عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 2015-04-22, 10:06 PM
الصورة الرمزية نزيه الحيزان
نزيه الحيزان نزيه الحيزان غير متواجد حالياً
عضو مجلس الإدارة
 
تاريخ التسجيل: Feb 2011
الدولة: الجوف
المشاركات: 6,519
جنس العضو: ذكر
نزيه الحيزان is on a distinguished road
افتراضي ( .. قلعة مارد بمنطقة الجوف حكاية تاريخ وقصة حضاره .. )





حينما وجهت العليا للسياحة دعوتها المفتوحة لزيارة منطقة الجوف، كان في جعبتها الكثير من الرهانات التي تستحق لأن تسكب في بوتقة المشاركة الفاعلة في صناعة سياحة سعودية واعدة بكل المقاييس، فقد اعتمدت هيئة السياحة في دعوتها للسياح والزائرين للقيام برحلة استكشافية لمنطقة الجوف على أهم عناصر الجذب السياحي المتمثلة بإنسان الجوف "البشوش" والسباق دائما للاحتفاء بضيوفه وفقا لقيمه الإنسانية والحضارية المتجذرة في نفسه المليئة بالترحاب دائما، لترفد بذلك جملة من المقومات السياحية الواعدة لمنطقة الجوف تأتي في مقدمتها الميزات النسبية لموقع الجوف الجغرافي وعناصر صناعة السياحة الاستشفائية وأخرى، تتصل بما تمتلكه الجوف من مخزون هائل من ثروات طبيعية وأثرية وبيئية لا تضاهى.
وسط حفاوة أبناء الجوف وترحابهم الذي لم ينقطع لحظة.. وأضافة تمرات (حلوة الجوف) ورشفات القهوة العربية إلى نكهتها مذاقا ورائحة خاصة تنفس معها الحاضرون عبق التراث العربي الأصيل.
وعقب ليلة حافلة بالسمر حول نار الغضاء.. اتجه الجميع لقضاء ليلتهم وقد علقت في أذهانهم قصة جسد فيها أبناء الجوف لوحة شعبية قل أن تجد لها شبيه.. اتصفت بروح البساطة والكرم والمرح الذي غلفته ابتسامة عريضة كانت ولم تزل السلعة الأثمن التي يقدمها أهالي الجوف لضيوفهم من دون مقابل.





قلعة مارد: قلعة شامخه تمتلك بناء مميزاً ومختلفاً يختبئ خلف أسوارها العديد من قصص التاريخ وحكاياه، فهي قلعة أثرية يعود أقدم ذكرها إلى القرن الثالث ميلادي، أبهرت الزوار بشموخها وثبات بنيانها، فهي تتكون من طابقين: السفلي من الحجر والعلوي من الطين، ويعود تاريخها إلى ألف وثمان مائة سنة، فهي تشكل حصناً منيعاً شبه دائري، وهي عبارة عن قلعة مسورة تنتصب على مرتفع يطل على مدينة دومة الجندل القديمة، وأعيد بناء بعض أجزائها، حيث شكل البناء الأصلي مستطيلاً، في شكلها العام بداخلها أربعة أبراج مخروطية الشكل لها مداخل متنوعة تحصينها حربي فريد.. غرف القلعة بنيت من طابقين وبشكل هندسي جميل، وأضيف لاحقاً بعض الغرف الإضافية، وهناك داخل أسوارها بئر عميق لتزويدها بالماء يبلغ ارتفاعها ألفي قدم بالقرب منها مسجد عمر بن الخطاب رضي الله عنه وقيل إنه بناه وهو في طريقه إلى فلسطين «إنها قلعة مارد» التي تقع في شمال المملكة العربية السعودية وبالتحديد فوق ربوة في دومة الجندل في منطقة الجوف تحديداً، وهذه القلعة تشرف على المدينة وتعتبر من أهم آثار منطقة الجوف، وقد كشفت الحفريات القليلة والتي جرت على الجزء الأسفل من القلعة عام 1976م كشفت عن بعض الخزفيات النبطية والرومانية التي ترجع إلى القرنين الأول والثاني بعد الميلاد

يرجع تاريخ مدينة دومة الجندل وقلعة مارد الى اكثر من ألفي عام عندما ورد ذكرها في مدونات من العصر الآشوري خصوصاً ان هناك نصوصاً مكتوبة ومفصلة تتحدث عن الجوف وتعود الى القرنين الثامن والسابع قبل الميلاد وتحدثت تلك النصوص عن مدينة دومة الجندل بوصفها عاصمة لعدد من الملكات العربيات مثل تلخونو وتبؤة وتارابوا وزبيبة وسمسي، حتى ان تغلث فلاشر الثالث 727 - 744 ق، م وسرجون الثاني 705 - 721 ق، م في ذكرهما للجزية التي ارسلها لهما ملوك الدول المجاورة يضعان الملكة سمسي على مستوى واحد مع فرعون مصر وان آمار السبئي وهذا المركز الرفيع الذي تبوأته دومة الجندل يمكن ان يفسره القول بأن بعض الآلهة مثل «دلبات واشتار اتارسامين» كانت لها تبعية وامتياز عظيمات في شمال الجزيرة العربية في ذلك الوقت ومن المعروف انه كان لدلبات معبد هام في دومة الجندل، ولكن النصوص لم تحدد الزمن الذي بنيت فيه قلعة مارد او من قام ببنائها




ويذكر الرحالة الواس موسيل ان الملكة سمسي ملكة دومة الجندل قد اثارت نقمة الحاكم الآشوري «تغلات فلاشر 732 قبل الميلاد» بعد مساعدتها لملك دمشق ضد الاشوريين فما كان منه الا ان جهز حملة عسكرية لاخضاع الملكة العربية، وقد ذكر النص الاشوري ان الملكة سمسي قد اصيبت بخسائر فادحة جداً اذ قتل الف ومائة رجل وثلاثون الف جمل وعشرون الفاً من الماشية، وقد دعم خبر الانتصار هذا بأن صوراً على اللوح الذي ورد فيه الخبر منظر فارسين اشوريين يحملان رمحين ويتعقبان اعرابياً راكباً جملاً، وتحت اعقاب الفارسين وامامهما جثث الاعراب الذين خروا صرعى على الأرض. وقد ذكر ان الآشوريين وجهوا اهتمامهم الى دومة الجندل مرة أخرى حينما هاجم الملك سنحاريب دومة الجندل سنة 689 قبل الميلاد، كما هاجم البابليون المدينة كالهجوم الذي شنه الملك البابلي «نبوخذ نصر» على قبيلة قيدار والهجوم الذي شنه الملك البابلي نابونيد 556/539 قبل الميلاد على دومة الجندل في السنة الثالثة من حكمه.
ويذكر المؤرخون ان الملكة العربية الشهيرة زنوبيا التي حكمت تدمر بين 267 و272م قد غزت دومة الجندل لكن قلعة المدينة كانت حصينة بحيث لم تتمكن من اقتحامها فعادت من حيث اتت وقالت قولتها الشهيرة: «تمرد مارد وعز الأبلق».

وتختلف آراء علماء اللغة والتاريخ والجغرافيا في معنى كلمة (دُومة) فمنهم من ينسبها إلى أحد أولاد إسماعيل عليه السلام، على اختلاف بينهم هل هو (دُومة) أم (دُوماء) أو (دُما) أو (دُمة) أو (دُوما) أو (دُوام). والبعض الآخر يرجع هذه التسمية إلى أصل نباتي فيقول: بأن هذه التسمية (دُومة) مشتقة من نخلة (الدَّوم).
بينما الراجح - في نظري - هو أن كلمة (دُومة) يونانية الأصل وتعني (الحصن).
وإن مما لاشك فيه أن دُومة الجندل تعد من المدن الموغلة في التاريخ، ولِقِدَمِ تاريخ هذه المدينة نسبها البكري (ت487ه) إلى أحد أولاد إسماعيل بن إبراهيم عليهما السلام.
ويقول ياقوت الحموي (ت626ه): إن دُوماء بن إسماعيل هو أول من سكن موضع دُومة الجندل وبنى بها الحصن فنسبت إليه، بينما يرى سباهي زاده (ت 997ه) أن الذي نزلها هو دُومة بن أنوش بن آدم عليهما السلام.
وتذكر لنا بعض الروايات التاريخية أن ذا القرنين كان ينزل دُومة الجندل حتى مات فيها، ويرى بعض المستشرقين أن قبره يقع في حي دُومة الجندل القديم، ولاتزال إلى وقت قريب تعرف احدى الصخور الضخمة التي تقع قرب حصن مارد باسم قبة ذي القرنين حتى جاءت حملة الدولة السعودية الأولى على الجوف سنة 1208ه وقامت بهدمها كما ذكر ذلك ابن غنام.
ولقد ورد ذكر دُومة الجندل في العصر الآشوري (911- 612ق.م) تحت مسمى أدوماتو (Adomato) وكان يحكمها في ذلك الوقت الأمير العربي جندب الذي قاد معركة قرقر ضد الآشوريين وملكهم شلمنصر الثالث (858- 824ق.م) وهزم، والتي كانت في سنة ( 854ق.م)، ثم خلفته الملكة زبيبة على حكم دُومة الجندل والتي دفعت الجزية للملك الآشوري تغلات فلاصر (744- 727)ق.م





وحكمت الملكة شمسة دُومة الجندل بعد الملكة زبيبة، والتي دفعت الجزية للملك الآشوري تغلات فلاصر جمالاً ونوقاً بدلاً من الذهب والفضة، وذلك بعد هجومه على دُومة الجندل سنة ( 732ق.م).
ولقد استمرت الملكة شمسة بدفع الجزية للملك الآشوري تغلات فلاصر وخَلَفَهُ الملك الآشوري سرجون الثاني (724- 705ق.م) الذي قام بعدة حملات تأديبية على دُومة الجندل، ثم حكمت الملكة يثعة دُومة الجندل بعد الملكة شمسة، والتي استهلت عهدها بمساعدة القبائل الكلدانية على الثورة ضد الملك الآشوري سنحاريب (705- 681ق.م) الذي هزمهم سنة ( 703ق.م) ولُقِّبَ بملك العرب والآشوريين عندما استطاع اخضاع دُومة الجندل وقام بنقل أصنامها إلى نينوى عاصمة بلاده.
وبعدما تولى الملك الآشوري سرحدون (680- 669ق.م) عرش آشور وضع على دُومة الجندل رجلاً يدعى خزائيلي سنة ( 680ق.م) مقابل جزية قدرها خمسة وستون جملاً يدفعها له كل سنة.
وبعد وفاة خزائيلي سنة ( 675ق.م) حكم دُومة الجندل ابنه الطائع الذي اعترفت به آشور حاكماً على دُومة الجندل مقابل جزية معلومة، لذا كرهه أهل دُومة الجندل وثاروا عليه بزعامة شخص يدعى وهب، والذي أسره الملك الآشوري وحمله إلى نينوى، فعاد الطائع إلى حكم دُومة الجندل غير أنه هذه المرة لم يعترف بآشور التي أرسلت له جيشاً هو الآخر مما جعله يهرب إلى صحراء دُومة الجندل (النفود). إلا أن الطائع عاد من الصحراء وقدَّم اعتذاره لملك آشور فعاد لحكم دُومة الجندل وأعيدت له أصنامها، ولم يلبث أن ثار على ملك آشور بعد عودته إلى حكم دُومة الجندل أربع مرات، يعود بعد كل مرة ويعتذر لملك آشور في نينوى، وهناك سجنه ملك آشور بعد المرة الرابعة ووضعه في قفص عند أبواب نينوى على طريق المارة








وهكذا كانت دُومة الجندل هدفاً حاول الآشوريون بسط نفوذهم عليه، لكن مقاومة أهلها البواسل حالت دون تحقيق ذلك، وهو ما جعل ملوك آشور يكتفون في النهاية بعقد أحلاف مع أهلها لضمان استمرارية مصالحهم في تلك المنطقة.
وقد كان لدومة الجندل ذكر في العصر البابلي (725- 539ق.م)، حيث وجه إليها الملك البابلي نبوخذنصر (604- 561ق.م) حملةً عسكريةً في سنة (599ق.م).
كما ورد ذكرها في سجلات الملك البابلي نابونيدس (556- 539ق.م) الذي قاد حملةً عسكريةً أخرى على دُومة الجندل وتيماء سنة ( 553ق.م) واستولى خلالها على شمالي جزيرة العرب حتى مدينة يثرب (المدينة المنورة)، واتخذ من مدينة تيماء مقراً لحكمه.
وفي سنة ( 539ق.م) سقطت الدولة البابلية على يد قورش الإخميني الذي حكم في الفترة (559- 529ق.م)، والذي عارضه ملك قدير في دُومة الجندل المعروف باسم جشم بن شهرو سنة ( 444ق.م).





التوقيع:
رد مع اقتباس