التعليمـــات |
التقويم |
![]() |
|
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
![]()
بسم الله الرحمن الرحيم السلام عليكم ورحمة الله وبركاته الحمدلله تعالى رجاء المؤمنين، وعصمة الموحدين، والصلاة والسلام على النبي الرحمة، والسراج بعد العمى والظلمة، على آله وأصحابه زين الأمة.. وبعد: أخي: كم هذا الإنسان ضعيفاً.. واهن القوة! يؤلمه الجوع.. ويؤذيه الحر.. ويقرصه البرد.. ويضعفه المرض! إن شاكته شوكة تأوّه! وإن عثر بثوبه تطوح! ضعيف.. عاجز! أخي: كم مرة رأيت نار الدنيا؟! كم مرة أصابك لفحها ووهجها؟! كم مرة تألمت وقد أصابك شيء من حرها؟! فيا لله كم لنارنا هذه من وهج! وحرارة! يعرفه من ذاقه! أو من دنا منه! أخي المسلم: وأنت تبصر وهج نار الدنيا أما سألت نفسك يوماً: من أين خرجت هذه النار الحارقة؟! أخي: يا لشدة الخطب عندما تعلم أن نارنا هذه جزء من سبعين جزءاً؟! من تلك النار الحامية التي أعدها الله تعالى يوم القيامة لأعدائه وأشقياء سخطه! قال النبي صلى الله عليه وسلم: «ناركم هذه التي يوقد ابن آدم جزء من سبعين جزءاً من جهنم». ففزع الصحابة رضي الله عنهم ونزل بهم الخوف! فقالوا: والله إن كانت لكافية يا رسول الله! فقال: «فإنها فضلت عليها بتسعة وستين جزءاً كلها مثل حرها» أخي في الله! إنها النار! النار! فيا شدة يوم ترد فيه عليها! ويومها ناج أو مكردس فيها! ألا قلت أخي معي كما قال عبدالله بن رواحة رضي الله عنه يوم أن بكى وقال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ: {وَإِن مِّنكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا كَانَ عَلَى رَبِّكَ حَتْماً مَّقْضِيّاً} [مريم: 71] فلست أدري كيف لي بالصدر بعد الورود؟! فرضي الله عنك يا ابن رواحة، فأنتم الذين شهد لكم النبي صلى الله عليه وسلم بالجنة، وتبوأتم منها منزلاً. ولكن! قل لي أخي كيف بنا نحن؟! كيف بمن غدا وراح! وضحك! ومرح! وهو لا يدري أين مقعده؟! في الجنان؟! أم في النيران؟! أعاذني الله وإياك من النار.. وعافاني الله وإياك من مساخطه وأسباب غضبه. أخي المسلم: إنها النار! أعظم من أن يصفها واصف! وأشد من أن يطيقها مخلوق! جاء رجل إلى ابن مسعود رضي الله عنه فقال له: حدثنا عن النار كيف هي؟! فقال ابن مسعود رضي الله عنه: لو رأيتها لزال قلبك من مكانه! إنها النار! النار! كم أفزعت من قلوب.. وكم أسالت من دموع سكوب.. وكم طردت النوم عن جفون الصالحين.. وكم تفطرت لذكرها قلوب المخبتين.. وكم تردد في ظلمات الليل لذكرها أنين الصادقين.. أخي: إنها النار! لما خلقت طارت من هولها قلوب الملائكة المقربون! واستحوش لمكانها أهل السماوات والأعلون! عن محمد بن المنكدر رحمه الله: "لما خلقت النار فزعت الملائكة حتى طارت أفئدتها! فلما خلق الله آدم سكن ذلك عنهم وذهب ما كانوا يجدون!" أخي: إنها النار! النار! لا يغفل عنها إلا جاهل! ولا يأمن شرورها وهولها إلا غافل! قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «فلما خلق الله النار، قال: يا جبريل اذهب فانظر إليها، فذهب فنظر إليها، ثم جاء فقال: أي ربِّ وعزتك لا يسمع بها أحد فيدخلها! فحفها بالشهوات! ثم قال: يا جبريل اذهب فانظر إليها، فذهب فنظر إليها ثم جاء فقال: أي ربِّ وعزتك لقد خشيت أن لا يبقى أحد إلا دخلها!» أخي: يا لشدة يوم! ويا للكرب! يوم يؤتى فيه بجهنم لها زفير وشهيق، قال نبينا الصادق صلى الله عليه وسلم: «يؤتى فيه بجهنم يومئذ لها سبعون ألف زمام! مع كل زمام سبعون ألف ملك يجرونها!» أخي: لها سبعون ألف زمام! لا يعلم مقدارها وعظمها إلا الله تعالى.. ويجرها سبعون ألف ملك! لا يعلم عظم الواحد منهم إلا الذي خلقهم تبارك وتعالى: {وَمَا يَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ إِلَّا هُوَ} [المدثر: 31] قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «يؤتى بأنعم أهل الدنيا من أهل النار يوم القيامة فيصبغ (يغمس) في النار صبغة! ثم يقال: يا ابن آدم هل رأيت خيراً قط؟! هل مر بك نعيم قط؟! فيقول: لا والله يارب! ويؤتى بأشد الناس بؤساً في الدنيا من أهل الجنة فيصبغ صبغة في الجنة! فيقال له: يا ابن آدم هل رأيت بؤساً قط؟! هل مر بك شدة قط؟! فيقول: لا والله يارب ما مر بي بؤس قط! ولا رأيت شدة قط» أخي المسلم: أي شيء أصف لك من النار؟! أم عن أي شدائدها أخبرك؟! عن حرها؟! أم عن شدتها؟! أم عن بعد قعرها؟! أم عن سعتها؟! أم عن لهيبها؟! أم عن شررها؟! أم عن أوديتها الحامية؟! أم عن أغلالها وأنكالها؟! أم عن طعام أهلها؟! وشرابهم؟! وثيابهم؟! فيا لشناعته وقبحه!! أم أخبرك عن كلابها؟! وعقاربها؟! وحياتها؟! وما أعده الله تعالى فيها من ألوان العذاب! وعجائب التنكيل؟! فكم في ذلك أخي من كروب! وعظائم مهما وصفت فهي أفظع من ذلك!! أخي: أما حرها فيا لله! كم هو فظيع شديد! لاي يطيقه الحديد! ولا تثثبت له الصخور الجلاميد! قال الله تعالى: {وَمَا أَدْرَاكَ مَا سَقَرُ لَا تُبْقِي وَلَا تَذَرُ لَوَّاحَةٌ لِّلْبَشَرِ} [المدثر: 27-29] ألا ترى أخي أن الله تعالى وصف ناره بأنها: {لَا تُبْقِي وَلَا تَذَرُ} [المدثر: 28] قال الضحاك: "تنزع الجلد واللحم عن العظم" أخي في الله: يالها من نار! سعرت حتى فاقت الوصف! فيا لحرارتها! ويا لشدة زمهريرها! قال ابن مسعود رضي الله عنه: "سعرت ألف سنة حتى ابيضت ثم ألف سنة حتى احمرت ثم ألف سنة حتى اسودت فهي سوداء مظلمة". أخي: يا لهول يوم قال الله فيه: {كَلَّا لَيُنبَذَنَّ فِي الْحُطَمَةِ وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْحُطَمَةُ نَارُ اللَّهِ الْمُوقَدَةُ الَّتِي تَطَّلِعُ عَلَى الْأَفْئِدَةِ} [الهمزة: 4-7] قرأ ثابت البناني رحمه الله هذه الآيات فقال: "تحرقهم النار إلى الأفئدة وهم أحياء! لقد بلغ منهم العذاب!" ثم بكى رحمه الله".
|
|
|