات: 2,641
جنس العضو: ذكر
أبو فهد 2008 is on a distinguished road
Thumbs down ***** (فرضيات عودة أرض العرب مروجاً وأنهاراً ( 1 , 2 ، 3 ) *****



د. عبدالله المسند*

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله ، أما بعد :
فسكان جزيرة العرب قديماَ وحديثاً من أعظم الناس حباً للربيع والمطر والقطر، وما ذاك إلا أن جزيرتهم تعد من أكبر المسطحات الأرضية في العالم التي تخلو من نهر أو بحر أو زهر دائم، عدا أمطار قليلة ومتفرقة وغير منتظمة، تهطل عادة ما بين شهري أكتوبر ومايو بمتوسط يصل إلى حوالي 100 ملم سنوياً فقط. لذا نجد أن سكان الجزيرة العربية شغوفين في تتبع السحب واتجاهه والمطر وأخباره والكلا ومكانه. والأدبيات العربية المنظومة والمنثورة مفعمة في ذكر السحاب وأنواعه والمطر وأصنافه والسيل وأوصافه. وفي العصر الحديث جاءت وسائل الاتصالات الحديثة ومنها؛ شبكة الأنترنت لتعج بالمواقع والمنتديات الإلكترونية، التي ترصد وتنقل أخبار الطقس وتقلاباته والأجواء وتبدلاته لرواد كُثر استرعى عددهم ومشاركاتهم الإنتباه.


وفي مجالس العرب ومنتدياتهم يأتي السؤال عن المطر والقطر وعن الحر والقر بعد السؤال عن الأحوال الشخصية مباشرة خاصة في فصل الشتاء والربيع. وهيام سكان الجزيرة بالمطر والسيل والربيع انعكس جلياً في توجه أعداد كبيرة من السكان، بل وتتزايد عاماً بعد عامٍ لممارسة السياحة البرية المتكررة عبر رحلة اليوم الواحد، أو التخييم لأيام عدة في المنتنزهات البرية الصحراوية، بل أصبحت السياحة البرية في الوقت الحاضر تجارة رائجة رابحة يجني ثمارها جهات عدة.


وفي هذه الأجواء وتفاؤل في أجواء رطبة ومطيرة، تناول بعض الناس في السنوات الأخيرة حديث عودة الجزيرة مروجاً وأنهاراً بالتفسير والتحليل. وبعضهم ربط بعض التغيرات المشاهدة على مستوى المناخ المحلي أو الإقليمي أو حتى العالمي بهذا الحديث الشريف. ولهذا تأتي هذه المشاركة المكتوبة والمتواضعة مساهمة لإضاءة أظن أنها اجتهاد جديد في هذا السياق، ليشرح هذا الحديث المعجز الذي كشف حُجُب الماضي كما كشف المستقبل في حديث واحد.
وسأتناول باقتضاب الحديث ثم شرحه عبر نافذتين زمنيتين؛ النافذة الأولى: عرض واقع مناخ الجزيرة العربية قبل عشرات الآلاف من السنيين، مستأنساً بما ورد في الحديث الشريف. النافذة الثانية: الكشف عن فرضيات متوقعة، وسيناريوهات مرجحة لعودة الجزيرة العربية مروجاً وأنهاراً. والتي أتوقع أن عودة أرض العرب مروجاً وأنهاراً، أو نبوء نبينا محمد صلى الله عليه وسلم (((قد))) تكون عبر بوابة إحدى هذه الفرضيات المطروحة والله وحده أعلم.
أشراط الساعة الصغرى:
أشراط الساعة الصغرى تناهز السبعين شرطاً؛ منها ما وقع في الماضي، ومنها ما يقع الآن، ومنها ماسيقع في المستقبل، ومنها ما سيقع بين أشراط الساعة الكبرى، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم. ومن الأشراط الصغرى ما أخرجه مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " لا تقوم الساعة ...حتى تعود أرض العرب مروجاً وأنهاراً ". ويمكن أن نصنف هذه العلامة بأنها علامة كونية مناخية. وعند تأمل متن الحديث الصحيح نجد أن كلمة واحدة فقط (تعود) متكونة من أربعة حروف يكمن فيها الإعجاز، والنبوءة العظيمة {وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَى إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى}. حيث جاءت النبوءة مركبة ومزدوجة، فهي كاشفة لحجب الماضي البعيد والمقدر بعشرات الآلاف من السنين، وفي الوقت نفسه كشفت المستقبل الغيبي. سنتناول في هذا البحث بإذن الله تعالى شرح الحديث وفق منهج علمي متوخياً ما استطعت الدقة في التقدير، والسلامة في التعبير، والأصالة في التصوير.
هذا ما سنقرأه في الحلقات التالية إن شاء الله تعالى في موضوع فرضيات عودة أرض العرب مروجاً وأنهاراً.


*عضو هيئة التدريس بقسم الجغرافيا بجامعة القصيم _ السعودية
محرم 1429هـ
[email protected]

  #2  
قديم 2008-02-11, 07:03 AM
أبو فهد 2008 أبو فهد 2008 غير متواجد حالياً
عـضـو ذهـبـي
 
تاريخ التسجيل: Jun 2007
الدولة: التصميم / الأرصاد
المشاركات: 2,641
جنس العضو: ذكر
أبو فهد 2008 is on a distinguished road
افتراضي



د. عبدالله المسند*

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله ... وبعد:
في الحلقة الأولى تطرقنا إلى أن شرح الحديث الذي أخرجه مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " لا تقوم الساعة...حتى تعود أرض العرب مروجاً وأنهاراً " سيكون من خلال نافذتين النافذة الأولى: (الماضي) ملخص التاريخ المناخي لأرض العرب. والنافذة الثانية: (المستقبل) فرضيات تغير المناخ في أرض العرب.

ملخص التاريخ المناخي لأرض العرب
قدر الله سبحانه وتعالى أن يكون الموقع الفلكي والجغرافي لأرض العرب في نطاق ما يُسمى بشبه المداري الجاف الصحراوي، والذي يتصف بارتفاع درجة الحرارة معظم السنة وقلة الرطوبة الجوية وجفاف الرياح السائدة وبالتالي قلة الأمطار الهاطلة؛ كل هذا رسم بإذن الله تعالى بيئة صحراوية قاحلة ومتطرفة في أرض العرب.


توضح الصورة الفضائية وقوع الجزيرة العربية في النطاق الصحراوي

المناخ الجاف المسيطر على أرض العرب ليس وليد العصر الحديث بل هو قديم، ومن خلال استقراء أدبيات العرب وتاريخهم القديم قبل 1400 سنة، نجد أن الظروف المناخية السائدة آنذاك لا تختلف كثيراً عن الحاضر، فلقد قرأنا كثيراً عن تلكم المصطلحات: قحط، جوع، جفاف، استسقاء، بئر، مورد ماء، عام الرمادة، فقر، حر شديد ... الخ والتي تعكس بوضوح الظروف المناخية آنذاك. بالمقابل لم ترد في تاريخ العرب هذه المصطلحات: بحيرة، نهر، شلال، ثلج، جليد، غابة... الخ. هذا من جهة، ومن جهة أخرى ومن خلال الاستقراء العلمي التاريخي الطبيعي للجزيرة العربية يوحي كذلك أن الظروف المناخية قبل 1400 سنة لم تكن تختلف كثيراً عن اليوم.

وعندما نتوغل أكثر في تاريخ الجزيرة العربية المناخي لا نجد أيضاً إشارة إلى أن الأمم السابقة من العرب العاربة والمستعربة أو حتى العرب البائدة يتقلبون في أجواء رطبة غنية بأمطارها وأنهارها وأشجارها وأزهارها بخلاف الحال في قارة أوروبا اليوم. والاستقراء التاريخي أيضاً يشير إلى أنه قبل 2500 سنة تقريباً لم تكن الظروف المناخية في أرض العرب مروجاً وأنهاراً بل صحراءً وجفافاً وآباراً متواضعة يزدحمون عليها قال تعالى: {وَلَمَّا وَرَدَ مَاء مَدْيَنَ وَجَدَ عَلَيْهِ أُمَّةً مِّنَ النَّاسِ يَسْقُونَ وَوَجَدَ مِن دُونِهِمُ امْرَأتَيْنِ تَذُودَانِ قَالَ مَا خَطْبُكُمَا قَالَتَا لَا نَسْقِي حَتَّى يُصْدِرَ الرِّعَاء وَأَبُونَا شَيْخٌ كَبِيرٌ}.

وعندما نتوغل أكثر في القدم نجد الظروف المناخية السائدة ـ على الأقل في غرب الجزيرة العربية ـ كما وصفها إبراهيم عليه السلام {رَّبَّنَا إِنِّي أَسْكَنتُ مِن ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِندَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ}. وقبل نبي الله إبراهيم صالح عليهما السلام إذ قال: {قَالَ هَذِهِ نَاقَةٌ لَّهَا شِرْبٌ وَلَكُمْ شِرْبُ يَوْمٍ مَّعْلُومٍ}. وفي الأحقاف جنوب الجزيرة العربية قوم عاد كانوا يتطلعون إلى المطر والغيث قال تعالى: {فَلَمَّا رَأَوْهُ عَارِضاً مُّسْتَقْبِلَ أَوْدِيَتِهِمْ قَالُوا هَذَا عَارِضٌ مُّمْطِرُنَا}، وقال عز وجل: {وَاذْكُرْ أَخَا عَادٍ إِذْ أَنذَرَ قَوْمَهُ بِالْأَحْقَافِ} والأَحْقافُ: "رمال بظاهر بلاد اليمن كانت عاد تنزل بها والحِقْفُ أَصْلُ الرَّمْلِ" (لسان العرب)، وهذا يعكس واقع الظروف المناخية الجافة والصحراوية في أرض العرب قبل حوالي 4500 سنة والله أعلم.

ولم يذكر التاريخ القديم ـ حسب علمي المتواضع ـ أن سكان الجزيرة العربية من العرب البائدة ومن قبلهم أنهم كانوا ينعمون بالمروج والأنهار. والسؤال هنا ... أي فترة تاريخية كان المصطفى صلى الله عليه وسلم يقصد ويشير في معرض الحديث السابق؟ أحسِب أن الظروف المناخية الجافة والقاحلة والحارة للجزيرة العربية كانت هي السائدة ـ والله أعلم ـ منذ نزول آدم عليه السلام. والفترة الزمنية التي كانت حافلة بالرطوبة والأمطار والأنهار في أرض العرب قديمة جداً قبل أن يستخلف الله الإنسان على الأرض والله أعلم.


لذا تكمن عظمة النبوءة في الحديث السابق والتي نحن بصددها (تعود) أن النبي الأمي محمد صلى الله عليه وسلم كشف للصحابة وللعالم من بعدهم سراً من أسرار تاريخ الأرض الطبيعي والمناخي قبل أن يأتي الإنسان ويستعمر الأرض، فالنبي عليه الصلاة والسلام لم ينقل لنا خبر المروج والأنهار من كتب سماوية سابقة، ولا حتى من أساطير الأولين الغابرة، ولكنه وحي من خالق الأرض والسماء السابعة {وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَى إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى}.

والمسلم يُصدق نبوءة نبيه عليه الصلاة والسلام الواردة بالنقل الصحيح سواءً شهد لها الحس والعقل أم لا. وفي الوقت نفسه المسلم مأمور بالتفكر في خلق الله قال تعالى: {قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانظُرُوا كَيْفَ بَدَأَ الْخَلْقَ} السير والتفكر بكل وسائله، عبر الميدان الجغرافي بعمق تاريخي، والنظر من خلال العين والعينة، والصورة والخريطة، والمقياس والميزان، والمعمل والحاسب، والتحليل والتصنيف، كل هذا للجواب عن السؤال الكبير {كَيْفَ بَدَأَ الْخَلْقَ؟}. والعلم الحديث كشف لنا في آخر القرن الماضي ما يُصدق حديث الصادق المصدوق عليه الصلاة والسلام عن الظروف المناخية السائدة في جزيرة العرب وغيرها قبل آلاف السنيين فماذا قال؟.

العصور الجليدية Ice Ages:
قال تعالى: {قُلِ انظُرُواْ مَاذَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ}، وقال سبحانه وتعالى {قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانظُرُوا كَيْفَ بَدَأَ الْخَلْقَ} وقال عز وجل: {الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللّهَ قِيَاماً وَقُعُوداً وَعَلَىَ جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذا بَاطِلاً سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ}، و علماء الجغرافيا والجيولوجيا والجيومورفلوجيا ساروا ونظروا وتفكروا ودرسوا وحللوا وقدروا عمر كوكب الأرض بحوالي 4.6 بليون سنة والله أعلم. وقسّم علماء الجيولوجيا هذه السنوات الطويلة إلى عصور متمايزة، يهمنا منها العصر الحديث (الرابع) وهو الأخير، والذي يقدر العلماء أنه بدأ منذ 1.6 مليون سنة حتى الوقت الحاضر. في هذا العصر اكتشف العالم السويسري لويس أجاسيز ما يُسمى بالعصور الجليدية Ice Ages التي بدأت منذ 1.6 مليون سنة وأنتهى آخرها قبل 10000 سنة تقريباً والله أعلم.

وتعريف العصور الجليدية: أنها حالة جوية دورية تتصف بالبرد القارس، هذه الحالة تسود في شمال الكرة الأرضية وجنوبها، مما يؤدي إلى تجمدها وانتشار الغطاءات الجليدية وزحفها إلى أماكن شاسعة وجديدة تفوق مساحتها الحالية بثلاثة أضعاف، (مساحة الجليد الحالي 10% من مساحة اليابس، بينما في العصر الجليدي 30%). في النصف الكرة الشمالي مثلاً تتسع الغطاءات أو القلانس الجليدية لتزحف باتجاه الجنوب، لتغطي شمال أوروبا وروسيا وأمريكا الشمالية، لتصبح أراضٍ متجمدة، وبالمقابل تصبح المناطق الجنوبية منها مناطق معتدلة ورطبة وهي العروض شبه المدارية والصحراوية مثل الجزيرة العربية وشمال أفريقيا.


اللون الأبيض يمثل الغطاءات الجليدية فترة العصر الجليدي والذي يكسو كل من: كندا وشمال الولايات المتحدة وبريطانيا وشمال أوروبا وروسيا.


هذه العصور الجليدية المتكررة وفق سنن إلاهية عندما تحدث بإذن الله تعالى تكون أرض العرب مروجاً وأنهاراً، وعندما تنحسر تكون أرض العرب صحراءً وأحقافاً ... وأثبت العلماء أننا نعيش اليوم في عصر دفيء يقع بين عصرين جليديين بمعنى أن الأرض مقبلة على عصر جليدي جديد امتداداً للعصور الماضية، فإن سألت عن وقتها؟ فهذا {مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُم مِّن الْعِلْمِ إِلاَّ قَلِيلاً}. وآخر عصر مطير في أرض العرب حدث قبل 10000سنة تقريباً ((وقد)) يكون هو المعني بالحديث الشريف! فمن علم النبي الأمي محمداً صلى الله عليه وسلم بغيب طوله 10000 سنة؟ علمه الذي {يَعْلَمُ السِّرَّ وَأَخْفَى}.

ما سلف كان شرحاً للحديث عبر النافذة الزمنية التاريخية، أما عن المستقبل وكيف ومتى ستعود أرض العرب مروجاً وأنهاراً؟ هذا ما سنقرأه في الحلقات التالية إن شاء الله تعالى في موضوع فرضيات عودة أرض العرب مروجاً وأنهاراً.

وعلى دروب المكاشيت نلتقي فنرتقي ... واسلموا لمحبكم.


*عضو هيئة التدريس بقسم الجغرافيا بجامعة القصيم _ السعودية
محرم 1429هـ
[email protected]

  #3  
قديم 2008-02-11, 07:04 AM
أبو فهد 2008 أبو فهد 2008 غير متواجد حالياً
عـضـو ذهـبـي
 
تاريخ التسجيل: Jun 2007
الدولة: التصميم / الأرصاد
المشاركات: 2,641
جنس العضو: ذكر
أبو فهد 2008 is on a distinguished road
افتراضي



د. عبدالله المسند* ..................................................

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:

إن إعمال عبادة التدبر والنظر والتفكر أمر مأمورٌ به شرعاً قال تعالى: {أَفَلاَ يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِندِ غَيْرِ اللّهِ لَوَجَدُواْ فِيهِ اخْتِلاَفاً كَثِيراً}، وقال عز وجل: {قُلِ انظُرُواْ مَاذَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ}، وقال سبحانه وتعالى: {قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانظُرُوا كَيْفَ بَدَأَ الْخَلْقَ}، وقال تبارك وتعالى: {الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللّهَ قِيَاماً وَقُعُوداً وَعَلَىَ جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ}، وقال عز وجل: {إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ والآيات في هذا الشأن والسياق كثيرة عديدة، لذا دعونا نمارس هذه العبادة في معرض شرح الحديث الصحيح " لا تقوم الساعة ...حتى تعود أرض العرب مروجاً وأنهاراً ".


قررت في الحلقة الأولى (المقدمة) أن شرح الحديث سيكون من خلال نافذتين زمنيتين؛ تحدثت عن النافذة الزمنية الأولى في الحلقة الثانية والمتعلقة بالتاريخ الطبيعي لأرض العرب قبل آلاف السنيين. وفي هذه الحلقة (الثالثة) وما بعدها نواصل التأمل في الحديث عبر نافذة زمنية شائكة وصعبة ألا وهي المستقبل. وهي محاولة للتصدي لسؤال صعب وكبير ومتشعب ... كيف ومتى ستعود أرض العرب مروجاً وأنهاراً كما كانت قبل آلاف السنين؟.

بعد تأمل الحديث السابق لسنوات طويلة ومحاولة فك أسراره المختزلة في قوله صلى الله عليه وسلم (تعود) استعنت بالله الفتاح المعين في محاولة اجتهادية في تلمس فرضيات أو سناريوهات (العودة) المتوقعة والمرجحة ... حتى تراكمت عندي صور العودة من خلال تأمل طويل دام عقدين من الزمن... قادتني إلى ترشيح بضع فرضيات.


وقبل أن نتناول الفرضيات ألتمس من القارئ الكريم العذر في القصور في التصوير، أو التعبير في موضوعٍ مصادره التأمل، ومراجعه الاستقراء، ومضانه التفكر والتدبر {وَمَا أُوتِيتُم مِّن الْعِلْمِ إِلاَّ قَلِيلاً} ... كما أن هذه محاولة اجتهادية لتفسير الحديث الشريف، أسأل الكريم المنان أن يهب لي أجر الصواب كما الاجتهاد إنه جواد كريم.


الفرضية الأولى: انفجار براكين عظيمة
قال المصطفى صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح " لا تقوم الساعة...حتى تعود أرض العرب مروجاً وأنهاراً ".وقد تكون عودة أرض العرب مروجاً وأنهاراً نتيجة ـ والله وحده أعلم ـ لحدث كوني عظيم يتسبب في تغيير مجريات الأحوال الجوية العامة لكوكب الأرض. وقد يكون ذلك بسبب انفجار البراكين الخامدة والضخمة في جزيرة العرب، أو براكين جاوة أو الفلبين أو الآسكا أو غيرها من البراكين الأرضية الضخمة. وهذه الفرضية الأولى التي قد تكون السبب في عودة أرض العرب مروجاً وأنهاراً. والسؤال: كيف سيكون هذا؟ وأين؟ ومتى؟ هذا ما سنتناوله في هذه الحلقة وما بعدها بإذن الله تعالى.


براكين الجزيرة



صورة جوية تضم ثمان فوهات بركانية خامدة في حرة كشب جنوب مهد الذهب في السعودية.


تجثم فوق جزيرة العرب وبالتحديد فوق الدرع العربي مئات البراكين العظيمة الخامدة منذ مئات بل وآلاف السنين، حيث يقدر العلماء وقت نشوئها إبان انفصال أرض العرب عن قارة أفريقيا، ونشوء البحر الأحمر قبل ما يقارب 25 مليون سنة والله أعلم. ويبلغ عدد البراكين فقط في منطقة المدينة المنورة حوالي 400 بركان، وعلى مستوى الحرات الواقعة في السعودية تبلغ حوالي 2000 بركان جاثمة فوق الدرع العربي.1 وتقدر مساحة الحرات والمسكوبات البركانية في الجزيرة العربية بـ 180000كم2 أي مايعادل مساحة سوريا.



أكبر وأعظم فوهة بركان في الجزيرة العربية فوهة الوعبه Alwahbah 2 (مقلع طمية) والذي يصل قطره حوالي 2كم وعمقه
أكثر من 200م، ويقع في حرة كشب إلى شمال شرق الطائف. ومن شدة وقوة انفجاره الأخير فجر ودمر الفوهة والجبل من حوله
وبقي منها جزء يسير يُشاهد في أسفل يسار الصورة ولله في خلقه شؤون.


ويشار إلى أن آخر انفجار بركاني عظيم في الجزيرة العربية وقع إلى جنوب شرق المدينة المنورة، شمال حرة رهط عام 654 هـ 1256م. حيث استمر الحدث لعدة أيام، وسارت اللابة (الحمم البركانية) Lava لمسافة 23كم! في اتجاهات جغرافية مختلفة معظمها شمالي، وتوقف أطول لسان للحمم قبل المدينة المنورة بـ 8.2كم فقط إلى الشرق من المدينة (أنظر إلى الصورة الفضائية آخر المقال). ولقد سبق الإنفجار وتزامن معه هزات أرضية قوية مخيفة ارتجت بسببها الأسوار، وقرقعت لها الأسقف، وسُمع لها أصوات كأصوات الرعود القاصفات، في مشهد ألقى بروعه على قاطني المدينة قاطبة. وذكر المؤرخون أن هذا الانفجار البركاني هو المقصود بالحديث الشريف(لا تقوم الساعة، حتى تخرج نار من أرض الحجاز تضيء أعناق الإبل ببصرى) البخاري ومسلم.



يمثل الخط المستقيم المسافة البينية (985كم) بين نار الحجاز
عام 654هـ ومدينة بصرى جنوب دمشق.


ومما ذكره ابن كثير رحمه الله في هذا السياق: "وبقيت تلك النار على حالها تلتهب التهاباً، وهي كالجبل العظيم ارتفاعاً، وكالمدينة عرضاً، يخرج منها حصى يصعد في السماء، ويهوي فيها، ويخرج منها كالجبل العظيم نار ترمي كالرعد. وبقيت كذلك أياماً ... ثم سكنت ووقفت أياماً، ثم عادت ترمي بحجارة خلفها وأمامها، حتى بنت لها جبلين... ولها كل يوم صوت عظيم في آخر الليل إلى ضحوة، ولها عجائب ما أقدر أن أشرحها لك على الكمال، وإنما هذا طرف يكفي، والشمس والقمر كأنهما منكسفان إلى الآن". أ.هـ


صورة اللابة المنصهرة وهي تخرج من فوهة البركان.


وذكر الكاتب القدير الأستاذ فهد عامر الأحمدي في زاويته العلمية حول العالم 3 بجريدة الرياض حيث قال: "...فرغم ترجيح المؤرخين بأن ثوران عام 654 هو المعني في هذا الحديث؛ إلا أنني لاأميل لهذا الرأي لأسباب كثيرة... فمنطقة الدرع العربي مثلا لم تستقر حتى الآن من الناحية الجيولوجية (بسبب الانفراج المستمر لحوض البحر الأحمر) كما أن الحمم البركانية استمرت بالخروج قبل وبعد تلك الحادثة وبالتالي لا يوجد مايميز حادثة 654 هـ أو يضمن عدم تكرارها مستقبلا (خصوصا بعد مرور 773 عاماً على وقوعها)!" أ.هـ


وفي تقديري المتواضع وبناءًً على المعاينة الميدانية لمسرح الحدث البركاني الكبير وتتبع الصور الفضائية وتأمل المساحة الجغرافية المتأثرة باللابة والحمم والمسكوبات البركانية، وبناءً على ما وصف ونقل المؤرخون الأفاضل ـ مع أخذ مبالغة بعض المؤرخين بعين الاعتبار ـ أقول: أن حادثة 654 هـ ليست هي الأولى وقد لا تكون الأخيرة والله أعلم، لذا فاحتمال أن تكون النار المذكورة قد أضاءت لها أعناق الإبل ببصرى وما دون بصرى من هولها وشدتها أمر وارد، لتكون إحدى علامات الساعة الصغرى. والسؤال المحير في هذا السياق؛ لماذا خص المصطفى صلى الله عليه وسلم مدينة بصرى على وجه الخصوص دون مدن حولها أشهر وأكبر منها كدمشق أو القدس أو تبوك!!؟؟ وأحسَب أن في تخصيص واختيار (بصرى) إعجاز نبوي قد يتبن في قابل الأيام.



تظهر على الصورة الفضائية موقع المدينة المنورة و يتضح آثار الانفجار البركاني لعام 654هـ باللون الأسود الغامق.


مجرد سؤال
من المعلوم أن انفجار البراكين ـ عادة ـ يسبقه حدوث زلازل متكررة في محيطها وبالقرب منها. والسؤال المطروح هنا هل يسبق عودة الجزيرة مروجاً وأنهاراً وقوع علامة أخرى للساعة؟ وهي (كثرة الزلازل)؟ تليها انفجارات بركانية هائلة تغير المناخ؟ وتقود بالتالي إلى تغير أرض العرب من صحراء قاحلة إلى مروجاً ساحرة؟ قال النبي صلى الله عليه وسلم (لا تقومالساعة حتى يقبض العلم، وتكثر الزلازل، ويتقارب الزمان، وتظهر الفتن، ويكثر الهرجوهو القتل القتل، حتى يكثر فيكم المال فيفيض)أخرجه البخاري.


ما سلف كان الجزء الأول من الفرضية الأولى، وفي الحلقة القادمة نكمل الجزء الثاني من الفرضية إن شاء الله، وعلى دروب المكاشيت نلتقي فنستقي ونرتقي.

*****


*عضو هيئة التدريس بقسم الجغرافيا بجامعة القصيم _ السعودية
صفر 1429هـ

  #4  
قديم 2008-02-11, 07:07 AM
أبو فهد 2008 أبو فهد 2008 غير متواجد حالياً
عـضـو ذهـبـي
 
تاريخ التسجيل: Jun 2007
الدولة: التصميم / الأرصاد
المشاركات: 2,641
جنس العضو: ذكر
أبو فهد 2008 is on a distinguished road
افتراضي

طبعاً هذا الموضوع يختلف عن السابق لأن هذا الموضوع تكملة للسابق وإضافة له

وأتنمى نقل الموضوع السابق إلى الأرشيف

أخوكم أبو فهد 2008

  #5  
قديم 2008-02-12, 06:56 PM
ابونوره6 ابونوره6 غير متواجد حالياً
عضو ذهبــي
 
تاريخ التسجيل: Dec 2007
الدولة: الرس
المشاركات: 1,096

ابونوره6 is on a distinguished road
افتراضي

الله يعطيك العافية

  #6  
قديم 2008-02-14, 11:56 PM
ذهول العاصفة ذهول العاصفة غير متواجد حالياً
عـضـو ذهـبـي
 
تاريخ التسجيل: Dec 2007
الدولة: المدينـه المنــوره
المشاركات: 5,201

ذهول العاصفة is on a distinguished road
افتراضي

بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
اللهم صل على محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
اخي الكريم
ابوفهد 2008
الله يعطيكــ العافية علىـ الطرحـ القيمـ باركــ الله فيكـــ
ان شاء الله تعالى ما يصير الا كل خير
حفظكــ البارئ من كل سوء

في انتظاركــ جديدكـــ الجميل
اتمنى لكــ التوفيق ولكــ مني
اطيب الاحترام والتقدير


!!!اخـــــــــوكـــــــــــ ذهـــــــــــول العاصفة ــــــــ!!!

لا اله الاانت سبحانك اني كنت من الظالمين

  #7  
قديم 2008-02-16, 03:05 PM
أبو فهد 2008 أبو فهد 2008 غير متواجد حالياً
عـضـو ذهـبـي
 
تاريخ التسجيل: Jun 2007
الدولة: التصميم / الأرصاد
المشاركات: 2,641
جنس العضو: ذكر
أبو فهد 2008 is on a distinguished road
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ابونوره6 مشاهدة المشاركة
الله يعطيك العافية
الله يعطيك العافية أخوي على المرور

اتحفنا مرورك ومشاركتك

سلام

  #8  
قديم 2008-02-16, 03:06 PM
أبو فهد 2008 أبو فهد 2008 غير متواجد حالياً
عـضـو ذهـبـي
 
تاريخ التسجيل: Jun 2007
الدولة: التصميم / الأرصاد
المشاركات: 2,641
جنس العضو: ذكر
أبو فهد 2008 is on a distinguished road
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ذهول العاصفة مشاهدة المشاركة
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
اللهم صل على محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
اخي الكريم
ابوفهد 2008
الله يعطيكــ العافية علىـ الطرحـ القيمـ باركــ الله فيكـــ
ان شاء الله تعالى ما يصير الا كل خير
حفظكــ البارئ من كل سوء

في انتظاركــ جديدكـــ الجميل
اتمنى لكــ التوفيق ولكــ مني
اطيب الاحترام والتقدير


!!!اخـــــــــوكـــــــــــ ذهـــــــــــول العاصفة ــــــــ!!!

لا اله الاانت سبحانك اني كنت من الظالمين
الله يعطيك العافية أخوي على المرور

اتحفنا مرورك ومشاركتك

سلام

  #9  
قديم 2008-02-18, 06:29 AM
عبدالهادي المفرج التميمي عبدالهادي المفرج التميمي غير متواجد حالياً
المدير التنفيذي لشبكة البراري
 
تاريخ التسجيل: Mar 2006
الدولة: تمير
المشاركات: 33,020
جنس العضو: ذكر
عبدالهادي المفرج التميمي is on a distinguished road
افتراضي

شي خيااااااالي
بس بصراااااحة صوور تخووف
وخصوصا البراكين الثمانية تحتاج زيااااااااااارة خااصة
مشكوووووووووووور



سلام

التوقيع:
  #10  
قديم 2008-02-18, 08:41 AM
الشاهين الشاهين غير متواجد حالياً
مراسل البراري في عفيـف
 
تاريخ التسجيل: Apr 2006
الدولة: عفيف
المشاركات: 5,756
جنس العضو: ذكر
الشاهين is on a distinguished road
افتراضي

موضوع مميز.
بارك الله فيك

موضوع مغلق


المتواجدين الآن بالموضوع : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

 


الساعة الآن 02:50 AM


Powered by vBulletin .
جميع الحقوق محفوظة © لشبكة ومنتديات البراري 2010