تجتاج الصين منذ أيام موجة من الضباب الدخاني الكثيف، دفعت بالسلطات إلى دق ناقوس الخطر
وتحذير الناس من عواقب الثلوث المصاحب لهذا الضباب

السلطات في باريس اتخذت قرارا بجعل المواصلات العامة مجانية لثلاثة أيام لخفض مستوى الدخان الضبابي فوق المدينة
كما يعاني سكان بكين ونيودلهي وباريس هذه الأيام من ثلوث الهواء نتيجة الانتشار الكثيف للضباب الدخاني
الذي يشكل خطرا كبيرا على صحة الناس، إذ يجعلهم عرضة للأمراض أو الموت.
وبحسب دراسة أجرتها أكاديمية شنغهاي للعلوم الاجتماعية، فإن بكين تكاد تصنف حاليا في خانة "المدن غير الصالحة للسكن".
ولأهمية الحديث عن هذا الموضوع من الناحية العلمية والصحية
من حيث الكيفية التي ينتج عنها الضباب الدخاني ومدى خطورته على صحة العامة.. نقول وبالله التوفيق :
ينتج هذا النوع من الثلوث عندما تقترب جبهة هوائية باردة من إحدى المدن مثل برلين أو لندن أو باريس ،
حيث تتركزهذه الجبهة الباردة تحت طبقة الهواء الدافئ المتجمع فوق المدينة.
وبسبب كثافة وثقل الهواء البارد فإنه يبقى قريبا من سطح الأرض. أما الهواء الدافئ فيستقر في الأعلى،
ويعيق حدوث تبدل في طبقات الهواء. بعد ذلك لا يحتاج الأمر سوى للدخان لينتشر الضباب الدخاني فوق المدينة.
يؤدي الاحتراق الحاصل في محطات توليد الكهرباء ومحركات السيارات إلى انتشار الدخان من مختلف الأصناف والكميات
وفي فصل الشتاء يكثر التلوث مما يؤدي إلى ظهور ما يسمى بالضباب الدخاني الشتوي.
ولحماية السكان من خطر الثلوث، صنفت منظمة الصحة العالمية الأوزون وأكسيد النيتروجين وثاني أكسيد الكبريت بأنها غازات خطيرة جدا، وحددت لها معدلات لا يسمح بتجاوزها. ويلعب الغبار الدقيق دورا مهما في ثلوث الهواء في فصل الشتاء، حيث يسمح حجم جزئياته الصغيرة التي لا تتعدى 2,5 ميكرومتر بالاستقرار في الحويصلات الهوائية الموجودة في الرئة وقد تؤثر أيضا على القلب.

صينيون يرتدون واقيا للأنف لتجنب استنشاق الهواء الملوث
كولالمبور
أما في فصل الصيف فتزداد حدة الضباب الدخاني بسبب أشعة الشمس الملتهبة وغازالأوزون. ويسمح الهواء الملوث بتشكل هذا الغاز السام وعديم اللون، حيث يحدث تفاعل كميائي بين النيتروجين والهيدروكربونات الناجمة بالأساس عن الغازات الصادرة من السيارات وأشعة الشمس ليتشكل في الأخير غاز الأوزون.
تظهر صور أقمار ناسا حجم السديم (الضباب الدخاني) الذي يخيم على أجزاء واسعة من الصين

وبحسب بينديكت ستايل الباحث في معهد ماكس بلانك للكيمياء في ماينز، فإن"الكثير من الناس لا يعرفون الخطر الحقيقي للضباب الدخاني".
ففي ألمانيا وحدها يموت سنويا أكثر من 40 ألف شخص بسبب الأمراض الناجمة عن ثلوث الهواء. وهو عدد يتجاوز عشر مرات عدد ضحايا حوادث السير في هذا البلد.
ولا يعاني سكان نيودلهي وبكين من ثلوث الهواء فقط وإنما هم أيضا عرضة لاستنشاق غازات سامة مثل أكسيد النتروجين أو ثاني أكسيد الكبريت،
اللذين يمكن أن يؤديا على المدى البعيد إلى أمراض مزمنة في الجهاز التنفسي، كما يمكن أن يكونا سببا في الإصابة بالسرطان.
تنتشر المخاطر الصحية الناجمة عن الثلوث في الدول النامية أكثر منها في الدول المتقدمة.
"فمعظم المواد الملوثة تنتج بسبب عمليات الاحتراق التي تحدث في محطات توليد الكهرباء وبسبب المحركات.
لذلك يجب البحث عن بدائل أخرى لإنتاج الطاقة أو تشجيع الاحتراق النظيف". بحسب الباحث الكميائي ستايل.
وقد بلغ حجم أول أكسيد الكربون الذي تم طرحه في بكين وحدها حوالي 2,7 مليون طن عام 2000.
وهو ما يفوق ما ينتج في البرتغال كلها.
للحفاظ على الهواء نقيا، قامت بعض المدن مثل برلين ونيويورك بإنشاء مناطق بيئية، ووسعت من شبكة المواصلات العمومية.
ويحث ستايل على على استخدام الدراجات الهوائية بشكل أكثر في الدول النامية.
وبطيبعة الحال فإن هذه ليست الوسيلة الوحيدة لمواجهة كوارث الضباب الدخاني لكنها قد تكون البداية.