عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 2010-08-24, 02:19 PM
ابو فراس ابو فراس غير متواجد حالياً
عضو متميـز
 
تاريخ التسجيل: Jun 2006
الدولة: عنيزة
المشاركات: 2,909
جنس العضو: ذكر
ابو فراس is on a distinguished road
افتراضي يستاهلك ملك العرب اللي على الشمية منيع

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
كتب أحمد بن محارب الظفيري
يتجلى في هذه القصة عمق ايمان واصالة وكرم الشعب الكويتي والتي كانت دافعا ومحفزا لهذا الشاب البريطاني لان يترك وطنه انجلترا ليعيش في الكويت كويت الايمان والاصالة والبساطة ويختار ان يتجنس بجنسيتها فمن هو هذا الشاب؟
هو وليم ريتشارد ويليامسون تسمى فيما بعد باسم عبدالله بن فاضل المسلماني، ولد في مدينة بريستول غرب انجلترا سنة 1872م، حياته عجيبة وغريبة فيها الشقاء والمغامرة والنكد، كان في صباه متمرداً نزقاً لم يكمل دراسته، اشتغل مع البحارة في ميناء بريستول، وسافر في سنة 1885م كمساعد بحاروعمره ثلاثة عشر سنة إلى استراليا، ولكنه نزل من السفينة على ساحل كاليفورنيا في أميركا، واشتغل بقطع الأخشاب وفي تربية الخيول وتروجيها ثم اشتغل بالبحث عن الذهب حول مجاري الأنهار، ولكنه لم يستفد شيئاً. توجه إلى بنما حيث تحفر قناة بنما واشتغل مشرفاً على العمال، ثم اشتغل ملاكماً في فرقة استعراضية تعمل في كاليفورنيا، وكان ملاكماً قوياً اطلق عليه رفاقه لقب «قنبلة بريستول» ثم اشتغل مع فرقة تصيد الحيتان على سفينة تعمل في المنطقة القضبية والبحار الجنوبية، ثم عمل مسؤولا عند احدى المحطات التجارية في جزر كارولينا في البحار الجنوبية، ولكن الاسبان الذين يحكمون تلك الجزر اعتقلوه، ولما اطلق سراحه توجه إلى الهند الواقعة تحت الحكم البريطاني وفي ميناء بومباي الهندي عين ضابطاً في الشرطة البريطانية سنة 1891م ونجح في اختبارات وتدريبات مدرسة الشرطة بتقديرعام امتياز.
الهند وعدن
ومن الهند نقل إلى عدن وفيها اختلط بالعرب المسلمين وكون معهم صداقات فتأثر بدينهم وعلاقاتهم الانسانية الطيبة فأحب الاسلام وعادات العرب، وفي أحد أيام عام 1893م وبمساعدة صديقه العربي المسلم حسن بن علي اعتنق الاسلام علناً أمام سلطان لحج «فاضل بن علي» وبحضور ابناء السلطان ووثق اسلامه رسمياً بواسطة فاضل لحج، وكان عمره آنذاك واحداً وعشرين عاماً، والغى اسمه القديم «وليم ريتشارد ويليامسون» وتسمى باسمه الاسلامي الجديد عبدالله بن فاضل ويليامسون فاستقرت جوارحه وانشرح قلبه للدين الجديد الذي أحبه واحب معتنقيه واخلاقهم الراقية ولما عرفت السلطات البريطانية باسلامه أخذت بمضايقته فسافر إلى بومباي الهند وقدم استقالته من الشرطة فقبلت الاستقالة ومنع من دخول جزيرة العرب، وفي مدينة بومباي اختلط وتعرف إلى الكثير من التجار العرب، وكان كثير التردد على دواوين عرب الجزيرة من أهل نجد الموجودين في مدينة بومباي وشاءت ارادة الله ان يتعرف على التاجر الكبير والشيخ الجليل يوسف بن عبدالله آل ابراهيم «ت 1224هـ /1907م» أحب الشيخ يوسف الإبراهيم هذا الشاب البريطاني المسلم، ودون علم السلطات البريطانية ألبسه ملابس سايس خيل ودسه بين ساسة خيله الموجودين على ظهر السفينة «بانكورا» وتوجه به إلى الكويت، وصل الشاب البريطاني المسلم إلى الكويت مهاجراً بدينه سنة 1893م وهيأ الله له هذا الرجل الكريم يوسف بن عبدالله الابراهيم، خال ال الصباح فضمه إلى اسرته واعتبره كأحد ابنائه، وفي الكويت أصبح اسمه عبدالله بن فاضل المسلماني فكان اول أوروبي يتكوت اي يصبح كويتياً ويتخذ من الكويت وطناً كريماً له ولاولاده ولاحفاده من بعده، وكان حاكم الكويت آنذاك هو الحاكم السادس محمد بن صباح بن جابر الصباح ت1896م، وفي الكويت.. اطمأن قلب عبدالله بن فاضل المسلماني «1872م- 1958م» واحس بحلاوة الاسلام وسمو اخلاق عرب الجزيرة.

تعود عبدالله الخروج إلى البادية مع عمه ومعزبه يوسف الابراهيم لذا نجده يعيش في البادية مع عرب الظفير يسكن بيتاً من الشعر ويملك فرساً اصيلة وصقراً قرناساً وامة و عبداً، وفي سنة 1895 تزوج من هذه القبيلة فتاة ظفيرية اسمها نوره ويذكر ديكسون «ت1959م في كتابه عرب الصحراء» ان هذه الفتاة انجبت له عدة اولاد، وبمرور الوقت اصبح لسانه طلقاً في اللغة العربية، يتكلمها كأحد بدو الصحراء العرب، وبواسطة الشيخ يوسف الإبراهيم تعرف عبدالله المسلماني على شيوخ البادية، واشتغل في تجارة الابل والخيل وربحت تجارته، وعرف عنه انه خبير متميز في اختيار كرائم الهجن واصائل الخيل العربية، وفي أواخر سنة 1895م وكان في الرابعة والعشرين من عمره حقق رغبته العارمة في تأدية فريضة الحج، فأداها بكل شوق ولهفة على ظهور الإبل كمسلم مخلص لدينه غاية الاخلاص فاصبح اسمه هو الحاج عبدالله بن فاضل المسلماني ولم يكتف بهذه الحجة الواحدة، فقد كررها في عامي 1909م و1936م، وفي سنة 1909م استقر في مدينة الكويت متحضراً كصاحب سفن وتاجر لؤلؤ وسكن في بيته الذي اشتراه في وسط مدينة الكويت قبيل الحرب العالمية الأولى وكان يشجعه ويشد من أزره تاجر اللؤلؤ الكبير والشهير هلال بن فجحان الديحاني المطيري ت1938م، تزوج الحاج عبدالله بن فاضل المسلماني ثلاث فتيات عربيات، الأولى من عرب الظفير اسمها نوره والثانية من عرب المنتفق اسمها سارة والثالثة اسمها زهرة لا نعرف قبيلتها.
نعود إلى موضوع الفرس «الكحيلة» التي أهداها الحاج عبدالله بن فاضل المسلماني إلى الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن بن فيصل آل سعود - رحمة الله عليه.

الكحيلة هدية للملك عبدالعزيز
الخيل الأصيلة عند العرب كنز لا يقدر بثمن، فلها القدح المعلي في كل مناحي الحياة، لقد ألف علماء العرب الكتب الكثيرة عن أنسابها وسلالاتها والوانها ومشيها وأجزاء جسمها وكل ما له علاقة بها، وأحاديث بدو اليوم عنها لا تنقطع فبذكرها تتعطر السنتهم وتنتعش قلوبهم، تبخل العرب بحليب الإبل عن أولادها وتسقيه لخيولها، وإذا وردت الفرس لتشرب الماء من حوض أحدهم فإنه لا يطردها عن حوضه، فالذي يطردها عن الشرب رديء الأصل. و يبدأ بها في الورد قبل الإبل والغنم، والفرس الأصيلة المعربة لا توسم بالنار مثل بقية الحيوانات، اكراما لها وتعلية لقدرها فهي عملة نادرة سعيد الحظ من يمتلكها، ومازلنا نذكر ونحن فتيان، رجال البادية يرددون في دواوينهم هذه الكلمة المأثورة والمتوارثة وهي قولهم: (الخيل ظهورها عز وبطونها كنز)، والخيول العربية الأصيلة مدللة ومعززة، نهى الرسول محمد صلى الله عليه وسلم عن إهانتها والتعسف في معاملتها حيث قال: «لا تجروا الخيل من نواصيها فتذلوها»، ويؤكد بدوي اليوم في جزيرة العرب في ترديده لموروثه الشعبي ان أجداده العرب الأقدمين كانوا مهتمين بالخيل، فهي مركوب العرب منذ سالف العصر والأوان.. من دور (شداد بن عاد) ومن دور (ثمدا ثمود وبنية العمود) ويقصد بـ (ثمدا ثمود) قوم ثمود العرب العاربة، ويقصد بـ(بنية العمود) الأعراب بناة بيوت الشعر.
وهذا عاصم بن عمرو التميمي أحد فرسان القادسية يرتجز قائلا:
صبحنا بالكتائب رهط كسرى
صبوحا ليس من خمر السواد
صبحناهم بكل فتى كمي
وأجرو سابح من خيل عاد

الملك عيدالعزيز يقبل الهدية
يقول الحاج عبدالمطلب بن عبد الله بن فاضل المسلماني: في مقابلة مع الكاتب: عاش والدي مع العرب وخصوصا بدو الصحراء وتأثر بهم غاية التأثر وتشبه بهم في كل شيء واقتبس عاداتهم وتقاليدهم الحميدة الفاضلة ونسي أصله البريطاني، فمشاعره وأحاسيسه مشاعر وأحاسيس العربي المسلم، وكان من المغرمين والمولعين بحب الخيول العربية الأصيلة، فهو يمتلك مربطا لهذه الخيول العربية ويصرف على تربية وسياسة خيل هذا المربط الشيء الكثير من المال والجهد، ولقد درجت (انتقلت) أمهات هذه الخيول الاصائل الموجودة في مربط خيل والدي شراء واهداء من خيول آل سعدون شيوخ عربان المنتفق ومن خيول بعض قبائل العربان.
ومازلت أذكر من بين تلك الخيول، الفرس الجميلة من فصيلة (حمدانية شمري) ومن نوع (الكحيلات) التي هام والدي بحبها واعتز بها غاية الاعتزاز، وكان كثير السؤال عنها، ودائما يوصي سائس خيله بأن يبرها بأطيب الطعام، وأن يدفئها عن البرد، وينظف مكانها، وان يواصل عسفها (تدريبها) بكل هدوء وصبر وكان يخاطب السايس قائلا له:
عفية ولدي بر الفرس ربيع قلبي زولها
ماني مثل خطو الولد اللي يروز عدولها
وأحيانا كان يردد هذا الحداء:
يا يمه بري مهرتي واكبر وانا خيالها
واشري لها جلال حمر ومشنشل يبري لها
وجاء للوالد الكثير من التجار وشيوخ القبائل يخطبون (يبغون) شراء هذه الكحيلة بمبالغ طائلة، ولكن الوالد كان يردهم رافضا البيع، وأذكر ان الكولونيل ديكسون Dickson (ت 1959م) جاء للوالد يريد شراء الكحيلة، وكذلك جاء الضابط البريطاني أبو حنيك تحلوب باشا John Bagot Glubb قائد الهجانة العراقية يريد شراءها، ولكن الوالد كان دائما يرفض البيع ولسان حاله يردد:
البيع والله ما نبيع الكحيلة
ألا ولا نصخي بها ربع ليلة
وفي آواخر شتاء سنة 1938م ناداني الوالد وقال لي: حضر نفسك يا عبدالمطلب فسوف ترافقني بسفري الى الرياض لزيارة الملك عبدالعزيز ابن سعود، وسنأخذ الفرس (الكحيلة) معنا ونقدمها هدية لـ (أخو نوره) فهو الذي يستحقها ويستأهلها و(آل سعود يا ولدي هم أهل الخيل وفرسانها). وعلى طول الطريق ونحن متجهين الى الرياض كان الوالد يتفقد الكحيلة ويعلق برأسها العقيلة (كيس وسيع الفوهة يعلق برأس الفرس) بعد ان يملأها بأجود القمح وأحسنه، وكان الوالد يرتجز هذا الحداء:

لو عادلوها بالذهب القول والله ما نبيع
يستاهلك ملك العرب اللي على الشمية منيع
زيارة اخو نوره طرب قمرا ولياليها ربيع

وقبل الملك عبدالعزيز هدية الوالد (الفرس الكحيلة) وعمل لها قرعة بين أولاده الأمراء، فكانت من نصيب الأمير فهد (خادم الحرمين الملك فهد - رحمه الله) وأكرمنا الملك عبدالعزيز - رحمة الله عليه - بمبلغ من المال جزيل، وأهدانا بدلات عربية جميلة