~*¤®§ ][^*^] جهاد ومعارك فاصلة [^*^][ §®¤*~
~*¤®§ ][^*^] غزوة بني قينقاع في السنة الثالثة من الهجرة [^*^][ §®¤*~
كان بني قينقاع من يهود المدينة ، فنقضوا العهد ، فحاصرهم رسول الله صلى
الله عليه وسلم خمس عشرة ليلة ، فنزلوا على حكمه ، فشفع فيهم عبد الله بن أبي
بن سلول ، وألح على رسول الله صلى الله عليه وسلم فيهم ، فأطلقهم له، وكانوا
سبعمائة رجل ، وهم رهط عبد الله بن سلام .
~*¤®§ ][^*^] غزوة أحد [^*^][ §®¤*~
كانت وقعة أحد في شوال وذلك أن الله تبارك وتعالى لما أوقع بقريش يوم بدر ،
ترأس فيهم أبو سفيان ، وأخذ يؤلب على رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى
المسلمين ، ويجمع الجموع ، فجمع قريبا من ثلاثة آلاف من قريش ، والحلفاء ،
وجاؤوا بنسائهم لئلا يفروا ، ثم أقبل بهم نحو المدينة ، فنزل قريبا من جبل أحد .
فاستشار رسول الله صلى الله عليه وسلم أصحابه في الخروج إليهم ، وكان رأيه
أن لا يخرجوا ، فإن دخلوها قاتلهم المسلمون على أفواه السكك ، والنساء من
فوق البيوت ، ووافقه عبد الله بن أبي رأس المنافقين على هذا الرأي ، فبادر جماعة
من فضلاء الصحابة ممن فاته بدر وأشاروا على رسول الله صلى الله عليه وسلم
بالخروج ، وألحوا عليه .
فخرج في ألف من أصحابه ، واستعمل على المدينة عبد الله بن أم مكتوم وكان
رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى رؤيا :
( رأى أن في سيفه ثلمة ، وأن بقرا تذبح ، وأنه يدخل يده في درع حصينة )
فتأول الثلمة برجل يصاب من أهل بيته ، والبقر بنفر من أصحابه يقتلون ، والدرع
بالمدينة ، فخرج وقال لأصحابه :
" عليكم بتقوى الله ، والصبر عند البأس إذا لقيتم العدو ، وانظروا ماذا أمركم الله
به فافعلوا "
فلما كان بالشوط بين المدينة وأحد انخزل عبد الله بن أبي بنحو ثلث العسكر ،
وقال : عصاني ، وسمع من غيري ما ندري علام نقتل أنفسنا ها هنا ، أيها الناس ..
فرجع وتبعهم عبد الله بن عمرو والد جابر يحرضهم على الرجوع ، ويقول :
قاتلوا في سبيل الله أو ادفعوا ، قالوا : لو نعلم أنكم تقاتلون لم نرجع ، فرجع
عنهم وسبهم .
وسأل نفر من الأنصار رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يستعينوا بحلفائهم من
يهود ، فأبى ، ونفذ حتى نزل الشعب من أحد ، في عدوة الوادي ، وجعل ظهره
إلى أحد ، ونهى الناس عن القتال حتى يأمرهم ، فلما أصبح تعبأ للقتال ، وهو في
سبعمائة ، منهم خمسون فارسا ، واستعمل على الرماة وكانوا خمسين عبد الله بن
جبير ، وأمرهم أن لا يفارقوا مركزهم ، ولو رأوا الطير تختطف العسكر ، وأمرهم
أن ينضحوا المشركين بالنبل ، لئلا يأتوا المسلمين من ورائهم ، وظاهر رسول الله
صلى الله عليه وسلم بين درعين ، وأعطى اللواء مصعب بن عمير ،واستعرض الشباب
يومئذ ، فرد من استصغر عن القتال وأجاز من رآه مطيقا .
وتعبأت قريش ، وهم ثلاثة آلاف ، وفيهم مائتا فارس ، فجعلوا ميمنتهم خالد بن الوليد ،
وعلى الميسرة عكرمة بن أبي جهل .
ودفع رسول الله صلى الله عليه وسلم سيفه إلى أبي دجانة ، وأبلى يومئذ أبو دجانة،
وطلحة، وحمزة، وعلي ، والنضر بن أنس ، وسعد بن الربيع رضي الله عنهم بلاء
حسنا ، وكانت الدولة أول النهار للمسلمين ، فانهزم أعداء الله ، وولوا مدبرين ، فلما
رأى ذلك الرماة ، قالوا :
الغنيمة ، الغنيمة .. فذكرهم أميرهم عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فلم يسمعوا ،
فأخلوا الثغر ، وكر فرسان المشركين عليه ، فوجدوه خاليا ، فجاؤوا منه وأقبل آخرهم
حتى أحاطوا بالمسلمين فأكرم الله من أكرم منهم بالشهادة وهم سبعون وولى الصحابة ،
وخلص المشركون إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فجرحوه جراحات ، وكسروا
رباعيته ، وقتل مصعب بن عمير بين يديه .
وصرخ الشيطان : إن محمدا قد قتل ، فوقع ذلك في قلوب كثير من المسلمين .
فمر أنس بن النضر رضي الله عنه بقوم من المسلمين قد ألقوا بأيديهم ، فقالوا :
قتل رسول الله صلى الله عليه وسلم .
فقال : ما تصنعون بالحياة بعده .. قوموا فموتوا على ما مات عليه ، ثم استقبل الناس ،
ولقي سعد بن معاذ رضي الله عنه ، فقال : يا سعد إني لأجد ريح الجنة من دون أحد ،
فقاتل حتى قتل ، ووجد به سبعون جراحة ، وقتل وحشي حمزة بن عبد المطلب رضي
الله عنه ، رماه بحربة على طريقة الحبشة .
وأقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم نحو المسلمين ، فكان أول من عرفه تحت المغفر
كعب بن مالك ، فصاح بأعلى صوته : يا معشر المسلمين هذا رسول الله ، فأشار إليه
أن اسكت ، فاجتمع إليه المسلمون ، ونهضوا معه إلى الشعب الذي نزل فيه .
وحانت الصلاة ، فصلى بهم رسول الله صلى الله عليه وسلم جالسا ، وشد حنظلة بن أبي
عامر رضي الله عنه على أبي سفيان ، فلما تمكن منه حمل عليه شداد بن الأسود فقتله ،
وكان حنظلة جنبا ، فأخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم أن الملائكة تغسله .
ولما انقضت الحرب أشرف أبو سفيان على الجبل ، ونادى : أفيكم محمد ؟
فلم يجيبوه
فقال : أفيكم ابن أبي قحافة ؟
فلم يجيبوه .
فقال : أفيكم ابن الخطاب ؟
فلم يجيبوه
فقال : أما هؤلاء فقد كفيتموهم .
فلم يملك عمر رضي الله عنه نفسه أن قال : يا عدو الله إن الذين ذكرتهم أحياء ، وقد
أبقى الله لك منهم ما يسوءك .
ثم قال : اعل هبل .
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ألا تجيبوه ؟
قالوا : ما نقول ؟
قال : قولوا : الله أعلى وأجل
ثم قال : لنا العزى ، ولا عزى لكم ، قال : ألا تجيبوه ؟
قالوا : ما نقول ؟
قال : قولوا : الله مولانا ، ولا مولى لكم .
ثم قال : يوم بيوم بدر ، والحرب سجال .
فقال عمر رضي الله عنه : لا سواء ، قتلانا في الجنة ، وقتلاكم في النار .
وأنزل الله عليهم النعاس في بدر وفي أحد ، والنعاس في الحرب من الله ، وفي الصلاة
ومجالس الذكر من الشيطان .
وقاتلت الملائكة يوم أحد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ففي الصحيحين عن
سعد قال : رأيت رسول الله يوم أحد ، ومعه رجلان يقاتلان عنه ، عليهما ثياب بيض ،
كأشد القتال ، وما رأيتهما قبل ولا بعد .
ومر رجل من المهاجرين برجل من الأنصار وهو يتشحط في دمه فقال : يا فلان أشعرت
أن محمدا قتل ؟
فقال الأنصاري : إن كان قد قتل فقد بلغ ، فقاتلوا عن دينكم ، فنزل :
(( وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل ))
وكان يوم أحد يوم بلاء وتمحيص ، اختبر الله عز وجل به المؤمنين ، وأظهر به المنافقين ،
وأكرم فيه من أراد كرامته بالشهادة ، فكان مما نزل من القرآن في يوم أحد إحدى
وستون آية من آل عمران ، أولها :
(( وإذ غدوت من أهلك تبوء المؤمنين مقاعد للقتال ))