عرض مشاركة واحدة
  #3  
قديم 2010-05-10, 03:20 PM
مزون جدة مزون جدة غير متواجد حالياً
عـضـو فـعـال
 
تاريخ التسجيل: Dec 2009
المشاركات: 168
جنس العضو: ذكر
مزون جدة is on a distinguished road
افتراضي

القصه الثالثه
خاتمه الشيخ على جابر

اليوم هو الثاني عشر من شهر ذي القعدة لعام 1426هـ
الساعة في تمام العاشرة مساء
جرس الجوال يعلن عن إستقباله رساله
ما الخبر ؟؟
توفي الدكتور علي جابر وسيصلى عليه بعد صلاة العصر في مقابر الفيصليه
ماذا ؟؟؟؟؟؟
إمام الحرم
الذي كان يصدح بأعذب صوت في جنبات بيت الله العتيق لمدة تزيد عن السنوات التسع
إنا لله وإنا إليه راجعون
الحمد الله
اللهم أجرني في مصيبتنا هذه وأخلف لنا خيراً منها
دعوت الله من كل قلبي أن يكرمني بتغسل الشيخ
ولكني
لا أعرفه و لا أعرف أين يرقد جسده الأن ولا أي معلومة
ومن خلال الإتصالات مع الأخوه
تبين أن الشيخ موجود في مستشفى خاص
وقد وافته المنية في تمام الساعة التاسعة مساء
وهو الأن في ثلاجة المستشفى
وتم التنسيق مع أبنائه لنحضره للمغسلة
ولكنهم رفضوا بحجة أن كثير من الناس قد طلبوا هذا
وهم في حرج شديد
تأسفنا كثيراً
ودعونا للشيخ
ولكن إذا بفرج الله يأتي
وفي الساعة الثامنة صباحاً إذا بالبشارة
إبن الشيخ عبد الله يوافق على طلبنا
نسرع في إتجاه المستشفى
وإذا بالكادر الطبي كله قد تجمع بجانب الثلاجة ليشارك الجميع بنقل الشيخ
حملنا الشيخ
ونقلناه إلى المغسلة
وبدأنا غسيله في التاسعة صباحاً
ابنه عبد الله
وأحد المغسلين وأنا
اسمعوا يا أحبه
الشيخ مسجى على النعش
وقد تم إخراج كل من في الغرفة سوى ثلاثة
وكان رحمه الله عظيم الجسم
ووالله حملنه الثلاثة من النعش إلى طاولة الغسيل بكل سهولة
حتى أننا نظرنا إلى بعضنا متعجبين من هذه الخفة التي تناقض عظم جسده
ليست هنا العبرة
ليست هنا العظة
عندما شرعنا في خلع ما عليه من ملابس
إذا بالجسد
وكأنه لم يدخل الثلاجة
جسده لم يكن بارداً ابداً
إنما برودة عادية
برودة الميت الطبيعية
ليست هنا العبرة
ليست هنا العظة
عندما كشفنا الوجه إذا بالإبتسامة واضحة على وجه الشيخ

فقلت لولده عبد الله إنظر إلى الإبتسامة فدمعت عينيه تأثراً بما رأى
ليست هنا العبرة
ليست هنا العظة
من خلال سنوات قضيتها في هذا العمل
ومن خلال الكثير والكثير من الحالات التي مرت علي
إذا مكث الجسد في الثلاجة لمدة تزيد عن ساعتين
فإنه يتصلب تماماً
بل أنك في بعض الأحيان قد ترى قطع ثلج على الجسد
حتى أنك إذا وضعت يدك على منطقة البطن يخيل إليك أنك قد وضعتها على لوح زجاج بارد
اليدين إلتصقت بالصدر
الرجلين تجمدت على حالها
ولا يمكن بأي حال من الأحوال تحريك أي طرف فيه
الشيخ مكث في الثلاجة
اثنى عشر ساعة
وعندما حركت يده
إذا بها تتحرك بكل سهولة وكأنه نائم
نظرت إلى مساعدي
فإذا به يشرع بتحريك اليد الثانية
وهو ينظر إلي بتعجب
وإبنه عبد الله عند رأسه
سألته متى دخل الشيخ الثلاجة
قال يوم أمس في التاسعة مساء
الله أكبر
قلتها بصوت عالي
قلت له إنها من أغرب الحالات التي مرت علينا
اثنى عشر ساعة في الثلاجة ولا أثر للبرودة على جسده
وأطرافه تتحرك بكل سهولة
دمعت عيني عبد الله مجدداً
ولكنه لم يكن لوحده هذه المرة

لقد كانت دموعنا جميعاً قد خالطت وجناتنا
صلينا الظهر في الجامع
ثم حملنا الشيخ وتوجهنا صوب المكان الذي طالما تعلق قلبه به
المكان الذي طالما أما الناس فيه
المكان الذي عرفته الأمة أجمع من خلاله
إلى الحرم المكي الشريف
لن أخبركم عن تدافع الناس
لن أخبركم عن الجموع والمواكب التي تبعت سيارة نقل الموتى

لن أخبركم كم استغرقنا في الطريق لشدة الزحام

لن أخبركم كم رأينا من دموع تسكب

وأكف ترفع

كلها تدعوا لفقيد الأمة

وفي مقبرة الشرائع كان قبره

المقبره أمتلأت برجال الأمن الذين ينظمون مرور السيارات ودخول الناس

رحمك الله يا دكتور علي بن عبد الله جابر

يا شيخ الحرم

أسأل الله العظيم رب العرش العظيم

أن يسكن شيخنا في أعلى الجنان

مع الصحابة الكرام

في رفقة خير الأنام

آمين