عرض مشاركة واحدة
  #6  
قديم 2008-10-24, 02:40 AM
الصورة الرمزية نهاية الرحلة
نهاية الرحلة نهاية الرحلة غير متواجد حالياً
رحـال متميــز
 
تاريخ التسجيل: Oct 2008
الدولة: السعودية
المشاركات: 115
جنس العضو: غير محدد
نهاية الرحلة is on a distinguished road
افتراضي

الجزء الرابع
رحلة ألوية والشامية ومطل القوس العظيم

أهلا وسهلا بكم
سنتناول في هذه الرحلة مواصلة الطريق نحو شمال الجبل وكيف تشتد الوعورة ويعيش السكان في عزلة أبعد ما تكون عن العالم، سنرى خلال الرحلة كيف بنيت الطريق وكيف الخير وصل إلى هناك وقمة التناقض بين البدائية وعالم الخلايا الشمسية كما سنرى أبعد مدرسة عن الحياة اليومية وعلامة استفهام إلى معلميها ... ثم نتجه لنبيت على حافة أسميتها مطل القوس العظيم وقصة المغامرة عند الساعة 12منتصف الليل لنزول الحافة سيراً على الأقدام .
موقع الرحلة في أقصى الشمال من القهر ( زهزان )


اضغط هنا لمشاهدة الصوره بحجمها



في الصورة نشاهد موقع الرحلة ومكان الجلوس على المطل الشاهق العظيم




صورتين توضح شدة وعورة الطريق الذي نحته البشر ... وآخر بنوه بناءا بالحجر


سبحان الله العظيم الذي أمر الإنسان بعمارة الأرض وجعل له فيها سبل ومعايش


يستغل الإنسان البرك لحجز مياه الأمطار والاستفادة منها في الشرب والغسيل






استغل الإنسان خام البيئة في بناء مسكنه واستغل الكهوف والشقوق ليستفيد منها


صور لحملين يقفزان فزعاً منا


مدرسة الشامية المبنية من الحجر والمكسوة بالجبس .. يحتاج وصول المعلم إليها أكثر من 5 ساعات عبر الطرق الوعرة في أكثر من 20كم من مركز الريث إلى أقصى نقطة في العزلة الجغرافية.. يقال بأن زيادة رواتب المعلمين هنا تتجاوز 50% بدل نائي وأنا أقول هذا لا يكفي ولو بلغت 100% لما رأيته من قسوة ومنعة ومخاطرة ... وتشكر حكومتنا على هذه الجهود التي بذلتها لتعليم وتنوير السكان هنا.
تمنيت لو ألتقي ببعض المعلمين لأجري معهم بعض المناقشة حول معاناتهم وما يدور بخلدهم وحول ما وضع عليه علامة استفهام في الصورة .. كان الله في عون الجميع.



صورة لمولدات الكهرباء لهذه المدرسة التي تصارع البقاء



من إحدى النوافذ صورة لقاعة الدراسة والتي تحكي قصة 8 طلاب ومعلم بائس وسبورة خاوية وطباشير على ما أعتقد من جبس الجدار.


أحياناً يجتمع النقيضين جزا الله خيراً من بني هذا الجامع وزوده بخلايا شمسية تمده بالطاقة


توجهنا بعد ذلك إلى شمال الشامية باغين مطلاً عظيماً لم نعرف له اسماً حتى من المحليين فأسميته مطل القوس العظيم ... ارتفاعه يصل إلى أكثر من 1900م ويشكل قوساً زاويته تقترب من 90ْ درجة ويفتح نحو الشمال الغربي - انظر الصورة الجوية أعلى - ... لتخرج منه العديد من الروافد التي ترفد وادي بيش العملاق.
كنا ننوي المبيت فيه لولا ما حدث لنا هناك في منتصف الليل ... فقد وصلناه عصراً وقمنا بإخراج المؤن والطعام على حافة المطل وأوقدنا نارنا واستخدمنا إبريق الشاي المستعار السابق ذكر قصته ... بعد غلي الماء فيه قرابة نصف ساعة للتعقيم ... في جو قل نظيرة وفي شعور بعيد عن الضجيج والكآبة كله تأمل في خلق الله وتعجب واستشعار لعظمة الخالق سبحانه وتعالى ... وإحداثيات المطل هي N17.42.100 - E042.53.247.
وأما ما حدث فكالتالي ( من المعلوم أن أهالي الجبال ينامون مبكراً بعد صلاة العشاء ... يساعدهم على ذلك عدم توفر الكهرباء ... وعندما كنا نجلس على حافة المطل كنا نرى في الأسفل بالمنظار قرية صغيرة .. يتعذر الوصول لها بسبب السفح الشاهق ... وقد علمنا من رجل أثيوبي يعمل بإحدى مزارع الشامية .. أنه يوجد طريق في حافة السفح قربنا يوصل إلى تلك القرية وهو خطير بعض الشيء لمن لا يعرف التسلق والسير في الحواف .. سمر معنا الرجل الأثيوبي موسى وعندما ذهب للنوم ... وفي حوالي الساعة 11 والنصف ليلاً ، اقترحت على صديقي خالد أن نأخذ سلاحنا وكشافاتنا ونذهب للنزول عبر هذا الطريق العجيب ... حتى نصل أسفل السفح لإحياء روح المغامرة ومحاولة تلمس جنح الظلام.. ثم نعود للنوم في مكان موقد نارنا.. ما كان منه إلا أن قال كنت أفكر بنفس الذي قلت ... حملنا مصابيح إضاءة قوية - كنا نكبس بها للقرية أسفل ويرد علينا أحدهم بنور سيارة - سرنا نحو طريق الحافة والذي يبعد عنا حوالي 300م .. وكنا نسير على ضوء القمر ونتبادل الحديث ... وقبل الوصول بقليل لفت انتباه خالد حركة مريبة لثلاثة أجسام بشرية ... ولاحظت ذلك بلمح البصر ... وهنا يلعب عنصر المفاجئة دوره فمن يستخدمه يهلك الطرف الآخر .. وبحكم الخبرة ... هاجم خالد أولائك بالصوت المرتفع ( السلام عليكم لم يردوا فكرر ذلك - وألحقت أنا الصوت بالإنارة المحرقة للعيون مباشرة .. فما هي إلا لحظات وإذا بنا نرى 3 أشخاص يجلسون وقد بدا عليهم مظهر الاختباء لأنهم كانوا يسمعون أصوات حديثنا قبل وصولهم فسارعوا للجلوس ... رأونا فردوا السلام وكان عليهم مظهر الارتباك الشديد ... أقبلوا نحونا ونحنا مستمرين نزولاً تدريجياً نحوهم ... كانوا يلبسون اللبس البدوي ... الوزرة الحوك والمصنف والشميز ... لما رأيتهم عرفت أنا غايتهم مباشرة وذلك من خلال خبرتي ودراستي للحياة الاجتماعية لسكان الجبال في الريث وبني مالك والأسود والحشر ... فلم أوجس منهم خيفة ... أما زميلي خالد فقد بدا له نظرة أخرى لعدم إلمامه بعادات وتقاليد هؤلاء الناس البدو.. سلموا علينا وقفز أحدهم بالقرب مني وكانوا جميعاً ينظرون إلى المسدس الذي كنت أحمله فوضعت يدي عليه لأزيد الموقف تعقيداً ... كان أحدهم وهو أكبرهم مشحون ويتنفس بسرعة ويكشف عن صدره ... وهو يحمل جنبية بطول نصف متر ( والجنبية هي سلاح أبيض أطول من السكين وأقصر من السيف ) .. وكان يحاول أن يظهر سلاحه لنراه وعين حاله تقول إياكم أن تقدموا على شيء. دار حديث سريع بيني وبينهم من أنتم؟ نحن لدينا عمل ومسح للمنطقة. من فين ؟ من ها الديار؟ لا منت من الريث ... الحديث سريع والموقف كان مريباً ... فما كان من خالد إلا أن تراجع نحو حصاة مرتفعة والجميع بدأ كل يبتعد لتتسع الدائرة بعد أن كنا متلامسين نتصافح ... يدي على مقبض سلاحي رغم أني مطمئن كل الطمأنينة نحوهم ... خالد يناديني تعال بسرعة انصرفت إليه وقبل ذلك قلت لهم تأمرونا شيء قالوا: سلامتكم لكن إذا رآكم أحد غداً وسألكم رأيتم أحداً قولوا لا ما رأينا أحد . قلت لهم اتكلوا على الله ما شفناكم.
انصرفت نحو خالد وسرنا عكس اتجاههم ... وأخذ خالد يسر إلي ألم تحس فيهم الغدر ... ذهب خالد إلى ابعد مما تصورت ... وكان يحق له ذلك ... فقد اعتقد أنهم رأوا نارنا وموقعنا وهم بالأسفل وأتوا لغاية سرقة أو خيانة ... أصر خالد على رأيه ....
ففسرت لخالد ما علمته وفهمته عن هؤلاء فأقنعته بشكل كبير ... ولكن رغم شكه الذي بقي نسبة 2% آثرنا ترك مكاننا وبحثنا عن مكان آخر لنبيت فيه.
أما فيما يتعلق بهم فالأصل حسن الظن ولكن هناك عادة قديمة متوارثة عند بعض بدو أهل الجبال ( أتحفظ عن ذكرها هنا ) تنتشر بين الشباب ومن كلا الجنسين وقد كان أولائك ذاهبون في طريقهم لغايتهم ومبتغاهم ففاجأنهم دون قصد فأرعبناهم وأربكناهم وأقلقونا .. وهذه العادة من خلال دراستي للحياة الاجتماعية لسكان الجبال هي عادة عفيفة عندهم رغم رفضها في مجتمعات أخرى ... أسأل الله أن يعفو عنا وعنهم وعن كل مسلم. )


في الطريق دائما تعترضنا هذه الفواصل الصخرية الغريبة بين طبقات الأرض والتي قد تمتد لمئات الأمتار ... وهي فواصل من الصخور المتحولة


الجلسة قبل غروب الشمس على مطل الحافة الجميلة حافة القوس العظيم


الصديق خالد وهو يقوم بعملية تعقيم الإبريق المستعار في ذرى النبات


الإبريق ورائحة الشاي التي تصدع في الرأس في مكان يشرح النفس ويعمل العقل


كأس من أجود أنواع الشاي الإنجليزي في أبعد نقطة عن عالم الحضارة بجبل القهر يشعرك بجنون العظمة


محدثكم وأخوكم الباحث الجغرافي حمد العسكر ومع أحلى الأماني للجميع


إلى هنا انتهى الجزء الرابع من الرحلة
تقبلوا تحيات محدثكم حمد العسكر وإلى اللقاء في الجزء الخامس والأخير من الرحلة

التوقيع:
عظمة الله تتجلى في خلقه