عرض مشاركة واحدة
  #3  
قديم 2010-12-09, 02:09 PM
الصورة الرمزية وائل الدغفق
وائل الدغفق وائل الدغفق غير متواجد حالياً
رحـــالة عــالـمــي متـمـيـــــز
 
تاريخ التسجيل: Nov 2010
الدولة: الخبر
المشاركات: 109
جنس العضو: ذكر
وائل الدغفق is on a distinguished road
Thumbs up

قواعد اسمنتية بدون لوحة هيئة السياحة ؟
قبل وصولنا للجبل الأبيض كانت الهيئة العامة للسياحة قد بذلت مجهودا غير محسوب بوضع لافته من الحديد وبقواعد من الاسمنت تشير إلى الجبل الأبيض ولكن لعدم وجود حارس بالمنطقة ولعدم المتابعة فقد وجدنا القواعد دون اللوحة وهذا جزء من الأعمال الغير محسوبة والتي فيها هدر للأموال وكان من المفترض أن تكون هذه المواقع المهمة سياحيا كالجبل الأبيض والقدر وكهف ام الجرسان من المناطق المهمة حيث يندر وجود مثلها بالشرق الأوسط قاطبة ووجود حرّاس وأدلاء وتعريف بالمكان ينبغي أن يكون أكثر اهتمام من قبل الهيئة والتي أظن أنها أصبحت وزارة ولكن لعل في زياراتنا ونصحنا يكون التغيير للأحسن إن شاء الله تعالى .

زيارة لجبل العاقر وقاع الفرسان وجبل الصُّنفُرة.
بين الجبل الأبيض والبيضاء وبالتحديد جنوباً منهما يوجد جبل العاقر وهو من اسمه دليل على وصفه فهو صعب المنال وعلو السفوح وشموخها يجعل من رقيه مستحيلا إلا من المتسلقين المتخصصين ويعتبر من الجبال المميزة بالمنطقة نظراً لشكله الغريب عن بقية الجبال بالمنطقة .








صورة بانورامية من أخونا رسلان لحلية المنسف


وبين جبل البيضاء والعاقر توجد قاع فسيحة (أرض مستوية وبيضاء) ولعدم وقوفي على أسم لها فسميتها قاع الفرسان نظرا للميدان الذي أنشئ وسطها ،وهي مستوية السطح وبتربة طينية بيضاء نظراً للترسبات المتتالية للسيول وقد أقيم فيها خطين من الحجارة المنتظمة وقد يكون إنشائها لمعتقدات معينة كالمنشآت الحجرية التي تكثر بالمنطقة ،وأما ما يقال أنها كانت ميدان للفروسية فهي مقولة يتناقلها أهل المنطقة قديماً والله اعلم .






صورة من فوق جبل البيضاء تجمع للمعالم الكبيرة جنوباً منها جبل العاقر الكبير وقاع الفرسان وحلية المنسف البعيدة قليلا..









قاع الفرسان صورة مستعارة من أخونا رسلان لعدم تمكني من تصويرها


ومن القاع الفسيحة توجهنا للشمال حيث جبل البيضاء وهو الأصغر في الارتفاع والأكبر فوهة بالمنطقة من ناحية بياضه وحدوده الواضحة وسهولة ارتقائه ويوجد درب للسيارات في ناحية الغرب الجنوبي منه ولكنها صعبة الرقي نظراً لهشاشة الأرض البيضاء التي هي حجارة البركان الأبيض والخفيف نظراً للتبخر السريع للغازات حين انفجار البركان في بداياته مما تسبب في مسامية الحجارة الخارجة وهشاشتها .







صورة للفوهة الأكبر بحرة خيبر للجبل البركاني المسمى البيضاء ذو الصخور البيضاء الغريبة والنادرة للسواد الأعظم بالحرّة ..


صعدنا الحافة لهذا الجبل واكتشفنا كم هي رائعة تلك الفوهة باستدارتها المتناسقة وحوض الفوهة المحتوي على جبلين صغيرين وسط الفوهة تماماً فجبل البيضاء يرتفع عن سطح البحر بارتفاع 1830-1880م تقريباً وأما قاع الفوهة الوسيعة فارتفاعها عن سطح البحر 1795 متر … وأما اتساع الفوهة –القطر- 1300 متر، ويوجد مثيلات لها ولكن بأقل حجم إلى الجنوب منهاوبعد الانتهاء منه رجعنا من نفس الطريق وباستدارة إلى الغرب ومن عند جنوب جبل الصُّنفُرة اتخذنا الانحدار وبداية تكوين وادي الجول المتجه غرباً ومن أحد تفرعاته كان مبيتنا لانبساط أرضه .







تشكيلات من الجروف الصخرية والتي تنفع لاستخدامها ملاذاً وقت الأمطار والرياح


المبيت في منابع وادي الجول
جميل أن يكون مبيتنا ي بداية وادي الجول حيث أرضه لينة سهلة ووجود أشجار الطلح والسمر لنتخذ من أغصانها اليابسة ناراً ويكون ملاذاً لنا في وسط هذه الحرار السوداء الوعرة ولوادي الجول مساراً طويلا يبدأ من هنا ومن غرب جبل البيضاء وجبل الصنفرة لينتهي بمدينة خيبر ويتفرع عند ذلك لوديان أخرى كوادي خيبر .







ليس هناك اجمل من وقت الغروب حيث الألوان المتدرجة للأفق ..


جلسنا عند المغرب وبسطنا فرشنا على شكل دائرة ووسطها أشعلنا النار من حطب الطلح اليابسة في هذا الوادي ووضعنا المعاميل من شاي وقهوة وشاي اخضر وشاي بنبتة العثمور الموجودة في شغايا الجبال هنا وثم أبتدات حرب الأعداد للعشاء والحمد لله كان اليوم لنا نصيب في الحصة بعد أن تم الاتفاق على قدرين للطبخ قدر الأخ حمد الواصل وقد جهز قدر الضغط لأعداد المطازيز وقدري أنا والذي تم أعداده لطبخ برياني بلحم الحاشي بالطريقة الخليجية وتم التقطيع للخضرة وغسيل اللحوم واشتدت صافرات البخار من قدور الضغط كلٌ تقول لأختها أنا لها، وفي خضم تلك المنافسة اللذيذة وانتظار وقت الطعام بعد يوم مضني تم فيه ارتقاء الجبال والمسير لساعات في منحدرات ومرتفعات لجبال البيضاء والقدر فقد حانت الساعة للراحة والتلذذ بقدورنا وبما انعم الله علينا من واسع فضله ، وخلال وقت الإعداد للطعام توضأنا وصلينا المغرب والعشاء جمع تقديم وثم تحولقنا حول النار في جلسة تسامر وارتشاف القهوة والشاي تحت نور القمر الذي أنار المكان باشعاعة الوضّاح وصفاء الجو الممتع ، وفي الوقت المناسب حين توقفت صافرات قدور الضغط عن النفخ عندها دقت الساعة لوضع كل قدر بصحنه المناسب فكانت الصحون وقد امتلأت بأنعم الله الطيبة استطابتها النفس بما أمدها رب العزة بالصحة والعافية ولله الحمد والمنة وبدأت الأيادي بعد البسملة ويمين كل فرد تحوز على ما لذ من المطازيز اللذيذة والتي اعتلاها قطع من القرع البرتقالية الحلوة الحامضة وبشيء من البرياني أيضاً ولكن لم تكن الكمية محسوبة فقد زاد الطعام زيادة كبيرة من المطازيز والبرياني فما كان منّا إلا أن وضعناه بالقدور ليكون لنا زاداً من الغد وعندها أكملنا ليلتنا بالمسامرة وما أمتعنا به الأخ أبو عبد الرحمن الغفيلي بجهازه اللابتوب والذي يحوي على العديد من الأفلام الرائعة من صور الرحلات والغرائب مما يحمله النت والذي حفظه ليعرضه في مثل هذه الأوقات .
انزوينا في نهاية السمرة كل في فراشه في ليلة رائعة بردها جميل ونوم عميق لم يقطعه إلا أذان الفجر من الإخوة بارك الله فيهم .







من هنا بدا تكوين وبداية لوادي الجول والنازل من منطقة جبل البيضاء ..


الانطلاق نحو كهف ام جرسان
في يوم جميل وبعد أداء صلاة الفجر في ذالك الشعيب المسمى الجول وبعد القهوة الصباحية تم إعداد وجبة الفطور من كبدة وبيض ونواشف لننطلق بعدها في إكمال رحلتنا لأكبر كهف بمنطقة الشرق الأوسط وهو كهف ام جرسان وكان يبعد مسافة 12 كيلومتر انطلقنا من الوادي لنعبر حرّات وقيعان وشعبان متعددة حتى وصلنا لمبتغانا في منطقة منبسطة لا يرى فيها أي أثر لعلامة تدل على كهوف أو جبال فقد كانت منطقة كهف أبا الجرسان عبارة عن خسف في الأرض والخسف هذا ليس لبداية الكهف إنما هو لمنتصف الكهف نظرا لسماكة السقف المنهار والكهف بطوله الذي يتعدى الكيلومتر والنصف وعند وصولنا له كان دخولنا من جهة الخسف المتوسطة لهذا الكهف الكبير .
وصف كهف ام جرسان
إن كهف ام جرسان هو أكبر كهف ومغارة بالشرق الأوسط ويأتي بعدها بالترتيب مغارة ام الرحان في السويداء وكان فريق من النادي اللبناني لأكتشاف المغارات والكهوف قد وضع خرائط لمغارة ام الرمان البركانية في السويداء في سوريا ، وقد تمكن من سبر مسافات جديدة في المغارة وصولاً إلى مسافة 1615 متراً بحيث أصبحت أكبر مغارة بركانية مكتشفة في الشرق الأوسط بعد مغارة ام جرسان في المملكة العربية السعودية. ووبهذا يصبح كهفنا أم جرسان قد أحتل المركز الاول ، وهو يعتبر واحد من عشرات الكهوف المماثلة ولو انه الأكبر حتى الآن والكهوف هنا في حرة خيبر والتي تسمى في منطوق أهل المنطقة الخفوس وهي فعلا خسف لأحد الأسقف للمجاري البركانية التي تجري في أزمان البراكين وجريانها فكونت تلك الفوهات السطحية والمجاري تحت قشرة اللابة البركانية فكونت مغارات تتسع في بعض الأماكن وتضيق في أخرى حسب نوعية الصخور وكمية التدفق لللابة البركانية .






مقطع عرضي لكهف أم جرسان من تصميمي وبالتقدير الشخصي







مقطع رأسي للكهف وأيضا من تقديري الشخصي وحسب زيارتي


وفي كهفنا هذا وجدت بداية الكهف من جهة الجنوب عبارة عن شعيب ومجرى مفتوح ثم يبدأ في النزول أسفل سطح قشرة اللابة البركانية القاسية لينحدر فيكوّن تجويف يتسع ليكون مدخل الكهف الرئيسي من ناحية الجنوب وثم يبدأ في التعمق والتوسع ليصل ارتفاعه في بعض الأحيان إلى نحو 20 متراً وبعرض يصل إلى 30 مترا تقريباً وقاع الكهف تكونت بفعل ترسبات طينية لمسيل المياه التي تدخل إلى هذا الكهف ولكن بكمية قليلة حسب ما رأيت من حدود منسوب المياه داخل هذا الكهف ، ولمسافة الكيلومتر تقريباً من دخولنا الفتحة الجنوبية الصغيرة نسبيا لحجم الفتحة الكبيرة والتي يسد مدخلها شجرة الحماط (التين البري) وهي لا تعتبر مدخل للكهف وإنما خفس السقف فهيا للرائي أنها مدخل ولكنها تعتبر وسط الكهف وامتداد لطوله الذي يستمر لمسافة أخرى عبر تجويف بعد هذه الفتحة وعبور شجرة الحماط لتنفتح القبة بفعل انهيار واضح للسقف وتواجد الصخور وثم يبدأ الكهف بالانحدار بعد هذا الانهيار لينزل تحت الأرض ونواصل عبره لكهف ام جرسان نفسه ولمسافة تقريبا 600 متر تقريبا لنصل نهاية الكهف من الشمال لمجموعة عظيمة من مخلفات الحيوانات المفترسة من عظام الجمال والحمير والوعول والغزلان وكمية من الروث متجمعة في نهاية الكهف وتجاويفه التي لم تنتهي هنا ولكن لصعوبة الوصول إليها فقد توقفنا واكتفينا بهذا القدر .






استعداد من الاخوة الواصل والدلقان والخليوي والحبيب يناظر عملية ربط الكشافات ببطارية السيارة التي ستحمل من على حقيبة الظهر والتي سيحملها الدلقان عافاه الله ومن خلالها ستكون الرؤية أوضح خاصة أن كل كشاف ذو مليون شمعة وهي كافية لنا لسبر أغواره متوكلين بالله على ذلك ...








بداية النزول من فتحة الخفس التي تقع بمنتصف كهف أم جرسان والتي يتفرع منها فتحتين شمالية وتنتهي بسد والجنوبية وتنتهي بفتحة أخرى ..









الفتحة الشمالية لبقية كهف أم جرسان والتي تنتهي بسد ويرى مدى حجم الفتحة مقارنة بتواجدي على حافتها وأيضاً حجم السيارة ..









لن يكون تصور لحجم الفتحة وعظمها إلا بالنظر تباعاً للصور الثلاث جميعاً لترى حجم الشباب في وسط الكهف مقارنة بالفتحة..









وهنا صورة مقربة لترى بياض ثوب الخليوي وسط الفتحة ..وانظر الصورة الأخرى .







وهنا أصبح المنظر واضحاً لحجم الشباب مقارنة بحجم الفتحة ..









وصورة أخرى من داخل الكهف لخارجه وتكبير لصورة الأخ صالح العليان وهو جالس على أحد أطراف الفتحة ..









وتتكرر الصور التوضيحية لحجم الفتحة الكبيرة والتي أستحق كهف أم جرسان لقب أكبر الكهوف بالمنطقة العربية والشرق الأوسط ..









في وسط الظلام ولتعديل أحمال البطارية الثقيلة التي كفانا عناء حملها الأخ أبو أنس يوسف الدلقان ويساعده حمد الواصل بتعديلها وربطها وينير له سليمان الخليوي..









مجاميع من العظام الحيوانية وبقايا المفترسات وقد تكومت في أحد زوايا الكهف وهي نتيجة المفترسات التي حملتها هنا وليس كما يقال أنها نتيجة السيول فالسيول إن أتت جلبت معها كل شيء وليس العظام من دون جذوع الأشجار وما تحمله السيول عادة .









كميات مهولة من العظام لسنوات كثيرة تراكمت لتشكل تاريخ المنطقة فالعظام التي رأيت لحيوانات أعرف بعضها كالجمال والحمير والماعز والغزلان والوعول وذلك لمعرفتي بقرونها وشيء من بقايا أظلافها وحوافرها وبعض من بقايا فك وعظام الأفخاذ وهناك الكثير من العظام غير المعروفة لعل أهل علم الحيوان يخبروننا بعلمها ..







ومدخل آخر للكهف وتتكرر العظمة بخلق الله في حجم هذا التكوين الطبيعي فسبحان من صوره .











صورة فريدة تجمعني مع الاخ صالح الغفيلي مستكشف الكهف وصاحب الفضل بعد الله لنشره لمحبين الطبيعة ولهيئة السياحة والمساحة والتي نكرت فضله ونسبت الأمر لغير أهله ..











الطين المقبب والذي تكون في ظلام دامس بعيداً عن أشعة الشمس فصار بهذا الشكل الغريب..











فتحة الكهف من جهة الخفس ويرى شجرة الحماط – التين البري- في مدخلها ..











صورة مقربة للتكوين الطيني المقبب في أرضة الكهف ..











صورة جماعية للفريق ولكن للأسف لم تكن واضحة وأظن أن صالح العليان لديه صورة أجمل من هذه لعله يتحفنا بها ..











قبب من الطين المتجمع في قاع الكهف ...











ويستمر المسير وسط أعجوبة طبيعية فريدة في تشكيلها وجميلة في تكوينها فسبحان الله ولا اله إلا الله ...











الفتحة الصغيرة في نهاية الكهف من الجهة الجنوبية الغربية ..











في نهاية الكهف وبدايته وجدت تجمعات ذات شكل غرف بنيت في أوقات قديمة تظهر بعض المستوطنات البشرية استغلالً لحماية الكهف لهم وبقايا أحجار كانت مرصوفة لتلك الغرف ...











تكملة من الجهة الجنوبية الغربية للكهف ولكنها ضيقة ولعلها سدت بكميات من الطمي نتيجة السيول المتعاقبة على الكهف ..











بداية التكوين للكهف من جهة الجنوب الشرقي ولكن بدون سقف فهو عبار عن شعيب ملتوي وطمر قاعه بالطين ...



الكهف والمنطقة زارها العديد من الرحّالة وأولهم أخونا أبو عبد الرحمن الغفيلي وتبعه الكثير ومنهم من أجاد عرض الموضوع كزيارة أخونا رسلان (أحمد الرثيع) ويمكن الإطلاع على رابط ما كتب وما شاهد بالضغط على التالي :-
https://qasr06.com/?p=45
تعدّ زيارة ذلك الكهف العجيب زيارة رائعة تحمل في نفوسنا الكثير من التعظيم لله والتسبيح بحمده وقدرته وقد قضينا فيه وقت ممتع وتعرفنا عليه ولامسنا عجيب صنع الله فالرؤية من خلال الصور ليست كالمعاينة بالعين فكل ما ذكرت ودللت بالصور لا يعطي قارئي العزيز ولو 10% من وصفه الحقيقي فالكهف والمنطقة أجمل من ان توصف وينبغي لمن يعشق تلك الأماكن أن يشد الرحال إليها ليرى عظمة الله وخلقه ويتفكر في تلك التكوينات التي لن ولم يستطع أحداً وصفها بما يليق بها ..
واصلنا المسير عبر الحرة باتجاه الغرب والى مدينة الثمد تحديدا فكانت المسافة إليها من الكهف تقدر بخمسين كيلومتر منها طريق معبد وهو الطريق الجديد الواصل بين مدينتي الثمد والحائط بطول 110كيلومتر .
رأينا ونحن نسير بعض الحياة المتمثلة بغيول الماء لنقاط من وادي الجول وقد كونت مجمع للماء تشرب منه الطيور والحيوانات وهذه صور منه .








جزء من وادي الجول الممتد من جبل الأبيض وحتى خيبر .














وصور أخرى لأثر المياه فيه



المسير نحو الثمد
بعد رحلة استكشافية رائعة لحرة خيبر والتي قاربت على الأنتهاء بعد زيارة ممتعة مع صحبة طيبة لمعالم كثيرة ابتدأناها بالحائط كمدينة عريقة وتاريخية وثم جبال القور ونقوشها الكثيرة وأكملناها بارتقاء جبل القدر وزيارة الكثير من الجبال الرائعة كجبل الأبيض والبيضاء والعاقر والصنفرة وغيرها وثم ختمناها بكهف ام جرسان بأشكاله وتجاويفه وما رأينا من عجيب خلق الله انطلقنا نحو الشمال وإلى نقطة مورد ماء الجول وهي مورد مياه لأهل البادية ومقام عليها خزان للماء ومسجد ومحل بقالة صغير وجدناه مغلق حينما زرناه








بئر الماء والمسجد والبقالة في منطقة خزان بئر الجول



وجدنا عن الماء أحد الرشايدة من سكان الحرّة سلمنا عليه وسألناه عن الحال والأحوال وعن الطريق المزمع إقامته من الثمد إلى الحايط وقد دلنا مشكوراً وسألناه عن الكهوف بالمنطقة فلم يعرف عنها شيئاً ووصفنا له شكلها فقال هل تقصدون الخفوس مثل خفس أم جرسان قلنا نعم فقال إنها كثيرة وماذا تريدون منها إنها موئل للحيوانات ومظلمة فقلنا لنا فيها أرب فضحك على اختيارنا فهو في كفاية من أن يدخلها أو يبحث عنها فله في ماشيته وتتبع رزقه ما يغنيه عن تلك الأمور التي لا تغني ولا تسمن من جوع حسب وجهة نظرة وهي صحيحة ولكننا في بحثنا نجد المتعة واللذة في استكشاف الغريب وهواية فيها منافع وفائدة لنا ولغيرنا في استكشاف الأرض ونشر المعرفة لتكون لنا ولغيرنا كما اكتشفها أخونا أبو عبد الرحمن ونشرها للمهتمين ونشرها لهيئة المساحة والجيولوجيا وهيئة السياحة مع أنهم مع الأسف لم ينسبوها لأهل الفضل في الاكتشاف ولكن نسبوها لأنفسهم وهذه من البيروقراطية والمعاملة السيئة التي نتلقاها دوماً من مؤسسات الدولة لفرق الكشف والبحث للآثار والطبيعة من قبل ثلة من المهتمين في منتديات مكشات والرحلات والبراري وغيرها الكثير ممن يهتم بهذه الاكتشافات واقل شكر يقدم له اعتراف وتسمية أسمه بالاكتشاف بدل أن تنسب لأحد آخر من الهيئة كما فعل باكتشاف كهف ام جرسان وضياع اسم مكتشفه الأول الرحالة صالح الغفيلي وقد أبلغ الهيئة وأرسلت فريق للمعاينة وتم تكليف باحث ألماني وتم تدوين هذا الاكتشاف ونسب إليهم ولم يتطرق البتة إلى أخونا أبو عبد الرحمن مع الأسف .
ولكن كما علمت خلال مرافقتي له بهذه الرحلة ورحلات أخرى أن الأخ أبو عبد الرحمن من النوع الذي لا يقدم شيئا ليكافئ به فهو لا ينتظر شكرا ولا حمدا فطبيعته معطاء بلا مقابل وهذا شيئا لمسته من خلال رحلتي معه فنعم الرجل ونعم الأخ لا يتكلم إلا بفائدة ولا يعلق إلا إذا سئل مبتسم خفيف النفس أسأل الله له التوفيق والسداد وان ينفع بعمله .
ولنعطي تصور لقارئي العزيز حول طبيعة الأرض هنا فمنذ نزولنا من جبل الأبيض والقدر ونحن في منحدر واضح تسيل عبره وديان متعددة وهي تتوازى تقريبا باتجاهاتها لتصب إلى الغرب من الحرّة وهي كثيرة منها ما يسيل شمال مدينة خيبر كوادي المخيط ووادي أرينبة ووادي الجول ووادي مزرعة ومنها ما يصب جنوب مدينة خيبر وهي وادي الوقيط ووادي الضمران ووادي المنيجمة ووادي ابوسواسي ووادي الغرس.








الطريق الجديد الذي يبدأ من الثمد غربا ليصل إلى الحائط شرقاً ..



عند مورد المياه المسمى الجول انطلقنا شمالا لننقطع الخط الجديد المسفلت والذي لم ينتهي منه سوى ربع المسافة بين طرفيه مدينة الثمد جنوب خيبر والطرف الثاني مدينة الحائط –فدك- وطوله 110 كيلومتر يقطع حرة النار – خيبر – إلى نصفين شمالية وجنوبية .
واصلنا المسير بهذا الطريق المعبد لنصل إلى قرية الثمد والتي تقع على الخط الرئيسي بين المدينة المنورة وخيبر، ومنها كانت زيارتنا لوادي أم رجل والسد الاثري المجدد المقام على الوادي وهو سد (الحصيد) يبعد عن مدينة الثمد 6 كيلومتر الى الشرق منها ،وهو قبالة جبل السريرمن جهة الجنوب وتقع غرب الجبل منطقة الديسة الاثرية .
وسد الحصيد ليس على هيأته القديمة كما هو سد البنت فقد رمم وتغيرت ملامحة بسبب تهدمه وأما سد البنت فهو باقي على شكله القديم ، ويقع سد البنت جنوب سد الحصيد بمقدار 17 كيلومتر الى الجنوب تماماً .
وأما سد البنت فهو يستحق التوقف عنده لما له من قيمة أثرية وتاريخية وطريقة إنشاءه من الحجر والجص المخلوط بالفحم وخليط آخر لم أعرف ماهيته وهو سر بقائه تلك الأعوام التي تعدت الألف بكثير ، وقد تعرض السد للانهيار في عام 1401هـ نتيجة الأمطار الغزيرة وتآكل الطبقة السفلية للسد ونتيجة حتمية للإهمال الذي كان السبب في عدم استقرار قواعده .






سد البنت المقام على وادي الغرس









حجم السد مقارنة مع تواجدنا في وسطه








وهنا كانت النهاية لرحلة ممتعة شملت أماكن عدة ومعالم مهمة في حرة خيبر أو مايطلق عليها تسميات أخرى كحرة النار وحرة رشيد ، زرنا خلالها الجبال الغريبة والكهوف العجيبة والمدن التاريخية العريقة وختمناها برؤية هذا السد الكبير والذي يعد أكبر سد أثري بجزيرة العرب بعد سد مآرب باليمن .
وبالختام اشكر كل من خاوانا بهذه الرحلة الناجحة وعلى رأسهم أخونا الرحّالة صالح الغفيلي وبقية الأخوة الذين أشرت اليهم في بداية الموضوع واشكرهم واحدا واحدا على تفضلهم وروحهم العالية الجميلة التي وجدتها من أروع اللحظات التي يتخاوى بها الأخ مع اخيه في ملاطفة الكلام والتعاون فيما بيننا والفزعة التي احرجونا بها في تقديم الخدمة من إعداد المكان وإقامة أشكال الضيافة التي لا استطيع مكافئتهم سوى أن أقول جزاهم الله عنا خيراً .
واستودعكم الله الذي لا تضيع ودائعه والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .
أخوكم وائل الدغفق – رحال الخبر انتهينا من كتابة الموضوع في غرة محرم 1432هـ



رد مع اقتباس