عرض مشاركة واحدة
  #3  
قديم 2010-02-13, 07:48 PM
فتى حرب فتى حرب غير متواجد حالياً
عضــو متميــز
 
تاريخ التسجيل: Oct 2009
الدولة: رابغ ومستورة
المشاركات: 587
جنس العضو: غير محدد
فتى حرب is on a distinguished road
افتراضي

بسم الله الرحمن الرحيم



الحمد لله رب العالمين الواحد الأحد الفرد الصمد لا اله غيره غافر الذنب وقابل التوب هو الأول بلا ابتداء والأخر بلا انتهاء



والصلاة والسلام على سيد ولد أدم محمد صلى الله عليه وسلم



أيها الغارقون في الذنوب وبحور والمعاصي أما أنا الأوان للوقوف مع النفس والعقل لحظة تأمل



يا أيها المذنبون كفا كم ذنوب


لأنّها تحدث في الأرض أنواعا من الفساد في المياه والهواء والزّرع والثّمار والمساكن
قال تعالى : ظهر الفساد في البرّ والبحر بما كسبت أيدي النّاس ليذيقهم بعض الّذي عملوا لعلّهم يرجعون [ سورة الرّوم : 41 ] .


قال مجاهد : إذا ولي الظّالم سعى بالظّلم والفساد فيحبس اللّه بذلك القطر فيهلك الحرث والنّسل واللّه لا يحبّ الفساد ثمّ قرأ : ظهر الفساد في البرّ والبحر بما كسبت أيدي النّاس ليذيقهم بعض الّذي عملوا لعلّهم يرجعون [ سورة الرّوم : 41 ] .


ثمّ قال : أما واللّه ما هو بحركم هذا ولكن كلّ قرية على ماء جار فهو بحر


وقال عكرمة : ظهر الفساد في البرّ والبحر أما إنّي لا أقول لكم : بحركم هذا ولكن كلّ قرية على ماء .


وقال قتادة : أمّا البرّ فأهل العمود وأمّا البحر فأهل القرى والرّيف قلت : وقد سمّى اللّه تعالى الماء العذب بحرا فقال : وما يستوي البحران هذا عذب فرات سائغ شرابه وهذا ملح أجاج [ سورة فاطر : 12 ] .


وليس في العالم بحر حلو واقف وإنّما هي الأنهار الجارية والبحر المالح هو السّاكن فسمّى القرى الّتي عليها المياه الجارية باسم تلك المياه .


وقال ابن زيد :ظهر الفساد في البرّ والبحر قال : الذّنوب .


قلت : أراد أنّ الذّنوب سبب الفساد الّذي ظهر وإن أراد أنّ الفساد الّذي ظهر هو الذّنوب نفسها فتكون اللّام في قوله : ليذيقهم بعض الّذي عملوا لام العاقبة والتّعليل وعلى الأوّل فالمراد بالفساد : النّقص والشّرّ والآلام الّتي يحدثها اللّه في الأرض عند معاصي العباد فكلّما أحدثوا ذنبا أحدث اللّه لهم عقوبة كما قال بعض السّلف : كلّما أحدثتم ذنبا أحدث اللّه لكم من سلطانه عقوبة .


والظّاهر - واللّه أعلم
أنّ الفساد المراد به الذّنوب وموجباتها ويدلّ عليه قوله تعالى : ليذيقهم بعض الّذي عملوا فهذا حالنا وإنّما أذاقنا الشّيء اليسير من أعمالنا ولو أذاقنا كلّ أعمالنا لما ترك على ظهرها من دابّة.
المعاصي سبب الخسف والزّلازل
ومن تأثير معاصي اللّه في الأرض ما يحلّ بها من الخسف والزّلازل ويمحق بركتها وقد مرّ رسول اللّه - صلّى اللّه عليه وسلّم - على ديار ثمود فمنعهم من دخول ديارهم إلّا وهم باكون ومن شرب مياههم ومن الاستسقاء من آبارهم حتّى أمر أن لا يعلف العجين الّذي عجن بمياههم للنّواضح لتأثير شؤم المعصية في الماء وكذلك شؤم تأثير الذّنوب في نقص الثّمار وما ترى به من الآفات .


وقد ذكر الإمام أحمد في مسنده في ضمن حديث قال : وجدت في خزائن بعض بني أميّة حنطة الحبّة بقدر نواة التّمرة وهي في صرّة مكتوب عليها : كان هذا ينبت في زمن من العدل وكثير من هذه الآفات أحدثها اللّه سبحانه وتعالى بما أحدث العباد من الذّنوب .


وأخبرني جماعة من شيوخ الصّحراء أنّهم كانوا يعهدون الثّمار أكبر ممّا هي الآن وكثير من هذه الآفات الّتي تصيبها لم يكونوا يعرفونها وإنّما حدثت من قرب .
تأثير الذّنوب في الصّور
وأمّا تأثير الذّنوب في الصّور والخلق فقد روى التّرمذيّ في جامعه عنه - صلّى اللّه عليه وسلّم - أنّه قال : خلق اللّه آدم وطوله في السّماء ستّون ذراعا ولم يزل الخلق ينقص حتّى الآن .


فإذا أراد اللّه أن يطهّر الأرض من الظّلمة والخونة والفجرة يخرج عبدا من عباده من أهل بيت نبيّه - صلّى اللّه عليه وسلّم - فيملأ الأرض قسطا كما ملئت جورا ويقتل المسيح اليهود والنّصارى
ويقيم الدّين الّذي بعث اللّه به رسوله وتخرج الأرض بركاتها وتعود كما كانت حتّى إنّ العصابة من النّاس ليأكلون الرّمّانة ويستظلّون بقحفها ويكون العنقود من العنب وقر بعير ولبن اللّقحة الواحدة لتكفي الفئام من النّاس وهذه لأنّ الأرض لمّا طهرت من المعاصي ظهرت فيها آثار البركة من اللّه تعالى الّتي محقتها الذّنوب والكفر ولا ريب أنّ العقوبات الّتي أنزلها اللّه في الأرض بقيت آثارها سارية في الأرض تطلب ما يشاكلها من الذّنوب الّتي هي آثار تلك الجرائم الّتي عذّبت بها الأمم فهذه الآثار في الأرض من آثار تلك العقوبات كما أنّ هذه المعاصي من آثار تلك الجرائم فتناسبت كلمة اللّه وحكمه الكونيّ أوّلا وآخرا وكان العظيم من العقوبة للعظيم من الجناية والأخفّ للأخفّ وهكذا يحكم سبحانه بين خلقه في دارالبرزخ ودار الجزاء .


وتأمّل مقارنة الشّيطان ومحلّه وداره فإنّه لمّا قارن العبد واستولى عليه نزعت البركة من عمره وعمله وقوله ورزقه ولمّا أثّرت طاعته في الأرض ما أثّرت ونزعت البركة من كلّ محلّ ظهرت فيه طاعته وكذلك مسكنه لمّا كان الجحيم لم يكن هناك شيء من الرّوح والرّحمة والبركة .


أحبكم في الله

التوقيع:
[flash=https://dc07.arabsh.com/i/01121/nfqu0i0d3dei.swf]WIDTH=450 HEIGHT=300[/flash]