حقيقة المرأة بين الإسلام والجاهلية
=========================================
خباب بن مروان الحمد
==================================
الحمد لله الذي أكرم المرأة المسلمة كل الإكرام، وأسبغ عليها نعمة الإيمان والإسلام، وصانها بالستر والعفة والاحتشام. وأصلي وأسلم على محمد المبعوث رحمة للأنام.
وبعد: فقد خلق الله هذا الكون البشري من ذكر وأنثى، وجعله شعوباً للتعارف. وحياة المرأة بلا زوج، وحياة الرجل بلا زوجة.. حياة نكد وشقاء ووحشة وضياع،.. فسعادة كل واحد منهما (بعد تقوى الله عز وجل) بوجود الآخر بجانبه، قال تعالى: (( وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ )) [الروم/21] .
لقد جاء الإسلام بتهذيب النفوس والأخلاق، وأول شيء تُهذَّب به النفس ويرتاح به الخاطر ويطمئن به القلب : عبادة الله وحده لا شريك له، وإخلاص هذه العبادة له مع متابعة الرسول محمد عليه الصلاة والسلام.
ومن الأمور التي هذَّب الإسلام بها الناس: تقويمه لنظرة المرأة عند الناس وتبيين منزلتها اللائقة بها، وجعلها مكافئة للرجل في كثير من شؤون حياته، إلا ما خصَّ الله عزّ وجل به الرجل، أو خصَّ به المرأة على حدِّ سواء.
وقد حرَّر الإسلام المرأة من أغلال الجاهلية، ورفع من شأنها وأكرمها بالقرآن والسنة، وجعلها في كثير من الآيات مثلاً يقتدى وسيرة تحتذى.
*المرأة في الحضارات والأديان السابقة
ولننظر إلى حال الجاهليات القديمة والحديثة وكيف ينظرون إلى المرأة، هل هي نظرة احترام وتقدير أم نظرة اشمئزاز واحتقار؟ فنقلب شيئاً من صفحات الأمم السابقة لنرى كيف هو كلامهم عن المرأة، وكيف أنَّهم يجردون هذه المرأة من جميع حقوقها الإنسانية :
*المرأة عند الإغريق
قال سقراط : ( إنَّ وجود المرأة هو أكبر منشأ ومصدر للأزمة والانهيار في العالم، إنَّ المرأة تشبه شجرة مسمومة حيث يكون ظاهرها جميلاً، ولكن عندما تأكل منها العصافير تموت حالاً ) .
ولذا فقد كانت المرأة عندهم حقيرة مهينة، حتى إنَّهم ليعدونها رجساً من عمل الشيطان، وكانت عندهم كسقط المتاع فتباع وتشترى في الأسواق .
* المرأة عند الرومان
كان شعارهم فيما يتعلق بالمرأة : ( إن قيدها لا يُنزع، ونيرها لا يُخلع) ..
ومن عجيب ما ذكرته بعض المصادر ـ وهو ممَّا لا يكاد يُصدَّق ـ أنَّ "مما لاقته المرأة في العصور الرومانية ـ تحت شعارهم المعروف: ( ليس للمرأة روح) ـ تعذيبها بسكب الزيت الحار على بدنها، وربطها بالأعمدة، بل كانوا يربطون البريئات بذيول الخيول، ويسرعون بها إلى أقصى سرعة حتى تموت" (1)
* المرأة عند الصينيين
شبهت المرأة عندهم بالمياه المؤلمة التي تغسل السعادة والمال، وللصيني الحق في أن يبيع زوجته كالجارية، وإذا ترمَّلت المرأة الصينية أصبح لأهل الزوج الحق فيها كثروة تورث، وللصيني الحق في أن يدفن زوجته حية!
* المرأة عند الهنود
في شرائع الهندوس : ( ليس الصبر المقدر، والريح، والموت، والجحيم، والسم والأفاعي، والنار، أسوأ من المرأة ) .
وذكـر الدكتور "مصطفى السباعـي ( في كتابـه "المرأة بين الفقـه والقانون) (2)
أنَّ المرأة لم يكن لها حق في الحياة بعد وفاة زوجها، بل يجب أن تموت يوم موت زوجها، وأن تحرق معه وهي حية على موقد واحد، واستمرت هذه العادة حتى القرن السابع عشر حيث أبطلت على كرهٍ من رجال الدين اليهود، وكانت تقدم قرباناً للآلهة لترضى، أو تأمر بالمطر أو الرزق، وفي بعض مناطق الهند القديمة شجرة يجب أن يقدم لها أهل المنطقة فتاة تأكلها كل سنة؟!".
* المرأة عند الفرس
أُبيح الزواج بالأمهات والأخوات والعمات والخالات وبنات الأخ وبنات الأخت، وكانت تُنفى الأنثى في فترة الطمث إلى مكان بعيد خارج المدينة، ولا يجوز لأحد مخالطتها إلا الخدام الذين يقدمون لها الطعام، وفضلاً عن هذا كله فقد كانت المرأة الفارسية تحت سلطة الرجل المطلقة، يحق له أن يحكم عليها بالموت، أو ينعم عليها بالحياة (3).
* المرأة عند اليهود
روى مسلم في صحيحه ( في باب جواز غسل الحائض رأس زوجها) عن أنس ابن مالك رضي الله عنه: (( أن اليهود كانوا إذا حاضت المرأة فيهم لم يؤاكلوها، ولم يجامعوها في البيوت، فسال الصحابة – رضي الله عنهم-النبيe ؛ فأنزل الله : (( ويسألونك عن المحيض )) ... الحديث.
وعند اليهود في ديانتهم المحرفة : ( إن المرأة في المحيض نجسة تحبس في البيت، وكل ما يفعله الرجل من أعمال لا أخلاقية قائمة على المرأة) .
كما كان ينظر إليها على أنَّها في مرتبة الخدمة، ولأبيها الحق في بيعها، واعتبروها لعنة؛ لأنَّها سبب خروج آدم من الجنة عندما أغوته بزعمهم .
* المرأة عند الفرنسيون
عقد الفرنسيون في عام 586م مؤتمراً للبحث: هل تعد المرأة إنساناً أم غير إنسان؟! وهل لها روح أم ليست لها روح؟ وإذا كانت لها روح فهل هي روح حيوانية أم روح إنسانية؟ وإذا كانت روحاً إنسانية فهل هي على مستوى روح الرجل أم أدنى منها؟ وأخيراً" قرروا أنَّها إنسان، ولكنها خلقت لخدمة الرجل فحسب".
ومن أساسيات النصرانية المحرفة : التنفير من المرأة وإن كانت زوجة، واحتقار الصلة الزوجية وترذيلها وإن كانت حلالاً، حتى بالنسبة لغير الرهبان، بقول أحد رجال الكنيسة (بونافتور) الملقب بالقديس: ( إذا رأيتم امرأة، فلا تحسبوا أنَّكم ترون كائناً بشرياً، بل ولا كائناً وحشياً، وإنَّما الذي ترون هو الشيطان بذاته، والذي تسمعون به هو صغير الثعبان).
وأصدر البرلمان الإنكليزي قراراً في عصر هنري الثامن ملك إنكلترا يحظر على المرأة أن تقرأ كتاب (العهد الجديد) أي الإنجيل(المحرف)؛ لأنَّها تعتبر نجسة!
وقد ذكر الشيخ "محمد رشيد رضا" ـ رحمه الله ـ في كتابه "حقوق النساء في الإسلام" (4) : ( من الغرائب التي نقلت عن بعض صحف إنكلترا في هذه الأيام أنه لا يزال يوجد في بلاد الأرياف الإنكليزية رجال يبيعون نساءهم بثمن بخس جداً كثلاثين شلنا،ً وقد ذكرت أسماء بعضهم ) اهـ .
ويذكر الشيخ "مازن الفريح" (5) قصة وقعت في مدينة "لستر"
(( بوسط انجلترا حيث تسكن امرأة عجوز بمفردها في بيت مستقل، قال: "وهذا شيء عادي، بل رأيته أنا بنفسي، تجلس المرأة بكرسيها وتستأجر غرفة وملحقاً به دورة مياه وتجلس من العصر حتى المغرب وتشكو من الوحدة . والمهم أنَّ هذه العجوز تسكن بمفردها وهي مغرمة بتربية القطط، وقد ذهب عنها الآباء، والزوج استمتع بها في شبابها ثم تركها إلى غيرها، فلما أصبحت عجوزاً تخلى عنها الكل فلم تجد إلا القطط، فاتخذت لها نحواً من عشر قطط تعطف عليها وتقدم لها بعض الطعام، وعلى عادة باعة الحليب هناك ببريطانيا يمرون الصباح وتشترك هذه العجوز باشتراك، فيأتي بائع الحليب ويضع الحليب في زجاجات عند باب البيت ولا يطرقه حتى لا يزعجها ويزعج الناس عندها، وعندما يمر في اليوم التالي إذا وجد زجاجات الحليب في مكانها عَلمَ أن أصحاب البيت قد غادروه أو أنَّ حادثاً قد وقع وهذا هو الغالب، وهو ما حدث لهذه العجوز، فبعد عدة أيام من تجمع الزجاجات عند باب البيت، اتصل بائع الحليب بالشرطة، وعندما جاءت الشرطة وفتحوا الباب وجدوها ميتة ووجدوا أن قططها العشر قد أكلت أطرافها وأنفها وأذنيها، ثم حققت الشرطة في هوية هذه العجوز فوجدت أنَّ ابن هذه العجوز يسكن في نفس الشارع الذي تسكن به أمه وحدها، وعلى مسيرة بضع دقائق فقط، ولما سألوه: منذ متى لم تشاهد أمك؟ فقال منذ خمسـة أشـهر )) ! اهـ.
فنعوذ بالله من هذه الحال، ولنتأمل في معاملة هذا الشاب لأمه في ذلك المجتمع الآسن الكدر النكد، ولا عجب في ذلك، فعندما تفسد العقيدة تضيع الروح.
وقصة أخرى ذكرها الشيخ "علي الطنطاوي" ـ رحمه الله ـ حيث قال : ( رأيت في "بروكسل" عند ملتقى طريقين، وقد فُتح الطريق للمارة، عجوزاً لا تحملها ساقها، تضطرب من الكبر أعضاؤها، تريد أن تجتاز والسيارات من حولها تكاد "تدعسها " ولا يمسك أحد بيدها، فقلت لمن كان معي من الشباب: ليذهب أحدكم فليساعدها، وكان معنا الصديق الأستاذ "نديم ظبيان"، وهو مقيم في بروكسل منذ أكثر من أربعين سنة، فقال لي: أتدري أنَّ هذه العجوز جميلة البلد، وفتنة الناس، وكان الرجال يلقون بقلوبهم وما في جيوبهم على قدميها ليفوزوا بنظرة أو لمسة منها؟! فلما ذهب شبابها وزوى جمالها، لم تعد تجد من يمسك بيدها!!) (6).
إنه الجحيم الذي تعيشه النساء هناك في الغرب؟! فصدق من قال عن الغرب: إنَّه نافذة تطل على الجحيم!
هذه مجه من لُجج الحضارة الغربية التي يراد بالمرأة المسلمة أن تحذو حذوها ، كي تصبح متغربة متقدمة، في عصر حضارة القرن العشرين!
إيه عصر العشرين ظنوك عصراً *** نير الوجه مسعد الإنسـان
لست نوراً بـل أنت نارٌ وظلـم *** مذ جعلت الإنسان كالحيوان
--------------------------------------------------------------------------------
موضوعُ المرأةِ شغلَ بالُ الإنسانية قديماً وحديثاً، وقد جاءَ الإسلامُ بالفصل فيه ووضعَ له الحل الكافي والدواءَ الشافي، لأنَّ أهلَّ الشرِّ اتخذوا من هذا الموضوع منطلقاً للتضليل والخداع عند من لا يعرفُ وضعَ المرأةِ في الجاهلية ووضعها في الإسلام .
فقد كانتِ المرأةُ في الجاهلية، تُعد من سقطِ المتاع لا يُقامُ لها وزن،
فقد قال عمر بن الخطاب- رضي الله عنه-: (( والله إنَّ كنَّا في الجاهلية ما نعدُّ للنساء أمراً حتى أنزل الله فيهنَّ ما أنزل، وقسَّم لهن ما قسم )) .
ولم يكن لها حقُ الإرث، وكانوا يقولون في ذلك: (( لا يرثنا إلا من يحملُ السيف، ويحمي البيضة، وهو الرجل)) . فإذا مات الرجلُ ورثهُ ابنهُ، فإن لم يكن فأقربُ من وُجد من أوليائِه أباً كان أو أخاً أو عمّاً، على حين يُضم بناتهُ ونساؤهُ إلى بنات الوارث ونسائه، فيكونُ لهنَّ ما لهن، وعليهنَّ ما عليهن.
فعن ابن عباس- رضي الله عنهما- قال:"كانوا في الجاهلية يُكرهون إماءَهم على الزنا، ويأخذون أجورهنَّ"ونحنُ نعلمُ رُدود فعلهم حينما يُبشرُ أحدهم بأنثى قال تعالى: (( وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِالْأُنْثَى ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدّاً وَهُوَ كَظِيمٌ * يَتَوَارَى مِنَ الْقَوْمِ مِنْ سُوءِ مَا بُشِّرَ بِهِ أَيُمْسِكُهُ عَلَى هُونٍ أَمْ يَدُسُّهُ فِي التُّرَابِ أَلا سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ)) [النحل:59،58].
وكان بعضُ أهلِّ الجاهلية لا يرون القصاصَ من الرجل إذا قتل المرأة، ويعفونهُ من الدية أيضاً، وكانوا أيضاً يُجبرون بناتهم على التزوجِ ممن يكرهنَ، فجاءَ الإسلامُ مثبتاً لهُنَّ كمالَ الحرية، فلا تُجبر البالغة على الزواج، بل الأمرُ منوطٌ بها، وبمحض رغبتها وإرادتها.
وكانت المرأةُ في الجاهليةِ تُمْلكُ ولا تملك، ولزوجها حقَّ التصرفِ بمالها إن ملك مالها بدون إذنها.
فهكذا كانت معاملةُ المرأةِ عند أهلِّ الكُفر باختلافِ طُرقهم ومللهم؟ وكما قيل:
فسل ذا خبرةٍ يُنبيكَ عنهُ لتعلمَ كم خبايا في الزوايا