التعليمـــات |
التقويم |
![]() |
|
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
![]()
هذه القصيدة الوعظية الجميلة للإمام ابن حزم الأندلسي عليه رحمة الله تعالى : أعارتك دنيا مسترد معارها * غضارة عيش سوف يذوي اخضرارها وهل يتمنى المحكم الرأي عيشة * وقد حان من دهم المنايا مزارها وكيف تلذ العين هجعة ساعة * وقد طال فيما عاينته اعتبارها وكيف تقر النفس في دار نقلة * قد استيقنت أن ليس فيها قرارها وأتى له في الأرض خاطر فكرة * ولم تدر بعد الموت أين محارها أليس لها في السعي للفوز شاغل * أما في توفيها العذاب ازدجارها فخابت نفوس قادها لهو ساعة * إلى حر نار ليس يطفي أوارها لها سائق حاد حثيث مبادر * إلى غير ما أضحى إليه مدارها تراد لأمر وهي تطلب غيره * وتقصد وجهاً في سواه سفارها أمسرعة فيما يسوء قيامها * وقد أيقنت أن العذاب قصارها تعطل مفروضاً وتعني بفضلة * لقد شفها طغيانها واغترارها إلى ما لها منه البلاء سكونها * وعما لها منه النجاح نفارها وتعرض عن رب دعاها لرشدها * وتتبع دنيا جد عنها فرارها فيأيها المغرور بادر برجعة * فلله دار ليس تخمد نارها ولا تتخير فانياً دون خالد * دليل على محض العقول اختيارها أتعلم أن الحق فيما تركته * وتسلك سبلاً ليس يخفى عوارها وتترك بيضاء المناهج ضلة * لبهماء يؤذي الرجل فيها عثارها تسر بلهو معقب بندامة * إذا ما انقضى لا ينقضى مستثارها وتفنى الليالي والمسرات كلها * وتبقى تباعات الذنوب وعارها فهل أنت يا مغبون مستيقظ فقد * تبين من سر الخطوب استتارها فعجل إلى رضوان ربك واجتنب * نواهيه إذ قد تجلي منارها يجد مرور الدهر عنك بلاعب * وتغرى بدنيا ساء فيك سرارها فكم أمة قد غرها الدهر قبلنا * وهاتيك منها مقفرات ديارها تذكروا على ما قد مضى واعتبر به * فإن المذكي للعقول اعتبارها تحامى ذراها كل باغ وطالب * وكان ضماناً في الأعادي انتصارها توافت ببطن الأرض وانشت شملها * وعاد إلى ذي ملكه استعارها وكم راقد في غفلة عن منية * مشمرة في القصد وهو سعارها ومظلمة قد نالها متسلط * مدل بأيد عند ذي العرش ثارها أراك إذا حاولت دنياك ساعياً * على أنها باد إليك أزورارها وفي طاعة الرحمن يقعدك الونى * وتبدي أناة لا يصح اعتذارها تحاذر إخواناً ستفنى وتنقضي * وتنسى التي فرض عليك حذارها كأني أرى منك التبرم ظاهراً * مبيناً إذا الأقدار حل اضطرارها هناك يقول المرء من لي بأعصر * مضت كان ملكاً في يدي خيارها تنبه ليوم قد أظلك ورده * عصيب يوافي النفس فيها احتضارها تبرأ فيه منك كل مخالط * وآن من الآمال فيه انهيارها فأودعت في ظلماء ضنك مقرها * يلوح عليها للعيون إغبرارها تنادي فلا تدري المنادي مفرداً * وقد حط عن وجه الحياة خمارها تنادي إلى يوم شديد مفزع * وساعة حشر ليس يخفى اشتهارها إذا حشرت فيه الوحوش وجمعت * صحائفنا وإنثال فينا انتثارها وزينت الجنات فيه وأزلفت * وأذكى من نار الجحيم استعارها وكورت الشمس المنيرة بالضحى * وأسرع من زهر النجوم إنكدارها لقد جل أمر كان منه انتظامها * وقد حل أمر كان منه انتثارها وسيرت الأجبال والأرض بدلت * وقد عطلت من مالكيها عشارها فإما لدار ليس يفنى نعيمها * وإما لدار لا يفك إسارها بحضرة جبار رفيق معاقب * فتحصى المعاصي كبرها وصغارها ويندم يوم البعث جاني صغارها * وتهلك أهليها هناك كبارها ستغبط أجساد وتحيا نفوسها * إذا ما ستوى إسرارها وجهارها إذا حفهم عفو الإله وفضله * وأسكنهم داراً حلالاً عقارها سيلحقهم أهل الفسوق إذا استوى * بجلبة سبق طرفها وحمارها يفر بنو الدنيا بدنياهم التي * يظن على أهل الحظوظ اقتصارها هي الأم خير البر فيها عقوقها * وليس بغير البذل يحمى ذمارها فما نال منها الحظ إلا مهينها * وما الهلك إلا قربها واعتمارها تهافت فيها طامع بعد طامع * وقد بان للب الذكي اختبارها تطامن لغمر الحادثات ولا تكن * لها ذا اعتمار يجتنبك غمارها وإياك أن تغتر منها بما ترى * فقد صح في العقل الجلي عيارها رأيت ملوك الأرض يبغون هدة * ولذة نفس يستطاب اجترارها وخلوا طريق القصد في مبتغاتهم * لمتبعه الصفار جم صغارها وإن التي يبغون نهج بقية * مكين لطلاب الخلاص اختصارها هل العز إلا همة صح صونها * إذا صان همات الرجال انكسارها وهل رايح إلا امرؤ متوكل * قنوع غني النفس باد وقارها ويلقى ولاة الملك خوفاً وفكرة * تضيق بها ذرعاً ويفنى اصطبارها عياناً ترى هذا ولكن سكرة * أحاطت بنا ما إن يفيق خمارها قد برهن الباني على الأرض سقفها * وفي علمه معمورها وقفارها ومن يمسك الأجرام والأرض أمره * بلا عمد يبني عليه قرارها ومن قدر التدبير فيها بحكمة * فصح لديها ليلها ونهارها ومن فتق الأمواه في صفح وجهها * فمنها يغذي حبها وثمارها ومن صير الألوان في نور نبتها * فأشرق فيها وردها وبهارها فمنهن مخضر يروق بصيصه * ومنهن ما يغشى اللحاظ احمرارها ومن حفر الأنهار دون تكلف * فصار من الصم الصلاب انفجارها ومن رتب الشمس المنير أبيضاضها * غدوا ويبدو بالعشي اصفرارها ومن خلق الأفلاك فامند جريها * وأحكمها حتى استقام مدارها ومن إن ألمت بالعقول رزية * فلس إلى حي سواه افتقارها تجد كل هذا راجع نحو خالق * له ملكها منقادة وائتمارها أبان لنا الآيات في أنبيائه * فأمكن بعد العجز فيها اقتداها فأنطق أفواهاً بألفاظ حكمة * وما حلها إثغارها وأتغارها وأبرز من صم الحجارة ناقة * وأسمعهم في الحين منها حوارها ليوقن أقوام وتكفر عصبة * أتاها بأسباب الهلاك قدارها بوشق لموسى البحر دون تكلف * وبان من الأمواج فيه انحسارها وسلم من نار الأونوق خليله * فلم يؤذه إحراقها واعترارها ونجى من الطوفان نوحاً وقد هدت * به أمة أبدى الفسوق شرارها ومكن داوداً بأيد وابنه * فتعسيرها ملقى له وبدارها وذلل جبار البلاد لأمره * وعلم من طير السماء حوارها وفضل بالقرآن أمة أحمد * ومكن في أقصى البلاد مغارها وشق له بدر السماء وخصه * بآيات حق لا يخل معارها وأنقذنا من كفر أربابنا به * وكان على قطب الهلاك منارها فما بالنا لا نترك الجهل ويحنا * لنسلم من نار ترامى شرارها
|
|
|